أزمة الفراولة في مصر.. تراجع الأسعار يهدد الصناعة والمزارعون يستغيثون
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
تشهد صناعة الفراولة في مصر أزمة غير مسبوقة تهدد مستقبل هذا المحصول الاستراتيجي، بعدما هوت الأسعار بشكل كبير في الأسواق المحلية والعالمية، وسط ارتفاع ملحوظ في تكاليف الإنتاج، ويعيش آلاف المزارعين، خاصة في محافظة البحيرة التي تُعد القلب النابض لزراعة الفراولة، حالة من الخوف من استمرار نزيف الخسائر الذي بات يهددهم بالخروج من السوق.
وتنتج مصر نحو 650 ألف طن من الفراولة سنويًا، لتحتل المركز الرابع عالميًا في الإنتاج، والمركز الأول في تصدير الفراولة المجمدة، ورغم هذا التميز، فإن واقع المزارعين اليوم يكشف عن معادلة صعبة بين تكلفة إنتاج مرتفعة وتسعير متدنٍ قد يعصف بواحدة من أنجح الصناعات الزراعية في البلاد.
مزارعو البحيرة:
يروي المزارعون معاناتهم اليومية مع ارتفاع تكلفة الزراعة التي تجاوزت 25 ألف جنيه للفدان، بينما لا يتعدى سعر الكرتونة 100 جنيه، ما يعني خسائر مباشرة بدلاً من تحقيق أرباح.
وتشمل التحديات التي تواجه المنتجين الارتفاع المستمر في أسعار مستلزمات الإنتاج، والتقلبات المناخية التي تؤثر على جودة وعمر المحصول، وزيادة أجور العمالة خلال موسم الحصاد، والحاجة إلى تقنيات متطورة للحفاظ على جودة المحصول
وتساهم محافظة البحيرة وحدها بحوالي 50% من الإنتاج القومي للفراولة، ما يجعل أي اضطراب في سوقها تأثيره مباشر على حجم المحصول الوطني.
ضغوط المستوردين ومنافسة دولية متصاعدة
يرى الدكتور محسن البلتاجي، رئيس جمعية منتجي ومصدري الحاصلات البستانية، أن تراجع أسعار التصدير يعود إلى مزيج من العوامل الداخلية والخارجية.
وقال: "المستوردون الأوروبيون يضغطون على المصدرين المصريين لتخفيض الأسعار، ما ينعكس سلبًا على صناعة الفراولة المحلية"
وبحسب البلتاجي، فإن المستوردين يرون في المحصول المصري فرصة لتعظيم أرباحهم، والأسعار المحلية المرتفعة تُجبر الشركات على شراء الفراولة بأسعار عالية، وارتفاع التكلفة يقلل القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية، مشيرا إلى دخول منافسين جدد بقوة مثل المغرب وإسرائيل وإثيوبيا المدعومين حكوميًا، والذين يقدمون منتجًا بأسعار وجودة منافسة للمحصول المصري.
الدعم الحكومي يزيد الأزمة تعقيدًا
انتقد البلتاجي غياب سياسة واضحة لدعم قطاع الفراولة، موضحًا أن تدخل الدولة كان سيقلل الخسائر من خلال دعم مستلزمات الإنتاج، وتحسين منظومة التسويق، وفتح أسواق جديدة وزيادة القدرة التنافسية
وقال: "غياب الدعم الحكومي جعل أسعار الفراولة في الأسواق المحلية غير متناسبة مع تكاليف الإنتاج، وهو ما يهدد مستقبل هذا القطاع الحيوي"
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مزارعو البحيرة زراعة الفراولة الحاصلات البستانية
إقرأ أيضاً:
ارتفاع في أسعار المواد الغذائية بالمحافظات المحررة وسط تراجع الرقابة الحكومية
تشهد أسواق المحافظات المحررة موجة جديدة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، رغم استقرار سعر صرف العملة المحلية خلال الأشهر الماضية، في وقت يعود فيه كثير من تجار الجملة إلى التعامل بالريال السعودي والدولار بدلاً من الريال اليمني، وسط غياب ملحوظ للرقابة الحكومية، ما دفع المواطنين إلى إطلاق شكاوى متزايدة بشأن ما وصفوه بـ"الغلاء المفتعل".
