عربي21:
2025-08-04@18:22:23 GMT

موقعة المعصرة وتوابعها المنتظرة

تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT

بعد ما آلت إليه ثورة الخامس وعشرين من يناير وحالة الإحباط المزمن التي استبدت بالبلاد والعباد، شهدت أرض المحروسة سلسلة محاولات افتقدت للنضج واستندت على أركان غير متينة وهبت رياحها من الخارج، وكان من الطبيعي أن تحصد الفشل الذريع لا سيما أن شراراتها الأولى انبعثت من مواقع التواصل الاجتماعي واقتصرت على حراك افتراضي الكتروني بدون زاد شعبي على أرض الواقع، لتعمق من الهوة السحيقة بين شخصيات نجت بجلدها وواصلت صرختها ضد الظلم والاستبداد (رغم تشكيك البعض في هذه النوعية من المعارضة)، وطبقات اجتماعية مسحوقة لكن اليأس قيّد حركاتها وسكناتها فصارت تتلقى الصدمات والطعنات تلو الأخرى دون أية رد فعل ملموسة، وبدت أشبه بجثث بلا روح تمشي على الأرض.



هذا الإحباط المستشري بين قطاعات واسعة من الشعب جعل أي دعوة جديدة للتحرك أقرب للحفر في الصخر، ما مهد الطريق أمام النظام ليمرر مخططاته ويعبث بالهواء والفضاء دون حسيب أو رقيب، على غرار المقولة الشعبية الذائعة الصيت المأخوذة من أحد الأفلام المصرية المعروفة (الزوجة الثانية) التي تقول "الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا".

ورغم أن فضائح نظام السيسي لا تعد ولا تحصى إلا أن حالة "الركود والخمول" ظلت سيدة الموقف، لتقتصر اصوات الغضب على "ميمز" من هنا و"منشور ساخر" من هناك، ويعتقد الممسكون بزمام الأمور أن المهمة تمت بنجاح ولا أمل في صحوة الضمير طالما أن كل الأصوات المفترض أن توقظ النائمين والمخدرين تكابد بين زنازين الانفرادي والإهمال الطبي والحبس الاحتياطي التعسفي، والباقي مهجر ومنفي خارج "أم الدنيا"، و"الجلَبة" التي يحدثونها تبقى أسيرة صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لا أقل ولا اكثر، فلماذا نقلق ونخاف؟

كلمة السر هي غزة:

تجرع المصريون مرارة التنكيل بذويهم وقسوة ظروف المعيشة وغلاء الاسعار وتدهور الخدمات وازدياد الفجوة بين فئات الشعب ووأد الطبقة المتوسطة التي ترزح تحت نيران قرارات الحكومات المتعاقبة، لكن هل سيقوى أهل مصر على تحمّل عبارات الإساءة والتشكيك في انتمائهم التي تنهال عليهم من كل حدب وصوب بعد مأساة أشقائهم المحاصرين والمجوعين في قطاع غزة؟ هل سيصمتون على أخذهم بجريرة النظام المجرم المتواطئ مع الصهاينة في إغلاق معبر رفح وتعميق كارثة الفتك بإخوانهم؟

لا أحد منا يمكن أن ينفي عدم الخلط المرير بين سطوة وبطش نظام السيسي وبين صمت القبور الذي نعاينه في ميادين المحروسة التي كانت دائما تئن وتصدح لجراحات أشقائها من كل الأقطار العربية، فكيف تصمت عن جريمة وعار سيطاردها أبد الدهر إن لم تبادر للجهر بكفرها بالخونة وأعمالهم القذرة؟

قد يظن البعض أننا اليوم أصبحنا أمام هبة شعبية مصرية متجهة صوب معبر رفح لتحريره وإدخال المساعدات رغما عن انف المتواطئين، لكن مهلا، فما أقدم عليه الشابان المصريان "أحمد عبد الوهاب" و"محسن مصطفى" في مكتب أمن الدولة في الدور الرابع بقسم المعصرة في حلوان، أو ما أطلقا عليه "الحديد 17"، ومطلبهما المقتصر على فتح معبر رفح وذلك، الحوار الذي ينضح وطنية من خلال مقطع الفيديو الموثق لخطوتهما "الانتحارية" من اجل نفض غبار العار عن بلدهم؛ كل ذلك كشف عن الموقف الحقيقي والأصيل لعموم الشعب المصري الرافض لما يحدث اليوم من إذلال.

