بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

مع اقتراب كل دورة انتخابية في العراق، تعود إلى الواجهة مشاهد التجمعات النسائية، التي تحشدها الأحزاب السياسية بعناوين براقة ووعود وردية. المرأة العراقية، التي تمثل أكثر من نصف المجتمع، تُستدعى مؤقتاً لتكون رقماً انتخابياً ، أو صورة تجميلية لبرامج حزبية لا تؤمن فعلياً بحقوقها.

في الوقت الذي يجب أن تكون فيه هذه التجمعات منصات للمطالبة بحقوق النساء السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تتحول إلى ساحات تعبئة مؤقتة، ينتهي دورها بانتهاء التصويت، لتعود النساء بعدها إلى واقع الإهمال والتهميش.
إن هذا الاستغلال الموسمي للنساء في العراق يعكس خللاً بنيوياً في النظرة إلى المرأة كشريكة فعلية في بناء الدولة. فبرغم شعارات التطوير و المساواة التي ترفعها الأحزاب، إلا أن الواقع يقول إن نسبة كبيرة من النساء العراقيات ما زلن يعانين من الأمية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء لا تجيد القراءة والكتابة، خصوصاً في المناطق الريفية والفقيرة. هذا التراجع في التعليم يتزامن مع ارتفاع معدلات الفقر بين النساء، نتيجة البطالة، وتضييق فرص العمل، وغياب التشريعات الداعمة لريادة المرأة الاقتصادية.

الضغوط المجتمعية والعشائرية تلعب دوراً كبيراً في تقييد حركة النساء وقراراتهن، حتى داخل العملية السياسية. فالكثير من النساء يتم توجيه أصواتهن من قبل الأسرة أو الزعيم العشائري، وتُمنع بعضهن من الترشح أو التعبير عن آرائهن، لتبقى الحرية السياسية للمرأة شعاراً لا يُطبق. أما من تصل منهن إلى البرلمان، فكثيراً ما تُدفع لتكون تابعة لقرار الحزب أو الكتلة، بدلاً من أن تمثل صوت النساء فعلياً.
وفي خضم هذه المعاناة، يظهر مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية الجعفري الجديد ليشكّل تهديداً مباشراً لما تبقى للمرأة من حقوق قانونية. فالمواد المقترحة تُضعف من حق الأم في الحضانة، وتُسهّل التعدد، وتُقلّص دور القضاء في حماية النساء والأطفال. هذه التعديلات لا تنبع من حاجة مجتمعية حقيقية، بل تُفرض تحت غطاء ديني أو عشائري، في محاولة لسلب النساء ما حصلن عليه بشق الأنفس عبر عقود.
المرأة العراقية لا تحتاج إلى خطابات في أيام الانتخابات، بل إلى سياسات حقيقية مستدامة تضمن لها التعليم، والعدالة، والفرص المتكافئة. تحتاج إلى من يرفع صوتها تحت قبة البرلمان لا من يصادره، وتحتاج إلى قوانين تحميها لا تسحقها. إن استمرار هذا النهج في تهميش النساء، والاكتفاء باستغلالهن كأدوات انتخابية، سيعمق فجوة الثقة بين النساء والنظام السياسي، ويضعف المشاركة الديمقراطية.

ختاما حان الوقت لأن تُغيّر النساء العراقيات هذا الواقع، لا بالتصويت فحسب، بل بالوعي، والتنظيم، والمحاسبة، كي لا يبقين مجرد وقود لصناديق الاقتراع، بل محركات حقيقية للتغيير.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

وفقا للقانون.. ما عقوبة الإهمال الطبي في قضية نورزاد حال ثبوتها؟

في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة والسكان ، فتح تحقيق عاجل في وفاة الشابة «نورزاد محمد هاشم»، داخل أحد المستشفيات الخاصة، بعد تدخل جراحي لم تعرف ملابساته بعد، أعيد فتح ملف الإهمال الطبي في مصر، وسط تساؤلات قانونية عن العقوبات التي قد تُطبّق على الفريق الطبي في حال ثبوت المسؤولية.

وبينما تباشر لجنة من الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص بوزارة الصحة التحقيق في الواقعة، وتراجع التقارير والسجلات الطبية للتأكد من الالتزام بمعايير الجودة وسلامة الإجراءات، تتعاون الوزارة مع النيابة العامة ومصلحة الطب الشرعي في تحقيقات قد تقود، حال إثبات الخطأ الطبي، إلى مساءلات جنائية وفقًا للتشريعات القائمة.

