أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن اتفاق استثنائي يسمح بإعادة المهاجرين غير النظاميين الذين يعبرون القنال الإنجليزي إلى فرنسا، مقابل استقبال بريطانيا لاجئين عبر مسارات قانونية. في خطوة غير مسبوقة تعكس تغييرات في سياسة اللجوء، دعا ماكرون خلال الزيارة الرسمية إلى لندن إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مؤكدًا أهمية التعاون الأوروبي في ملفات أمنية وسياسية حاسمة.



وجاء الإعلان عن الاتفاق خلال مؤتمر صحفي مشترك في قاعدة "نورثوود" العسكرية بلندن، في ختام زيارة دولة استمرت ثلاثة أيام للرئيس الفرنسي إلى المملكة المتحدة.

وبحسب التفاصيل التي كشف عنها الجانبان، فإن الاتفاق يشمل تنفيذ خطة تجريبية تُعرف بـ"واحد مقابل واحد"، حيث تحتجز السلطات البريطانية عددًا من المهاجرين الذين يصلون عبر القوارب الصغيرة، وتعيدهم إلى فرنسا، مقابل استقبال لاجئين من فرنسا ممن يثبت وجود روابط أسرية لهم في بريطانيا، شرط أن لا يكونوا قد حاولوا دخول البلاد بشكل غير شرعي.

نقلة في سياسة اللجوء البريطانية

يُعد الاتفاق، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان"، أول آلية رسمية من نوعها بين البلدين لإعادة طالبي اللجوء، ويأتي في سياق سعي حكومة ستارمر لتغيير جذري في أسلوب التعامل مع ملف الهجرة غير النظامية، بعد سنوات من الجدل والفشل في تنفيذ اتفاقيات فعّالة مع الاتحاد الأوروبي عقب خروج بريطانيا من التكتل.

وقال ستارمر: "للمرة الأولى، سيتم احتجاز المهاجرين غير النظاميين العابرين للمانش، وإعادتهم إلى فرنسا في أقصر وقت ممكن".

وأضاف: "لا توجد عصا سحرية، لكن باتحاد الجهود وتغيير التكتيكات، يمكننا قلب المعادلة".

الرئيس الفرنسي من جهته لم يخف انتقاده لنتائج "بريكست"، قائلاً: "قيل للبريطانيين إن الخروج من الاتحاد سيجعل السيطرة على الهجرة أسهل، لكن العكس حصل. منذ بريكست، لا يوجد اتفاق لإعادة المهاجرين بين المملكة المتحدة والاتحاد، ما شكّل حافزًا للمخاطرة بالعبور غير القانوني".




آلية معقدة وتأثير محدود

ووفقًا لما نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن عدد الأشخاص الذين سيُعادون إلى فرنسا بموجب هذا الاتفاق لن يتجاوز 50 شخصًا أسبوعيًا، ما يشير إلى أثر محدود مقارنة بعدد الذين يعبرون القنال سنويًا.

ورفض ستارمر الإفصاح عن الأرقام الدقيقة، مؤكدًا أن المشروع لا يزال في مرحلته التجريبية، لكنه شدد على أن من يُعادون إلى فرنسا سيكونون ممن تعتبر طلباتهم “غير مقبولة” لأنهم قدموا من بلد آمن.

كما أكد أن من سيتم قبولهم من فرنسا سيتقدمون بطلباتهم إلكترونيًا، وسيخضعون لتدقيق أمني وبيومتري، ولن يُسمح لهم باللجوء إذا ثبت أنهم حاولوا الدخول سابقًا بطرق غير شرعية.

رسالة للمهرّبين.. وتأكيد على "الردع"

ماكرون شدد على أن الهدف الأهم من الاتفاق هو "خلق تأثير ردعي"، قائلاً: "نريد أن تصل الرسالة بوضوح إلى المهرّبين: اللعبة انتهت".

وأشار إلى أنه يسعى للحصول على دعم دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان ومالطا قبل توسيع نطاق الاتفاق.

أما ستارمر، فأكد أن بلاده ماضية في حملة غير مسبوقة ضد العمل غير القانوني، معتبراً أن تلك الخطوات سترسل "إشارة واضحة بأن الوظائف التي وُعد بها المهاجرون لن تكون متاحة".

بين الواقعية والمعارضة الشعبوية

الاتفاق لاقى ترحيبًا من الأوساط الحكومية في البلدين، لكنه لم يخلُ من انتقادات في الداخل البريطاني، خصوصًا من التيار الشعبوي اليميني، الذي يرفض فتح أي مسارات قانونية للجوء.

