أسرار القمر الدموي | خسوف كلي نادر يزين سماء العالم في سبتمبر.. ماذا يحدث خلال ساعات؟!
تاريخ النشر: 6th, September 2025 GMT
تشهد سماء العالم والمنطقة العربية، مساء اليوم الأحد 7 سبتمبر، حدثًا فلكيًا نادرًا يترقبه عشاق الظواهر الكونية، يتمثل في خسوف كلي للقمر يمكن مشاهدته بالعين المجردة دون الحاجة لأي أدوات خاصة. ويُعد هذا الحدث واحدًا من أبرز الظواهر الفلكية في عام 2025، حيث يتزامن مع اكتمال بدر شهر ربيع الأول 1447هـ، ويستمر لأكثر من خمس ساعات متواصلة، ليمنح سكان الأرض لوحة سماوية فريدة ذات طابع استثنائي.
ووفقًا لتصريحات الدكتور محمد غريب، أستاذ أبحاث الشمس بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، فإن القمر سيغيب كليًا داخل ظل الأرض بنسبة 136.2% عند ذروة الخسوف، أي أن الظل سيغطي مساحة أكبر من قرص القمر نفسه، ما يجعل المشهد أكثر روعة. وأكد أن الظاهرة آمنة تمامًا للمشاهدة بالعين المجردة، بخلاف كسوف الشمس الذي يتطلب أدوات حماية خاصة.
وسيستغرق الخسوف بمراحله المختلفة نحو 5 ساعات و27 دقيقة، منها ساعة و22 دقيقة تقريبًا سيكون القمر خلالها في حالة خسوف كلي. تبدأ الظاهرة بدخول القمر منطقة شبه الظل عند الساعة 6:28 مساءً بتوقيت القاهرة، ثم يتحول إلى خسوف جزئي عند 7:27 مساءً. ويكتمل الخسوف الكلي عند الساعة 8:31 مساءً ليصل إلى ذروته عند 9:12 مساءً. بعدها يبدأ القمر بالخروج تدريجيًا من ظل الأرض، لتنتهي الظاهرة تمامًا عند الساعة 11:55 مساءً.
مناطق مشاهدة الخسوف حول العالموأوضح الدكتور غريب أن الخسوف سيكون مرئيًا بوضوح في المناطق التي يظهر فيها القمر وقتها، وتشمل:
أفريقيا
أوروبا
آسيا
أستراليا
الأميركتين
المحيطات
القطبين الشمالي والجنوبي
وبذلك، سيكون ملايين الأشخاص حول العالم قادرين على الاستمتاع بهذه الظاهرة الفريدة، ما يجعلها حدثًا عالميًا بامتياز.
الأهمية العلمية لظاهرة الخسوفإلى جانب روعة المشهد، تحمل هذه الظاهرة أهمية علمية كبيرة. فبحسب خبراء الفلك، يساعد الخسوف على تأكيد بدايات الأشهر الهجرية، حيث لا يحدث إلا عندما يكون القمر في طور البدر وعلى استقامة واحدة مع الشمس والأرض عند إحدى العقد المدارية. وهو ما يجعل القمر يدخل في ظل الأرض، فيبدو وكأنه محجوبًا أو مظلمًا.
كما أن دراسة هذه الظواهر تتيح للعلماء فرصة لفهم تأثير الغلاف الجوي للأرض على الضوء، ومراقبة الانكسارات الضوئية التي تمنح القمر ألوانًا مدهشة.
مشاهدات العين المجردة.. من شبه الظل حتى الذروةمن جهته، أكد الدكتور ياسر عبد الفتاح رئيس معمل أبحاث الشمس بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، أن دخول القمر منطقة شبه الظل في البداية لا يمكن ملاحظته بالعين المجردة. لكن مع بداية الخسوف الجزئي عند الساعة 7:27 مساءً، سيلاحظ المشاهدون تغيرًا واضحًا في إضاءة القمر، حيث يبدأ الظل في الزحف على سطحه.
وعند الساعة 8:31 مساءً يدخل القمر في مرحلة الخسوف الكلي، ليصبح مغطى بالكامل بظل الأرض. وفي هذه المرحلة يظهر القمر بألوان تتدرج من الأحمر القاني إلى البرتقالي، في مشهد يصفه العلماء بأنه "لوحة طبيعية مبهرة". وبعد ذروة الخسوف عند 9:12 مساءً، يبدأ القمر بالتحرر تدريجيًا من الظل حتى تنتهي الظاهرة عند منتصف الليل تقريبًا.
لماذا يظهر القمر باللون الأحمر أو البرتقالي؟ويطرح الكثيرون سؤالًا متكررًا.. لماذا يتحول لون القمر إلى الأحمر أو البرتقالي أثناء الخسوف الكلي؟
الإجابة، بحسب خبراء الفلك، تكمن في أن أشعة الشمس تنكسر عند مرورها بالغلاف الجوي للأرض، الذي يحتوي على غازات وجزيئات غبار وأتربة. هذا الانكسار يؤدي إلى تشتت الألوان القصيرة كالزرقاء، بينما تسمح الأطوال الموجية الأطول كاللون الأحمر والبرتقالي بالوصول إلى القمر، فنعكس على سطحه فيبدو متوهجًا بتلك الألوان الدافئة.
