فرصة للتغيير في سورية؟
من المفيد لسورية والسوريين حصول تغيير سياسي سلس متفق عليه في ظل إجماع وطني يتشكّل أول مرة حول حتمية حصوله.
سيزداد الوضع في سورية قتامة بالمرحلة المقبلة، وستزداد الضغوط على السوريين خصوصا مع اقتراب الشتاء، ونفاذ الموارد، وإفلاس الدولة.
مرحلة جديدة، وغير مسبوقة، من الأزمة إذا ظلّ النظام على عناده في مقاومة التغيير، والاستخفاف برغبة الناس فيه وإرادتهم في صنعه.
يواجه حلفاء النظام مشكلاتهم التي تُقعدهم عن دعمه، كالعادة، فظهرت تداعيات حرب أوكرانيا والعقوبات في الاقتصاد الروسي والصين غارقة في ديونها وتواجه إيران وضعا هو الأصعب.
* * *
بعد 12 عاما من الثورة على نظام الظلم والفساد، يبدو أن السوريين وصلوا، أو يتجهون، بخطى حثيثة، إلى الوصول إلى إجماع وطني على أن لا أفق لانتهاء أزمتهم ولا عودة للحياة الطبيعية في بلدهم من دون تغيير سياسي حقيقي.
يتم بمقتضاه تجاوز تداعيات الكارثة التي حلّت بهم، وفي مقدمتها اطلاق المعتقلين، أو الكشف عن مصيرهم، وعودة اللاجئين، واسترجاع ما يمكن استرجاعه من كفاءات علمية، ويد عاملة ماهرة، مهاجرة/ مهجّرة، وإعادة إعمار ما دمّرته الحرب، وبناء مؤسّسات الدولة وأجهزتها، وإخراج القوات والمليشيات الأجنبية من البلاد، وإنشاء لجنة للحقيقة والعدالة، وإنجاز المصالحة الوطنية.
ورغم أن هذه المطالب رفعها جزء كبير من السوريين منذ سنوات، إلا أن إجماعًا حولها، أو حول أكثرها، بدأ يتبلور، أخيرا، فقط، مع انتهاء مرحلة المواجهات العسكرية الكبرى، وصدمة الكثيرين بعسر العودة إلى الحياة الطبيعية التي منّوا النفس بها مع اتضاح هول الثمن الذي دفعته البلاد نتيجة الطريقة التي أديرت بها أزمتها، وبيان حجم الدمار الذي طاول الانسان، والمجتمع، والاقتصاد، والبنية التحتية، والقطاعات الإنتاجية الرئيسة (الصناعة والزراعة والسياحة) وانهيار قطاعات التعليم والصحة والأمن المجتمعي، وهيمنة زعماء المليشيات وأثرياء الحرب على ما تبقى من مقدّرات في كل مناطق السيطرة والنفوذ التي تقسّم البلاد.
بدأ الوعي بهذه المسألة (الحاجة إلى التغيير والإجماع عليه) يتشكّل مع توصل فئات اجتماعية سورية، من مذاهب مختلفة (سنة، وعلويين ودروز وإسماعيليين وغيرهم) كانت إما محايدة، متوجّسة من التغيير، نظرا إلى عدم اتضاح معالمه، وربما كان لدى جزء منها بقية أمل في إصلاحاتٍ يُقدم عليها النظام، أو حتى كانت داعمة له مقتنعة بالسردية التي أنشأها عن الثورة باعتبارها مؤامرة أجنبية، أو موجة تكفيرية، سلفية ... إلخ!
وكانت، من ثم، تمنّي النفس بقطف ثمار التضحيات التي قدّمتها في الدفاع عن الوضع القائم، لاعتقادها أنه يخدم مصالحها، هذه الفئات توصلت إلى نتيجةٍ مفادها أن الحال الراهنة غير قابلة للاستمرار، وأن طي صفحة العقد الماضي، واستئناف الحياة الطبيعية، وكأن شيئا لم يكن، ما هي إلا أوهام وتمنّيات تحطّمت سريعا على صخرة الواقع.
برهنت التطوّرات التي جاءت بعد كارثة الزلزال الذي ضرب أجزاء من مناطق سورية في مطلع العام الجاري، وموجة التطبيع العربي والإقليمي مع النظام، والتي بلغت ذروتها باستعادته عضوية جامعة الدول العربية، خطأ الرهان على إمكانية تجاوز الأزمة من دون دفع الثمن المستحق للحل، فالدول ليست جمعيات خيرية، وهي غير مهتمة بحل مشكلات الآخرين، إلا إذا كان في ذلك مصلحة ما لها.
من هنا التأكيد على مركزية الحل السياسي باعتباره المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة، لأنه يساهم في حل مشكلة اللاجئين، والإرهاب، والمخدّرات التي تقلق دول الجوار. كما أن مسألة رفع العقوبات، التي نرفضها في المبدأ ومعها كل الادّعاءات التي تشهد "بذكائها"، وبأنها مُصمّمة لتجنب التأثير في حياة عامة الناس، باتت هي الأخرى، إلى جانب تمويل عملية إعادة الاعمار، مرتبطة بالحلّ السياسي بالنسبة لدول الغرب.
