في ليلة الجمعة.. عبادة تربط الأرض بالسماء وتهوّن أثقال الحياة
تاريخ النشر: 30th, October 2025 GMT
في زمنٍ امتلأ بالضغوط والضجيج، بات كثيرون يبحثون عن وسيلة تهدئ قلوبهم وتعيد إليهم الطمأنينة المفقودة، وسط هذا الاضطراب، يظل ذكر النبي محمد ﷺ والصلاة عليه طريقًا روحانيًا عميق الأثر، لا يربط العبد بخالقه فحسب، بل يُعيد ترتيب الداخل المرهق، كما أوصانا به النبي خاصة في ليلة الجمعة.
فالصلاة على النبي ليست فقط عبادة مأمورًا بها في القرآن الكريم، حيث قال تعالى:«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» [الأحزاب: 56]، بل هي أيضًا رسالة حب ممتدة بين السماء والأرض، وسرّ من أسرار الراحة النفسية كما يصفها العلماء والمتصوفة.
طمأنينة وراحة.. قبل أن تكون ثوابًا
يقول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن ترك الصلاة على النبي ﷺ علامة على «شحّ النفس»؛ فهي ليست مجرد ذكر، بل فعل حبٍّ وتقدير لخير الخلق. ويضيف أن النبي ﷺ قال:«البخيل من ذُكرت عنده ولم يصلِّ عليّ»[رواه الحاكم وصححه].
ويؤكد «جمعة» أن الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ يجلب البركة والفرج، وينفي الهموم، ويُفتح به باب الدعاء المستجاب، وهو من أعظم أسباب رضا الله عن عباده.
«اللهم صلِّ على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء».. صيغة محبة لا خطأ فيها
وفيما يظن بعض الناس أن قول: «اللهم صلِّ على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء» مخالف للسنة، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن هذا القول واردٌ عن الصحابة، وليس فيه ما يخالف الشرع.
فقد روى الطبراني في كتاب الدعاء والديلمي في الفردوس عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال هذه الصيغة بنفسه، وبيّن العلماء معناها بأنها دعاء بالتمام والكمال في الصلاة عليه.
وأكدت دار الإفتاء أن هذا الفهم يعكس الفرق بين «العالم الذي يلتمس المعاني الجميلة في النصوص»، و«المتحامل الذي يبحث عن مواطن اللوم».
جمعة: ترك الصلاة عليه من الكبائر
يشدد الدكتور علي جمعة على أن ترك الصلاة على النبي ﷺ عند ذكر اسمه من الكبائر، مستشهدًا بحديث النبي:«بعدًا لمن ذكرت عنده فلم يصلِّ عليّ»[الحاكم في المستدرك].
ويقول: "هذا الوعيد الشديد يجعلنا ندرك أن الغفلة عن الصلاة عليه ليست مجرد سهو، بل فقرٌ روحيٌّ يُبعِد الإنسان عن النور والرحمة".
عبادة تُعيد التوازن النفسي
من الزاوية الروحية، يوضح الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن التكرار المنتظم للصلاة على النبي ﷺ له أثر مهدئ على الجهاز العصبي، مثل التأمل والذكر، لأنه يخلق إيقاعًا منتظمًا في الوجدان، ويقلل من التوتر والقلق.
ويضيف: "هي ليست فقط عبادة ثواب، بل وسيلة علاج نفسي وروحي لمن يفتقد الطمأنينة في عالم متسارع".
سرّ الجمعة.. وساعة الإجابة
يقول العلماء إن ليلة الجمعة ويومها من أفضل أوقات الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، إذ تتضاعف فيها الأجور وتُرجى فيها الاستجابة.
وقد ورد في الحديث الشريف:«أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة وليلتها، فإن صلاتكم معروضة عليّ»
[رواه أبو داود].
