محمد بن رامس الرواس
ما كادت أنفاس صباح يومٍ من أيام الخريف الجميلة تطلق عبيرها العذب بين روابي صلالة، حتى أخذت الأجواء تتزين بنسائم الفرح، وابتهجت الأرواح بترحيب يفيض حبًا وولاء بمقدم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى صلالة، مقدم سلطان الصلاح والثبات إلى أرض اللبان ومهوى الأفئدة، ومقدمه -أعزه الله- موعدٌ تلتقي فيه الأفئدة على تجديد العهد والوفاء لقائدها الحكيم الذي هو عنوان عزتها، وأصدق من حفظ العهد وأوفى بالأمانة.
لقد بدت صلالة في ذلك اليوم كعروس مزهوة بثوب أخضر نسجه لها المولى عز وجل كأبهى حلة، وتزينت جبالها بالندى كحبات اللؤلؤ تتلألأ في فصل الخريف، ونشر بحر العرب أشرعته من الموج يردد سيمفونية الفرح كأنما كل موجة فيه تُجدِّد العهد للسلطان الحكيم -حفظه الله- الذي جمع في قلبه البصيرة النافذة، والرحمة الشاملة والحكمة الراسخة.
وما القيادة في جوهرها إلّا عهد ومسؤولية، ورعاية ورحمة، وقد اجتمعت هذه الصفات جميعها في قلب السلطان هيثم -أيده الله- فهو الحازم إذا دعا الموقف إلى الحزم، والرفيق الذي يمسح بيده على كتف أبناء وطنه كما يمسح الأب الحنون على رأس طفله؛ فاجتمعت فيه قوة العزم ولين الجانب، فأدار الأمور بما يقيم العدل بين الرعية ويحفظ الكرامة، ومن قبل أن يتقلد أمانة النهضة المتجددة، وهو يرسم للوطن ملامح مستقبل مشرق، يخط فيه بالأمل واليقين طريق الغد من خلال رؤية "عُمان 2040"، فلا يعرف قلبه التردد، ولا تعرف عزيمته سبيل التراجع عن تنفيذ ما أبرمه من خطط النجاح.
في هذا اليوم اكتمل في صلالة مشهد فريد، فقد اكتملت الفرحة وتضاعفت بمقدمه الميمون وتجدد فصل الخريف، فكان بموسم الخريف بما فيه من خضرة نضرة ونسمات ندية، قد صافحت مقدم السلطان هيثم، فجاء اللقاء كلقاء الجمال والطبيعة الخلابة بالسلطان الأمين الحكيم، الذي أوفى بالوعد والعهد.
مرحبًا بسلطان الخير والنماء والسلام، مرحبًا بمن يصبح قدومه تجديد للعهد بين القائد وشعبه، وبشارات مستقبل يزهر في القلوب قبل أن يزهر في السهول.
إن القيادة الحكيمة للسلطان هيثم وثَّقت غرسها؛ فأنبتت قيادة صالحة، وثباتًا راسخًا، ورؤية واعدة لا تغيب عنها شمس الخير والنماء.
مرحبًا بكم مولاي، ومن خلفك شعبك يفتديك بالأرواح ويرفع أكف الضراعة بالدعاء لكم، أن يديم الله عليكم نعمة الصحة والعافية ويرزقكم طول العمر، ويزيدكم عزًا ومجدًا.. نمضي خلفكم مولاي المعظم، نحو مستقبل تصنعه بعزيمة السلاطين وحكمة العظماء.. والله نسأل لهذا الوطن الشامخ أن يظل حصنَ عزٍ وموئل أمن ومنارة حضارة، مُتضرعين للمولى -جل في علاه- أن يحرسكم في حلكم وترحالكم وفي كل وقت وحين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تفاقم أزمة الخطوط البيضاء في إيران
يعني مصطلح الخطوط البيضاء "سیمکارتهای سفید" الخطوط التي لديها حرية استخدام الإنترنت دون قيود، في مقابل الخطوط السوداء " سیمکارتهای سياه" الذي يعني الخطوط المفلترة من قبل النظام الإيراني. حيث إن آثار التحديث الجديد الذي كان قد أطلقه موقع إكس (تويتر سابقاً) بشأن معرفة الموقع الجغرافي للمستخدمين لازالت آثاره تلقي بظلالها الثقيلة في العديد من البلدان في العالم، ومن أهم تلك الأزمات ما أثاره ما يسمى "اينترنت بدون فيلتر يا سیمکارتهای سفید" أي الإنترنت غير المفلتر أو خطوط الاتصالات البيضاء في إيران خلال الأيام السابقة، والذي تجاوز حدود القطر الإيراني إلى البرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي.