ولهذا السبب يُطلق على الخسوف الكلي أحيانًا وصف "القمر الدموي".
حدث يجمع بين جمال الطبيعة وسحر العلمإن خسوف القمر الكلي المرتقب في 7 سبتمبر لا يُعد مجرد ظاهرة فلكية عابرة، بل حدث يجمع بين جمال الطبيعة وسحر العلم، حيث يتيح للإنسان فرصة للتأمل في عظمة الكون وإدراك دقة النظام الكوني الذي يسير بانضباط مدهش.
وبينما يستمتع الملايين بمشاهدة "القمر الدموي" وهو يزين السماء لساعات طويلة، سيبقى هذا الحدث تذكرة بأن السماء ليست مجرد فضاء مظلم، بل مسرح دائم لظواهر مدهشة تنتظر من يرفع عينيه إليها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأرض العالم خسوف الشمس أفريقيا الخسوف الکلی عند الساعة
إقرأ أيضاً:
حل لغز الأمطار الشمسية بعد عقود من البحث
نجح فريق بحثي من معهد علم الفلك بجامعة هاواي الأميركية في حل لغز حيّر العلماء لعقود طويلة، وهو ظاهرة “الأمطار الشمسية” التي تتشكل في أثناء الانفجارات الشمسية.
وأوضح الباحثون أن هذا الاكتشاف لا يقتصر على فهم تلك الظاهرة، بل يفتح المجال لتطوير نماذج أكثر دقة لسلوك الشمس في أثناء الانفجارات، ما قد يساعد مستقبلاً في توقع الطقس الفضائي، ونُشرت نتائج الدراسة، الأربعاء، في دورية (Astrophysical Journal).
وعلى عكس المطر المعروف على الأرض، تحدث الأمطار الشمسية في طبقة الهالة الشمسية، وهي الغلاف الخارجي للشمس المكوّن من بلازما شديدة السخونة. وتتكون هذه الظاهرة عندما تبرد أجزاء من البلازما فجأة، فتتكثف إلى كتل أكثر برودة وكثافة تشبه قطرات المطر، ثم تسقط نحو سطح الشمس بفعل الجاذبية. وهذه «القطرات» ليست ماءً، بل بلازما من غازات مشحونة كهربائياً، وغالباً ما ترافق الانفجارات الشمسية القوية وتتشكل خلال دقائق معدودة.
ورغم رصد هذه الظاهرة منذ زمن بعيد، ظل العلماء عاجزين عن تفسير سبب تشكّلها بهذه السرعة، إذ إن النماذج العلمية القديمة كانت تفترض أن تبريد البلازما يستغرق ساعات أو أياماً.
لكن الدراسة الجديدة قدّمت القطعة المفقودة، إذ كشفت أن تغير نسب بعض العناصر مثل الحديد في الهالة الشمسية مع مرور الوقت هو العامل الأساسي الذي يفسر هذه الظاهرة.
ووفق الباحثين، فإن النماذج القديمة التي افترضت ثبات توزيع العناصر عبر الزمن كانت خاطئة. وعندما أُدخلت متغيرات تسمح بتغير نسب العناصر، تطابقت النماذج مع المشاهدات العملية للشمس.
وأظهرت النتائج أن هذا التغير يجعل البلازما تفقد طاقتها بالإشعاع بسرعة أكبر، ما يسرّع انخفاض حرارتها ويؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الحراري، ينتج عنها تكاثف البلازما وسقوطها كـ«مطر شمسي» خلال دقائق، وهو ما يتوافق تماماً مع ما يرصده العلماء.
وأكد الفريق أن النماذج الجديدة نجحت في مطابقة توقيت وشكل الأمطار الشمسية المرصودة، ما يقدم تفسيراً عملياً وواقعياً لهذه الظاهرة دون الحاجة لافتراض تسخين مطوّل للهالة.
كما أشاروا إلى أن الوقت اللازم لتشكّل المطر الشمسي قد يكون أقصر بكثير مما اعتقد سابقاً، وهو ما يستدعي إعادة النظر في نماذج تسخين الهالة الشمسية.
وأضاف الباحثون أن هذا الاكتشاف يسهم في تطوير نماذج أكثر دقة للتنبؤ بالظواهر الشمسية، ما قد يساعد مستقبلاً على توقع الطقس الفضائي الذي يؤثر على الأقمار الصناعية، وأنظمة الاتصالات، وحتى شبكات الكهرباء على الأرض.
وخلص الفريق إلى أن النتائج تدفع المجتمع العلمي لإعادة التفكير في فهم ديناميكية الشمس؛ إذ أصبح من الواضح أن نسب العناصر في هالتها ليست ثابتة بل تتغير مع الزمن، وهو ما يفتح آفاقاً أوسع لفهم انتقال الطاقة في الغلاف الجوي للشمس وسلوكها المعقد.