رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (3 من 3)
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
هذا هو الجزء الثالث والأخير من قراءة كتبها الكاتب والباحث المصري جمال سلطان عن المستشرق الحاج عبد الكريم يوليوس جرمانوس، الذي لم يكن مجرد باحث أو مفكر، بل رحّالة ومصلح ومُحب للإسلام والمسلمين.
في هذا الجزء، الذي تنشره "عربي21" بالتزامن مع نشره على صفحة جمال سلطان على "فيسبوك"، يأخذنا الكاتب في رحلة عبر أهم محطات حياته، من رحلته الملهمة إلى الحج، ودفاعه المستميت عن الإسلام في أوروبا، إلى علاقاته الإنسانية وقصة هداية زوجته، ليكشف أمامنا صورة شاملة لهذا المفكر الذي جمع بين العلم والخلق والالتزام الديني.
أديب سعودي كان سببًا في هداية زوجته إلى الإسلام
رحلة "جرمانوس" إلى الحج كانت ملهمة له، وغمرته بالسعادة، وأصبح لقبه الجديد، والذي التصق به بعد ذلك لنهاية عمره هو "الحاج عبد الكريم يوليوس جرمانوس"، ويحب أن ينادى دائما بلقب "الحاج عبد الكريم"، وطاف بعد ذلك بعدد من بلدان الشرق التي كانت حواضر للخلافة الإسلامية التي امتدت بظلالها السياسية والحضارية إلى مئات السنين، فذهب إلى الشام وإلى العراق، ثم عاد الحاج عبد الكريم إلى بلاده "المجر" ليستكمل رحلة التدريس في جامعة "بودابست"، حيث نافح عن الإسلام والمسلمين بضراوة أمام كتابات المستشرقين، وكشف الكثير من الأغاليط، وكان راصدا عميق النظرة إلى أساليب المستشرقين في إعطاء صورة مشوهة للحضارة الإسلامية، وتركيزهم على جوانب معينة في هذا التاريخ الطويل ليرسموا من خلالها صورة مقصودة بعيدة عن جوهر رسالة التوحيد التي صنعت هذه الحضارة.
كتب يقول عن خبث الدراسات الاستشراقية: "جل كتاباتهم تدور حول أوهام المتصوفة، وما يقال عن الحلول والاتحاد ووحدة الوجود وكأنه أصل من أصول الإسلام، فإذا ترك الاستشراق دائرة التصوف إلى الأدب فالحديث حديث المجون والزندقة والإباحية ونشر كتب الانحراف، مع تسليط الأضواء على أمثال بشار وحماد وأبي نواس، أما كتاب الله عز وجل فلا ينظرون إلى هدايته الحكيمة، وقوانينه السياسية التي قفزت بالعالم كله إلى طريق الأخوة والحرية والمساواة، ولكنهم يتحدثون عن القراءات الشاذة، ويقفون الوقفات المخطئة أمام نقول في التراث كتبت دون تحقيق، ويشم منها ما يبعث الشك، مع وضوح بطلانها أمام الناظر المتفقه؛ وهكذا يبحثون في كل منحى علمي عما يثير العواصف في العقول الآمنة كيلا تستقر على نهج سديد".
ترك "جرمانوس" للمكتبة العربية العديد من الكتب والأبحاث، مثل كتاب (تاريخ الأدب العربي)، وكتاب (الشعراء العرب من الجاهلية حتى يومنا هذا) وكتاب (الجغرافيون العرب)، وكتاب "اكتشاف الجزيرة العربية"، وكتاب "التيارات الحديثة في الإسلام"، كذلك كتاب "ابن الرومي" وهو دراسة في شعر الشاعر المعروف، إضافة إلى كتابه "الله أكبر" الذي دون فيه وقائع رحلته للحج، وله مؤلفات أخرى بالألمانية والإيطالية.كان مما يوجع قلب الحاج عبد الكريم، ويحزنه ، أن زوجته ما زالت على دينها مسيحية، وكان يحبها ويقدرها، وهي سيدة مثقفة جدا وواسعة الاطلاع، ولطالما حلم بهدايتها إلى دين الله، وكان يكثر في دعائه أن يوفقها الله إلى الإسلام، حتى وقعت المفاجأة التي ملأته بالسرور والسعادة، إذ يسر الله لها الهداية، وقد كتب عن أمله في هدايتها يقول : " إنني أحمد الله تعالى على أن منّ عليّ بنعمة الإسلام، وهداني إلى دين نبي الرحمة والسلام، وأودع في قلبي حب لغة القرآن، وكان هناك شيء واحد يخز في نفسي وخزاً أليماً ألا وهو أن زوجتي الكريمة الفاضلة تدين بدين غير الإسلام، ألا وهو النصرانية، وإن زوجتي امرأة واسعة الثقافة والعلم شديدة التدين في ملتها كثيرة الإحسان طيبة القلب من أسرة كريمة من خير الأسر في المجر، تمتاز بمزايا رائعة وخلائق فاضلة ولها عندي تسع سنوات مرت كلحظات من السعادة التي نحن فيها إلا أن عدم اقتناعها لدين الحق كان مثار حزني وألمي".
