محلل تركي: أوروبا بلا حلول في ليبيا
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
تحاول القوى الأوروبية فرض شكل من أشكال الوصاية على العملية السياسية في ليبيا، بحسب المحلل السياسي التركي مهند حافظ أوغلو، الذي انتقد ما وصفه بتعامل المجتمع الدولي السطحي مع الأزمة الليبية.
وفي تصريحات لوسائل إعلام، أشار حافظ أوغلو إلى أن المبادرات الأوروبية غالبًا ما تفتقر إلى نتائج ملموسة، قائلاً: “ما نراه لا يتعدى التصريحات الرنانة والمقترحات القابلة للتسويق إعلاميًا، دون أي أثر فعلي على الأرض”.
وأعرب عن تشككه في جدوى مؤتمر برلين المرتقب، مؤكدًا أن المحاولات الأوروبية السابقة في الملف الليبي كثيرًا ما افتقرت إلى الجدية والاستمرارية. وأضاف: “لا توجد مؤشرات تدل على أن هذا الاجتماع سيُسفر عن نتائج نوعية أو مقاربات جديدة”.
وأكد حافظ أوغلو أن السبيل الأكثر فعالية للمضي قدمًا يكمن في تعزيز التنسيق بين ليبيا ومصر وتركيا، إلى جانب إشراك الأطراف الليبية الفاعلة، معتبرًا أن هذا هو الإطار الواقعي الوحيد القادر على تحقيق تقدم في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.
وأشار إلى تعقيد المشهد الليبي بسبب انخراط قوى دولية كبرى، مثل روسيا والولايات المتحدة، رغم أن اهتمام هذه القوى بات منصرفًا عن ليبيا في الوقت الراهن. وقال: “في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، تضاءلت مساحة التركيز الدولي المخصصة لحل الأزمة الليبية”.
وتوقع حافظ أوغلو أن تشهد المرحلة المقبلة حالة من الجمود السياسي، مضيفًا: “من الآن وحتى نهاية العام، سنسمع على الأرجح المزيد من الدعوات لإجراء انتخابات، وتشكيل لجان جديدة، واتخاذ خطوات إجرائية — معظمها رمزي ويستهدف تهدئة الرأي العام، أكثر من تحقيق تغيير فعلي”.
وختم قائلًا: “من المرجح أن تتسم الأشهر القادمة بالركود، في ظل لجوء الأطراف المؤثرة إلى أساليب التسويف والحلول المؤقتة، بدلًا من اتخاذ خطوات سياسية جادة”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أوروبا الأزمة الليبية الاتحاد الأوروبي
إقرأ أيضاً:
التزوير خلف سحب فئات جديدة من العملة الليبية
أعلن مصرف ليبيا المركزي عن سحب فئات جديدة من العملة الليبية من التداول، وهي فئة الخمسة دنانير والعشرون دينار بإصدارات متعددة. وكان المركزي قد أقدم على سحب فئة الخمسون دينار من التداول مطلع العام الجاري، ومعلوم أن فئة الخمسون دينار هي الفئة الأكثر طلبا لتخزين العملة خارج المصارف، كما أنها تعرضت للتزوير.
لم يعلن المصرف المركزي عن دواعي سحب الفئات الجديدة، والتي وقت لها شهر سبتمبر المقبل كأخر موعد للسماح بتداولها، غير أن مصادر مطلعة أكدت أن السبب الرئيسي لسحبها، خاصة فئة العشرون دينار، هو تعرضها للتزوير، وعندما يذكر التزوير لا يراد به عمل عصابات إجرامية خارج المنظومة الرسمية، بل هو عمل تتورط فيه جهات نافذة.
وبالعودة إلى فئة الخمسون دينار، فإن المصرف المركزي، حسب البيانات التي نشرها، ومنذ العام 2008م، وحتى نهاية العام 2024م، قد طبع ما يعادل 7 مليار دينار ليبي منها، وقد بلغ إجمالي المسحوب منها 16 مليار دينار ليبي، أي أن هناك نحو 9 مليار دينار لم يقوم المصرف المركزي بطباعتها، ومن المفترض أنها في حكم المزورة.
يبدو أن المصرف المركزي بطرابلس قبل كمية من فئة الخمسين دينارا التي أقدم المصرف المركزي بالبيضاء (فترة الانقسام) على طبعتها وقدرت بستة مليارات دينار، وبالتالي فإن المبلغ الذي اعتبره مركزي طرابلس في حكم المزور من فئة الخمسون دينار هو نحو 3 مليار دينار، وهي خارج التداول اليوم.
