هيومن رايتس: هجمات مليشيا الحوثي على سفن تجارية في البحر الأحمر جرائم حرب وتهديد بيئي طويل الأمد
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، مليشيا الحوثي المسلحة بارتكاب جرائم حرب إثر مهاجمتها سفينتين تجاريتين في البحر الأحمر بين 6 و9 يوليو/تموز 2025، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من البحّارة، وغرق السفينتين، وسط مؤشرات على احتجاز ستة من أفراد الطاقم بشكل غير قانوني.
وقالت المنظمة، في بيان اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025، إن الحوثيين برروا الهجمات ضمن حملتهم "المعلنة" ضد إسرائيل، رغم عدم وجود أي صلة بين السفينتين المستهدفتين وإسرائيل، مؤكدة أن الهجومين ينتهكان قوانين الحرب، ويعرضان الملاحة البحرية والسلامة البيئية للخطر.
وذكرت نيكو جعفرنيا، الباحثة المختصة بشؤون اليمن والبحرين في "هيومن رايتس ووتش"، أن "الحوثيين يستخدمون الانتهاكات الإسرائيلية كذريعة لمهاجمة سفن مدنية لا علاقة لها بالنزاع"، مضيفة: "عليهم وقف هذه الهجمات والإفراج الفوري عن المحتجزين".
وفي 6 يوليو، استهدفت مليشيا الحوثي سفينة الشحن MV Magic Seas، التي كانت ترفع علم ليبيريا وتشغلها شركة يونانية، على بعد 51 ميلاً بحرياً جنوب غرب ميناء الحديدة.
وذكر البيان، أن السفينة تعرضت لهجوم بزوارق سريعة وقذائف صاروخية، ما تسبب في اندلاع حريق، ثم غرقت لاحقاً، مشيراً إلى أنه تم إنقاذ 22 من أفراد طاقمها.
بعدها بيوم، استهدفت مليشيا الحوثي، السفينة MV Eternity C، المملوكة لشركة يونانية وترفع العلم نفسه، غرب الحديدة، حيث استخدمت في الهجوم زوارق مفخخة وصواريخ متعددة، بحسب بيان للحوثيين، واستمرت الهجمات حتى 9 يوليو حين غرقت السفينة.
وأوضح البيان، أنه كان على متن السفينة إيترنتي سي طاقم من 25 شخصاً، وأفادت التقارير بمصرع أربعة منهم، فيما تم إنقاذ عشرة آخرين، في حين يُعتقد أن ستة أفراد على الأقل من الطاقم في قبضة الحوثيين.
ولفت البيان إلى أن الحوثيين قالوا إن السفينتين خرقتا الحظر الذي فرضته جماعتهم على المرافئ الإسرائيلية، غير أن ماجيك سيز كانت متجهة من الصين إلى تركيا محملة بالأسمدة، بينما أنهت إيترنتي سي شحنة مساعدات إنسانية للصومال وكانت في طريقها إلى السعودية.
وأضاف البيان، أن المنظمة راجعت مقاطع مصورة نشرها الحوثيون تُظهر لحظة الهجمات وصعود أفراد مسلحين إلى السفن، مشيرة إلى أن الهجمات تمت على سفن مدنية بحتة، ولم يكن لها أي طابع عسكري.
قوانين الحرب
وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إنها استندت في توصيفها الهجمات الحوثية بـ"جرائم حرب" إلى "دليل سان ريمو" لعام 1994، الذي قالت إنه يُعد مرجعاً للقانون الدولي في النزاعات البحرية، ويؤكد أن السفن المدنية لا تُعد هدفاً مشروعاً إلا إذا شاركت فعلياً في الأعمال القتالية. وهو القانون الذي بموجبه يُحظر احتجاز أفراد الطواقم الذين تم إنقاذهم، بحسب المنظمة.
وأضافت، أن قادة مليشيا الحوثي الذين خططوا أو نفذوا هذه الهجمات قد يتحملون مسؤولية جنائية عن جرائم حرب، إلى جانب انتهاكهم مبادئ الحماية البيئية الواردة في القانون الدولي الإنساني، والتي تفرض الحد الأدنى من الأضرار بالبيئة أثناء النزاعات المسلحة.