كان فرض حصار على الإنترنت في إيران وتقييد وصول الإيرانيين إلى العديد من مواقع التواصل الاجتماعي ومن أبرزها فيسبوك وتويتر سابقاً مطبقاً منذ سنوات عديدة، وكان الإيرانيون يتحايلون على ذلك الحظر باستخدام برامج فك الحظر VPN، التي كانت تظهر الحسابات من خارج إيران، حتى يتم فتح تلك المواقع، فيما أعلن عضو لجنة الصناعة والمعادن بالبرلمان أن أرباح بيع برامج كسر الحظر ما بين 20 إلى 50 ألف مليار تومان سنوياً.
لكن التحديث الجديد الذي أطلقه موقع إكس والذي أتاح الوصول للموقع الحقيقي للمستخدمين، صدم الشعب الإيراني بأن حسابات العديد من سياسيّ النظام الإيراني ومن بينهم وزير الاتصالات ونوابه، وكذلك جميع أعضاء مجلس البرلمان (حسب تصريح أحد أعضاء البرلمان أن حظر الإنترنت على بطاقات SIM يرفع بمجرد دخول البرلمان) وكذلك بعض الفنانين بالإضافة إلى الإعلاميين والصحفيين مفتوحة من داخل إيران وليست من أماكن أخرى خارج البلاد، ما يعني أن الحظر الذي يفرضه النظام على الشعب الإيراني منذ عدة سنوات، لا يطبق على قيادات النظام ورجال الدولة، وهو ما أثار موجة شديدة من الغضب تجاه ما وصفه الإيرانيون بأنه تمييز ضد الشعب الإيراني وإزدواجية في التعامل مع أبناء الوطن الواحد.
ورداً على ذلك أطلق الإيرانيون هاشتاج #اینترنت_آزاد_برای_همه، وأنشأوا حملة لجمع التوقيعات عبر موقع "كارزار" مخاطبين كل من رئيس السلطة القضائية ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان الإيراني، لوقف كل الخطوط البيضاء، وأدان الموقعون على الحملة أي تمييز بين الشعب، وأكدوا على حق جميع المواطنين في الوصول الحر إلى الإنترنت، وطالبوا بحظر ومصادرة بطاقات SIM البيضاء، والإنترنت الطبقي، وأي وصول خاص إلى الإنترنت بشكل كامل.
وشدد البيان كذلك على عدم وجود أي مبرر مقبول لتمتع بعض الناس بحرية الوصول إلى الإنترنت، وخاصة المسؤولين الذين طالما دافعوا عن فكرة التصفية وسعوا دائمًا إلى فرض المزيد من القيود على الإنترنت لعامة الناس، كما شدّد البيان على أن الوصول الحر إلى الإنترنت حق بديهي للمواطن وفقًا لميثاق الحقوق المدنية، وأن التمييز في هذا الوصول يؤدي إلى زيادة الغضب، وتوسيع الفجوة الرقمية، و تراجع ثقة الجمهور. وأنه إذا كان الإنترنت أداة عمل للصحفيين، فهو أيضًا جزء من ضروريات الحياة للعمال والموظفين والمعلمين والأطباء وسائقي سيارات الأجرة عبر الإنترنت والبائعين على الإنترنت وملايين آخرين، واختتموا بيانهم بعبارة "ضعوا حدًا لهذا التمييز الجائر!" وجدير بالذكر أن عدد الموقعين على تلك الحملة وصل حتى تاريخ كتابة هذه السطور 36187 توقيع.
حددت الحملة إجراءاتها التصعيدية بناءً على أعداد الموقعين عليها النحو التالي:
بعد جمع ١٠٠٠ توقيع، سوف يتم عرض هذا المطلب على الصفحة الرئيسية للحملة لمدة ٢٤ ساعة.
في حالة جمع ٢٠٠٠ توقيع، سيتم تسجيل المطلب رسميًا لدى أمانة المؤسسة المعنية.
عند جمع ٥٠٠٠ توقيع، سيتم إرسال أخبار الحملة إلى وسائل الإعلام، وسيتم متابعتها من المسؤولين.
عند وصول إلى ٣٠ ألف توقيع سيتم تشكيل فريق عمل خاص لعقد فعالية خاصة للعصف الذهني والتنسيق، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة.
