أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأحد، أن بلاده أحرزت تقدمًا "كبيرًا" في الملف الروسي، وذلك بعد يومين من المحادثات التي جمعته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة "إلمندورف–ريتشاردسون" بألاسكا. 

التصريح، الذي نشره ترامب عبر منصته "تروث سوشيال"، جاء مقتضبًا لكنه فتح باب التأويلات واسعًا حول طبيعة التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين واشنطن وموسكو، لا سيما في ما يتعلق بالحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات.

إشارات غامضة.. وتوقعات ثقيلة

رغم اقتصار رسالة ترامب على عبارة مقتضبة: "هناك تقدم كبير فيما يخص الملف الروسي، انتظرونا"، إلا أن التوقيت والسياق يضيفان أهمية استثنائية لهذا الإعلان.

فون دير لاين تنضم إلى اجتماع ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيضقمة ألاسكا.. 10 مشاهد بارزة في لقاء ترامب وبوتين ..ملفات ساخنة على رأسها الأزمة الأوكرانية

فالتصريح يأتي قبل 24 ساعة فقط من القمة المنتظرة في البيت الأبيض، التي سيجمع خلالها ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحضور عدد من كبار القادة الأوروبيين، في اجتماع يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره لحظة فارقة في مسار الحرب الأوكرانية.

وتترقب الدوائر الدبلوماسية في واشنطن وأوروبا بقلق مضمون هذا "التقدم"، إذ تتردد تسريبات عن ضغوط أمريكية محتملة على كييف للقبول بتسوية سياسية تشمل اعترافًا بسيطرة روسيا على مناطق دونيتسك ولوغانسك. 

خطوة كهذه، إن صحت، تمثل تحولًا جذريًا في الموقف الأمريكي، وقد تُفسَّر كتنازل استراتيجي أمام موسكو.

القمة الثلاثية.. اختبار للتحالف الغربي

القمة المرتقبة في البيت الأبيض غدًا لا تقتصر على لقاء ثنائي بين ترامب وزيلينسكي، بل تنعقد بمشاركة بارزة لعدد من القادة الأوروبيين، بينهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

هذه المشاركة تعكس إدراكًا أوروبيًا بأن أي تفاهم منفرد بين واشنطن وموسكو قد يضعف وحدة الصف الغربي، ويدفع أوروبا إلى الهامش في واحدة من أخطر الأزمات الأمنية منذ الحرب العالمية الثانية. ولهذا، حرصت بروكسل والعواصم الكبرى على الحضور المشترك لإيصال رسالة واضحة: "أمن أوكرانيا ليس ورقة تفاوض أمريكية-روسية فقط، بل قضية تخص القارة بأكملها".

بين السلام والرضوخ.. خيارات زيلينسكي الصعبة

من جانبه، يجد الرئيس الأوكراني نفسه في موقف بالغ التعقيد. فهو من ناحية يحتاج إلى الدعم العسكري والاقتصادي الأمريكي الذي يبقي بلاده صامدة أمام آلة الحرب الروسية، ومن ناحية أخرى يرفض أي تسوية تنتقص من سيادة أوكرانيا أو تُشرعن مكاسب موسكو العسكرية.

زيلينسكي أعلن صراحة أن وقف إطلاق النار شرط أولي لأي مفاوضات سياسية، مؤكداً أن "التفاوض تحت القصف" أمر مرفوض. لكن الموقف الأمريكي الجديد، إذا تأكدت ملامحه، قد يضعه أمام خيارين أحلاهما مر: القبول بضغوط البيت الأبيض أو المخاطرة بخسارة شريان الدعم الغربي الأساسي.

موسكو تراقب بثقة.. وترامب يناور

بالنسبة لروسيا، فإن مجرد الحديث عن "تقدم" في المحادثات مع واشنطن يعد مكسبًا سياسيًا، إذ يلمّح إلى أن الغرب بدأ يقترب من الاعتراف بالأمر الواقع الميداني. بوتين، الذي خرج من قمة ألاسكا رافعًا سقف شروطه، يرى أن الوقت يلعب لصالحه كلما طال أمد الحرب واستنزفت موارد الغرب.