تداعيات بيئية كارثية
الهجمات الحوثية لا تهدد سلامة الملاحة فحسب، بل تحمل تداعيات بيئية كارثية. فبحسب صور أقمار صناعية نشرتها منظمة "باكس" الهولندية، ظهرت بقع نفطية كبيرة في مناطق غرق السفينتين، تهدد الحياة البحرية والساحلية في إريتريا واليمن.
وقال الدكتور عبد القادر الخراز -خبير بيئي يمني- إن السفينة ماجيك سيز كانت محمّلة بمواد كيميائية تذوب بسرعة في المياه، مشيراً إلى أن اليمن لا يزال يعاني من تداعيات بيئية سابقة لغرق سفينة "روبيمار" في مارس 2024، ما تسبب بنفوق واسع للأسماك قبالة سواحل المخا والخوخة.
وأوضح الخراز أن "الاستجابة لتلك الكوارث تتطلب إمكانيات ضخمة لا يملكها بلد مثل اليمن"، مشيراً إلى صعوبة احتواء التلوث الكيميائي الناتج عن تلك الحوادث.
ازدواجية الانتهاكات
وفي سياق متصل، لفت التقرير إلى أن البنية التحتية المدنية في اليمن، بما في ذلك ميناء الحديدة ومطار صنعاء، تعرضت لهجمات إسرائيلية، في حين هاجمت مليشيا الحوثي مناطق مدنية في إسرائيل، ومنها مطار تل أبيب، دون أن تذكر المنظمة سقوط ضحايا أو إلحاق أضرار بالبنى التحتية الإسرائيلية من هذه الهجمات، مكتفية بالتشديد على أن الطرفين ارتكبا انتهاكات قد ترقى لجرائم حرب.
واختتمت جعفرنيا بالقول: "على المجتمع الدولي أن يواجه هذه الانتهاكات بلا تحيّز، ويعالج تداعياتها الإنسانية والبيئية بشكل عاجل".
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی هیومن رایتس جرائم حرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحليل أمريكي: العقوبات والعمل العسكري يفشلان في وقف هجمات الحوثيين (ترجمة خاصة)
أفاد تحليل أمريكي أن العقوبات الأمريكية والعمل العسكري ضد جماعة الحوثي في اليمن فشلا في وقف هجمات الجماعة على سفن الشحن في البحر الأحمر وإسرائيل.
وقال مركز صوفان في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن حركة الحوثيين في اليمن وحدها من بين شركاء إيران في "محور المقاومة"، لا تزال صامدة رغم العمل العسكري الأمريكي والإسرائيلي، بالإضافة إلى الضغوط المالية التي تفرضها العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة".
وأضاف "ربط الحوثيون الهجمات المستمرة على إسرائيل بالصراع في غزة، ويواصل القادة الإسرائيليون والأمريكيون التأكيد على الروابط الاستراتيجية والعملياتية الوثيقة بين الحوثيين وطهران".
وحسب التحليل أدت هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر إلى تراجع حاد في النشاط في ميناء إيلات الإسرائيلي، والذي من شأن إغلاقه أن يمثل مكسبًا كبيرًا للحوثيين.
ويفرض المسؤولون الأمريكيون عقوبات على شركاء الحوثيين لتصعيد الضغط الاقتصادي على الجماعة، لكن الحوثيين أقاموا علاقات مع شركات يمنية وإقليمية مشروعة، ويكسبون دخلًا من مصادر غير مشروعة مثل مبيعات الأسلحة التي استولوا عليها. وفق التحليل.
منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تبددت الآمال العالمية في انتهاء حرب الشرق الأوسط مرارًا وتكرارًا. بينما يحاول المسؤولون الأمريكيون الانتقال من حرب يونيو/حزيران بين إسرائيل وإيران، والضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية، إلى تسوية الحرب في غزة وإجراء محادثات مع إيران، يستمر تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحركة الحوثيين المدعومة من إيران (أنصار الله) في اليمن دون هوادة.