ولهذا يحرص المتصوفة على جعل ليلة الجمعة موسمًا روحانيًا خاصًا، يُرفع فيه الذكر وتُسقى الأرواح بنور الحبيب المصطفى ﷺ.
مصر علي موعد مع التاريخ في افتتاح المتحف المصري الكبير
- بدأت مصر تخطط لإنشاء أكبر متحف للآثار في العالم منذ أكثر من عشرين عامًا ويجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر.
- وضع حجر الأساس للمتحف المصري الكبير عند سفح أهرامات الجيزة، في موقع فريد يجمع بين أعظم رموز التاريخ الإنساني في عام 2002
- مر المشروع بعدة مراحل من البناء والتصميم، شارك فيها مئات الخبراء والمهندسين من مصر والعالم، حتى تحول الحلم إلى حقيقة ملموسة على أرض الجيزة.
- واجه المشروع تحديات كثيرة، لكن الإرادة المصرية لم تتراجع لحظة واحدة وفي كل عام، كانت تقترب الخطوة أكثر من الافتتاح الكبير.
- يقف المتحف المصري الكبير جاهزًا ليستقبل زواره من كل أنحاء العالم، واجهة زجاجية ضخمة تطل على الأهرامات، وقاعات عرض مجهزة بأحدث تقنيات الإضاءة والحفظ والعرض المتحفي.
- أكثر من خمسين ألف قطعة أثرية تعرض داخل هذا الصرح، من بينها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون لأول مرة في التاريخ، داخل قاعة مصممة لتأخذ الزائر في رحلة إلى قلب مصر القديمة.
- من أهم مقتنيات توت عنخ آمون التي ستعرض في المتحف ( التابوت الذهبي- قناع الملك- كرسي العرش- والخنجر).
- يضم المتحف تمثال الملك رمسيس الثاني الذي استقر في موقعه المهيب داخل البهو العظيم.
- في الأول من نوفمبر، تفتتح مصر أبواب المتحف المصري الكبير للعالم أجمع، افتتاح يعد صفحة جديدة في تاريخ الحضارة، واحتفاء بجهود أجيال عملت على صون تراث لا مثيل له.
- المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى بل رسالة من مصر إلى العالم، بأن الحضارة التي بدأت هنا لا تزال تنبض بالحياة.
المتحف المصري الكبير
الفراعنة
مصر
العالم
الحضارة
توت عنخ امون
الرئيس السيسي
موكب الملوك
الجيزة
الأهرامات
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجمعة جمعة الصلاة على النبي الصلاة النبي ليلة الجمعة الصلاة على النبی ﷺ الصلاة علیه لیلة الجمعة
إقرأ أيضاً:
المتحف المصري الكبير.. السياسة حين تُخاطب التاريخ
د. هبة محمد العطار **
في الأول من نوفمبر، لا تفتح مصر أبواب متحف جديد؛ بل تفتح زمنًا جديدًا من الوعي الوطني والحضاري. فالمتحف المصري الكبير ليس حدثًا أثريًا عابرًا في سجل الثقافة؛ بل إعلان عن أن مصر قررت أن تُخاطب العالم بلغتها الأبدية، لغة الحضارة والهوية. في زمن تتصارع فيه الدول على رواية الماضي، تقف مصر لتقول: “نحن الأصل، ونحن السردية التي لم تنقطع يومًا”.
إن افتتاح هذا الصرح العظيم ليس مجرد احتفال بالآثار؛ بل تجسيدٌ لفكرة الدولة الحديثة التي تدرك أن التاريخ ليس ماضيًا يُروى؛ بل طاقة حاضرة يمكن أن تُستخدم في بناء المستقبل. فالمتحف المصري الكبير مشروع دولة، ومبادرة وعي، وتجسيد لرؤيةٍ سياسيةٍ عميقةٍ ترى أن الثقافة هي أقوى أدوات البقاء، وأن من يمتلك ذاكرته يمتلك مستقبله. لقد أرادت مصر بهذا المشروع أن تتحول من بلدٍ يروي تاريخه إلى دولة تصنع روايتها من جديد.
