دعت شركة ريدهات (Red Hat) المؤسسات الحكومية والخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تبني نهج الذكاء الاصطناعي المفتوح والقابل للتوسع بوصفه الطريق الأمثل لبناء قيمة اقتصادية مستدامة وتحقيق الاستقلالية التقنية، بدلاً من الاعتماد الكامل على النماذج العامة المستضافة من أطراف خارجية.

وقال أنيربان موكيرجي، مدير هندسة الحلول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة ريدهات، إن السباق العالمي نحو تبنّي الذكاء الاصطناعي لا يتوقف عند حدود استخدامه، بل يمتد إلى كيفية بنائه بشكل استراتيجي وآمن ومتوافق مع الأهداف التجارية طويلة المدى.

 

وأوضح أن النماذج العامة مثل ChatGPT وGemini وClaude قد تحقق نتائج سريعة، لكنها تطرح تحديات تتعلق بالحوكمة، والسيادة على البيانات، والامتثال للتشريعات، خصوصاً في القطاعات الحساسة مثل الحكومة والرعاية الصحية والقطاع المالي.

وأشار موكيرجي إلى أن السؤال الأهم الذي ينبغي أن تطرحه المؤسسات ليس كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي؟ بل من يملك التكنولوجيا؟، لافتاً إلى أن امتلاك البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي بات شرطاً لتحقيق القيمة التجارية طويلة الأمد وضمان أمن البيانات والتحكم فيها.

وأكد أن المنطقة العربية، وخاصة السعودية والإمارات، تشهد استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يتجاوز العائد الاقتصادي من استخدام هذه التقنية 320 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، وفقاً لتقديرات شركة PwC، في ظل سياسات طموحة مثل رؤية السعودية 2030 واستراتيجية حكومة أبوظبي الرقمية 2025–2027.

ورغم هذا الزخم، يرى موكيرجي أن العديد من المؤسسات لا تزال في مراحلها الأولى من التحول، إذ تعتمد على موردين خارجيين يفتقرون أحياناً إلى الأطر الأمنية والتنظيمية الكافية، مما يؤدي إلى ظهور ما يُعرف بتكنولوجيا المعلومات الظلية (Shadow IT) وخطر فقدان السيطرة على البيانات الحساسة.

ولمواجهة هذه التحديات، شدد موكيرجي على أهمية الانتقال من دور “مستهلك للأدوات” إلى “باني للحلول” عبر إنشاء منظومات ذكاء اصطناعي داخلية مبنية على نماذج مفتوحة المصدر مثل Llama وMistral وQwen وGranite. وقال إن هذه النماذج أصبحت تضاهي النماذج التجارية من حيث الكفاءة، مع ميزة الشفافية، وسهولة التخصيص، وتكلفة التطوير المنخفضة.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي الخاص — أي الذي يتم تطويره وتشغيله داخل بيئة مؤسسية آمنة — يمكّن المؤسسات من تحقيق التوازن بين الابتكار والحوكمة، وضمان الامتثال للقوانين المحلية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) والتشريعات الوطنية للخصوصية. 

كما يتيح خفض التكاليف عبر إدارة موارد المعالجة المركزية ووحدات معالجة الرسوميات بكفاءة أكبر.

وضرب موكيرجي أمثلة واقعية على نجاح هذا النهج، منها تجربة دينيز بنك في تركيا، الذي خفّض وقت طرح النماذج الجديدة في السوق من أسبوع إلى عشر دقائق فقط بفضل بنية ذكاء اصطناعي خاصة قائمة على الحاويات، وتجربة مركز أرامكو الرقمي الذي نجح في تقليص زمن تحليل البيانات في أنشطة التنقيب والإنتاج إلى عُشر الوقت، ما وفّر ساعتين عمل يومياً لكل مهندس.

وأشار إلى أن المعادلة المثالية التي تتجه إليها المؤسسات الرائدة باتت تقوم على مبدأ: «الأدوات المفتوحة + النشر الخاص = نماذج أسرع وحوكمة أقوى ومكاسب إنتاجية قابلة للقياس».

وفي ختام حديثه، أكد موكيرجي أن المرحلة المقبلة ستشهد تطور ما يُعرف بـ الذكاء الاصطناعي الوكيلي — وهو جيل جديد من الأنظمة القادرة على تنفيذ المهام المؤسسية بالكامل — مثل تحديث بيانات العملاء وجدولة الاجتماعات ومعالجة الفواتير بشكل ذاتي وآمن داخل بيئة المؤسسة.

