يرتبط تاريخ وثقافة أوزبكستان ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الإسلامية منذ العصور القديمة، لقد أنتج العديد من أسلافنا العظماء أعمالًا في العلوم والأدب، منسجمة مع الثقافة العربية الإسلامية.

ولم يكن المثقفون الأوزبكيون، حتى في العصور الوسطى، بل حتى في بداية القرن الماضي، يتمتعون بمعرفة عميقة باللغة العربية، وكانوا يكتبون أعمالهم باللغة العربية وبالخط العربي.

ولعل الاهتمام الكبير باللغة العربية في الأراضي الأوزبكية، والالتزام بالثقافة الإسلامية في الأسر الأوزبكية، هو ما تأثرت به منذ صغري، عندما كنت في العاشرة من عمري، تعلمت الخط العربي بمفردي، دون مساعدة أحد، من كتاب مدرسي سُمي «الخط الأوزبكي القديم» في منزلنا، ومنذ تلك اللحظة بدأ اهتمامي باللغة والثقافة العربية.

لقد فزتُ عدة مرات بالمرحلة الجمهورية من أولمبياد العلوم في اللغة والأدب، الذي يتم تنظيمه بين تلاميذ المدارس في أوزبكستان، ولكن بعد تخرجي من المدرسة، تغلب اهتمامي باللغة العربية، وقررت الدراسة في معهد طشقند الحكومي للدراسات الشرقية، بفضل الله، في العام الذي تخرجت فيه من المدرسة الثانوية، أصبحت طالبة في المعهد الذي حلمت به.

ومن الجدير بالذكر أنه قد تم تشكيل مدرسة علمية قوية جدًا للدراسات الشرقية، وخاصة مدرسة قوية للدراسات العربية، في أوزبكستان، وبدأت كطالبة أتعرف على أسرار اللغة العربية وأدبها القديم والراقي، وازداد اهتمامي بالعالم العربي أكثر فأكثر، لقد تلقيت تعليمًا ممتازًا من معلمين مؤهلين تأهيلاً عاليًا في معهد الدراسات الشرقية، وبعد تخرجي من المعهد تزوجت وأنجبت طفلًا.

وبعد انقطاع طويل لسنوات، اهتممت بقضايا الأدب العربي، وخاصة شعرية الخطابات العربية القديمة، ودافعت بنجاح عن أطروحتي للدكتوراه حول هذا الموضوع، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كانت لدي فكرة في عقلي أنني في يوم من الأيام سأسافر بالتأكيد إلى الأراضي العربية.

بالطبع، مثل كل النساء، كنت دائمًا أعطي الأولوية للعائلة وتربية الأطفال على مهنتي، لذلك لم أتمكن لسنوات عديدة من تحقيق هذا الحلم...

ونتيجة للإصلاحات الفعالة في قطاع التعليم العالي في أوزبكستان في السنوات الأخيرة، بدأت مؤسسات التعليم العالي الخاصة تفتح أبوابها أيضًا، وعلى الرغم من أن جامعة «أوريينتال» (Oriental University) افتُتحت منذ 4 سنوات فقط، إلا أنها تمكنت من احتلال أحد المراكز الرائدة في سوق التعليم في أوزبكستان، وعلى وجه الخصوص، حققت جامعة «أوريينتال» نتائج إيجابية في المدى القريب في مجال فقه اللغة العربية، وقد توصلت الجامعة حتى الآن إلى اتفاقيات ومذكرات تعاون مع العديد من الجامعات الأجنبية الحكومية وغير الحكومية.

أنا أعمل حاليًا كدكتورة في جامعة «أوريينتال»، ولذلك، عندما دعتني رئيسة قسم اللغات الشرقية لحضور دورة تدريبية لمدة شهر في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها في معهد السلطان قابوس في سلطنة عمان، كنت مترددة في البداية، ولكن زملائي الذين شاركوا سابقًا في الدورة نفسها في معهد السلطان قابوس أبدوا آراء إيجابية جدًا حول الدورة، ودعوني للمشاركة في الدورات التي نُظمت في شهري مايو ويناير من العام الماضي، لكن كما قيل: «كل شيء في أوانه»، لم أستطع أن أقرر السفر.

ولكن هذه المرة شيء ما دعاني للذهاب، وأنا أشارك في هذه الدورة والحمد لله؛فعُمان ومعهد السلطان قابوس... بصراحة، ربما الكلمات لا تكفي للتعبير عن مشاعري منذ اليوم الذي وصلت فيه إلى هنا.

