خور عبد الله: سيادة عراقية مهددة باتفاقات مشبوهة ورفض شعبي شامل قد يقلب الطاولة / الجزء الثامن
تاريخ النشر: 19th, August 2025 GMT
آخر تحديث: 19 غشت 2025 - 10:21 ص بقلم:د. نوري حسين نور الهاشمي استكمالًا للجزء السابع من هذه السلسلة، وفي إطار مناقشة قرار مجلس الأمن الدولي 833 الذي يروَّج له بعض النواب على أنه الحسم النهائي لحدود العراق والكويت، لا بد من التأكيد أن مثل هذا الطرح يُغفل أبعادًا قانونية وسياسية معقدة. تصوير القرار على أنه نهاية المطاف في هذا الملف السيادي يُعد تبسيطًا غير دقيق لقضية شديدة الحساسية.
فلو كان القرار 833 كافيًا وحده لحسم الموضوع، فلماذا لجأت الكويت لاحقًا إلى إبرام اتفاقيات إضافية مع العراق لترسيم الحدود البحرية؟ ولماذا ظهرت شبهات تتعلق بممارسات غير مشروعة واتهامات بتقديم منافع لبعض المسؤولين العراقيين؟ لو كان الموقف محسومًا تمامًا وفق القرار الأممي، لكان يكفي التمسك به دون الحاجة إلى خطوات جانبية.
إن القراءة الموضوعية تكشف أن هنالك تباينًا بين ما ورد في قرارات مجلس الأمن وبين المسار الذي اتُّبع لاحقًا في لاتفاقات الثنائية. هذا التباين يثير تساؤلات مشروعة حول دوافع تلك الاتفاقات وأثرها على السيادة العراقية.وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى الرسالة الرسمية التي وجهها وزير الخارجية العراقي آنذاك، طارق عزيز، إلى الأمين العام للأمم المتحدة عام 1991، وفيما يلي نصها كما ورد حرفيًا:
رسالة وزير الخارجية العراقي طارق عزيز الى الأمين العام للأمم المتحدة بموافقة العراق على قراري مجلس الأمن 647 و 662
بغداد في 27/2/1991
”صاحب السيادة لي الشرف ان أبلغكم بأن الحكومة العراقية إذ تؤكد مرة اخرى قبولها الامتثال الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم (660) لعام 1990 وأن القوات العراقية قد باشرت بالانسحاب من المواقع التي كانت فيها قبل الأول من آب/أغسطس 1990 ومن المؤمل ان ينجز الانسحاب الكامل بصورة تامة خلال الساعات القليلة القادمة برغم استمرار القوات الأميركية والقوات الأخرى بمهاجمة القوات المسلحة العراقية أثناءقيامها بعملية الانسحاب . كما أود ان أبلغكم بأن الحكومة العراقية توافق على الامتثال للقرارين (662) لعام 1990 و(674) لعام 1990 في حالة صدور قرار من مجلس الأمن ينص على الوقف الفوري لإِطلاق النار وجميع العمليات العسكرية في البر والبحر والجو واعتبار الأسس التي تم عليها اعتماد قرارت المجلس (661) لعام 1990 و(665) لعام 1990 و(670) لعام 1990 قد زالت وعلى هذا يبطل مفعول تلك القرارات كما ان الحكومة العراقية تؤكد استعدادها الكامل بعد وقف إطلاق النار مباشرة باطلاق اسرى الحرب وإعادتهم إلى أوطانهم خلال فترة قصيرة جدا وفقا لاتفاقية جنيف السادسة لعام 1949 وبرعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر . ارجو التفضل بابلاغ هذه الرسالة إلى مجلس الأمن فورا وتأمين توزيعها كوثيقة رسمية من وثائق المجلس . وتفضلوا بقبول وافر الاحترام في السابع والعشرين من شباط/فبراير طارق عزيز نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية”.
وبالعودة إلى ما أشار إليه وزير الخارجية العراقي في رسالته بشأن القرار 660 لسنة 1990، يصبح من الضروري عرض نص هذا القرار لفهم السياق القانوني بشكل كامل.
