بني براك، مدينة ومستوطنة إسرائيلية تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط شرق مدينة تل أبيب، وتعد من أفقر المدن وأكثرها كثافة سكانية في إسرائيل، وتحتل المرتبة العاشرة عالميا من حيث الكثافة السكانية، وهي المركز الديني اليهودي الأكبر في العالم، إذ إن 90% من سكانها ينتمون الى التيارات الدينية اليهودية المتزمتة (الحريديم).

تأسست المستوطنة عام 1924، في فترة الانتداب البريطاني لفلسطين، وقد كانت حيا صغيرا، ومن ثم توسعت على حساب قرية "الخيرية" التي هُجر أهلها على يد العصابات الصهيونية التي استولت على الأرض الفلسطينية عام 1948.

وقعت في المدينة العديد من العمليات الفدائية، وكذلك تعرضت لقصف صاروخي من فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني وإيران، مما أوقع قتلى وإصابات وخلّف دمارا واسعا في مبانيها.

الموقع والجغرافيا

تقع في منطقة دان أحد ضواحي مدينة تل أبيب وسط إسرائيل، ويحدها من الشرق مدينتا بتاح تكفا وجفعات شموئيل، ومن الغرب والجنوب رمات غان، وترتفع عن مستوى سطح البحر 10 أمتار فقط.

ويمر طريق غابوتنسكي السريع الذي يعد أحد أكبر الطرق في إسرائيل، عبر المدينة وحدودها، مما أضفى عليها موقعا مميزا.

عند تأسيسها، كانت تبلغ مساحتها نحو كيلو متر مربع واحد، لكن مع سيطرة المهاجرين اليهود على المزيد من أراضي الفلسطينيين توسعت المستوطنة حتى بلغت مساحتها عام 2025 أكثر من 7 كيلومترات مربعة، وتمتد أراضيها على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

بني براك تعد من أفقر المدن وأكثرها كثافة سكانية في إسرائيل (رويترز) التسمية

أخذت المدينة اسمها من مدينة "بنبراك" القديمة، التي تقول المعتقدات اليهودية إنها كانت موجودة في فترة العصر الحديدي.

التاريخ

يعود أصلها إلى أوائل القرن الـ18 قبل الميلاد، عندما سجّل الملك الآشوري سنحاريب أسماء بلدات السهل الساحلي الفلسطيني وكان بينها بلدة "بناي بركا".

وقد عرفت هذه القرية في العصر الروماني باسم "بني ‌برق"، في حين عرفت باسم "ابن برق" طوال العهد العثماني لفلسطين.

وفي فترة الانتداب البريطاني، غيّر سكان القرية اسمها إلى "الخيرية"، للتفريق بينها وبين حي "بني براك" الذي أقامته سنة 1924 8 عائلات يهويدية قدمت من بولندا، قرب القرية.

إعلان

وفي سنة 1924، سيطر يهود متزمتون على قرية الخيرية، وضموها إلى حي "بني براك"، وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 1937، شكلوا مجلسا محليا للمستوطنة، وبعدها بعامين، أجروا أول انتخابات للمجلس.

ونُسبت فكرة تأسيس المستوطنة إلى شخص يدعي إسحاق غيرشتنكورن، في حين استقر فيها الحاخام أفروهوم يشايا كاريليتس القادم من بيلاروسيا، وجذب أعدادا كبيرة من أتباعه إليها، كان على رأسهم عدد من الحاخامات البارزين، منهم الحاخام يعقوب لانداو والحاخام إلياهو أليعازر ديسلر.

وفي نكبة 1948 سيطرت العصابات الصهيونية على قرية "الخيرية" بشكل كامل، وطردت من تبقى من سكانها الفلسطينيين، وفي عام 1949 أعطتها السلطات الإسرائيلية صفة "مدينة".

السكان

وصل عدد سكان مدينة بني براك حتى مارس/آذار 2025 إلى نحو 231 ألف نسمة، بنسبة نمو سنوية بلغت 3.3%، وفق ما ذكره المكتب الإسرائيلي للإحصاء.

وبحسب الإحصاء الإسرائيلي لعام 2024، فإن بني براك من أعلى المدن الإسرائيلية من حيث الزيادة السكانية في إسرائيل.

الأهمية الدينية

تعتبر بني براك المركز الديني اليهودي الأكبر في العالم، لأن معظم سكانها ينتمون لليهود الحريديم، وبحسب الإحصائيات الرسمية أكثر من 90% من سكانها منهم.

ويحافظ سكان المدينة على عطلة السبت والأعياد اليهودية، وتُشل الحركة فيها كليا، وتغلق الشوارع بالحواجز، ويمنع بيع الأجهزة الخلوية الذكية وتختفي المسارح وتقتصر الحركة على النساء الملتزمات بالزي الطويل المحتشم.

وتنتشر في المدينة المدارس والمعاهد الدينية (يشيفوت)، ويدرس فيها ما يربو على 50 ألفا من الطلبة اليهود الحريديم، ويزداد عددهم كل سنة بنسبة 10% تقريبا.

بني براك تعد المركز الديني اليهودي الأكبر في العالم (رويترز) الاقتصاد

كان النشاط الاقتصادي الأساسي لسكان المدينة هو زراعة الحمضيات، وتربية الأبقار الحلوب، لكن بسبب قربها من مدينة تل أبيب، اتجه سكانها لممارسة العديد من الأنشطة الاقتصادية، فأنشؤوا مجمعات صناعية توفر فرص العمل لعشرات الآلاف من الإسرائيليين، ويتربع على رأسها مصنع تعبئة كوكاكولا المملوك لشركة التعبئة المركزية (سي بي سي).

ويقع المقر الرئيسي للعديد من الشركات في بني براك، منها شركة بيت الاستثمار "ميتاف داش"، وشركة الائتمان "ماكس إت فاينانس"، ودار النشر "كيبوتس هاميوحاد".

واشتهرت المدينة سابقا بمصنع "سجائر دوبيك" ومصنع "أوسم للأغذية"، ولكن جرى إغلاقهما نظرا للنمو السكاني المطرد فيها.

وفي عام 2011، شيّد الحي التجاري للأعمال في بني براك، وشمل 15 برجا لمكاتب رجال الأعمال.

ويعد سكان المدينة الأكثر فقرا في إسرائيل، وذلك نظرا لكثافتها السكانية العالية، فضلا عن أن معظم سكانها من (الحريديم) الذين يميلون إلى عدم العمل خارج نطاق المؤسسات الدينية ويخضعون لقيود تمنعهم من العمل في بعض القطاعات ويعتمدون على المساعدات التي تقدمها الدولة.

موكب جنازة الحاخام شمعون بعداني الزعيم الروحي لحزب شاس في بني براك أوائل 2023 (رويترز) أبرز المعالم متحف الحريديم

يضم معرضا يحكي الحياة الدينية للحريديم في أوروبا قبل وأثناء الهولوكوست، فضلا عن أرشيفهم.

إعلان حديقة الحيوانات

تقع حديقة الحيوانات الأليفة في وسط المدينة، وصُممت خصيصا للجمهور الحريدي بشكل مجاني، وتغلق أبوابها أيام السبت.

الكنيس الكبير

أسس في سبتمبر/أيلول 1928، وجرى تجديده لاحقا، ويقصده اليهود الحريديم لأداء صلواتهم.

قصف وعمليات فدائية

وقعت في مدينة بني براك العديد من عمليات المقاومة الفدائية، فضلا عن قصفها من فصائل المقاومة الفلسطينية بغزة، وحزب الله اللبناني وإيران.

ففي 16 يوليو/تموز 2002، قتل 9 إسرائيليين في عملية تفجير فدائية في المدينة، أعلنت مسؤوليتها عنه كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وفي 29 مارس/آذار 2022، قتل 5 إسرائيليين في بني براك، بعملية إطلاق نار نفذها الفدائي ضياء حمارشة من مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.

وتعرضت المدينة لقصف صاروخي من فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك في الحروب والعمليات الإسرائيلية المختلفة على غزة، منها العدوان الذي أطلقته إسرائيل في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وردا على الهجمات الإسرائيلية على إيران يوم 13 يونيو/حزيران 2025، تعرضت مدينة بني براك إلى قصف بالصواريخ الباليستية الإيرانية، مما خلّف دمارا واسعا في الممتلكات وعددا من القتلى والمصابين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فصائل المقاومة الفلسطینیة فی بنی براک فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

سوريا ترخص أول منظمة معنية بالإرث اليهودي.. ومساع لإعادة الممتلكات المصادرة

أعلنت الحكومة السورية، الأربعاء، منح ترخيص رسمي لأول منظمة تعنى بالحفاظ على التراث اليهودي في البلاد، في خطوة تعكس تبدلا واضحا في سياسة دمشق تجاه هذه الطائفة التي امتدت جذورها في سوريا لقرون قبل الميلاد، وشهد وجودها تراجعا حادا خلال العقود الماضية وصولا إلى شبه الاختفاء.

وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية، هند قبوات، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إن السلطات منحت الموافقة على "إشهار منظمة التراث السوري اليهودي"، مؤكدة أن "هذه رسالة قوية من الدولة السورية أننا لا نميز بين دين وآخر"، مشددة على أن "سوريا تساعد جميع السوريين والسوريات من كل الديانات والطوائف الذين يريدون أن يبنوا دولتنا الجديدة".

مساع لإعادة الممتلكات
وتكشف الخطوة الحكومية عن توجه جديد يسعى إلى إعادة إحياء الحضور اليهودي في سوريا بعد أكثر من عام على وصول السلطة الانتقالية الحالية. ووفق أحد مؤسسي المنظمة هنري حمرا، نجل آخر حاخام غادر سوريا يوسف حمرا، فإن المنظمة "ستعمل على إحصاء الأملاك اليهودية وإعادة المصادر منها خلال فترة النظام السابق"، إضافة إلى "حماية المقدسات ورعايتها وإعادة ترميمها لتكون متاحة للزيارة لكل اليهود في العالم".

وأشار حمرا، المقيم في الولايات المتحدة، إلى أنه شارك مطلع شباط/ فبراير الماضي في أول زيارة لوفد يهدي إلى سوريا منذ عقود، برفقة والده، قبل أن تتوالى زيارات أخرى لوفود من اليهود السوريين إلى دمشق. كما التقى الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وفودا يهودية ناقشت ملفات تتعلق بالتراث والعودة والممتلكات.


ممتلكات صودرت في عهد الأسد
وفي السياق نفسه، كشف المدير التنفيذي لـ"منظمة السورية للطوارئ"، معاذ مصطفى، الذي رافق الوفد الزائر، أن المنظمة أحصت حتى الآن "عشرات البيوت من ممتلكات اليهود التي سلبت منهم من قبل نظام بشار الأسد"، في إشارة إلى سياسة المصادرة والتضييق التي طالت الطائفة خلال العقود الماضية.

وكان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قد رحب مطلع العام الحالي بـ"عودة بعض اليهود السوريين إلى بلدهم لأول مرة بعد سقوط النظام، وتفقدهم لمعابدهم"، معتبرًا أن عودتهم "جزء من استعادة سوريا لدورها الطبيعي وفضائها الاجتماعي المتعدد".

وعلى الرغم من عمق الجذور التاريخية للطائفة اليهودية في سوريا، فإن وجودها تقلص بشكل دراماتيكي. فقد كان عدد اليهود في البلاد قبل نحو ثلاثة عقود يقدّر بخمسة آلاف نسمة، بينما لا يتجاوز اليوم عشرة أفراد فقط، يقيم معظمهم في الأحياء القديمة بدمشق، وفق تقديرات منظمات محلية.

وخلال حكم عائلة الأسد، تمتع اليهود بحرية ممارسة شعائرهم الدينية وعلاقات اجتماعية طبيعية مع جيرانهم، لكن نظام حافظ الأسد فرض قيودا صارمة على حركتهم ومنعهم من السفر حتى عام 1992، الأمر الذي دفع أعدادا كبيرة منهم إلى الهجرة. وقد تراجعت أعدادهم بشكل أكبر بعد حرب 1967، التي ألقى الصراع العربي الإسرائيلي بظلاله الثقيلة على أوضاع الطائفة في سوريا والمنطقة.

ومع سقوط نظام البعث في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، بدأ العديد من اليهود السوريين في الخارج بالتطلع لزيارة وطنهم الأم. وكان الحاخام يوسف حمرا قد عاد بالفعل إلى دمشق في 18 شباط/ فبراير الماضي بعد غياب دام 33 عاما، ليشكل عودته حدثا رمزيا يعكس بداية مرحلة جديدة في علاقة الدولة السورية مع الجاليات اليهودية المنحدرة منها.

مقالات مشابهة

  • ماذا ينتظر الأقصى خلال عيد الأنوار اليهودي الوشيك؟
  • قرية كاملة يولد سكانها عمياناً.. لغز وراثي يحير العلماء
  • عاجل|المبعوث الأميركي توم براك: الولايات المتحدة لا تزال ترى دورا للجيش التركي على الأرض في غزة
  • بري يرفض تصريحات براك ويؤكد التزام لبنان بالقانون والاتفاقات
  • بنك إسرائيل: قانون تجنيد الحريديم لن يوفر عدداً كافياً من الجنود
  • كلام براك: جس نبض الحزب وتهيئة الرأي العام اللبناني لمرحلة مختلفة
  • المستشارة القضائية الإسرائيلية: مشروع قانون تجنيد الحريديم قد يقلل الدافعية للخدمة العسكرية
  • المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية تعترض على قانون تجنيد الحريديم
  • سوريا تمنح ترخيصا لمنظمة تهتم بالحفاظ على التراث اليهودي
  • سوريا ترخص أول منظمة معنية بالإرث اليهودي.. ومساع لإعادة الممتلكات المصادرة