بعد جمع ١٠٠ ألف توقيع، سيُعقد اجتماع بحضور كبار المسؤولين، ووسائل الإعلام، والناشطين، ومسؤول الحملة.
البرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي:
تجاوزت أزمة الإنترنت غير المحدود حدود إيران إلى البرلمان الأوروبي حيث وجّه رئيس لجنة العلاقات مع الشعب الإيراني في البرلمان الأوروبي ونائباه رسالةً إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك جوجل، وميتا (الشركة الأم لإنستغرام وواتساب وفيسبوك)، ويوتيوب، وأمازون ويب سيرفيسز (AWS)، وسيجنال، داعين إياها إلى "اتخاذ خطوات ملموسة للحفاظ على حرية الوصول إلى الإنترنت للمواطنين داخل إيران".
جاءت هذه الرسالة- التي أُرسلت نسخة منها إلى يورونيوز، عقب سلسلة من التقارير التي سلّطت الضوء على تصاعد القمع الرقمي في إيران، بما في ذلك الاستخدام المتزايد للمراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، وانقطاعات الإنترنت المتكررة، والكشف عن نظام يُسمى "بطاقات SIM البيضاء" التي تُتيح الوصول إلى الإنترنت دون رقابة لأتباع النظام فقط.
وقالت الدكتورة هانا نيومان، رئيسة لجنة العلاقات مع الشعب الإيراني في البرلمان الأوروبي وأحد أعضاء "حزب سبز" في أوروبا، في بيان هذا الشأن" "بالنسبة لشعب إيران، فإنه مثل بقية العالم، حيث تُعدّ حرية الإنترنت هي الحاجز الوحيد المتبقي ضد دعاية الدولة والعزلة والخوف. وشركات التكنولوجيا هي الحارسة هذه الحرية، وقد حان الوقت لكي تتحمل مسؤوليتها بجدية. ويجب أن تكون مهمتها حماية الأصوات، لا السماح بإسكاتها. وقد طلبوا من جوجل دراسة إمكانية دمج Outline VPN في تطبيقات مثل Gmail وPlay Store وYouTube. كما طلبوا من Meta دمج تقنيات تجاوز التصفية والاتصالات المشفرة في تطبيقات مثل Facebook وInstagram وThreads.
في الوقت نفسه، أعلن أعضاء الكونجرس الأمريكي، يوم الخميس 4 ديسمبر، عن طرح مشروع قانون جديد يُسمى "قانون بحث جدوي الأجهزة الحديثة للوسائط الرقمية المجانية" (FREEDOM). وفي حالة الموافقة، فينبغي على وزير الخارجية الأمريكي ولجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) ووزارة الخزانة الأمريكية دراسة إمكانية تطبيق تقنيات جديدة لتحسين وصول الإيرانيين الآمن وغير المقيد إلى الإنترنت.
رد فعل النظام الإيراني:
جاء رد فعل النظام الإيراني مخيباً للأمال، حيث قام وزير الاتصالات الإيراني بتغيير موقع حسابه على منصة إكس، بينما وصف موقع "خبر آنلاين" رد فعل الرئيس الإيراني بأنه عدالة معكوسة؛ حيث جاء رد فعل الرئيس بزشكيان إزاء هذا التمييز بقراره تطبيق الحظر على جميع بطاقات SIM، بدلاً من رفع الحظر عن باقي الشرائح، حيث صرح الرئيس بزشكيان بأنه أمر بعودة جميع شبكات الإنترنت البيضاء إلى وضعها الطبيعي. وذكر الموقع أنه رغم أن هذه الخطوة من جانب الرئيس تهدف في ظاهرها إلى القضاء على التمييز، إلا أنها تنفذ ذلك بطريقة سلبية، فبدلاً من القضاء على التمييز بالقضاء على التصفية وحرية الشعب في الوصول إلى الإنترنت، يتم تطبيق العدالة من خلال فرض الحظر على الجميع، ورغم تصريحات الرئيس الإيراني السابقة برفضه لحظر الإنترنت، فإن قراره المتناقض هذا بفرض الحظر على الجميع، يطرح تساؤلاً حول قدرة الرئيس الإيراني على إلغاء القيود على الإنترنت، وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد خاصةً مع التدخل الأوروبي الأمريكي، وسوف يتم متابعة مستجداته في مقالات قادمة.
أستاذ الدراسات الإيرانية، كلية الآداب، جامعة عين شمس