لجريدة عمان:
2025-07-12@04:51:19 GMT

تفريط..

تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT

نعيش بين طرفي نقيض، في كل أمور حياتنا اليومية، أحيانا «مع سبق الإصرار والترصد» وأحيانا؛ تأتي الأمور مصادفة غير محسوبة الخطى، وفي كل الحالتين، هناك تفريط لكثير مما اكتسبناه في حياتنا من تراكم العمر وخبرة الحياة، ذلك لأن النفس بقدر ما هي مسيّرة في بعض مشاريع الحياة، هي في الوقت نفسه مخيرة، وهذا التخيير هو الذي يدفعها لأن تتجاوز حدودها الآمنة، والأمن هنا؛ هو مستويات من التوازن، والمعالجة الحكيمة للأمور، والقدرة على توظيف مكتسبات الخبرة.

فالفضيلة -كما هو معروف- تقع بين طرفين؛ كلاهما رذيلة؛ وذلك لأن المبالغة في الفعل تنقل الحالة من الإفراط إلى التفريط، فالكرم؛ على سبيل المثال؛ توحي المبالغة في تقديمه إلى مستوى الإسراف، ويوحي التقصير في واجباته إلى البخل، فيتحول الكرم من كونه فضيلة من الفضائل الإنسانية الرائعة، إلى رذيلة معابة عندما يسقطه صاحبه إلى كلا الطرفين (الإسراف أو البخل) وما ينطبق على الكرم، ينطبق كذلك على الشجاعة، عندما تسقط بين طرفي: (التهور أو الجبن) وقس على ذلك أمثلة كثيرة من سلوكياتنا اليومية التي نفرط في توازنها المعتاد بسوء تقديراتنا في التوظيف.

والسؤال هنا: هل المبالغة في كل حالاتها شر؟ وهل تعكس نفسا قلقة غير قادرة على تحييد جانبيها اللذين يوصلانها إلى الإفراط أو التفريط؟ وهل هناك مساحة زمنية يمكن للفرد أن لا يقع في أحد هذين الطرفين؟ وما الذي يحدد هذه الفترة الزمنية التي توصف بـ«الفلترة» لكي يكون أحدنا على بصيرة من أمره فلا يقع في مأزق طرفي الرذيلة؟ هل تراكم الخبرة والعمر؛ هل الاستشارة؛ هل التريث وعدم الانجرار سريعا نحو ممارسة الفعل؟ هل وضع خطة مسبقة؟ أو دراسة جدوى؟ لأن الصورة في مجملها غير مرتبطة بفعل الإنسان الفرد فقط؛ وفق خصوصياته؛ وإنما يمكن أن يقع في ذلك المجموع أيضا، سواء على مستوى الجماعة في شؤون الحياة المختلفة، أو حتى على مستوى المؤسسة عندما تتبنى مشاريع غير مدروسة، فتجازف في إنشائها فتقع في خسارات مضاعفة لما يفترض أن تكون عوائد، أو تفرِّط في مكاسب مهمة؟ والإنسان بحكم ضعفه الإدراكي، يفتقد إلى الكثير من الرؤية الصحيحة أو الاستشراف السريع لها، وهذا أمر مسلم به، ولكن غير المسلم له أن يقتنع الفرد أنه على صواب في كل ما يقوم به، وما يأمر به، وهذا يحدث كثيرا بين أحضان الأسر، عندما ينفرد الأب، أو الأم في اتخاذ قرارات تهم الأسرة كلها، دون الرجوع إلى أعضائها من الأولاد، خاصة عندما يكونوا هؤلاء الأولاد على قدر معقول من خبرة الحياة، فالعودة إلى حاضنة الأسرة للمناقشة لا ينتقص من مكانة ركنيها (الأب/ الأم) أي شيء، بل يقوي من حمولتها الأسرية، ويضع الجميع في ميزان المسؤولية، وما ينطبق على الأسرة، ينطبق على المؤسسة الوظيفية، والتي توصف غالبا بـ«الميكانيكية» وليست بـ«العاطفية» ولذلك فخطأ الأسرة المغلفة بالعاطفة؛ يوجد لها مبررا في التقييم، أو خطأ المؤسسة المحاطة بالميكنة في بعديها البشري والتقني، فلا يوجد لها مبرر على الإطلاق.

غالبا؛ ما تقع القرارات الارتجالية في مأزق «المبالغة» وطرفيها النقيضين، وهي -كما هو معروف- لا تصدر من الأقل أهمية في الدور، سواء على مستوى الأسرة، أو على مستوى المؤسسة الوظيفية، وإلا أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، ولكنها تصدر من الأكثر أهمية في الدور، ومن هنا يأتي تكرار الأخطاء، ويتحمل الجميع حينها تداعيات هذه الأخطاء، وما يمعن في الإساءة أكثر في هذا الواقع، هو غياب المساءلة في كلا المؤسستين، ذلك -كما قلنا- لأن متخذها هو الأهم في الدور، والمفارقة هنا هي أن المسؤولية يتحملها الجميع، وفي مجمل ذلك تفريط عالي الخسارة.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على مستوى

إقرأ أيضاً:

أولمرت: أعداؤنا هم المليشيات اليهودية العنيفة التي تنكل بالفلسطينيين

نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت مقال رأي جريئا في صحيفة هآرتس اليسارية سلط فيه الضوء على حقائق تحاول حكومة الاحتلال التستر عليها.