لعنة الشباب الواعي:

لم يدخر نظام السيسي أية وسيلة لإلهاء الشباب المصري وسخر شتى الوسائل والإمكانيات من أجل نشر السخافة والتفاهة لتنهال عليه من كل الجهات، ولم يخف البتة توجسه من جيل واع مثقف متمسك بهموم وقضايا الوطن والأمة، وهذا ما أشار إليه الشاب "محسن مصطفى" في الفيديو الذي صوره قبل اقتحام قسم المعصرة، حيث كشف فيه عن خطاب رصين وواع بأدق التفاصيل وما يحاك ضد أبناء وطنه بفعل فاعل، رافضا السكوت عن الظلم ونصرة الأخوة المظلومين كما ذكر.

وتبني النظام وأجهزته الأمنية لديباجة "الانتماء إلى الإخوان" المملة كان متوقعا، لكن الحرص على تفنيد كل ما تم توثيقه بالصوت والصورة ونفي وجود أية مداهمة للقسم السيئ السمعة والمشهور بالتعذيب وإخفاء المعتقلين؛ بدا غير متماسك وبحبكة ركيكة كما تعودنا عليهم. والسؤال: إذا افترضنا جدلا بأن الرواية الرسمية صحيحة تماما، فلماذا شهدت الأقسام الأمنية سلسلة إقالات وإعفاءات قياسية ولرتب أمنية وازنة لا تتغير بسهولة؟ ولماذا فجأة عمت موجة من القلق والخوف أرجاء مؤسسات النظام والمقربين منه وانعكست على برامج التوك شو والمذيعين؟

علامة فارقة:

ما بدأنا به هذه المادة من سرد للمحاولات الفاشلة لإيقاظ الناس في مصر كان الغرض منه الوصول للنقطة الحالية الكامنة في "موقعة المعصرة" التي تبدو مغايرة كليا للصورة السابقة، وستكون لها انعكاسات أكبر وأقوى على الوضع المصري، وهذا يعيه جيدا النظام هذه المرة. فالسعي للسماح بدخول بعض المساعدات إلى غزة، بالتنسيق المخجل مع العدو الصهيوني، أول الخائفين من عودة الروح الثورية للشارع المصري، ليس "كرما حاتميا" أو "إنسانية متأخرة"، بل هي محاولة للالتفاف على الواقع الجديد الذي بدأ بحصار السفارات في الخارج وتحول لخطر داهم على أقسام الشرطة والمراكز الأمنية في الداخل. ومما لا شك فيه أن خطاب "محسن مصطفى" لن يمر مرور الكرام، ورسالته وصلت للملايين غيره ممن كانوا ينتظرون الخطوة الأولى.

والملفت أن مؤشرات محلية وإقليمية تزداد يوما بعد آخر لتكشف المأزق الخطير الذي يعيشه نظام السيسي، مثل الحرب الالكترونية مع السعودية وتبني شخصيات رسمية لسلسلة حملات تستهدف أهم الوجوه المصرية، وتأكيدات إعلامية على الأيام الصعبة التي تنتظره، وهي شخصيات كما يعرف الجميع لا تنطق من فراغ، دون إغفال التوتر الأخير مع "الكفيل الإماراتي" في الملف السوادني والإصرار على تقزيم الدور المصري في كافة الملفات الحساسة، وغيرها من النقاط التي تؤكد أن القادم أعظم، ولا أحد بإمكانه المغامرة من أجل الذود عن ورقة أضحت محروقة ولا تجدي نفعا.

