عربي21:
2025-12-08@04:42:48 GMT

موقعة المعصرة وتوابعها المنتظرة

تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT

بعد ما آلت إليه ثورة الخامس وعشرين من يناير وحالة الإحباط المزمن التي استبدت بالبلاد والعباد، شهدت أرض المحروسة سلسلة محاولات افتقدت للنضج واستندت على أركان غير متينة وهبت رياحها من الخارج، وكان من الطبيعي أن تحصد الفشل الذريع لا سيما أن شراراتها الأولى انبعثت من مواقع التواصل الاجتماعي واقتصرت على حراك افتراضي الكتروني بدون زاد شعبي على أرض الواقع، لتعمق من الهوة السحيقة بين شخصيات نجت بجلدها وواصلت صرختها ضد الظلم والاستبداد (رغم تشكيك البعض في هذه النوعية من المعارضة)، وطبقات اجتماعية مسحوقة لكن اليأس قيّد حركاتها وسكناتها فصارت تتلقى الصدمات والطعنات تلو الأخرى دون أية رد فعل ملموسة، وبدت أشبه بجثث بلا روح تمشي على الأرض.



هذا الإحباط المستشري بين قطاعات واسعة من الشعب جعل أي دعوة جديدة للتحرك أقرب للحفر في الصخر، ما مهد الطريق أمام النظام ليمرر مخططاته ويعبث بالهواء والفضاء دون حسيب أو رقيب، على غرار المقولة الشعبية الذائعة الصيت المأخوذة من أحد الأفلام المصرية المعروفة (الزوجة الثانية) التي تقول "الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا".

ورغم أن فضائح نظام السيسي لا تعد ولا تحصى إلا أن حالة "الركود والخمول" ظلت سيدة الموقف، لتقتصر اصوات الغضب على "ميمز" من هنا و"منشور ساخر" من هناك، ويعتقد الممسكون بزمام الأمور أن المهمة تمت بنجاح ولا أمل في صحوة الضمير طالما أن كل الأصوات المفترض أن توقظ النائمين والمخدرين تكابد بين زنازين الانفرادي والإهمال الطبي والحبس الاحتياطي التعسفي، والباقي مهجر ومنفي خارج "أم الدنيا"، و"الجلَبة" التي يحدثونها تبقى أسيرة صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لا أقل ولا اكثر، فلماذا نقلق ونخاف؟

كلمة السر هي غزة:

تجرع المصريون مرارة التنكيل بذويهم وقسوة ظروف المعيشة وغلاء الاسعار وتدهور الخدمات وازدياد الفجوة بين فئات الشعب ووأد الطبقة المتوسطة التي ترزح تحت نيران قرارات الحكومات المتعاقبة، لكن هل سيقوى أهل مصر على تحمّل عبارات الإساءة والتشكيك في انتمائهم التي تنهال عليهم من كل حدب وصوب بعد مأساة أشقائهم المحاصرين والمجوعين في قطاع غزة؟ هل سيصمتون على أخذهم بجريرة النظام المجرم المتواطئ مع الصهاينة في إغلاق معبر رفح وتعميق كارثة الفتك بإخوانهم؟

لا أحد منا يمكن أن ينفي عدم الخلط المرير بين سطوة وبطش نظام السيسي وبين صمت القبور الذي نعاينه في ميادين المحروسة التي كانت دائما تئن وتصدح لجراحات أشقائها من كل الأقطار العربية، فكيف تصمت عن جريمة وعار سيطاردها أبد الدهر إن لم تبادر للجهر بكفرها بالخونة وأعمالهم القذرة؟

قد يظن البعض أننا اليوم أصبحنا أمام هبة شعبية مصرية متجهة صوب معبر رفح لتحريره وإدخال المساعدات رغما عن انف المتواطئين، لكن مهلا، فما أقدم عليه الشابان المصريان "أحمد عبد الوهاب" و"محسن مصطفى" في مكتب أمن الدولة في الدور الرابع بقسم المعصرة في حلوان، أو ما أطلقا عليه "الحديد 17"، ومطلبهما المقتصر على فتح معبر رفح وذلك، الحوار الذي ينضح وطنية من خلال مقطع الفيديو الموثق لخطوتهما "الانتحارية" من اجل نفض غبار العار عن بلدهم؛ كل ذلك كشف عن الموقف الحقيقي والأصيل لعموم الشعب المصري الرافض لما يحدث اليوم من إذلال.