ففي الوقت التي تمثل فيه إيران الهاجس الأمني الأكبر لبلاده، وصف الحرب التي تدور رحاها في قطاع غزة بأنها "لا لزوم لها وتفتقر إلى أهداف لا يمكن تحقيقها تحت قيادة حكومة لا تملك رؤية سياسية لليوم التالي".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدعون ليفي: يا للعار إسرائيل تبني غيتوlist 2 of 2تايمز: هل انتهت العلاقة الأخوية بين ترامب وبوتين؟end of list

وفي المقال، كتب أولمرت -الذي شغل منصب رئيس وزراء إسرائيل في الفترة من 2006 إلى 2009- أن الجميع في إسرائيل يعرف ما الذي تخشاه حكومتهم من إعادة أسراها لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأضاف أن الحرب كلفت إسرائيل الكثير من القتلى، بينما تُعرِّض حياة الأسرى للخطر، وتقتل وتصيب كل يوم فلسطينيين أبرياء لا علاقة لهم بالإرهاب أو حماس.

فزاعة حماس

وتابع بأن تخويف الإسرائيليين بفزاعة حماس، وتصوير الحركة بأنها تشكل خطرا على البلاد ما لم يتم القضاء عليها تماما، ليس له أساس من الصحة.

ووصف هذا الادعاء بأنه فرية تهدف الحكومة من ورائها إلى إخفاء عزوفها عن التصدي للعدو الحقيقي الذي يهدد أمن البلاد، واستقرارها، وعقلها، وسلامتها.

واعتبر أولمرت أن أعداء إسرائيل الحقيقيين هم المليشيات اليهودية "الإرهابية العنيفة والدموية" التي تسيطر تدريجيا على الضفة الغربية وتجعل من الأجهزة الأمنية والشرطة والجيش أهدافا لها في حربها على النظام المدني والأمني والعسكري في إسرائيل.

وقال إن تلك المليشيات ظلت سنوات تتخذ من التلال مواقع آمنة لها بشكل غير قانوني في كل أرجاء الضفة الغربية، وهي المسؤولة عن مقتل ما لا يقل عن 140 فلسطينيا هذا العام، العديد منهم أطفال.

أولمرت: الإسرائيليون يشعرون كالعادة بالصدمة عندما يلحق الأذى بضباط الشرطة أو الجنود، ولكنهم يلوذون بالصمت عندما يتم في نفس الحادث حرق ممتلكات الفلسطينيين وتدمير بساتين زيتونهم وتخريب منازلهم وقتل الأبرياء

أخطر من أي عدو خارجي

وأشار إلى أنه بينما يتركز اهتمام الرأي العام في إسرائيل على إعادة الأسرى فورا وإنهاء الحرب التي تهدد حياتهم، فإن العدو الذي يُعد أخطر من أي عدو خارجي هو ذلك الذي يهدد إسرائيل من الداخل.

إعلان

ويقصد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بعدو الداخل، ما يسميها بـ"العصابات العنيفة" من "الشباب ذوي اللحى وخصل الشعر المتدلية على جانبي الوجه الذين يرتدون القلنسوات اليهودية ويجوبون تلال ووديان الضفة الغربية".

وأوضح أن أفراد تلك العصابات مدججون بأسلحة زودهم بها السياسيون الذين يوفرون لهم الرعاية، علما أنه لن يستخدموها للدفاع عن مجتمعاتهم كما هو مقرر، بل لشن هجمات فتاكة على الفلسطينيين.

وفي الآونة الأخيرة، جذب هؤلاء "المتوحشون" الانتباه لأنهم هاجموا مرة أخرى الجنود المسؤولين عن أمن جميع المستوطنين.

يلوذون بالصمت

ولفت أولمرت إلى أن الإسرائيليين يشعرون كالعادة بالصدمة عندما يلحق الأذى بضباط الشرطة أو الجنود، "ولكنهم يلوذون بالصمت عندما يتم في نفس الحادث حرق ممتلكات الفلسطينيين وتدمير بساتين زيتونهم وتخريب منازلهم وقتل الأبرياء".

وقال "يبدو أننا نقبل بالظلم الواقع على الآخرين"، مضيفا أن ذلك يتجلى في وسائل الإعلام والنقاشات العامة التي تصف الشبان "القتلة" المنتمين لتلك العصابات بأنهم مجرد مشكلة عندما يوجهون عنفهم نحو قوات الأمن الإسرائيلية، ولكن عندما يحرقون ويدمرون ويقتلون ويرتكبون أعمال عنف أخرى ضد الفلسطينيين، لا يُنظر إلى أفعالهم على أنها مشكلة.

واعتبر أن التقليل من شأن هذه الظاهرة تزييف للحقائق، مشيرا إلى أن المتحدثين في البرامج الحوارية التلفزيونية والناطقين الرسميين ورؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين والمشرعين، يقولون إن هؤلاء الشبان العنيفين هم أقلية صغيرة لا تمثل غالبية المستوطنين "الذين يحترمون القانون ويعارضون العنف"، حسب ادعاءاتهم.

ومضى أولمرت إلى أن كل ذلك لا يعدو أن يكون ثمرة "مخزية" لسياسة التستر والإخفاء والتهاون التي درجت عليها كل الهيئات الحكومية المعنية.

مقالات مشابهة

  • شاهد.. صلاح ولاعبو ليفربول حزينون على زميلهم جوتا
  • عندما حاول الأخوان سرقة ثورة 23 يوليو وفشلوا
  • شكراً
  • ترامب والرسوم على ليبيا.. عندما تتحول التجارة إلى سلاح سياسي
  • حلم «الوظيفة» يطرق أبواب الأمل!
  • أولمرت: أعداؤنا هم المليشيات اليهودية العنيفة التي تنكل بالفلسطينيين
  • يونايتد يطلب ود تشواميني
  • حكم بحبس أنشيلوتي لمدة عام
  • التحلل السمي..عندما يتحول جلدك إلى سم قاتل يهدد الحياة | اكتشفه..صور