بالطبع، كنت قد سافرت إلى عدة دول أجنبية من قبل، وخاصة أوروبا وتركيا ودول آسيا الوسطى المجاورة، ولكن مباشرة في مطار عُمان، بدأت أشعر بالأمان والراحة لدرجة أنني لم أشعر بهذه الطريقة من قبل في أي من رحلاتي السابقة، وخاصة في بداية الرحلة، إن الصدق والمستوى الرفيع من الضيافة الذي أظهره ممثلو معهد السلطان قابوس الذين رحبوا بنا، والأستاذ سالم الذي راسلناه، يدل على فضائل الضيافة العالية.

إن قيادة معهد السلطان قابوس والمباني التعليمية والمساكن المعدة للمشاركين في الدورة، والظروف الرفيعة فيها، تدل على الأخلاق العالية والروحانية الكاملة لهذا الشعب العماني الكريم المضياف.

وأود أن أعرب عن امتناني لفريق عمل معهد السلطان قابوس بأكمله: فريق الإدارة، وهيئة التدريس، وكل موظف يخدمنا بدون كلل وملل، والموظفين، والسائقين، وموظفي المطبخ.

وأتمنى أن يشارك المزيد من المعلمين والطلبة في مثل هذه الدورات التي ينظمها معهد السلطان قابوس لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وجامعة السلطان قابوس، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في سلطنة عمان.

أتمنى كذلك أن المتدربين، بعد الرجوع، سوف يُسهمون في تنمية أوطانهم بالمعرفة التي يتعلمونها هنا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: معهد السلطان قابوس باللغة العربیة اللغة العربیة فی أوزبکستان فی معهد

إقرأ أيضاً:

استعراض مجالات التعاون العلمي بين جامعتي السلطان قابوس وقازان الروسية

العُمانية: ناقشت جامعة السلطان قابوس مع جامعة قازان الفدرالية بجمهورية روسيا الاتحادية اليوم مجالات التعاون العلمي والثقافي بينهما، جاء ذلك خلال استقبال صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد رئيس جامعة السلطان قابوس، لمعالي الأستاذ الدكتور لينار سافين رئيس جامعة قازان الفدرالية، والوفد المرافق له.

واستعرض الجانبان البرامج والمبادرات المشتركة، من بينها برنامج اللغة العربية والثقافة العُمانية الذي نُفذ على مدى عامين، والبرنامج الثقافي للعام الجاري الذي استضاف طلبة من جامعة السلطان قابوس في يونيو الماضي. كما تناول اللقاء مبادرة التبادل الطلابي، التي أتاحت الفرصة لطلبة جامعة قازان الفدرالية للدراسة في جامعة السلطان قابوس منذ عام 2024، إضافة إلى برامج الدراسات العليا بين الجامعتين.

كما استعرض الجانبان منجزات التعاون البحثي، الذي تمثلت نتائجه في 43 منشورًا مشتركًا في مجال العلوم البيئية، و16 منشورًا في العلوم الزراعية والبحرية، إلى جانب توقيع برنامج التمويل المشترك للمشروعات البحثية، وتبادل الوفود الأكاديمية، بما يسهم في تعزيز جهود التعاون الثنائي.

وتناولت المقابلة بحث خطط العمل المستقبلية، بما في ذلك تمويل مشروعات بحثية مشتركة في مجال النفط والغاز، واستضافة طلبة الطب من جامعة قازان في جامعة السلطان قابوس، وبدء قبول طلبة جامعة قازان للدراسة في الجامعة اعتبارًا من العام القادم.

وتطرقت المقابلة إلى المؤتمر الذي ستستضيفه جامعة السلطان قابوس في أبريل القادم، والأبعاد الحضارية والتنموية للعلاقات العُمانية الروسية، تزامنًا مع الذكرى الأربعين للعلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وجمهورية روسيا الاتحادية.

مقالات مشابهة

  • مشاركة واسعة في حلقة عمل حول “الإصابات الرياضية” بصلالة
  • تكريم 448 من الطلبة المجيدين في الأنشطة والمسابقات بجامعة السلطان قابوس
  • بدء تمرين الدرع الشامل 2 في ميناء السلطان قابوس.. الخميس
  • بحث تعزيز التعاون العلمي والثقافي بين جامعتي السلطان قابوس وقازان الروسية
  • جامعة السلطان قابوس تُكرم 875 من الطلبة المجيدين علميا
  • بروتوكول تعاون مع جامعة IQOU الأمريكية لإنشاء مركز الأزهر لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
  • جامعة السلطان قابوس تُكرم 875 من طلبتها المجيدين
  • استعراض مجالات التعاون العلمي بين جامعتي السلطان قابوس وقازان الروسية
  • وفد من تعليم أسيوط يشهد حفل اعياد الطفولة بمدرسة الحرية الرسمية بحى شرق
  • مدير تعليم أسيوط يشهد حفل أعياد الطفولة ويكرم المتميزين