قالها الكبير أحمد مطر في إحدى قصائده: "اثنان في أوطاننا يرتعدان خيفة من يقظة النائم: اللص.. والحاكم!".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المصرية السيسي غزة مصر السيسي غزة قضايا وآراء مدونات قضايا وآراء مدونات مدونات قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نظام السیسی

إقرأ أيضاً:

Darksiders 4.. نظرة على لعبة الأكشن والمغامرة المنتظرة

تعود سلسلة Darksiders بجزئها الرابع المنتظر، والذي يتم تطويره حاليًا من قبل Gunfire Games، وقد تم الكشف عن العرض التشويقي الأول للعبة، إلى جانب عدد من التفاصيل الأولية حول أسلوب اللعب.

وكما هو الحال في الأجزاء السابقة، تقدم Darksiders 4 تجربة أكشن ومغامرات من منظور الشخص الثالث، تمزج بين القتال، الاستكشاف، وحل الألغاز في عالم غارق بالأساطير وخراب ما بعد نهاية العالم.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } Darksiders 4.. نظرة على لعبة الأكشن والمغامرة المنتظرة

أخبار متعلقة لعبة Death Stranding 2 تخدع أنظمة التحقق من العمر.. كيف ذلك؟بدأت بالنخبة ووصلت إلى العالمية.. ما هي لعبة البادل؟القطيف.. تنسيق مشترك بين 5 جهات لتطوير الخدمات المرورية والبنية التحتيةقتال سينمائي

سيتولى اللاعب التحكم بأحد فرسان نهاية العالم الأسطوريين، وكل فارس يتميز بأسلحة فريدة وأسلوب قتال خاص، وقد وُصف نظام القتال بأنه سينمائي وسريع الإيقاع، مليء بالحركة العنيفة، ويمزج بين الاشتباكات القتالية، التنقل السلس، والقدرات الخارقة.

من ناحية القصة، لم يتم الكشف عن الكثير، سوى أن الجزء الرابع سيُكمل ملحمة الفرسان الأربعة، ويبدأ من حيث انتهت أحداث الجزء الأول.
وتشير المعلومات الواردة من المتاجر الرقمية إلى دعم اللعبة للعب التعاوني عبر الإنترنت (من 2 إلى 4 لاعبين)، إلى جانب طور اللعب الفردي وطور الشاشة المنقسمة المحلي.

بدأت سلسلة Darksiders رحلتها عام 2010 مع الجزء الأول الذي طورته Vigil Games، وركّز على الصراعات التي يخوضها فرسان نهاية العالم الأربعة لحفظ التوازن في كون بات على شفا الانهيار.
لاحقًا، صدرت Darksiders 2 في 2012، تلتها Darksiders 3 في 2018 من تطوير Gunfire Games، ثم Darksiders Genesis في 2019 بنظام لعب مختلف ومن منظور علوي من تطوير Airship Syndicate.

مقالات مشابهة

  • روسيا تُدخل نظام الدفاع الجوي المتطور Pantsir-SMD الخدمة رسميًا
  • آلية اليد الميتة.. هكذا تضمن روسيا ردا نوويا تلقائيا
  • لا تقدر المحكمة الأتعاب في القضايا الفرعية.. تعديلات على أنظمة التوثيق والتحكيم والمحاماة
  • Darksiders 4.. نظرة على لعبة الأكشن والمغامرة المنتظرة
  • تنسيق المرحلة الأولى 2025.. درجات النظام الحديث أمام القديم
  • أنظمة المنزل الذكي.. تحت المجهر
  • طارق الزمر لـعربي21: التغيير في مصر بات قريبا.. وسقوط السيسي بدأ من داخل النظام
  • أبو علي خلال لقاء جمعية “انتاج”: نظام الفوترة الوطني خطوة إصلاحية جوهرية في مسار تطوير السياسة المالية والضريبية
  • عرض خاص من ليفانتي لجماهيره قبل موقعة برشلونة بسبب لامين يامال