القرار 660 (1990)
“القرار 660 (1990) الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في جلسته 2932 المنعقدة في 2 أغسطس/آب 1990
إن مجلس الأمن إذ يثير جزعه غزو القوات العسكرية العراقية للكويت في 2 أغسطس/آب 1990.
وإذ يقرر أنه يوجد خرق للسلم والأمن الدوليين فيما يتعلق بالغزو العراقي للكويت.
وإذ يتصرف بموجب المادتين 39 و40 من ميثاق الأمم المتحدة.
1. يدين الغزو العراقي للكويت.
2. يطالب بأن يسحب العراق جميع قواته فورا ودون قيد أو شرط إلى المواقع التي كانت تتواجد فيها في 1 أغسطس/آب 1990.
3. يدعو العراق والكويت إلى البدء فورا في مفاوضات مكثفة لحل خلافاتها ويؤيد جميع الجهود المبذولة في هذا الصدد, وبوجه خاص جهود جامعة الدول العربية.
4. يقر أن يجتمع ثانية حسب الاقتضاء للنظر في خطوات أخرى لضمان الامتثال لهذا القرار.
اتخذ في الجلسة 2932 بأغلبية 14 صوتا مقابل لا شيئ (من مجموع أصوات مجلس الأمن البالغة 15 صوتا) ولم يشترك عضو واحد (اليمن) عن التصويت.”
قراءة في القرار
تُظهر الفقرة (2) أن المطلوب هو انسحاب العراق إلى المواقع التي كانت تتواجد فيها قواته في 1 آب/أغسطس 1990. وهذا يفتح باب التساؤل حول أسباب تجاوز الحدود لاحقًا من قبل الكويت، وأهمية أن تتمسك الحكومة العراقية اليوم بالمطالبة بتصحيح هذا الوضع. كما أن تجاهل هذه النقطة في الطرح السياسي يُعد إغفالًا لمعطيات أساسية.
أما الفقرة (3) فتنص على أن الحل يفترض بدء مفاوضات مباشرة وفورية بين العراق والكويت، مع تأييد جهود جامعة الدول العربية. إن رفض إدماج الجامعة العربية في هذه العملية التفاوضية يمثل بدوره مخالفة لروح القرار الأممي.
كما تضمنت الرسالة العراقية أيضًا الإشارة إلى القرار 661 لسنة 1990، الأمر الذي يقتضي استعراض نص القرار لمعرفة طبيعة التدابير التي فرضها مجلس الأمن آنذاك.
القرار 661 (1990)
“القرار 661 (1990) الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في جلسته 2933 المنعقدة في 6 أغسطس/آب 1990
إن مجلس الأمن:
إذ يعيد تأكيد قراره 660 (1990) المؤرخ في 2 ـ آب/أغسطس 1990، وإذ يساوره بالغ القلق إزاء عدم تنفيذ ذلك القرار ولأن غزو العراق للكويت لا يزال مستمرا ويسبب المزيد من الخسائر في الأرواح ومن الدمار المادي، وتصميما منه على إنهاء غزو العراق للكويت واحتلاله له، وعلى إعادة سيادة الكويت واستقلالها وسلامتها الإقليمية، وإذ يلاحظ أن حكومة الكويت الشرعية قد أعربت عن استعدادها للامتثال للقرار660 (1990)، وإذ يضع في اعتباره المسؤوليات الموكلة إليه بموجب ميثاق الأمم المتحدة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وإذ يؤكد الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس فرديا أو جماعيا، ردأ على الهجوم المسلح الذي قام به العراق ضد الكويت، وفقأ للمادة 51 من الميثاق، وإذ يتصرف وفقأ للفصل السابع من الميثاق:
1. يقرر أن العراق لم يمتثل، حتى الآن للفقرة 3 من القرار660 (1990) واغتصب سلطة الحكومة الشرعية في الكويت،
2. يقرر، نتيجة لذلك، اتخاذ التدابير التالية لضمان امتثال العراق للفقرة 3 من القرار660 (1990) وإعادة السلطة إلى الحكومة الشرعية في الكويت،