وفق التحليل لا يزال وقف إطلاق النار المبرم بين الولايات المتحدة والحوثيين في مايو/أيار صامدًا، لكن الاتفاق لم يشمل الهجمات على السفن التابعة لإسرائيل أو على الهجمات على إسرائيل نفسها، ويصرّ قادة الحوثيين على أنهم لن يتوقفوا عن مهاجمة إسرائيل طالما استمرت في شن حرب على حماس في قطاع غزة.
يتابع "بتمسكهم بهذا الارتباط المعلن بنزاع غزة، أثبت الحوثيون أنهم الحليف الأوثق لإيران، رافضين النأي بأنفسهم عن أهداف طهران حتى مع انهيار ركائز استراتيجية الأمن القومي الإيرانية".
وزاد "يمكن للحوثيين التمسك بأهدافهم لأنهم، ضمن محور المقاومة الإيراني، ربما يكونون الأكثر حماية من الضغوط العسكرية أو السياسية من الحكومات أو الفصائل الأخرى".
وقال مركز صوفان "لا تزال حكومة الجمهورية اليمنية ضعيفة، وداعماها - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - غير راغبين في إعادة الانخراط عسكريًا على الأرض لتحدي سيطرة الحوثيين على جزء كبير من البلاد. ومع ذلك، فقد حقق فصيل متحالف - ميليشيا "قوة المقاومة الوطنية" بقيادة طارق صالح، ابن شقيق الزعيم اليمني الراحل علي عبد الله صالح - نجاحًا كبيرًا في أواخر يونيو من خلال الاستيلاء على شحنة كبيرة (750 طنًا) من الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى الحوثيين".
وطبقا للتحليل فقد أشادت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) بالاستيلاء في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في 16 يوليو، وربطت بشكل واضح بين الأسلحة المضبوطة وإيران، قائلة إن القوات اليمنية عثرت على "... أدلة باللغة الفارسية والعديد من الأنظمة تم تصنيعها من قبل شركة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية الخاضعة لعقوبات من قبل الولايات المتحدة... إن اعتراض هذه الشحنة الإيرانية الضخمة يُظهر أن إيران لا تزال الجهة الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة". نُقل عن الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، قوله: "إن الحد من تدفق الدعم الإيراني للحوثيين أمرٌ بالغ الأهمية للأمن والاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة".
وقال مع ذلك، لا يزال الحوثيون قادرين على مواصلة حملتهم ضد إسرائيل رغم الحظر، وأسابيع من الغارات الجوية الأمريكية خلال "عملية الفارس الخشن"، التي انتهت بوقف إطلاق نار بين الولايات المتحدة والحوثيين في 5 مايو/أيار، واستمرار الضربات الإسرائيلية.
يوم الأربعاء، أطلق الحوثيون أحدث صاروخ باليستي ضد إسرائيل. سقط الصاروخ أو تم اعتراضه قبل دخوله المجال الجوي الإسرائيلي، لكنه مع ذلك تسبب في اضطراب البلاد ودفع السلطات إلى وقف حركة الطيران لفترة وجيزة في مطار بن غوريون الرئيسي في البلاد خارج تل أبيب كإجراء احترازي.
ونشر المسؤول الحوثي البارز، حزام الأسد، على حسابه على موقع "إكس" باللغة العبرية بعد وقت قصير من محاولة الهجوم: "لن نتخلى عن غزة. لن نصمت بينما أطفالها يتضورون جوعًا تحت الحصار...".
جاء إطلاق الحوثيين للصواريخ عقب غارة جوية شنتها قوات الدفاع الإسرائيلية بطائرة مسيرة يوم الاثنين على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن، والذي لطالما كان هدفًا للجهود الإسرائيلية لردع الحوثيين وإضعاف قدراتهم.
وزعم مسؤولون عسكريون إسرائيليون أنهم كانوا يستهدفون مواقع في الميناء يشن منها الحوثيون هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ ضد إسرائيل وحلفائها.
