في الوقت الذي تتسابق فيه الحكومات والقطاعات الصناعية للاستفادة من الطفرات التقنية في مجال الذكاء الاصطناعي، تستغلّ الجماعات المصنفة "إرهابية" هذه الأدوات الحديثة لتعزيز دعايتها، وتمويل عملياتها، والتخطيط لهجماتها، وسط قلق متصاعد لدى أجهزة الأمن والاستخبارات من تنامي قدرات هذه التنظيمات. اعلان

تنظيم الدولة الإسلامية، ومن قبله تنظيم القاعدة، كانا من أوائل اللاعبين غير الحكوميين الذين استثمروا الأدوات الرقمية، من تطبيقات التواصل الاجتماعي إلى العملات الرقمية، لتوسيع شبكاتهم السرية.

واليوم، ومع توافر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المجانية وسريعة التطور، تجد وكالات إنفاذ القانون نفسها في موقع المتلقي، تحاول اللحاق بخصم بات يستخدم التكنولوجيا لصالحه.

وقد نقلت مصادر مطلعة على جهود الحكومة الأمريكية في "مكافحة الإرهاب" لصحيفة "الغارديان" أن العديد من الوكالات الأمنية تبدي قلقًا عميقًا حيال الكفاءة المتزايدة للجماعات بفضل الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، يقول آدم هادلي، مؤسس ومدير منظمة "التكنولوجيا ضد الإرهاب" المدعومة من لجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة: "بحثنا توقع تمامًا ما نشهده الآن. الإرهابيون لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي لإحداث ثورة، بل لتسريع ما هو قائم أصلاً".

القوات الأمنية العراقية تحتفل رافعةً راية لتنظيم الدولة الإسلامية تم الاستيلاء عليها، في 3 نيسان/ أبريل 2015.Khalid Mohammed/APمنصة دعائية وتدريب رقمي

بدأت تنظيمات كـ"داعش" بالاعتماد على أدوات مثل ChatGPT لنشر مضامين متعددة الوسائط تروّج لفكرها، بما يشمل تحويل بيانات مكتوبة إلى مقاطع صوتية، وتصميم صور دعائية عالية التأثير.

وفي هذا السياق، يؤكد مصطفى عياد، المدير الإقليمي لمعهد الحوار الاستراتيجي في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، أن "الذكاء الاصطناعي بات جزءًا أساسيًا من منظومة النشر والدعاية لدى هذه الجماعات".

ولا تخفي هذه التنظيمات إعجابها العلني بهذه التكنولوجيا. ففي إحدى المجلات الدعائية التابعة لـ"داعش"، نُشر مقال يصف الذكاء الاصطناعي بأنه "قوة تشكل الحرب"، داعيًا أعضاء التنظيم إلى استيعاب "الفروق الدقيقة" فيه واستخدامه كـ"مستشار رقمي" و"مساعد بحثي". وتواصل الجماعة نشر "دليل أدوات الذكاء الاصطناعي ومخاطره" عبر قنوات مشفّرة لمناصريها.

تكتيكات رقمية للتخفي

داخل غرف الدردشة التابعة لتنظيم داعش، يناقش المستخدمون علنًا سبل استخدام الذكاء الاصطناعي، من بينها السؤال عن مدى أمان استخدام ChatGPT في البحث عن كيفية تصنيع المتفجرات، في ظل الشكوك حول الرقابة الأمنية على هذه التطبيقات.

وفي محاولة للتحايل على أنظمة الرقابة، ابتكر بعض المستخدمين طرقًا ملتوية، مثل إسقاط تعليمات بناء نماذج أولية لمركبات يتم التحكم بها عن بُعد عبر واجهات الذكاء الاصطناعي، في تكتيك يعيد إلى الأذهان هجمات الدهس الشهيرة التي نفذها التنظيم في السنوات الماضية.

Relatedصحوة داعش ما نرى؟ تحذيرات أمنية من عودة التنظيم إلى سوريا والعراققادمة من مخيم الهول.. الداخلية تكشف عن خلية "داعش" المتورطة في تفجير كنيسة مار إلياس بدمشقداعش في التشيك؟ اعتقال 5 مراهقين يشتبه أن التنظيم جندهم عبر الانترنت من سوريا

وفي آذار/ مارس الماضي، بث حساب مرتبط بالتنظيم مقطع فيديو يوضح تصنيع قنبلة بناءً على إرشادات قدّمها نظام الذكاء الاصطناعي، باستخدام أدوات منزلية بسيطة.

ومن هنا، تتعزز المخاوف من أن الذكاء الاصطناعي لم يعد فقط أداة مدنية، بل بات ساحة صراع خفيّة بين الأجهزة الأمنية وتلك التنظيمات، التي تجد في هذه التقنية وسيلة فعالة لتعزيز نفوذها وتفادي الرقابة الأمنية.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل غزة روسيا بنيامين نتنياهو حركة حماس دونالد ترامب إسرائيل غزة روسيا بنيامين نتنياهو حركة حماس داعش الإرهاب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وسائل التواصل الاجتماعي تطبيق دونالد ترامب إسرائيل غزة روسيا بنيامين نتنياهو حركة حماس جمارك فلاديمير بوتين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوريا إسبانيا سياحة الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في قرارات العناية الحرجة

طوّر باحثون من جامعة وورويك البريطانية (The University of Warwick)، أداة ذكاء اصطناعي جديدة لمساعدة الأطباء في اتخاذ القرار الصعب بشأن إدخال أنبوب التنفس للمرضى المصابين بفشل تنفسي حاد، عبر التنبؤ المبكر بالحالات التي قد تحتاج إلى التنبيب، ما يساعد على تحسين نتائج العلاج. 

اقرأ أيضاً.. تقنية ذكية تُسهِّل فهم سجلات المرضى في أقسام الطوارئ

تحديات العلاج
يحدث الفشل التنفسي الحاد عندما يعجز الجهاز التنفسي عن إمداد الجسم بالأكسجين أو التخلص من ثاني أكسيد الكربون. ويعتمد العلاج أساساً على دعم التنفس الخارجي، مثل التهوية غير الغازية عبر قناع الوجه، إلا أن حوالي 40% من المرضى لا يستجيبون لهذا العلاج، ويحتاجون لاحقاً إلى إدخال أنبوب التنفس والتهوية الميكانيكية الغازية.

"TabPFN" المبتكر
يُعرف النموذج باسم "TabPFN"، وهو نظام تعلم آلي مبتكر صُمم خصيصاً لتصنيف البيانات الجدولية، ويعتمد على تقنية "التعلم داخل السياق"، التي تمكّنه من إصدار توقعات دقيقة وفورية عند التعامل مع بيانات جديدة، حتى مع مجموعات صغيرة من القياسات، ودون الحاجة إلى تدريب من الصفر.

اقرأ أيضاً.. أداة ذكية تتفوق على الأطباء في تشخيص سرطان المعدة

تجارب ميدانية
وفقاً لموقع "ميديكال إكسبريس" المتخصص في الأبحاث الطبية، بدأ اختبار النظام الذكي ميدانياً في مستشفيات جامعة "نورث ميدلاندز"، حيث يستخدم الأطباء تطبيقاً لإدخال القياسات الروتينية لمرضى التهوية غير الغازية، وتُرسل هذه البيانات إلى فريق جامعة وورويك، ليحللها "TabPFN" ويصدر توقعاته حول نجاح أو فشل العلاج، ثم تُقارن هذه التوقعات بالنتائج الفعلية لقياس دقته.

دعم القرارات الطبية
قال البروفيسور ديكلان بيتس من كلية الهندسة بجامعة ووريك وقائد فريق البحث: "علاج الفشل التنفسي الحاد يتطلب قرارات حاسمة في ظروف ضاغطة وبمعلومات محدودة، والمرضى الذين يفشلون في التهوية غير الغازية معرضون لخطر أكبر للوفاة، ما يجعل هذه القرارات بالغة الأهمية".
وأضاف: "طوّرنا هذا النموذج ليعمل على القياسات الروتينية، مثل معدل التنفس ومستويات الأكسجين، ويقدم توقعاً لفشل التهوية غير الغازية خلال ساعتين فقط من بدء العلاج بدقة تفوق الأساليب الحالية، مما يجعله واعداً للتجارب السريرية وللتطبيق على نطاق واسع".
وأوضح بيتس: "النموذج لا يستبدل قرارات الأطباء، لكنه يدعمهم بتحليل موضوعي للبيانات وإصدار توقعات يمكنهم الاستفادة منها عند اتخاذ قراراتهم المعقدة".

اقرأ أيضاً.. أداة ذكاء اصطناعي تكشف 9 أنواع من الخرف بفحص واحد

آفاق التوسع
قال تيم سكوت، استشاري التخدير في مستشفيات جامعة نورث ميدلاندز: "نختبر حالياً تطبيقاً قائماً على هذا النموذج في المستشفى، وقد أظهر دقة عالية في التنبؤ بنتائج التهوية غير الغازية. نحن متفائلون بإمكاناته في تحسين رعاية المرضى ونسعى إلى تطويره لاعتماده على نطاق أوسع".
بدوره، ذكر البروفيسور جافين بيركنز، عميد كلية الطب بجامعة ووريك: "مرضى الفشل التنفسي الحاد يستهلكون موارد كبيرة ويواجهون معدلات وفيات مرتفعة. الذكاء الاصطناعي لديه إمكانات هائلة لدعم الأطباء في إدارة هذه الحالات وتحسين نتائجها. وحدة التجارب السريرية في ووريك رائدة في تقييم العلاجات الجديدة، ونتطلع للتعاون مع كلية الهندسة لتطوير هذه التقنيات لصالح المرضى".
ومع غياب إرشادات رسمية لتوقيت إدخال أنبوب التنفس، واعتماد الأطباء المحدود على المؤشرات الحالية، يمثل "TabPFN" إضافة قيّمة لتحسين رعاية المرضى وجودة حياتهم.

أمجد الأمين (أبوظبي)

أخبار ذات صلة ويمبلدون تتوج «الزوجي المختلط» الذكاء الاصطناعي يتفوق في التنبؤ بخطر الإصابة بالنوبات القلبية

مقالات مشابهة

  • استمرار تنفيذ الخطة الأمنية المشتركة في طرابلس لتعزيز الأمن والاستقرار
  • الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في قرارات العناية الحرجة
  • “سدايا” تختتم برنامجًا تدريبيًا في جازان لتمكين مستفيدي صندوق الشهداء من مهارات الذكاء الاصطناعي التوليدي
  • قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي يدخل حيّز التنفيذ.. وفيسبوك تحت المجهر
  • مخيم تدرا.. بوابة النشء إلى عالم الذكاء الاصطناعي
  • وزير الاتصالات يعقد اجتماعات مع قادة المنظمات الدولية ووزراء الاقتصاد الرقمي لتعزيز جهود المملكة في عصر الذكاء الاصطناعي
  • معسكر التصنيع الرقمي يستقطب 100 متدرب لتعزيز مهارات الذكاء الاصطناعي
  • 71% من مؤسسات الإمارات المالية عززت قدراتها بالذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي غروك يثير الجدل بتصريحات معادية لليهود