كاظم الساهر ينعى رفيق دربه كريم العراقي
تاريخ النشر: 1st, September 2023 GMT
بغداد اليوم - بغداد
نعى الفنان كاظم الساهر، اليوم الجمعة (1 أيلول 2023) رحيل الشاعر كريم العراقي الذي وافاه الأجل في احدى مستشفيات أبوظبي في الامارات.
وكتب الساهر، بمنشور له في فيسبوك، تابعته "بغداد اليوم"، قائلاً ، "الصديق ورفيق الدرب الأستاذ كريم العراقي في ذمة الله إنّا لله وإنّا اليه راجعون".
وتوفى الشاعر العراقي الكبير كريم العراقي، عن عمر ناهز الـ 68 عاماً، فجر اليوم الجمعة، في احدى مستشفيات ابو ظبي بدولة الامارات.
وكتب مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية، عارف الساعدي بمنشور له على "فيسبوك"، تابعته "بغداداليوم": "انعى لكم الشاعر كريم العراقي الذي رحل فجر هذا اليوم في احدى مستشفيات ابو ظبي".
يذكر أن الشاعر الغنائي كريم العراقي، أصيب بمرض السرطان منذ أكثر من عام، وخضع إلى أكثر من عملية جراحية.
وكريم العراقي واسمه الأصلي كريم عودة، شاعر عراقي معاصر وإعلامي. ولد في منطقة الشاكرية كرادة مريم في بغداد، حاصل على دبلوم علم النفس وموسيقى الأطفال من معهد المعلمين في بغداد. وعمل كريم العراقي معلمًا في مدارس بغداد لعدة سنوات ثم عمل مشرفًا متخصصًا في كتابة الأوبريت المدرسي. وتنوعت اهتمامات كريم، وشملت كتابة الشعر الشعبي والأغنية والأوبريت والمسرحية والمقالة، فضلا عن اهتمامه بالثقافة والأدب منذ أن كان طالبًا في مرحلة الابتدائية.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: کریم العراقی
إقرأ أيضاً:
نخب هابيل أم نهب هدوء الريح
ما الذي كان يفعله الشاعر الأردني ماهر القيسي (مواليد مأدبا عام ١٩٨٧) بين عامي 2012 و2021؟ بالتأكيد كان يكتب الشعر دون نشر، وبالتأكيد أيضًا كان "يطير" ليس بالمعنى المجازي بل بالحقيقي، فهو طيار مدني في الخطوط الجوية الملكية الأردنية.
لماذا يسكت الشعراء عن النشر؟ تلك مسألة جديرة بالنقاش، ولكن مهلاً، هل هذا موضوع منفصل أم مدخل مفيد لمناقشة شعر الشاعر وحياته؟ حين ننتهي من قراءة "نخب هابيل" - الكتاب الذي أمامنا الآن - نعرف فورًا أن هذه السنوات الطويلة من الصمت كانت كافية تمامًا لأن يتدرب الشاعر على كتابة فاتنة قادمة، يجمع فيها كل هذا الجمال، وكل هذا العمق، وكل هذه المعرفة.
هكذا، يمكننا قراءة هذا الصمت كتدريبات ذكية على الكتابة الجميلة القادمة، وهو واحد من استراتيجيات قراءة الكتب ومدخل لفهمها والاستمتاع بها وتحليل صورها وربطها بالماضي الشعري للشاعر. لم أقرأ ديوان "كاهن الطين" - ديوان ماهر الأول - لكن يمكنني تخيله، وتكهن عباراته وصوره ولغته، مثل دواويننا الأولى جميعًا، لا بد أنه مليء بالفوضى وعدم الترابط والاندفاعية واللغة الدرامية والصور الجامحة، وهذا ليس عيبًا، بل جزء من البدايات.
