التقرير الأممي بشأن مجازر الساحل في سوريا.. براءة مشروطة للحكومة وانتظار لإجراءات العدالة
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
تنفست الحكومة السورية الصعداء بعد صدور تقرير "لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا" التابعة للأمم المتحدة ، بشأن الانتهاكات التي ارتكبت في الساحل ومحافظتي حماة وحمص خلال الفترة الممتدة بين كانون الثاني/ يناير، وآذار / مارس الماضيين , والذي خلص إلى أنه "لا أدلة على خطة حكومية لارتكاب الجرائم في الساحل السوري".
طوال 6 أشهر تقريبا, كانت دمشق في قلق دائم من أن يطيح التقرير الأممي بطموحاتها باتجاه كسب ثقة المجتمع الدولي والانفتاح نحو العالم, عقب تعهدها ببناء سوريا على أسس توافقيه جديدة قاعدتها العدالة الاجتماعية, تحترم فيها جميع المكونات وتصان حقوق الإنسان بعيدا عن مفهوم الثأر والانتقام.
أطراف خارجية وظفت أحداث الساحل لإشعال "ثورة مضادة"
ومع انتشار مقاطع مصورة توثق الانتهاكات والفظائع في الساحل السوري عقب دخول قوات الأمن السورية واشتباكها مع الجماعات المسلحة هناك, والتي لم تقف عند صورة الأم المذهولة على مقتل أبنائها, حاولت أطراف خارجية توظيف الأحداث باتجاه شيطنة الإدارة السورية الجديدة بحسب مراقبين, وذلك للبدء وفق ما سمي بــ" الثورة المضادة"، عبر سلخ الساحل السوري، وتحويله فيما بعد إلى قاعدة ومنطلق للانقضاض على كامل البلاد وإعادة الزمن إلى الوراء تحت ذريعة "حماية الأقليات".
الحكومة السورية أدركت حجم الخطر آنذاك, فسارعت إلى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري يوم الـ8 من آذار / مارس , قاطعة الطريق أمام محاولات اتهامها بالتواطؤ مع ما جرى من جرائم, وهو ما ورد ذكره في تقرير لجنة التحقيق الدولية التي أشادت ضمنيًا بإجراءات رئيس الجمهورية أحمد الشرع.
قرار رئاسي بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/DMYEt4rizL — رئاسة الجمهورية العربية السورية (@SyPresidency) March 9, 2025
كلمة رئيس الجمهورية العربية السورية حول المستجدات الأخيرة في الساحل السوري #رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/zfOMEQIFZC — رئاسة الجمهورية العربية السورية (@SyPresidency) March 9, 2025
تقرير فريق التحقيق الأممي الذي صدر الخميس 14 آب / أغسطس , ورغم ترحيب الخارجية السورية باستنتاجاته, رجح وقوع جرائم حرب خلال الأحداث من جانب قوات الحكومة السورية الجديدة من جهة, والمسلحين الموالين للرئيس المخلوع بشار الأسد خلال أعمال عنف واسعة النطاق اندلعت في منطقة الساحل السوري، وبلغت ذروتها بسلسلة من عمليات القتل في آذار / مارس الماضي والتي أودت بحياة نحو 1400 شخص معظمهم من المدنيين.
"أعمال العنف التي اجتاحت الساحل وغرب وسط سوريا منذ يناير قد ترقى إلى جرائم الحرب.
أعمال العنف - التي استهدفت في المقام الأول المجتمعات العلوية - شملت القتل والتعذيب والأفعال اللاإنسانية..".
-لجنة التحقيق الدولية بشأن سورياhttps://t.co/5bnXp3XDCQ — أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) August 14, 2025
تقرير لجنة التحقيق الدولية ينسجم مع نتائج اللجنة الوطنية المستقلة
وفي محاولة لإثبات الشفافية وتحمل المسؤولية, قال وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، إن ما ورد في تقرير لجنة التحقيق الدولية ينسجم مع ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة التي شكلها الرئيس أحمد الشرع بعد أيام من الأحداث العنيفة, متعهدًا الأخذ بعين الاعتبار ادعاءات الانتهاكات التي وردت في التقرير الأممي.
الشيباني أشاد بإقرار اللجنة منح دمشق فريقها الاستقصائي وصولا غير مسبوق ودون أي قيود لكل مكان ضمن عمليات التحقق في الساحل، فضلا عن الإشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية في سبيل المساءلة بما يتوافق مع التزاماتها الدولية.
كما اعتبر الشيباني إشارة تقرير اللجنة الدولية إلى تورط فلول النظام بقيادة كبار الضباط العسكريين بتنفيذ الهجمات عبر ما يسمى "المجلس العسكري لتحرير سوريا", يدحض النتائج المتسرعة لبعض منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، التي قوضت التحقيقات وأسهمت في نشر معلومات مضللة.