3. يقرر أن تمنع جميع الدول ما يلي:
• استيراد أي من السلع والمنتجات التي يكون مصدرها العراق أو الكويت، وتكون مصدرة منهما بعد تاريخ هذا القرار إلى أقاليمها،
• أية أنشطة يقوم بها رعاياها أو تتم في أقاليمها ويكون من شأنها تعزيز، أو يقصد بها تعزيز التصدير أو الشحن العابر لأية سلع أو منتجات من العراق أو الكويت، وأية تعاملات يقوم بها رعاياها أو السفن التي ترفع علمها أو تتم في أقاليمها بشأن أية سلع أو منتجات يكون مصدرها العراق أو الكويت وتكون مصدرة منهما بعد تاريخ هذا القرار، بما في ذلك على وجه الخصوص أي تحويل للأموال إلى العراق أو الكويت لأغراض القيام بهذه الأنشطة أو التعاملات،
• أية عمليات بيع أو توريد يقوم بها رعاياها أو تتم من أقاليمها أو باستخدام السفن التي ترفع علمها لأية سلع أو منتجات، بما في ذلك الأسلحة أو أية معدات عسكرية أخرى، سواء كان منشؤها في أقاليمها أو لم يكن، ولا تشمل الإمدادات المخصصة بالتحديد للأغراض الطبية والمواد الغذائية المقدمة في ظروف إنسانية إلى شخص أو هيئة في العراق أو الكويت أو إلى أية شخص أو هيئة لأغراض عمليات تجارية يضطلع بها في العراق أو الكويت أو منهما، وأية أنشطة يقوم بها رعاياها أو تتم في أقاليمها ويكون من شأنها تعزيز،أو يقصد بها تعزيز، عمليات بيع أو توريد السلع أو المنتجات.”
من خلال استعراض هذه القرارات يتضح أن التركيز فقط على القرار 833 لإغلاق الملف يتجاهل عناصر أساسية في قرارات سابقة، والتي أكدت وجوب انسحاب القوات إلى مواقع 1 آب/أغسطس 1990، وضرورة الشروع في مفاوضات مباشرة تحت إشراف الجامعة العربية. إن التعامل الانتقائي مع النصوص الأممية يضعف الموقف الوطني ويُعرّض السيادة العراقية لمخاطر إضافية.
سوف نتناول في الجزء التاسع من هذه السلسلة انعكاسات هذه القرارات على الواقع البحري للعراق وآفاق معالجتها ضمن إطار قانوني تفاوضي يحفظ السيادة الوطنية.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الحکومة العراقیة العراق أو الکویت وزیر الخارجیة مجلس الأمن هذا القرار أو تتم
إقرأ أيضاً:
خارج السرب.. عيدروس الزبيدي يتحدث عن ضم مناطق في تعز ومأرب للجنوب ودولة مُطبعة مع إسرائيل حدودها تتجاوز ما قبل عام 1990
سخر ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي من حديث عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي، عن ضم مناطق في تعز ومأرب الى الجنوب والإنفصال.
وقال عيدروس لقناة الحرة: ''هناك سكان من مناطق في تعز و مأرب يطالبون بالانضمام إلى الجنوب، ونرحب بهم ضمن الخارطة الجغرافية والسياسية لدولتنا الفيدرالية القادمة.
مضيفًا: ''وسوف نتفاوض معهم على شكل الحكم وشكل وجودهم ضمن دولتنا'' وفق تعبيره.
وذهب عيدروس بعيدا حين قال، إن ما أسماها دولة ''الجنوب العربي''، حدودها قد تتجاوز ما قبل عام 1990، بنظام فدرالي، وتحالفات تمتد من الخليج إلى واشنطن، وربما إلى إسرائيل عبر بوابة “اتفاقيات أبراهام”.
وتابع قائلاً: ''نحن في مرحلة انتقالية اتحادية، تجمعنا ضرورة مواجهة الحوثي، لكن الهدف النهائي هو حل الدولتين: شمال وجنوب''.