مصادر قريبة من المصرف المركزي تؤكد أن المركزي قدر نحو 2 مليار دينار من فئة العشرون دينار قد تم تزويرها، وهي في التداول اليوم، وتحدثت مصادر عديدة، بعضها رسمي، أن طباعة العملة التي تتم من قبل سلطات نافذة في الشرق، تستخدم لتمويل أنشطة عدة مدنية وعسكرية، وأنها استخدمت في شراء الدولار من السوق الموازية، الأمر الذي أسهم في ارتفاع سعره وزيادة الهوة بين السعرين الرسمي والموازي.
المعضلة هي أن تتورط جهات ينظر إليها بأنها سيادية أو شبه سيادية في تزوير العملة، فهذا لا يمكن فهمه ولا استساغته إلا في ظل الأزمات التي يشد بعضها أعناق بعض، فلا ينتج من راكمها المظلم إلا تدمير الموجود من بقايا الدولة والمؤسسات والنظمسحب فئة الخمسين دينارا كان خطوة في الاتجاه الصحيح، لقطع الطريق على التزوير وكذلك منع تكديس النقد خارج منظومة المصارف، الأمر الذي أسهم في تفاقم مشكلة السيولة، وقد تمت الخطوة بشكل جيد، بمعنى أن جميع السلطات خضعت لهذا القرار، وتم السحب من جميع مناطق ليبيا، ومن المتوقع أن تمضي خطوة سحب فئة العشرون دينار، التي واجهت التزوير، بنفس السلاسة.
التحدي أمام أمام السلطات النقدية في البلاد هو أنها يمكن أن تواجه المأزق نفسه من جديد، فالتزوير قد تم بحرفية عالية، بمعنى أن الفئات المزورة والتي بلغ إجماليها، على أقل تقدير، نحو 5 مليار دينار، لم تشكو من عيب في جودتها، ولا تكشفها ألات التدقيق الخاصة بالعملات، وسبب اعتبارها مزورة هو أنها لم تصدر من جهات الاختصاص، وهو ما يؤكد ضلوع أطراف خارجية في الموضوع.
التحدي الثاني هو توفير النقد بأيدي المواطنين، فقد بلغ النقد المتداول خارج المصارف نحو 49 مليار دينار حتى نهاية العام 2024م، أي قبل سحب فئة الخمسون دينار من التداول بشكل نهائي، وبرغم أن المركزي قد أعلن أنه قد قام بطباعة فئة جديدة من العملات التي تقرر سحبها، إلا إن قدر كبير منها سيخرج من دائرة التداول، وتنتهي إلى أماكن التخزين الخاصة، مما يعني استمرار أزمة السيولة.
المركزي ركز خلال منذ نهاية العام 2014م، وذلك منذ استلام ناجي عيسى مهام المحافظ، على أليات الدفع البديل، مثل بطاقات الدفع الالكتروني وتطبيقات الهواتف..الخ، والملاحظ وقوع تطور ولو محدود في هذا الاتجاه، إلا إنه وحتى في الدول المتقدمة ما يزال الطلب على النقد واستخدامه يأخذ حيزا، فقد بلغ النقد المتداول في المانيا، وهي أكبر اقتصاد في أوروبا، ونظامها المالي والنقدي متطور، بلغ العام 2024م نحو 400 مليار يورو، وتمت قرابة ربع الصفقات التجارية وعمليات الشراء نقدا خلال نفس العام، وقس على ذلك العديد من الدول المتقدمة، وبالتالي فإن تداول النقد لا يمكن أن ينتهي حتى في الدول المتقدمة، فكيف بدولة مثل ليبيا تعاني التخلف وتواجه ظروف سياسية وامنية واقتصادية شديدة التعقيد، مما يعني أن مشكلة نقص السيولة لن تنتهي.
غير أن المعضلة هي أن تتورط جهات ينظر إليها بأنها سيادية أو شبه سيادية في تزوير العملة، فهذا لا يمكن فهمه ولا استساغته إلا في ظل الأزمات التي يشد بعضها أعناق بعض، فلا ينتج من راكمها المظلم إلا تدمير الموجود من بقايا الدولة والمؤسسات والنظم.