لكن هذه المساءلات تفتح بدورها جدلًا قانونيًا بين قانون العقوبات الحالي من جهة، وقانون المسؤولية الطبية الذي صدق عليه رئيس الجمهورية منذ أشهر، ولم تصدر لائحته التنفيذية بعد، من جهة أخرى.

قانون العقوبات.. حبس قد يصل لـ10 سنوات

ينص المادة 238 من قانون العقوبات على معاقبة من يتسبب في وفاة شخص نتيجة الإهمال أو الرعونة أو مخالفة القوانين، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وقد تصل إلى عشر سنوات في حال اقترن الخطأ الجسيم بظروف مشددة مثل تعاطي المخدرات، أو التخلي عن تقديم المساعدة للمجني عليه.

حكاية المهندسة نورزاد والوفاة الصادمة .. وأول رد من الصحةنورزاد هاشم صاحبة الـ 23 عاما.. دخلت المستشفى روحا خرجت جـ ثة

أما إذا ثبت أن الخطأ المهني الجسيم كان سببًا مباشرًا للوفاة دون توافر ظروف مشددة، فإن العقوبة تتراوح بين سنة إلى خمس سنوات حبسًا، مع غرامات تبدأ من 100 جنيه، وفقًا لنص المادة.

قانون المسؤولية الطبية.. غرامات أعلى وعقوبة قد تصل للحبس

في المقابل، جاء قانون المسؤولية الطبية الجديد ليفرض إجراءات وضوابط أكثر تحديدًا، من بينها تشكيل لجان فنية مختصة للفصل في مسؤولية الأطباء عن أي مضاعفات أو وفيات، إلى جانب نصوص العقوبة التي نصت عليها المادة 28.

ووفق القانون، فإن من يثبت بحقه ارتكاب خطأ طبي ألحق ضررًا بالمريض، يُعاقب بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه. أما إذا كان الخطأ جسيمًا، فإن العقوبة ترتفع لتصل إلى الحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

أي القانونين سيُطبّق؟

في ظل غياب اللائحة التنفيذية لقانون المسؤولية الطبية، وعدم تفعيله عمليًا، تُطرح تساؤلات قانونية حول مدى إمكانية تطبيقه في تحقيقات قضية «نورزاد». غير أنه لا يمكن تطبيق القانون الجديد إلا بعد صدور لائحته التنفيذية، وبالتالي فإن المرجع القانوني الحالي في قضايا الإهمال الطبي هو قانون العقوبات، ما لم يُعلن رسميًا بدء سريان القانون الجديد."

وزارة الصحة: لا تهاون مع الإهمال

من جانبها، أكدت وزارة الصحة أنها لن تتهاون حال ثبوت أي إهمال طبي، وأنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة ضد المسؤولين، بالتوازي مع تعاون كامل مع جهات التحقيق.

وحتى انتهاء التحقيقات، يبقى مصير الفريق الطبي المتهم رهينًا بما ستُسفر عنه مراجعة سجلات الجراحة والتقارير الطبية، ومدى التزامهم بمعايير السلامة والجودة، وهو ما سيحدد المسار القانوني النهائي. 

طباعة شارك نورزاد محمد هاشم وزارة الصحة الإهمال الطبي التقصير الطبي المسؤولية الطبية قانون المسؤولية الطبية

مقالات مشابهة

  • المرأة الأردنية والتحديث الاقتصادي … الاستثمار في التعليم لا يكتمل إلا بالإدماج في سوق العمل
  • أحدث إحصائية لشهداء وإصابات حرب غزة وضحايا لقمة العيش
  • في "مصائد الموت".. هكذا امتهن جيش الاحتلال كرامة نساء غزة
  • مدير الأمانة العامة للشؤون السياسية يلتقي عدداً من الناشطات في دمشق وريفها
  • خص منهم النساء.. الأمم المتحدة تتعهد بدعم الفقراء في العراق
  • وفقا للقانون.. ما عقوبة الإهمال الطبي في قضية نورزاد حال ثبوتها؟
  • أخبار الوادي الجديد: المشاركة السياسية للمرأة والشباب ندوة بإعلام الداخلة.. واستمرار قوافل 100 يوم صحة
  • حزب المودة النسوي ولادة سياسية تهز كيان الأحزاب التقليدية
  • أهمية تعزيز ثقافة المشاركة السياسية للمرأة والشباب ندوة بإعلام الداخلة
  • تقرير حقوقي يرصد فرص مشاركة المرأة والشباب والأقباط في انتخابات الشيوخ