لكنه مليء أيضًا بالوعود والبروق التي تسبق الانفجار الشعري القادم المتماسك، وهذا ما وجدته عندما قرأت بعمق ديوان ماهر القيسي الأخير "نخب هابيل" - الصادر عن مؤسسة "ناشرون موزعون" في عمان عام 2021، بحجم متوسط (150 صفحة) وغلاف من تصميم بسام حمدان. هذا الديوان، للأسف، لم يُوزّع جيدًا، ولم يكن العالم - ولا الأردن - مهيّئين لتتبع الدواوين الشعرية في ظل كارثة اسمها كورونا، وهكذا ظلم هذا الديوان الجميل.
النصوص الشعرية في هذا الكتاب متدفقة ومتنوعة، بعناوين لذيذة وطريفة مثل: "ما قاله النهر"، "بكاء سري"، "جنازة ومشيع واحد"، "عتمة القصائد"، "عابث سبيل"، "إحداثيات خرائط الوادي"، و"هشاشة"، وغيرها من العناوين الجميلة التي تحفزك على فتح الصفحات، مدفوعًا بفخامة وغموض هذه العناوين.
منذ أولى صفحات الكتاب تواجهنا عبارة لافتة، مفجّرة، ساخنة، وعميقة جدًا: "مرةً حين قرر الرحيل نظرنا إلى البيوت وبكينا. مرةً حين قررنا المكوث نظرنا إلى البيوت وبكينا." هل يمكن أن أدخل هذا الكتاب من هذا المدخل الساحق؟ نعم، بالتأكيد! فالتنوع في القصائد والموضوعات المختلفة لا يحجب عنا خيطًا واضحًا يجمعها جميعًا: خيط الحنين المحروق والملل من كل شيء. من أين يأتي سحر هذا الكتاب؟ هل من رومانسيته الخادعة، حيث يوهمنا الشاعر بوجود حب وحنين وانتظار وامرأة فاخرة... ثم يكسر ذلك فجأة بسخرية طريفة أو عبارة فظة، فيذهب الشعور الأول، لكننا ننتقل معه إلى جمال آخر في مساحة أخرى.
كأن ماهر يقول لنا: "ماذا سأقول لكم عن مشهد امرأة تنتظر؟ عن حب رجل خارق يتعذب؟ لقد قيل كل ذلك... فسامحوا واقعيتي!" لكنها ليست واقعية طبيعية، والمسامحة التي يطلبها ليست مسامحة عادية، فهو لم يُخطئ، بل خيّب ظن القارئ الذي اعتاد لغةً محددة وصورًا ثابتة. هنا، يكسر ماهر اللغة التي بدأ بها ويغرقنا في صور فكاهية تحطم جدية الشعر الجامدة. من أين يأتي سحر هذا الكتاب أيضًا؟ من ذلك التفلسف الخفيف والأسئلة الكونية المخففة النبرة في القصائد. في أكثر من نص، يأخذنا ماهر القيسي إلى داخلنا - إلى مفارقاتنا، ضعفنا، سطحيتنا، أمراضنا - دون أن يمنح أي جواب، فهو نفسه لا يملك الجواب. أليس هذا هو الشعر؟ نعم، الشعر: السؤال... لا الجواب.
أن تتمنى لو يتفق مرة موعد طائرته مع موعد طائرتك. و يقودك إلى حيث تسافر, يا لها من فكرة شعرية! أن يقودك في الجو طيار شاعر، كلما شعرتُ بمطب هوائي أقول: ها هو صديقي الطيار يخترق ضباب صورة ؛, يتحرك جناح الطائرة بفعل ريح فأقول ها هو يهز مجازا مستعصيا، ترتفع الطائرة فجأة فأقول ها هو يحاول في قصيدته لمس المطلق.
تحية الى صديقي الشاعر الاردني في الملكية الأردنية ابن ريف مأدبا الطيار ماهر القيسي. وهو يطير الآن بركاب آخرين محظوظين الى حيث يسافرون.