والغريب أن من أخذ بيدها إلى الإسلام، وأقنعها به، لم يكن زوجها، وإنما الأديب السعودي الراحل أحمد عبد الغفور عطار، رحمه الله، مؤسس جريدة عكاظ السعودية الشهيرة، والأديب والمحقق الكبير ـ بعد ذلك ـ بعد تفرغه للعمل الأدبي والعلمي وتحقيق كتب التراث، وقد أرسل له الحاج عبد الكريم رسالة طويلة مؤثرة، يشكره فيه شكرا وافرا على ما أنعم الله به عليه وعليهم من هداية زوجته إلى الإسلام، وكان يقول أن هذا الحدث من أسعد الأوقات التي مرت عليه بعد دخوله الإسلام.
كان الحاج عبد الكريم جرمانوس يتميز بشخصية هادئة ودودة، لا يتعصب، ولا يقسو في حوار، ولا يحتد على مناقش، لا تفارق البسمة وجهه، يصفه صديقه الدكتور محمد رجب البيومي بقوله : في كل أدوار حياته هدوؤه الباسم، ونفسه المتسامحة، فهو لا يشتط في جدال، ولا يعنف في مؤاخذة، وبهدي رائع من خلقه المتسامح قابل أقوال معارضيه بالابتسام، وعقب عليها بالتي هي أحسن، فآثروا السلامة ولم يخوضوا معه في لجاج هو أول من ينأى عنه إذا خالف آداب البحث وسنن الحوار.
ترك "جرمانوس" للمكتبة العربية العديد من الكتب والأبحاث، مثل كتاب (تاريخ الأدب العربي)، وكتاب (الشعراء العرب من الجاهلية حتى يومنا هذا) وكتاب (الجغرافيون العرب)، وكتاب "اكتشاف الجزيرة العربية"، وكتاب "التيارات الحديثة في الإسلام"، كذلك كتاب "ابن الرومي" وهو دراسة في شعر الشاعر المعروف، إضافة إلى كتابه "الله أكبر" الذي دون فيه وقائع رحلته للحج، وله مؤلفات أخرى بالألمانية والإيطالية.
وقد حظي الحاج عبد الكريم بشهرة كبيرة في الدوائر "العلمائية" بالعالم الإسلامي، عرفانا لفضله في الدفاع عن الإسلام، وعطائه العلمي، ونبوغه في معارف كثيرة، حتى تم اختياره عضوا بالمراسلة بالمجمع العلمي في القاهرة "مجمع الخالدين"، وعضوا بالمجمع العلمي في بغداد، وعضوا بالمجمع العلمي في دمشق، وقد استقر في ختام حياته في بودابست للتدريس، حتى أحيل إلى التقاعد، وقد بذل جهدا كبيرا في جمع شمل المسلمين في بلاده إذ ألف من بينهم جماعة تنظم شؤونهم، كان عددهم وقتذاك قرابة ألفي مواطن مجري، واستطاعوا هنالك أن يحملوا الحكومة على الاعتراف بالإسلام دينا من الأديان الرسمية في المجر، مستفيدين من المكانة الرفيعة التي كان يحظى بها "الحاج عبد الكريم" في وطنه، حتى توفي رحمه الله تعالى في 7 نوفمبر عام 1979م، عن 96 عاما، بعد أن قضى أكثر من نصف قرن في خدمة الإسلام والمسلمين بكل حب وإخلاص وتفان، ودفن هناك بعد جنازة رسمية مهيبة، خاصة وأنه كان عضوا في البرلمان أيضا، كما كان الوحيد الذي تم استثناؤه من شرط الانضمام إلى الحزب الشيوعي الحاكم وقتها، نظرا لفرادة حالته وشهرته في العالم الإسلامي وأوربا، وتخصصه العلمي والديني.
إقرأ أيضا: رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (1 من 3)
إقرأ أيضا: رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (2 من 3)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب الذاكرة السياسية تقارير المستشرق المجر المجر رأي مستشرق سيرة أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحاج عبد الکریم المفکر الذی إلى الإسلام
إقرأ أيضاً:
جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
يقدّم الكاتب والباحث المصري جمال سلطان في هذا المقال، الذي تنشره "عربي21" بالتزامن مع نشره على صفحته في فيسبوك، قراءةً حميمة ومكثّفة في سيرة واحد من أكثر المثقفين العرب إثارة للجدل وحضورا في معارك الوعي خلال النصف الثاني من القرن العشرين: محمد جلال كشك.