وفي ردّه على ذلك، قال ستارمر: "نحن نقبل اللاجئين الحقيقيين لأن من واجبنا الأخلاقي أن نوفر ملاذًا لمن هم في أمسّ الحاجة، لكن لا يمكننا مواجهة هذا التحدي وحدنا. لهذا السبب، يأتي هذا الاتفاق اليوم ليؤكد أن الحلول لا تأتي إلا بالتعاون".

ما بعد المهاجرين.. فلسطين، والردع النووي

اللافت في اللقاء الثنائي أن ماكرون لم يكتفِ بملف الهجرة، بل دعا نظيره البريطاني للاعتراف بدولة فلسطين، وهو مطلب فرنسي تكرر في الأشهر الأخيرة. كما اتفق الطرفان على "تعزيز التعاون في الردع النووي الأوروبي”، في خطوة وصفها ماكرون بـ"التاريخية".

وختم الرئيس الفرنسي بنصيحة سياسية لستارمر، قال فيها: "لا تنجرّوا وراء الشعبوية، فهي إنكار للعلم وتشويه للحقائق. بريكست لم يحل أزمات الهجرة أو الاقتصاد، بل فاقمها".


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية فرنسا بريطانيا بريطانيا فرنسا علاقات قمة نتائج المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى فرنسا

إقرأ أيضاً:

قمة ماكرون – ستارمر.. تفاصيل تحالف أوروبا الجديد على أنقاض الأزمات

شهدت القمة البريطانية-الفرنسية في لندن بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ملفات متعددة تمس قضايا الأمن والهجرة والدفاع، حيث أعلن الزعيمان فتح "فصل جديد" في العلاقات الثنائية، في وقت تواجه فيه أوروبا تحديات استراتيجية متزايدة.

وفي تصريحاته، شدد ماكرون على أهمية التعاون الدفاعي بين باريس ولندن، قائلاً: "قواتنا المسلحة تمثل معاً حجر الأساس للركيزة الأوروبية داخل حلف الناتو، مما يمكننا من العمل كدول إطار قادرة على الانتشار في عدة مسارح عملياتية والدفاع عن الأرض الأوروبية إلى جانب حلفائنا."

وأضاف أن القمة تمثل لحظة مفصلية "لتعزيز القدرات الاستراتيجية المشتركة، لا سيما في الملفات الحساسة مثل الردع النووي"، مشيداً بما تحقق من تقدم في هذا السياق.

وبخصوص أوكرانيا، أعلن ماكرون عن "تصميم مشترك" مع بريطانيا على مواصلة دعم كييف عسكرياً وسياسياً في مواجهة الغزو الروسي، كاشفاً أن ستارمر وماكرون سيشاركان بعد ظهر اليوم في اجتماع افتراضي ضمن ما يعرف بـ"تحالف الإرادة"، وهو تجمع من الدول الداعمة لأوكرانيا بقيادة بريطانيا وفرنسا.

وفي حين يشارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حضورياً في "مؤتمر إعادة إعمار أوكرانيا" المنعقد في روما، سيتحدث ماكرون وستارمر من مقر عسكري في شمال لندن خلال الاجتماع الافتراضي الذي يهدف إلى تنسيق الجهود العسكرية وتعزيز الدعم اللوجستي والدفاعي لـ كييف.

وبينما تصدرت أزمة الهجرة غير النظامية المباحثات، خصوصاً مع تعثر التوصل لاتفاق نهائي بشأن إعادة طالبي اللجوء، شكّل التعاون الدفاعي والدعم المشترك لأوكرانيا محوراً مهماً في تعزيز المحور البريطاني-الفرنسي كقوة أمنية وسياسية في أوروبا ما بعد البريكست.

وبذلك، تضع هذه القمة أساساً جديداً لتحالف متعدد الأبعاد، لا يقتصر فقط على ملفات الهجرة والحدود، بل يمتد إلى الأمن الأوروبي المشترك، والردع النووي، ودعم الحلفاء في زمن الأزمات.

طباعة شارك ماكرون ستارمر أوروبا

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يراجع اتفاق إعادة المهاجرين بين بريطانيا وفرنسا
  • فتوح يرحب بدعوة ماكرون لاعتراف فرنسي بريطاني مشترك بدولة فلسطين
  • ستارمر وماكرون يعلنان اتفاقا لإعادة المهاجرين بين بريطانيا وفرنسا
  • بريطانيا تعلن اتفاقا مع فرنسا بشأن المهاجرين
  • قمة ماكرون – ستارمر.. تفاصيل تحالف أوروبا الجديد على أنقاض الأزمات
  • خلافات مالية ورفض أوروبي يهددان اتفاق الهجرة بين لندن وباريس
  • تعثر المحادثات بين بريطانيا وفرنسا بشأن الهجرة غير الشرعية
  • ماكرون وستارمر يتفقان على رادع جديد لقوارب الهجرة
  • ستارمر وماكرون يجريان محادثات في لندن