رسالة شكر وتقدير من معالي وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية المعنية بالجمهورية العربية السورية، سعادة السيد باولو سيرجيو بينهيور، على جهوده في إعداد التقرير، مؤكدًا أن ما ورد فيه ينسجم مع ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة.… pic.twitter.com/zMNFHhF99J — وزارة الخارجية والمغتربين السورية (@syrianmofaex) August 14, 2025
إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع يتطلب الاعتراف والمحاسبة
المتحدث الرسمي باسم لجنة التحقيق السورية في أحداث الساحل ياسر الفرحان قال إن هناك الكثير من النقاط المشتركة بين تقرير لجنة تقصي الحقائق الوطنية وتقرير اللجنة الأممية وهذه سابقة لم تحدث قبل, مشيرا إلى أن مساءلة المتورطين في أحداث الساحل هي أولوية قصوى لدى الحكومة السورية وقد بدأت فعلا.
وفي تموز/ يوليو الماضي، أصدرت لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري تقريرها وسلمته إلى الرئيس أحمد الشرع، لافتة إلى أن الأحداث التي تشهدها المنطقة الجنوبية كانت سبباً في تأخير الإعلان عن تسليمه.
مؤتمر صحفي للمتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل ياسر الفرحان.#سانا pic.twitter.com/p20SSXzLzU — الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@Sana__gov) March 25, 2025
أما مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني , فقد حمل الحكومة في دمشق مسؤولية محاسبة المتورطين وتعويض الضحايا، والاعتراف العلني بما جرى من أجل إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع في الساحل, خاصة بعد أن ورد في تقرير اللجنة الدولية بأن الانتهاكات ارتكبتها بقايا النظام السابق فضلا عن مجموعات مسلحة غير منضبطة انضمت إلى قوات الأمن التابعة للحكومة.
التقرير الأممي خطوة نحو تعزيز المساءلة والشفافية في سورية
الولايات المتحدة وألمانيا، رحبتا بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة ، معتبرتين أنه يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز المساءلة والشفافية في سورية.
و كتب المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم باراك على منصة "أكس" قائلا:" إن تحقيق وحدة سوريا يتطلب السعي الدائم لتحقيق العدالة ، إلى جانب قدر من الصبر المتزن من المجتمع الدولي".
The Commission’s fact-finding report on March coastal violence is a serious step towards definable and traceable metrics to the Syrian government’s responsibility, transparency, and accountability. Here is a measurable and definable accomplishment. A united, inclusive Syria… https://t.co/gyvfce9OZV — Ambassador Tom Barrack (@USAMBTurkiye) August 14, 2025
كما رحب القائم بأعمال السفارة الألمانية في سوريا كليمنس هاخ، بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة وأشاد بدعم الحكومة للتحقيق، ووصفه بأنه يوفّر صورة كاملة وشفافة عن الأحداث، مشيراً إلى أن سلطات توصلت في تحقيقها الخاص إلى نتائج مماثلة
وكانت أحداث العنف قد اندلعت بعد إرسال وزارة الدفاع السورية تعزيزات عسكرية لبسط السيطرة على مدينتي طرطوس واللاذقية ردًا على مقتل نحو 15 من عناصر الأمن السوري وإصابة آخرين جراء كمائن دامية تعرضوا لها في الـ6 من آذار/ مارس الماضي ، وصفتها السلطات بأنها هجمات منسقة تقف خلفها فلول النظام السابق, حيث استمرت العمليات الأمنية لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام، تخللتها تجاوزات وانتهاكات عدة.
رتل للقوات السورية المتجه إلى الساحل السوري يتعرض لكمين على طريق حلب-اللاذقية.
وكأننا نتكلم بسوق الجمعة من ساعة قلنا في كمين .#سوريا https://t.co/ITrk3xqJ5N pic.twitter.com/DvANemd1fq — الأحداث الشامية (@activist6681) March 6, 2025
انطوت صفحة الساحل السوري , وانتهت مرحلة كانت ستسبب الصداع لدى دمشق, إلا أن المخاطر المحدقة ما زالت تطوف بدائرة سوريا الجديدة, خاصة فيما يتعلق بالسويداء و"قسد", وهو ما أقر به الوزير أسعد الشيباني من تعرض سوريا لتدخلات خارجية تسعى إلى إضعاف الدولة ودفع البلاد نحو فتن طائفية , قد لا تحمد عقباها أو تسلم الجرة كل مرة.
وأُنشئت لجنة التحقيق المستقلة بشأن سوريا في 22 آب/ أغسطس 2011 بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة, حيث كلفت بالتحقيق بشأن كل الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة منذ آذار / مارس 2001 بعد أن استخدم نظام بشار الأسد المخلوع كل أساليب القوة المفرطة لقمع الثورة السورية.
وكلف مجلس حقوق الإنسان اللجنة كذلك إثبات الوقائع والظروف التي قد ترقى إلى تلك الانتهاكات والخاصة بالجرائم المرتكبة، مع القيام، حيثما أمكن، بتحديد الجناة بهدف التأكد من مساءلة المسؤولين عن تلك الأفعال، بما في ذلك الانتهاكات التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية , ومدّد مجلس حقوق الإنسان ولاية اللجنة مراراً منذ إنشائها.
وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 , انهار نظام الأسد خلال هجوم واسع استغرق اثنا عشر يوما شنته قوات المعارضة وقادته هيئة تحرير الشام ، بدعم من الجيش الوطني السوري , إلا أن حجم التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق استوجبت تمديد لجنة التحقيق المستقلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الساحل السوري دمشق سوريا اللجنة الدولية سوريا دمشق الساحل السوري اللجنة الدولية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئاسة الجمهوریة العربیة السوریة تقصی الحقائق فی أحداث الساحل تقریر لجنة التحقیق الدولیة لجنة تقصی الحقائق الحکومة السوریة التقریر الأممی الساحل السوری حقوق الإنسان فی الساحل pic twitter com إلى أن
إقرأ أيضاً:
انقسام في المنصات بشأن احتمالات التصعيد العسكري في سوريا
انتشر على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو زعم أنه يوثق اشتباكات عنيفة جرت في مساء الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري في منطقة دير حافر بريف حلب بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوات الحكومة السورية.
ففي أعقاب التوترات العسكرية المتصاعدة بين قوات (قسد) وقوات النظام في منطقة ريف حلب، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، فيديوهات ومنشورات زعم ناشروها أنها توثق مشاهد من قصف متبادل، واشتباكات مباشرة، وتحركات عسكرية غير مسبوقة بين الطرفين.
واتهمت قسد من وصفتهم بالمسلحين التابعين لحكومة دمشق بتصعيد الاعتداءات والانتهاكات في مناطق شمال وشرق سوريا، وقالت إن الطيران المسير التابع لهم استهدف سيارتين عسكريتين في محيط دير حافر ما أدى لجرح 7 من مقاتليها، إضافة إلى استهداف الأحياء السكنية بدير حافر.
في المقابل، نفت وزارة الدفاع السورية ما وصفتها "بالمزاعم" حول استهداف الجيش للأحياء السكنية في دير حافر وقالت: "هذه الادعاءات المضلِّلة تهدف إلى التغطية على جرائم قسد بحق المدنيين ومحاولاتها المستمرة لزعزعة الأمن والاستقرار، ووحدات الجيش قامت بالرد على مصادر النيران التي استهدفت قريتي حميمة والكيطة شرقي حلب".
وأشارت التقارير الصحفية إلى أن قوات "قسد" نصبت سواتر ترابية في مناطقها المقابلة لسيطرة الحكومية السورية في دير الزور قبل الاشتباكات، بالمقابل أغلقت السلطات السورية جميع المعابر البرية والنهرية والطرق العامة التي تربط مناطق قسد بمناطق سيطرة الحكومة السورية.
وكانت قوات "قسد" أعلنت عودة الهدوء إلى محاور مدينة دير حافر بريف حلب بعد هذه الأحداث التي جرت في المنطقة.
ردود الفعلوعلى منصات التواصل تباينت آراء النشطاء حول هذا التصعيد الميداني، إذ رأى بعضهم أن المناوشات الجارية تمهيد لعمل عسكري يهدف لتحرير مناطق شاملة، بينما استبعد آخرون احتمال توسعها معتبرين أن ما يحدث لا يتجاوز اشتباكات متقطعة يمكن حسمها سريعا.
إعلانورصدت حلقة (2025/10/6) من برنامج "شبكات" جانبا من تعليقات النشطاء، إذ اعتبر حساب باسم (إي جي) أن المناوشات الحالية مقدمة لمعركة قصيرة لتحرير بعض المناطق من دون حرب شاملة، فعلّق:
"كل المؤشرات تقول إن هناك نية لعمل عسكري محدود. هذا التوتر والمناوشات بداية لمعارك مثل هذا النوع، إن حدثت معركة فستكون محدودة شبيهة بالسابقات، تحرير عدة مناطق ثم الوقوف. لا يوجد عمل عسكري شامل".
أما حساب يحمل اسم "تيتشر" فقلل من أهمية المناوشات واعتبر أنها لا ترقى إلى عملية عسكرية حقيقية، وأن السيطرة على مناطق مثل دير حافر لن تستغرق وقتا طويلا إن قررت الدولة التقدم، فكتب:
"لسا ما في شي مناوشات هاي فقط لو الدولة بدها تتقدم دير حافر كلها ما تطول معها ساعة".
أما الناشط عز فيرى أن الاشتباكات لن تتطور إلى معركة واسعة ما لم يبدأ قصف مراكز محددة لـ"قسد"، وغرّد:
الاشتباكات الحالية لن تتطور لعمل عسكري إلا حين يرافقها قصف لمراكز قسد في القامشلي وعامودا والمالكية.
وعلّق الناشط دليار معتبرا أن مستقبل سوريا متربط ببقاء الكرد فيها، ويرى أن الحكم في البلاد سيكون لهم إن استمرت الدولة موحدة، فكتب:
إنْ كان الكُرد سيبقون في سوريا ضمن دولة واحدة، فعلى الأعراب وسائر القوميات بمختلف أطيافهم أن يُدركوا أن الحكم في سوريا لن يكون إلا للكُرد.