فمن خلال استعادة شخصية كشك وتجربته الفكرية وتقلباته وتحولاته وصراعاته، لا يكتب سلطان مجرد شهادة شخصية، بل يعيد تفكيك مشهد ثقافي وسياسي كامل، كانت فيه مصر ـ والعالم العربي ـ تتشكل تحت وطأة الإيديولوجيات الكبرى، والمشاريع السلطوية، وصدامات الهوية، ومحاولات التأريخ والهيمنة على الذاكرة.
تتكشّف في هذه السطور صورة كاتب عركته التجارب، واشتعل بالأسئلة، وامتلك جرأة لا تلين في مواجهة ما اعتبره زيفا أو تزويرا للوعي، حتى آخر لحظة في حياته.
طاقة صحفية وفكرية مذهلة
كنت في شبابي مغرما بالكاتب الراحل الكبير محمد جلال كشك، وما زلت، كان الرجل طاقة صحفية وفكرية مذهلة، ولديه صبر ودأب على القراءة والكتابة بشكل تحار فيه العقول، ويكفي أنه كان يقرأ كتب الراحل الكبير أيضا محمد حسنين هيكل ويجري مقارنات صبورة بين ما يكتبه هيكل في النسخة الانجليزية التي تصدر للتسويق الخارجي وما يكتبه في النسخة العربية ، ليكشف عن تناقضات في الروايتين، وهو جهد صعب للغاية، كما كان كتابه المهم "ودخلت الخيل الأزهر" أهم موسوعة حديثة في تسجيل جرائم الغزو الفرنسي لمصر، والعملاء الذين خدموه في الداخل، والكتاب أثار ضجة في حينه، كما كان كتاباه: كلمتي للمغفلين، وثورة يوليو الأمريكية، من أخطر الكتب التي صدرت عن تجربة ثورة يوليو وعبد الناصر، وهو ما قلب عليه القوميين والناصريين بشدة، وهو كان يبادلهم كراهية بكراهية وله كتابات أخرى في هذه المعارك .
لذلك كانت سعادتي كبيرة عندما قدمتني له الكاتبة الكبيرة صافي ناز كاظم، خاصة عندما قرأ كتابا لي صدر في أول التسعينات الماضية "أزمة الحوار الديني"، وأبدى إعجابه الشديد به، وكان مندهشا أن كاتبا شابا يكتب بتلك اللغة والمعلومات، ودعاني لزيارته في شقته بالزمالك وأكرمني كرما حاتميا مما جعلني أحكي تلك "العزومة" الفاخرة لصافي ناز على سبيل التباهي بأنها أتتني من كاتب كبير في قيمة وقامة جلال كشك، فلما بلغه كلامي وغزلي في العزومة غضب، واعتبر أن "العزومة" وما فيها من أسرار البيوت وأنني بذلك لم أحترم بروتوكل الزيارات، فلم يكررها ثانية، وبصراحة كان محقا في ذلك وقد تعلمت من هذا الموقف فيما بعد، لكني وقتها خسرت الكثير من الحمام المحشي والمشوي وخلافه، رغم أنه ـ رحمه الله ـ لم يكن يأكل إلا قليلا بسبب إصابته بالسكر والكوليسترول وأمراض أخرى اجتمعت عليه .
شهدت أفكار محمد جلال كشك تحولات، مثل تحولات عبد الوهاب المسيري وعادل حسين وطارق البشري وجيل كبير من المثقفين المصريين، بدأ حياته الفكرية والسياسية ماركسيا وكان من مؤسسي الحزب الشيوعي، ثم تركه وتركهم وقدم نقدا عنيفا للماركسية ومنظماتها في الستينيات ونشر سلسلة مقالات أزعجت الاتحاد السوفيتي، حتى ردت عليه صحيفة البرافدا واعتبرت أن وجود جلال كشك في الصحافة المصرية هو إساءة للاتحاد السوفييتي، وكانت علاقات عبد الناصر وقتها قد توثقت بموسكو، فأوقفه عبد الناصر عن الكتابة وعن العمل كلية ثلاث سنوات كاملة، ولم يعد إلا بعد النكسة، فعاد إلى مؤسسة أخبار اليوم، ثم ترك مصر كلها وهاجر، وقضى حقبة من حياته في بيروت في حالة لجوء اختياري بعد مضايقات عصر السادات، حتى كانت الثمانينيات حاسمة في توجهه إلى الفكرة الإسلامية، والانحياز للإسلام كحضارة وهوية للأمة وشرط لنهضتها.
