خطر الأقنعة.. العلماء المُضلِّلون بين الصف والعدو
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
عباس المسكري
في تاريخ الأمم لحظات فارقة تتكثف فيها الأخطار وتتقاطع فيها الخيوط حتى يصبح الوقت أثمن ما يُملك والقرار أثقل ما يُتخذ، لحظات لا تحتمل الغفلة ولا التشتت لأن العدو فيها لا يطرق الأبواب فقط؛ بل يسعى إلى اقتحام العقول والضمائر قبل الأرض والحدود، وما نعيشه اليوم في عالمنا العربي والإسلامي ليس إلّا واحدة من تلك اللحظات الحاسمة؛ حيث تتقاطع مطامع الاحتلال مع ألاعيب الداخل في مشهد يختلط فيه الدخان بالغبار فلا يُميز فيه إلّا صاحب البصيرة النافذة.
في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ أمتنا؛ حيث يعلو هدير الخطر على أسوار غزة، وتعلن إسرائيل على الملأ نيتها ابتلاع ما تبقى من الأرض الفلسطينية، وحيث تتكشف ملامح المشروع الأمريكي لتقسيم الشرق الأوسط وتفتيت ما بقي من وحدته، ينبعث على نحو مريب حراك مُمنهج من جماعات إسلامية وبعض من علماء السلطة يدعو إلى إثارة الطائفية والهجوم على كل مقاومة ومن يناصرها، وقد اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بهرطقات كل من يدَّعي العلم يفسرون ويحللون ويحرمون على كيفهم وينعتون من يخالفهم بالضال، ومع ذلك لم يرفع هؤلاء أصواتهم ضد الاحتلال أو المشاريع الخارجية، وكأنهم يعملون بالوكالة لإضعاف الصف العربي وتهيئة الوضع لما هو قادم.
ويزداد الأمر سوءًا عندما نتساءل: لماذا تسكت الأنظمة والحكومات عن هؤلاء العلماء المُضلِّلين وتتركهم يعبثون بنشر الفتن وتفريق الشعوب؟ هل هو تجاهل أم تعاون صامت مع المخططات الخارجية؟ وكيف يسمحون لأصوات مُغرِضة أن تصنع الخلافات بين أبناء الأمة في وقت يحتاج فيه الجميع إلى الوحدة والوعي؟
إنَّ صمت الحكومات يضاعف خطورة هذه الفتن، ويترك المجال مفتوحًا أمام من يريدون العبث بعقول الشعوب وزرع الشقاق بينهم.
إن هؤلاء العلماء المُضلِّلين يمثلون خطرًا جسيمًا على الأمة؛ فهُم لا يزرعون سوى الانقسام ويغذون الكراهية، وكل كلمة باطلة يطلقونها بمثابة سهمٍ يثقب وعي الجماهير، وكل فتوى مغرضة حجرٌ في جدار الانقسام، ومن يتبعهم بلا بصيرة يقع فريسة سهلة للفتن التي يزرعونها، ولذلك يجب على الشعوب العربية أن تكون يقظة لا تغفل وألا تنجر خلف أصوات ضالة تتخفى في لباس الدين بينما هدفها الحقيقي هو تفتيت الصفوف وإضعاف الأمة.
وفي هذا السياق، يبرُز الوعي كأقوى سلاح؛ حيث إن الصف العربي المُوحَّد والوعي الجماعي هما حصن الأمة في مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية، ومن ينجح في إثارة الفتن لن ينجح إلا إذا وُجد الجهل والتردد في مواجهة الخطر، لذلك يجب على كل فرد أن يكون على يقظة مستمرة، وأن يميز بين من يسعى للوحدة ومن يزرع الانقسام، وأن يقف مع الحقيقة لا مع المصالح المبطنة والخداع المُموَّه؛ فالمعركة الكبرى اليوم هي معركة العقول قبل أن تكون معركة الأرض.
وفي النهاية، تظل الأمة أمام مُفترق طرق، فمن يعي الخطر ويستشعر حجم المؤامرة يسهم في حماية مجتمعه وأرضه، ومن يغفل يسقط في مستنقع الفتنة، فلن يكون هناك مُنقِذ إلّا الوحدة والوعي والثبات على الحق؛ فالعقول هي المعركة الحقيقية التي تحدد مصير الأمة ومستقبلها بين الحرية والانكسار، وبين الصمود والانقسام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مبتدأ وخبر
#مبتدأ_وخبر
د. #هاشم_غرايبه
المبتدأ: قطعان الأغنام، في أي مكان في العالم، جميعها تتبع نظاما واحدا، لا تحيد عنه، فهي تسير وراء المرياع بطاعة عمياء، اعتقادا أنه لضخامته وكبر قرونه أنه قائد ملهم، فلا تعصي له أمرا، لكنها لا تدري أنه لا يملك من أمره شيئاً، فصلاحياته محددة بالمساحة بين أنفه وذنب الحمار الذي أمامه، يسير ان سار ويقف إن توقف، وحتى الحمار ذاته لا يقود بل يقاد، فهو خاضع لأمر الراعي الذي يمتطيه، ويوجهه حيث يشاء.