وقال عدد من المواطنين لـ"نيوزيمن" إن أسعار المواد الأساسية مثل الأرز والسكر والدقيق والزيوت عادت للارتفاع بشكل تدريجي خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى ارتفاع سعر رغيف الخبز والروتي، الذي زاد سعره من 60 ريالاً إلى نحو 90–100 ريال في بعض الأفران، رغم بقاء سعر الصرف مستقرًا.
أصيل صالح، أحد سكان مدينة المكلا، قال لـ"نيوزيمن": "ذهبت لشراء احتياجات الأسرة الشهرية، وفوجئت بأن الأسعار ارتفعت من جديد، رغم أن سعر الصرف لم يتغير. هذه المرة اضطررت لشراء الدقيق والأرز والسكر والزيت بسعر الريال السعودي، وليس بالريال اليمني كما حددت الجهات الحكومية."
وأضاف أن الرقابة على الأسعار أصبحت شبه غائبة، وهو ما سمح للتجار بالتلاعب بالأسعار وفرض زيادة تدريجية حتى على الخبز، مبررين ذلك بارتفاع أسعار الدقيق.
مواطن آخر عبّر عن استغرابه من استمرار ارتفاع سعر أسطوانة الغاز المنزلي رغم أنها منتج محلي، موضحًا: "في السابق كان سعر صرف الريال السعودي يتجاوز 750 ريال، وكانت الأسطوانة تباع بـ7000 ريال، بحجة ارتفاع الديزل. اليوم انخفض سعر الصرف إلى 425 ريال، وتراجع سعر الديزل للنصف، ومع ذلك ارتفع سعر الأسطوانة إلى 7500 ريال."
وفي قطاع الدواء، قال الصيدلي هاني عبدالله من المكلا لـ"نيوزيمن": "الأسعار ترتفع بشكل غير منطقي. هناك أدوية كانت تباع بـ4 آلاف ريال أثناء انهيار العملة، واليوم تُباع بـ7 آلاف رغم تحسن سعر الصرف. الشركات والوكلاء رفعوا الأسعار بلا رقابة حقيقية."
ورغم صدور توجيهات متكررة من الحكومة ووزارتي الصناعة والتجارة والإدارة المحلية بضرورة تشديد الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار، فإن النزولات الميدانية التي كانت تتم سابقًا باتت شبه منعدمة خلال الأشهر الأخيرة، وفق تجار ومواطنين.
ويؤكد هؤلاء أن غياب فرق التفتيش شجّع الكثير من التجار على تجاهل قائمة الأسعار الرسمية، وفرض تسعيرات خاصة مبنية على الريال السعودي، ما فاقم حالة الفوضى السعرية في الأسواق.
وحذر الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي ماجد الداعري من أن استمرار ارتفاع الأسعار في المحافظات المحررة يمثل "أكبر تهديد حقيقي لمسار أي إصلاحات اقتصادية"، مشددًا على ضرورة تحرك عاجل من الجهات الحكومية المعنية.
وقال الداعري: "التلاعب بقوت الناس لم يعد مجرد مخالفة تجارية، بل أصبح تهديدًا مباشرًا لأي توجهات إصلاحية. من الضروري إعادة تفعيل فرق النزول الميداني التابعة لوزارة الصناعة والتجارة وممثلي النيابة إلى كل الأسواق، وفرض رقابة صارمة على الأسعار، واتخاذ عقوبات رادعة، بما في ذلك إغلاق المتاجر المخالفة وشطب السجلات التجارية وفرض غرامات مالية تردع المتلاعبين."
وأضاف: "بدون رقابة فعلية، لا معنى للشعارات الحكومية عن التقشف أو مكافحة الفساد. استمرار الفوضى في الأسعار يعني قراءة الفاتحة على أي برنامج إصلاحي في ظل غياب الدولة وأجهزتها الرقابية منذ أكثر من عقد."