سوف يزداد الوضع في سورية قتامة خلال المرحلة المقبلة على الأرجح، وسوف تزداد الضغوط على السوريين، خصوصا مع اقتراب الشتاء، ونفاذ الموارد، وإفلاس الدولة، وعدم القدرة على توفير أبسط متطلبات الحياة، والمقصود بذلك متطلبات البقاء على قيد الحياة (الغذاء والدواء)، وتبدّد الأوهام حول إمكانية تحسّن الأحوال من دون تغيير في النهج والسياسات.
يحصل هذا فيما يواجه حلفاء النظام مشكلاتهم الخاصة التي تُقعدهم عن دعمه، كالعادة، إذ بدأت تظهر تداعيات حرب أوكرانيا والعقوبات في اقتصاد روسيا. أما الصين فهي غارقة في ديونها. وتواجه إيران وضعا اقتصاديا واجتماعيا قد يكون الأصعب.
نحن ندخل إذا في مرحلة جديدة، وغير مسبوقة، من الأزمة إذا ظلّ النظام على عناده في مقاومة التغيير، والاستخفاف برغبة الناس فيه وإرادتهم في صنعه. من المفيد لسورية والسوريين حصول تغيير سياسي سلس متفق عليه في ظل إجماع وطني يتشكّل أول مرة حول حتمية حصوله.
ويُحيي الأمل بإمكانية رأب الصدوع التي دمّرت نسيج المجتمع، وكادت تقضي على فرص العيش المشترك المستمرّ منذ قرون. وهذا أفضل من حصول انهيار كامل إذا استمر النهج الراهن.
*د. مروان قبلان كاتب وأكاديمي سوري
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: سورية السويداء التغيير الاقتصاد الروسي إعادة الإعمار جامعة الدول العربية النظام السوري فی سوریة
إقرأ أيضاً:
مباحثات سورية أردنية لتعزيز سبل التعاون في مجالات الرعاية الاجتماعية
عمان-سانا
بحثت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية هند قبوات مع وزيرة التنمية الاجتماعية الأردنية وفاء بني مصطفى في عمان اليوم، سبل التعاون في مجالات الحماية والرعاية الاجتماعية بين البلدين.
ووفق وكالة بترا الأردنية أعربت الوزيرة قبوات خلال اللقاء عن شكرها وتقديرها للأردن، قيادةً وحكومةً وشعباً، لدعمه المتواصل لجهود التعافي والإصلاح في سوريا.
وأكدت قبوات رغبة الجانب السوري في الاستفادة من التجربة الأردنية، ولا سيما في مجالات مكافحة التسوّل، وتنظيم عمل الجمعيات، وآليات الدعم والاستهداف في صندوق المعونة الوطنية، مشيرة إلى أن الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الأخوية وتعزيز التعاون الثنائي، والاستفادة من التجارب والخبرات الأردنية في مجالات الحماية والرعاية والتنمية.
بدورها، أكدت الوزيرة الأردنية على عمق العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وأهمية تعزيز التعاون في مجالات الخدمات الاجتماعية المقدّمة للفئات المستهدفة، بما يسهم في دعم جهود الإصلاح والتعافي المبذولة من أجل مستقبل أفضل لسوريا.
وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية هند قبوات 2025-07-08hadeilسابق مصدر في وزارة الإعلام: لا صحة لما يتم تداوله بشأن انعقاد أي جلسات أو اجتماعات بين السيد الرئيس أحمد الشرع ومسؤولين إسرائيليينآخر الأخبار 2025-07-08مباحثات سورية أردنية لتعزيز سبل التعاون في مجالات الرعاية الاجتماعية 2025-07-08مصدر في وزارة الإعلام: لا صحة لما يتم تداوله بشأن انعقاد أي جلسات أو اجتماعات بين السيد الرئيس أحمد الشرع ومسؤولين إسرائيليين 2025-07-08إطلاق الدورة الخامسة لمسابقة النصوص المسرحية للشباب في سوريا 2025-07-08وزيرا التعليم والتنمية الإدارية يبحثان بدمشق ربط البحث العلمي بإصلاح الدولة 2025-07-08ورشة أكساد في دمشق تبحث استصلاح الأراضي المالحة في الدول العربية 2025-07-08تسهيلات جديدة لحركة الشاحنات بين سوريا ولبنان لتعزيز التبادل التجاري 2025-07-08المخبر المركزي يراقب جودة مياه الشرب يومياً في جميع المحافظات 2025-07-08سوريا والسويد تبحثان دعم مشاريع الطاقة وتبادل الخبرات 2025-07-08تفريغ 750 سيارة في مرفأ طرطوس ضمن شحنة قادمة من كوريا الجنوبية 2025-07-08الوزير الصالح: غرفة العمليات بحالة طوارئ دائمة لمواجهة حرائق ريف اللاذقية
صور من سورية منوعات علماء أمريكيون يستخدمون الأقمار الصناعية لتقييم تعافي الغابات بعد الحرائق 2025-07-08 اكتشاف فسيفساء عمرها 1500 عام في تركيا 2025-07-08
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |