العطش سلاح جديد لإخضاع مدينة الثورة
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
في قلب المأساة تتوارى الحقائق خلف ستار العطش!
الأزمات حينما تُفتعل لا تكون سوى مقدمة لمشاريع قذرة يُراد تمريرها على أكتاف الناس ومعاناتهم. وتعز، هذه المدينة التي قاومت القصف والحصار والجوع، ولم تنكسر أو تخضع لصوت الرصاص والمدافع والقنابل، بل تحدّت ذلك بكل رسالة وشجاعة، تواجه اليوم محاولات جديدة لإخضاعها… بسد صنابير المياه.
ما يجري في تعز من حالة انعدام في مياه الشرب ليس خللاً عابراً أو طارئاً إدارياً، بل فعل مدبر مقصود يحمل في طياته نوايا خبيثة لترويض المدينة وتفكيك روحها الجماعية.
الذين يتربصون بتعز يعرفون تماماً أن هذه المدينة ليست كغيرها؛ يعرفون أنها صورة الثورة ومرآة لطموح كل الشرفاء وتطلعاتهم. ولهذا يحاول أصحاب النوايا السيئة وحاملو الأحقاد أن يحولوا أبسط حقوق الإنسان (الماء) إلى أداة خبيثة للضغط على المواطنين، وإلى سلاح يُستخدم بلا رحمة لكسر شوكة مدينة صمدت عقدًا من الزمن في وجه القهر.
أزمة المياه في تعز أزمة مركبة تتداخل فيها عوامل بيئية، سياسية، وأمنية، إلى جانب تحديات داخلية في المؤسسة المعنية.
بحسب تصريحات لمسؤول بمؤسسة المياه لوسائل إعلام محلية، فإن تعز قبل الحرب كانت تنتج يوميًا ما بين 18 إلى 20 ألف متر مكعب من المياه. أما اليوم، فالإنتاج لا يتجاوز 3,000 متر مكعب فقط، أي أقل من 15% من احتياج المدينة.
ويعود السبب إلى أن 6 من أصل 7 حقول مائية تابعة للمؤسسة تقع في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، ما يجعل المؤسسة تعتمد فقط على حقل واحد داخل المدينة، لا يكفي لتغطية الحد الأدنى من الاحتياجات.
ولا تتوقف الأزمة عند هذا الحد، فهناك مشاريع متوقفة مثل مشروع الملك سلمان الذي بدأ العمل فيه قبل الحرب وتوقف بسببها، ومشروع زايد في منطقة طالوق الذي بدأ العمل فيه قبل أربع سنوات. هذا المشروع كان بمقدوره تغطية 20 إلى 30% من احتياجات تعز المائية، حيث تم حفر 6 آبار فيه، 4 منها إيجابية و2 سلبية، وكان يُفترض أن تُحفر 3 آبار إضافية ضمن المشروع.
لكن المشروع يواجه عراقيل مجتمعية من بعض الأهالي الذين يرفضون استكماله بدعوى ملكيتهم للمياه الجوفية، رغم تأكيد المؤسسة أن المشروع لن يؤثر سلبًا عليهم حسب قول المسؤول.
تعز التي دفعت أثمانًا باهظة للدفاع عن كرامتها، لم يكن ينقصها سوى أن يُحرم أبناؤها من شربة ماء، ويُترك المواطن فيها يسير على قدميه أو حافيًا في قيظ الشمس، يجر خلفه دبة فارغة ثمنها وصل إلى 1000 ريال وأكثر.
كل ذلك في ظل عجز واضح للسلطة المحلية التي تمتهن المتاجرة بالمآسي، وسلطة خارجية تمسك بموارد المياه الرئيسية في أطراف المدينة وتُضيّق الخناق على حياتها من الجهة الشرقية.
تعز، المدينة التي كلما أرادوا لها الموت تنفست من جديد، لا تعرف الاستسلام. تنهض من تحت الركام، تلملم جراحها، تقاوم الوجع بصمت الكبار، وتعيد بناء ما تهدم بأيدي أبنائها الذين لم يبيعوا الحلم ولم يتخلوا عن الأمل.
ما يجري اليوم في تعز لا يمكن فصله عن سياق المعركة الأوسع ضد هذه المدينة التي أرّقت مضاجع الطغيان.
فالماء مجرد واجهة فقط، والهدف الحقيقي هو كسر إرادة تعز.
لكن الحقيقة أن هذه المدينة، مثلما لم تُهزم بالقذائف، لن تنكسر بالعطش.
تعز لا تشرب فقط من الماء، بل من نبضها، ومن عزيمة أبنائها، ومن ضجيج أسواقها، ومن حنينها الأزلي للحياة.
إن الذين يظنون أن هذه الأزمات ستكسر روح المدينة وعزيمتها هم لا يعرفون تعز، لا يدركون أن كل عطش فيها يوقظ ثورة، وكل أزمة تلد وعيًا جمهورياً جديداً.
فالمسألة ليست معركة ماء… بل معركة وعي.
وتعز، التي لم تخسر هذه المعركة يوماً، لن تخسرها الآن.
لأنها ببساطة… مدينة لا تموت.
وإن جدد العابثون أساليبهم، وغيّروا طرقهم في محاولة قتلها.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةالرجاء تعديل النص " خلال الاجتماع في عدن " و ليس عد...
للأسف لا توجد لدينا رعاية واهتمام بالفنانين واصبحنا في عالم...
انا لله وانا اليه راجعون حسبنا الله ونعم الوكيل...
أنا طالبة علم حصلت معي ظروف صعبة جداً و عجزت اكمل دراستي و أ...
نحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: هذه المدینة تطلب رسمیا فی الیمن تل أبیب
إقرأ أيضاً:
عاجل| مصادر للجزيرة: خريطة إعادة التموضع التي عرضها الوفد الإسرائيلي في المفاوضات تبقي كل مدينة رفح تحت الاحتلال
التفاصيل بعد قليل..
عاجل | مصادر للجزيرة: خريطة إعادة التموضع الإسرائيلية تقترب من شارع السكة في مناطق التفاح والشجاعية والزيتون
عاجل | مصادر للجزيرة: خريطة إعادة التموضع تضم أجزاء واسعة من مدينة بيت لاهيا وقرية أم النصر ومعظم بيت حانون وكل خزاعة
عاجل | مصادر للجزيرة: الخريطة تأخذ من قطاع غزة مسافة عميقة على طول حدود قطاع غزة تصل في بعض المناطق لـ3 كيلومترات
عاجل | مصادر للجزيرة: الخريطة تمهد لتطبيق خطة التهجير بجعل #رفح منطقة تركيز للنازحين لتهجيرهم لمصر أو عبر البحر
عاجل | مصادر للجزيرة: خريطة إعادة التموضع التي عرضها الوفد الإسرائيلي في المفاوضات تبقي كل مدينة رفح تحت الاحتلال