لعنة الشباب الواعي:

لم يدخر نظام السيسي أية وسيلة لإلهاء الشباب المصري وسخر شتى الوسائل والإمكانيات من أجل نشر السخافة والتفاهة لتنهال عليه من كل الجهات، ولم يخف البتة توجسه من جيل واع مثقف متمسك بهموم وقضايا الوطن والأمة، وهذا ما أشار إليه الشاب "محسن مصطفى" في الفيديو الذي صوره قبل اقتحام قسم المعصرة، حيث كشف فيه عن خطاب رصين وواع بأدق التفاصيل وما يحاك ضد أبناء وطنه بفعل فاعل، رافضا السكوت عن الظلم ونصرة الأخوة المظلومين كما ذكر.

وتبني النظام وأجهزته الأمنية لديباجة "الانتماء إلى الإخوان" المملة كان متوقعا، لكن الحرص على تفنيد كل ما تم توثيقه بالصوت والصورة ونفي وجود أية مداهمة للقسم السيئ السمعة والمشهور بالتعذيب وإخفاء المعتقلين؛ بدا غير متماسك وبحبكة ركيكة كما تعودنا عليهم. والسؤال: إذا افترضنا جدلا بأن الرواية الرسمية صحيحة تماما، فلماذا شهدت الأقسام الأمنية سلسلة إقالات وإعفاءات قياسية ولرتب أمنية وازنة لا تتغير بسهولة؟ ولماذا فجأة عمت موجة من القلق والخوف أرجاء مؤسسات النظام والمقربين منه وانعكست على برامج التوك شو والمذيعين؟

علامة فارقة:

ما بدأنا به هذه المادة من سرد للمحاولات الفاشلة لإيقاظ الناس في مصر كان الغرض منه الوصول للنقطة الحالية الكامنة في "موقعة المعصرة" التي تبدو مغايرة كليا للصورة السابقة، وستكون لها انعكاسات أكبر وأقوى على الوضع المصري، وهذا يعيه جيدا النظام هذه المرة. فالسعي للسماح بدخول بعض المساعدات إلى غزة، بالتنسيق المخجل مع العدو الصهيوني، أول الخائفين من عودة الروح الثورية للشارع المصري، ليس "كرما حاتميا" أو "إنسانية متأخرة"، بل هي محاولة للالتفاف على الواقع الجديد الذي بدأ بحصار السفارات في الخارج وتحول لخطر داهم على أقسام الشرطة والمراكز الأمنية في الداخل. ومما لا شك فيه أن خطاب "محسن مصطفى" لن يمر مرور الكرام، ورسالته وصلت للملايين غيره ممن كانوا ينتظرون الخطوة الأولى.

والملفت أن مؤشرات محلية وإقليمية تزداد يوما بعد آخر لتكشف المأزق الخطير الذي يعيشه نظام السيسي، مثل الحرب الالكترونية مع السعودية وتبني شخصيات رسمية لسلسلة حملات تستهدف أهم الوجوه المصرية، وتأكيدات إعلامية على الأيام الصعبة التي تنتظره، وهي شخصيات كما يعرف الجميع لا تنطق من فراغ، دون إغفال التوتر الأخير مع "الكفيل الإماراتي" في الملف السوادني والإصرار على تقزيم الدور المصري في كافة الملفات الحساسة، وغيرها من النقاط التي تؤكد أن القادم أعظم، ولا أحد بإمكانه المغامرة من أجل الذود عن ورقة أضحت محروقة ولا تجدي نفعا.