واعتبر موكيرجي أن بناء منظومات الذكاء الاصطناعي داخلياً باستخدام المصادر المفتوحة لم يعد خياراً تقنياً فحسب، بل ضرورة استراتيجية لضمان الاستقلالية وحماية البيانات وتعزيز الابتكار في الاقتصاد الرقمي الذي تتسارع ملامحه في الشرق الأوسط.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الإمارات تقود المنطقة في تبنِّي الذكاء الاصطناعي بالمتاجر الإلكترونية


أبوظبي (الاتحاد)

أكدت دراسة أجرتها وكالة «فيستا» للذكاء الاصطناعي، أن دولة الإمارات تشهد تحوّلاً رقمياً واسعاً مدفوعاً بنمو التجارة الإلكترونية وتغير سلوك المستهلك وارتفاع توقعاته تجاه سرعة التصفح وجودة التجربة وتعدد اللغات. وركّزت الدراسة حول كيف يمكن للذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة أن تتحول إلى أدوات لإعادة صياغة مستقبل التجارة الإلكترونية في الدولة. وفي البداية، رصدت الدراسة سلوك المستهلك في الإمارات، حيث يتطور بسرعة ملحوظة، إذ يعتمد على مزيج من البحث العربي والإنجليزي عند اتخاذ قرار الشراء، ويميل إلى شراء المنتجات عبر الهاتف المحمول بشكل كبير، ويتجنب المواقع البطيئة أو غير الواضحة، ويرجّح التواصل عبر واتساب لما يوفره من سرعة وشفافية.

وأظهرت نتائج الدراسة، أنه وفقاً لتوجّهات السوق في 2024–2025، أصبح المستهلك في الإمارات، يفضّل الشراء عبر الهاتف بنسبة تتجاوز 80%، وأن أي ثانية إضافية في التحميل تخفِّض المبيعات بنسبة قد تصل إلى 30%.

أخبار ذات صلة في العالم الرقمي.. لماذا يبقى تعلّم أطفالنا الكتابة اليدوية خطوة لا غنى عنها؟ رقعة ذكية مرنة تُحوِّل اللمس مباشرةً إلى نصوص رقمية

وقالت لارا ايروس، مؤسس وكالة «فيستا» للذكاء الاصطناعي: «اعتماد المتاجر على العمل اليدوي بدل الأتمتة (النموذج التقليدي) لا يمكنه مجاراة سرعة السوق الإماراتي، فالتحول الإجباري نحو الأتمتة والذكاء الاصطناعي، يجعل المنافسة ليست بين متجر وآخر، بل بين نظام ونظام».

وخلصت الدراسة إلى أن الشركات التي تعتمد في الإمارات على، أتمتة المتابعة، الرد السريع على واتساب، تحسين صفحات المنتج تلقائياً، إنتاج محتوى باللغتين العربية والانجليزية عبر أنظمة A، هي الشركات التي تنمو وتستحوذ على السوق، أما الشركات التي تعتمد على العمل التقليدي، فهي تخرج من المنافسة خلال أشهر. وأشارت الدراسة، إلى أنه في تجربة عملية، أجرى من خلالها متجر إلكتروني تنفيذ خطة شاملة تعتمد على محتوى باللغتين العربية والانجليزية وتحسين السرعة، ودمج واتساب، وأتمتة المتابعة، وتحسين صفحات المنتج، زادت المبيعات ب

مقالات مشابهة

  • الإمارات تقود المنطقة في تبنِّي الذكاء الاصطناعي بالمتاجر الإلكترونية
  • الدكتور أحمد حمد القائم بأعمال رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: حريصون على المشاركة في الجهود الدولية لبناء مستقبل الذكاء الاصطناعي ووضع إطار أخلاقي لتقنياته
  • معلومات الوزراء: تضاعف استهلاك الكهرباء بمراكز البيانات بحلول 2030 بسبب الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يحوّل أوامر صوتية إلى أشياء واقعية
  • أمازون تطرح خصائص جديدة لتسهيل إنشاء نماذج اللغة الكبيرة للذكاء الاصطناعي
  • ملخص صور جوجل يعرض ذكريات 2025 عبر الذكاء الاصطناعي
  • كيف تستخدم مصر الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجرائم؟
  • وزير الخارجية يستعرض جهود مصر في مجال الذكاء الاصطناعي وحوكمة البيانات
  • أول وزير “ذكاء اصطناعي” في العالم يتورط في رشوة رقمية!
  • الغش الأكاديمي في عصر الذكاء الاصطناعي