الخبر: في شريط مصور يظهر قادة الغرب، وعلى هامش إحدى مؤتمراتهم يقفون معا للتصوير وهم مبتسمون كالعادة، وخلال التصوير يفاجئ “ماكرون” جاره الى اليسار الرئيس الأمريكي السابق “بايدن” برفع سبابتي يديه لتلتقيان مع الإبهامين بشكل مثلث، والتي هي إشارة عضوية الماسونية، فيبتسم هذا ويفعل مثله، ويرى ذلك جاره الأيمن وهو المستشار الألماني “شولتز” فيحذو حذوهما، والمفاجئ أن باقي الرؤساء أدّوا الحركة ذاتها.
الاستنتاج الأولي أنه لا يصل الى سدة الرئاسة في الغرب إلا من يزكيهم الماسون.
بمعنى أن الديموقراطية الغربية زائفة.
لذلك فالقول بأن الشعوب الغربية متنورة وخياراتها هي التي تحدد سياسات قادتها وهم وتدليس.
فهي كما شعوبنا منقادة لما يراد لها، وجميعها قطعان أغنام، تتوهم ان المرياع يقودها ويسوسها حسب سياسته وفكره، فهي لا ترى أبعد من أنفها، ولا تعلم أنه منقاد للحمار الذي هو تنظيم الماسونية، وأما الراعي فهو الحكومة العالمية السرية، أي مثلث المال اليهودي.
هذه الصورة الكاريكاتيرية للنظام العالمي الحالي، هي ما يفسر التناقضات العجيبة التي كثيرا ما يحار المرء في فهمها، ومنها:
1 – المستشار الألماني “شولتز” رأيناه قد احتد وخرج عن الأعراف البروتوكولية في المؤتمر الصحافي مع عباس ، باعتراضه على حديثه عن سياسة الفصل العنصرية التي يمارسها الكيان اللقيط يوميا، فرأيناه يرد بكل صفاقة وعنجهية إنه يرفض اطلاق هذه النعوت.
وأثاره أكثر رد “عباس” على سؤال استفزازي لأحد الصحافيين عما اذا كان ينوي الاعتذار للكيان اللقيط عن ضحايا دورة ألعاب ميونيخ قبل خمسين عاما، فقال منذئذ ارتكبت (اسرائيل) خمسين مجزرة وخمسين هولوكوست.
فانتفض “شولتز”، وقال إنني لا أقبل الاستخفاف بالهولوكوست، ويعني بذلك وجوب تقديس هذه الأسطورة لأنها تمس اليـ.ـهود ولا يجب شمول غيرهم بهذه الهالة.
ذلك لأنه يخشى إن سكت على كلامه، رفسة من الحمار الذي يحدد له حركاته وتوجهاته.
2 – إقحام مسألة “الهولوكوست” في صلب معتقدات الألمان، وتسليمهم بالشعور بالذنب تجاهها، هي أكبر إذلال للشعب الألماني، فبغض النظر عن صحتها أو عن المبالغة في الأرقام، فكل شعب في العالم ناله تنكيل وذاق ويلات شعوب أخرى، فلماذا يجب على الألماني تذكر هذه الحالة (اللاانسانية) فقط، وترك كل ماعداها من الويلات التي نالها من الشعوب الغربية الأخرى؟.. وبأضعاف ما ناله اليهود!.
ما الذي جعل الألماني يشعر بأنه يتحمل الذنب عما فعلته قيادته، رغم أنه منذ سبعين عاما يجري تنشئة صغارهم على كره النازية، وربطها بالوحشية وسفك الدم، مع أنها لغويا تعني الولاء للوطن الألماني، فيما تغفل مناهجهم التعليمية جرائم الإبادة بتدمير طائرات الحلفاء للمدن الألمانية عن بكرة أبيها حتى بعد انتهاء القتال، ولا يذكرون مئات الألوف مجهولي النسب من الجيل الحالي، والذين ولدوا نتيجة اغتصاب جنود الحلفاء للألمانيات بعد هزيمة ألمانيا؟.
هذا الإذلال ما بعده إذلال..فأية مهزلة هذه الديمقراطية التي يخسر فيها المرء أهم ما يميز إنسانيته…الكرامة!؟.
3 – بالمقابل، رغم ما ترزح تحته شعوبنا من تخلف وفقر، فرضهما عليها الاستعمار الغربي ووكلائه المحليين (أنظمة سايكس – بيكو)، ومع فقدان الحقوق الأساسية في ظل أنظمة قمعية استبدادية، رغم ذلك كله فنحن أرحم حالا من حيث تحررنا من قبضة قوانين الهولوكوست، ومن حيث عدم القدرة على إجبارنا على التنكر لتاريخنا المجيد.
السبب في ذلك يعود الى عقيدتنا، فهي التي حفظت ارتباطنا بتاريخنا، وهي التي حالت دون ذوباننا وتحللنا كما جرى مع الشعوب المهزومة عسكريا.
فليست العزة القومية هي التي حمتنا، فلو أنها تحمي لحمت الألمان والطليان الذين هم أكثر الشعوب تعلقا بالقومية.
فما حفظ ارتباطنا بتاريخنا المجيد، وتمسكنا بالعزة ورفضنا الانهزام هو ديننا فقط، ولا شيء غيره.