أما ترامب، فيحاول موازنة صورته بين الداخل والخارج: داخليًا يسعى لإقناع الأمريكيين بأنه قادر على إنهاء حرب استنزفت ميزانية البلاد، وخارجيًا يراهن على لعب دور "صانع السلام" الذي لم يجرؤ أسلافه على أدائه.

تصريحات ترامب الغامضة حول "التقدم الكبير" مع روسيا ليست مجرد رسالة عابرة، بل تمثل تمهيدًا لقمة قد تعيد رسم خريطة الموقف الغربي تجاه الحرب الأوكرانية. ما إذا كان هذا التقدم يعني بداية نهاية الحرب، أم أنه مجرد جولة جديدة من المناورات السياسية، سيعتمد على ما سيتكشف في أروقة البيت الأبيض غدًا، حيث تلتقي رهانات واشنطن وموسكو وكييف وبروكسل على طاولة واحدة.

طباعة شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فلاديمير بوتين موسكو البيت الأبيض ألاسكا

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فلاديمير بوتين موسكو البيت الأبيض ألاسكا البیت الأبیض

إقرأ أيضاً:

رهانات متباينة في قمة البيت الأبيض .. زيلينسكي بين ضغوط ترامب وحائط الدعم الأوروبي

زيلينسكي يقاوم الضغوط تحت عباءة الدعم الأوروبيمناورات على خيط رفيع بين موسكو وكييف في البيت الأبيض ترامب يواجه معضلة مزدوجةقمة البيت الأبيض اختبارًا صعبًا لقدرات زيلينسكي

تتجه الأنظار، غدًا الاثنين، إلى البيت الأبيض حيث يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في اجتماع ينضم إليه عدد من أبرز القادة الأوروبيين، بينهم كير ستارمر وإيمانويل ماكرون وأورسولا فون دير لاين. 

اللقاء يوصف بأنه محطة فارقة في مسار الحرب الأوكرانية، في ظل مؤشرات على تحولات كبيرة في الموقف الأمريكي بعد قمة ترامب-بوتين الأخيرة في ألاسكا.

مناورات على خيط رفيع 

اللقاء يأتي بينما تشير تقارير إلى أن ترامب يميل لتبني مقترحات روسية تتضمن اعتراف أوكرانيا بسيطرة موسكو على منطقتي دونيتسك ولوغانسك كشرط لإنهاء الحرب. 

صحيفة أمريكية: أي سيناريو للتسوية في أوكرانيا يفرض على كييف قبول الهزيمةألمانيا: وقف إطلاق النار شرط أساسي لأي تسوية تفاوضية في أوكرانيا

خطوة كهذه، إن تمت، ستكون بمثابة أول اعتراف غربي ضمني بتغييرات جغرافية فرضتها روسيا بالقوة، وقد تُترجم كـ"انتصار دبلوماسي" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ترامب يواجه معضلة مزدوجة

لكن ترامب يواجه معضلة مزدوجة .. فمن جهة يسعى لتقديم نفسه كصانع سلام قادر على إنهاء الحرب سريعًا، ومن جهة أخرى يخشى اتهامه بالتفريط في سيادة أوكرانيا أو تقويض وحدة حلف الناتو.

بالنسبة للرئيس الأوكراني، تمثل القمة اختبارًا صعبًا لقدراته على رفض أي تسوية تُفضي إلى "شرعنة الاحتلال الروسي"، دون خسارة الدعم الأمريكي الحاسم. زيلينسكي يصر علنًا على أن أي مفاوضات يجب أن تبدأ بوقف إطلاق النار، رافضًا الدخول في مسار سياسي بينما "القصف مستمر".