وقال وزير الدفاع إسرائيل كاتس إن القوات الإسرائيلية "تتصدى بقوة لأي محاولة لاستعادة البنية التحتية الإرهابية التي تعرضت للهجوم سابقًا". وتُعدّ غارة يوم الاثنين هي الثالثة عشرة التي تشن فيها إسرائيل هجومًا على اليمن. وقبل ذلك، كانت آخر غارة إسرائيلية ضد الحوثيين في 7 يوليو/تموز.
وخلال فترة الأسبوعين (7-21 يوليو/تموز)، أطلق الحوثيون ستة صواريخ باليستية وطائرتين مسيرتين على الأقل على إسرائيل - وهي هجمات لم تُسفر عن أي أضرار أو إصابات.
وفي أعقاب الغارة الإسرائيلية على الحديدة، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي إسقاط طائرة مسيرة وصلت "من الشرق"، في إشارة ضمنية إلى الحوثيين. وفي بيان، قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، إن إطلاق الطائرة المسيرة كان ردًا مباشرًا.
إحدى الشركات المذكورة هي شركة أركان مارس البترولية لاستيراد المنتجات النفطية (أركان مارس)، ومقرها الإمارات العربية المتحدة، والتي ذكرت وزارة الخزانة أنها تُسهّل استيراد الحوثيين للغاز والنفط، بما في ذلك المنتجات النفطية الإيرانية، عبر مينائي الحديدة ورأس عيسى اللذين يسيطر عليهما الحوثيون.
وأضاف الإعلان، وفق التحليل أنه اعتبارًا من يونيو/حزيران 2025، شاركت شركات تابعة لإيران في تسهيل المدفوعات بين الحكومة الإيرانية وشركات النفط التابعة للحوثيين، بما في ذلك أركان مارس. شركة ثانية فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات يوم الثلاثاء هي مصنع أسمنت عمران، وهو شركة يسيطر عليها الحوثيون.
ووفقًا لوزارة الخزانة، فإنه اعتبارًا من مارس/آذار 2025، وجّه الحوثيون إنتاج الأسمنت من مصنع أسمنت عمران إلى منطقة صعدة الجبلية شمال اليمن (القاعدة السياسية الجغرافية للحوثيين) كجزء من جهد أوسع نطاقًا لتطوير وتحصين مخازن الأسلحة والذخيرة العسكرية.
ومع ذلك، افاد مركز صوفان أن بعض الخبراء يقدر قدرة الحوثيين على استغلال ثغرات في هيكل العقوبات الأمريكية - وهي نقاط ضعف من المرجح أن يعالجها المسؤولون الأمريكيون مع تطويرهم للمعلومات الاستخباراتية اللازمة. على سبيل المثال، وجد تحقيق أجراه مشروع الشفافية التقنية (TTP) أن تجار الأسلحة المرتبطين بالحوثيين كانوا يستخدمون 130 منصة تواصل اجتماعي يمنية وشبكات اتصالات مشفرة (X وWhatsApp Business) كواجهة إلكترونية للجماعة لبيع الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها أو الحصول عليها بطريقة أخرى. وشملت المعدات المعروضة للبيع بنادق عالية القدرة وقاذفات قنابل يدوية وأنظمة أخرى.
تحمل بعض الأسلحة ختم "ملكية الحكومة الأمريكية"، مما يشير إلى أنها كانت تُستخدم من قبل الجيش الأمريكي وربما تُركت في ساحات القتال الأمريكية السابقة، مثل أفغانستان.
وحسب التحليل لم توضح الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي كيف حصل تجار الأسلحة الذين يعرضون الأسلحة على الذخائر التي تحمل العلامة التجارية الأمريكية، وليس من الواضح من تقرير مشروع الشفافية التقنية مقدار الإيرادات التي قد يحصل عليها الحوثيون من تجارة الأسلحة غير المشروعة هذه.
ويرى مركز صوفان أن المبادرة تظهر قدرة الحوثيين على العمل داخل شبكات الاتصالات المصممة في الغرب لإحباط الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتقليص موارد الجماعة وقدراتها.