لم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.كان جلال كشك يجمع بين الجدية والصرامة في الكتابة وبين خفة الظل والصراحة في المواجهة، وعندما ابتلي في سنواته الأخيرة بسرطان البروستاتا، كان يتردد على لندن للعلاج والفحص، وفي آخر زيارة طبية، أجرى التحاليل، فقال له الطبيب أن أمامه ما بين ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر فقط في الدنيا ثم يموت، ويومها كتب مقالا مؤثرا للغاية في مجلة أكتوبر، وكان لها شأن في تلك الأوقات، كان عنوانه "أنعي لكم نفسي"، وحكى فيه ما جرى وأنه ينتظر الموت خلال ستة أشهر على الأكثر، هي كل ما بقي له من الدنيا، ويودع قراءه، ورغم الحزن والمفاجأة، إلا أنه لم يتخل عن خفة ظله في هذا المقال، فحكى فيه أنه بعد أن تسلم من المستشفى اللندني التحليل الذي يؤكد قرب وفاته، فوجئ باتصال يأتيه من شركة أمريكية متخصصة في "دفن الموتى"، وقالوا له: مستر جلال نحن لدينا تجهيزات راقية للجنازات، ومقابر مميزة وبأسعار مناسبة ويمكن أن نحجز لك مقبرة تسرك!!، وراح في المقال يلعن سلسفيل جدودهم، ولم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.
كان جلال كشك شرسا في معاركه الفكرية، موسوعي الثقافة، قوي الحجة، حاضر الذهن، صاحب جلد وصبر غير عادي على البحث والكتابة، لذلك كان مزعجا جدا لأكثر من تيار فكري ، وبشكل خاص كان مكروها من الأقباط المتطرفين، ومن استصحبوا الوعي الطائفي من المثقفين في كتاباتهم عن تاريخ مصر، ولذلك كان يكرهه بشدة الناقد المعروف لويس عوض وكذلك غالي شكري ، خاصة وأنه في كتابه "ودخلت الخيل الأزهر" كشف عن دور "المعلم يعقوب" والفيلق القبطي الذي شكله للقتال بجوار الجيش الفرنسي الذي احتل مصر، وكان لويس عوض يثني في كتاباته على "المعلم يعقوب" عميل الاحتلال الفرنسي ويعتبره بطلا .
أيضا، يكرهه الناصريون بشدة، لأنه صاحب أهم الكتب التي كشفت عن الدعم الكبير الذي قدمته المخابرات الأمريكية "CIA"، لانقلاب ضباط حركة يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، وكان كتاباه "كلمتي للمغفلين"، و"ثورة يوليو الأمريكية" أشبه بزلزال ضرب الوعي الخرافي الذي سوقته آلة الدعاية الناصرية على مدار عقود، وذلك بسبب ما حواه الكتاب من وثائق وأدلة دامغة على الاتصالات واللقاءات السرية التي كانت تجري بين عبد الناصر وبعض ضباطه وبين السفارة الأمريكية، والترتيبات الأمريكية لدعم وحماية انقلاب الضباط ومنع جيش الاحتلال الانجليزي من التدخل، حيث كان جيشهم يرابط في منطقة القناة، على بعد ساعة واحدة من القاهرة.
أيضا، كان يحظى بكراهية شديدة من محبي الأستاذ محمد حسنين هيكل، ومجاذيبه، لأنه القلم الوحيد الذي جرؤ على إهانة هيكل وإحراجه، بل وإعلان احتقاره وتحديه، في مقالات كثيرة، وفي كتب أيضا، وكشف تناقضاته، كما كشف تمريره لمعلومات غير صحيحة على الإطلاق، وتعتبر تضليلا للرأي العام، وكان له صبر عجيب في تتبع هيكل وإحراجه، ولذلك كان الناصريون وأنصار هيكل أكثر من شنعوا على جلال كشك، وأطلقوا حوله الشائعات والشبهات، ورموه بالاتهامات المرسلة والسخيفة والكاذبة التي يسهل إطلاقها على أي أحد، بدون أي دليل، محض كراهية وبهتان وتصفية مرارات عالقة في النفوس.
تتفق أو تختلف مع جلال كشك ، الذي توفاه الله في العام 1993 ، إلا أنك لا يمكن أن تتجاهل أن الثقافة العربية والصحافة العربية خسرت بموته قلما جبارا، وطاقة لا تكل ولا تمل من إثارة المعارك الفكرية والصحفية التي أحدثت استنارة حقيقية في جيل بكامله من المثقفين المصريين والعرب أراد البعض لهم أن يرسفوا في أغلال الزيف والبهتان، يرحمه الله .