أوروبا ليست مستعدة للتخلي عن كييف

وجود القادة الأوروبيين إلى جانبه في واشنطن يعزز موقفه التفاوضي، إذ يبعث برسالة إلى ترامب مفادها أن أوروبا ليست مستعدة للتخلي عن كييف أو القبول بصفقة تُمكّن روسيا من تثبيت مكاسبها الميدانية.

القادة الأوروبيون الذين سيحضرون القمة يدركون أن غيابهم سيترك زيلينسكي وحيدًا أمام ضغوط ترامب. حضورهم الجماعي يعكس رغبة في إظهار وحدة الصف الغربي، لكنه في الوقت ذاته يكشف قلقًا من أن واشنطن قد تسلك مسارًا منفردًا في التعاطي مع الأزمة.

ألمانيا وفرنسا على وجه الخصوص تخشيان أن يؤدي أي اتفاق منفرد بين ترامب وبوتين إلى تقويض مكانة أوروبا في الملف الأوكراني وإلى ترسيخ صورة الاتحاد الأوروبي كلاعب ثانوي في واحدة من أعقد الأزمات الأمنية منذ الحرب العالمية الثانية.

رهانات بوتين: مكاسب مجانية أم اختبار للجدية الأمريكية؟

في موسكو، يُنظر إلى اللقاء على أنه فرصة ثمينة لترجمة اختراق دبلوماسي حققه بوتين في ألاسكا. 

فإذا نجح ترامب في إقناع زيلينسكي بقبول شروط الحد الأدنى الروسية، سيُعتبر ذلك انتصارًا استراتيجيًا لموسكو دون إطلاق رصاصة إضافية. 

أما في حال رفض كييف وأوروبا، فقد تراهن روسيا على استمرار النزيف العسكري والاقتصادي الغربي، بما يضعف الموقف الموحد للحلفاء بمرور الوقت.

قمة البيت الأبيض غدًا ليست مجرد لقاء تفاوضي، بل هي معركة سياسية ودبلوماسية بامتياز، حيث يسعى ترامب لإثبات قدرته على إنهاء الحرب، ويحاول زيلينسكي الصمود في وجه ضغوط غير مسبوقة، فيما تراهن أوروبا على حضورها الجماعي للحفاظ على توازن القوى داخل التحالف الغربي.

الرهان الأكبر يبقى ما إذا كانت هذه القمة ستفتح نافذة جدية نحو تسوية شاملة، أم أنها ستتحول إلى محطة تكشف حجم الانقسام داخل معسكر الغرب بشأن كيفية التعامل مع روسيا وإنهاء حرب دخلت عامها الرابع دون أفق واضح.

طباعة شارك دونالد ترامب البيت الأبيض فولوديمير زيلينسكي كير ستارمر إيمانويل ماكرون أورسولا فون دير لاين الحرب الأوكرانية

مقالات مشابهة

  • ترامب يتحدث عن تقدم كبير مع روسيا.. وويتكوف يكشف: موسكو قدمت تنازلات بشأن مناطق أوكرانية
  • ترامب يتحدث عن تقدم كبير بشأن روسيا وقادة أوروبيون يشاركون في قمة واشنطن
  • هل اقترب الاتفاق؟.. ترامب يشيد بـ"تقدم كبير" بشأن روسيا
  • زيلينسكي يجلب قادة أوروبا إلى اجتماعه في البيت الأبيض مع ترامب
  • ترامب يتحدث عن إحراز تقدم كبير بشأن روسيا
  • رهانات متباينة في قمة البيت الأبيض .. زيلينسكي بين ضغوط ترامب وحائط الدعم الأوروبي
  • البيت الأبيض يرد بسخرية على تقرير بشأن وثائق سرية عن قمة ألاسكا
  • البيت الأبيض ينقل رسالة ميلانيا ترامب إلى الرئيس الروسي
  • قمة ألاسكا.. ماذا قال البيت الأبيض عن لقاء ترامب وبوتين؟