قالها الكبير أحمد مطر في إحدى قصائده: "اثنان في أوطاننا يرتعدان خيفة من يقظة النائم: اللص.. والحاكم!".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المصرية السيسي غزة مصر السيسي غزة قضايا وآراء مدونات قضايا وآراء مدونات مدونات قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام السیسی

إقرأ أيضاً:

“نتنياهو يرغب في لقاء السيسي”.. تقرير أمريكي يكشف رد الرئيس المصري على الاقتراح

الولايات المتحدة – نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أمريكي ومصدر إسرائيلي مطلع، قولهما إن البيت الأبيض مستعد للتوسط في عقد قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأكد أكسيوس، أن نتنياهو أبلغ الجانب الأمريكي رغبته في لقاء السيسي، إلا أنه لم يبد أي اهتمام جدي، وفقا لمصدر إسرائيلي ومسؤول أمريكي، كما أبدى الرئيس المصري برودا تجاه فكرة اللقاء.

ووفق أكسيوس، فإن مسؤولين أمريكيين يعتقدون أن نتنياهو يجب عليه أولا الموافقة على صفقة غاز استراتيجية مع مصر، وأن يتخذ خطوات أخرى للحصول على موافقة السيسي لعقد الاجتماع.

وقال مسؤول أمريكي، إن “هذه فرصة عظيمة لإسرائيل”، معتبرا أن “بيع الغاز لمصر سيخلق ترابطا بين الدول، ويقربها من بعضها البعض، ويخلق سلاما أكثر دفئا ويمنع الحرب”.

وأشار التقرير إلى محاولة الولايات المتحدة تحسين العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال الدبلوماسية الاقتصادية، منوها إلى دراسة الولايات المتحدة مبادرات مماثلة تركز على الحوافز الاقتصادية في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة بين إسرائيل والدول العربية مثل لبنان وسوريا والسعودية.

وأكد أن الهدف هو “إخراج إسرائيل من عزلتها الدبلوماسية وتأسيس نموذج جديد لإسرائيل في التعامل مع العالم العربي وإعادة اتفاقيات إبراهيم إلى مسارها الصحيح”.

ولفت التقرير إلى أمل المسؤولين الأمريكيين في تحقيق ذلك بالتوازي مع عملهم على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والمضي قدما في عملية السلام.

وذكر التقرير أن مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، أخبر نتنياهو أن إسرائيل بعد الحرب تحتاج إلى إظهار أن لديها ما تقدمه لدول المنطقة أكثر من مجرد أجندة سلبية، معتبرا أن “دول المنطقة لا ترغب في الحديث عن إيران طوال الوقت، بل في استكشاف فرص الأعمال”.

وأضاف كوشنر، بحسب أكسيوس، أنه إذا أرادت إسرائيل الاندماج في المنطقة فعليها العودة إلى لغة الحوار، مقترحا على نتنياهو أن يبدأ بمصر، التي لعبت دورا أساسيا في التوصل إلى اتفاق السلام في غزة وقادت الجهود التي أعادت حتى الآن 27 من أصل 28 رهينة متوفين كانوا محتجزين في غزة.

وقال مسؤول أمريكي إن “المصريين أظهروا التزاما حقيقيا بمساعدة غزة”.

فيما قال المصدر الإسرائيلي: “لم تكن هناك اتصالات مهمة على المستوى الاستراتيجي بين البلدين خلال العامين الماضيين”.

المصدر: أكسيوس الامريكي

مقالات مشابهة

  • “نتنياهو يرغب في لقاء السيسي”.. تقرير أمريكي يكشف رد الرئيس المصري على الاقتراح
  • نظام غذائي يقلل دهون الكبد خلال 4 أسابيع فقط
  • من عبد الناصر إلى السيسي.. جيل زي بقيادة أنس حبيب يعلن سقوط عصر العسكر
  • محافظ الدقهلية: الرئيس السيسي يراهن على عقول الشباب المصري والمبتكرين
  • ما الذي يحتاجه المنتخب المصري لعبور الأردن في كأس العرب؟..تفاصيل
  • معركة حمص.. بين الحرب النفسية والميدان حتى لحظة التحرير
  • سؤال فى النواب حول سلبيات نظام التقييم في التعليم قبل الجامعي
  • تدشين نظام التوثيق الإلكتروني في وزارة العدل لتعزيز التحول الرقمي
  • "الجمارك" ترد على أسئلة المستوردين بشأن نظام «ACI» على الشحنات الجوية
  • الجمارك… نظام «ACI» لا يسري على الطرود البريدية أقل من 50 كليو جرامًا