المتحف لا يكتفي بعرض أكثر من 100 ألف قطعة أثرية؛ بل إنه يُعيد صياغة علاقة المصري بماضيه، ويفتح أمام الزائر الأجنبي أبوابًا لفهم فلسفة مصر، لا مجرد رؤية آثارها. إنه المكان الذي تلتقي فيه السياسة بالثقافة، ويتحوّل فيه الحلم الوطني إلى واقع ملموس يُخاطب العيون والعقول في آنٍ واحد.
كل حجرٍ في المتحف يقول إن مصر ليست مجرد دولةٍ عريقة؛ بل مشروع حضاري ممتد، يملك القدرة على التجدد، وعلى إنتاج المعنى في كل عصر. وكل قطعةٍ تُعرض فيه تُذكّر بأن الحضارة المصرية لم تكن يومًا تاريخًا منقضيًا؛ بل وعيًا متجددًا بالحياة، وبالإنسان، وبالخلود. ما يميز المتحف المصري الكبير أنه لا يُعيد تقديم التاريخ فقط؛ بل يُعيد توظيفه في بناء السياسة الثقافية للدولة. فهذا المشروع الضخم هو ترجمة لرؤية القيادة السياسية التي أرادت أن تضع الثقافة في قلب التنمية، وأن تُحول التراث من رمزٍ صامت إلى قوةٍ ناعمة تتحرك في العالم وتُعيد تشكيل الصورة الذهنية عن مصر.
وهكذا يتحول المتحف إلى بيان سياسي حضاري، يعلن أن مصر الحديثة لا تُنافس بالحاضر فقط؛ بل بتاريخها أيضًا، وأنها قادرة على صياغة خطابٍ جديد يربط بين الماضي والحداثة بلغةٍ واحدة. في هذا الافتتاح الاستثنائي، تتجسد لحظة ميلاد وطنٍ يسترد صورته من ذاكرة العالم، لا بوصفه متحفًا للحضارة؛ بل بوصفه صانعًا لها. فالمتحف المصري الكبير ليس مبنى من الحجر؛ بل رسالة من إرادة، تؤكد أن مصر التي منحت الإنسانية فجر التاريخ، ما زالت قادرة على أن تمنحها فجر الوعي. لقد نجحت الدولة في أن تجعل من هذا المشروع الثقافي حدثًا وطنيًا جامعًا، أعاد إلى المصريين إحساسهم بالانتماء، وإلى العالم احترامه للهوية المصرية بوصفها جذرًا لا ينقطع.
إنَّ هذا المتحف هو مساحةٌ للحوار بين الأزمنة؛ حيث يتحدث الماضي إلى الحاضر دون وساطة، وحيث تتجلّى فكرة الدولة الحضارية التي تؤمن أن السياسة لا تكتمل إلا حين تُترجم إلى ثقافة.
ولعل أعظم ما في هذا المشروع أنه لا يخاطب السياح فقط؛ بل يخاطب الوعي الجمعي للمصريين، ويدعوهم إلى قراءة تاريخهم بوصفه مرآة للمستقبل لا صفحة من الذكريات. في عالمٍ مضطربٍ تتنازع فيه الأمم على الرموز والهوية، يأتي هذا الافتتاح ليعلن أن مصر- التي وقفت على ضفاف النيل منذ فجر الحضارة- لا تزال قادرة على الوقوف في قلب العالم بكرامةٍ ووعيٍ ودهشة.
فى هذا الصرح العظيم تتكامل السياسة مع الجمال، والعقل مع الوجدان، والحجر مع الإنسان، ليولد مشروع حضاري جديد يُعيد للعالم ذاكرته. ففي الأول من نوفمبر، لا نحتفل بافتتاح متحف… بل نحتفل بولادة فكرة: أن مصر هي التاريخ الذي لا يُنسى، والمستقبل الذي لا يُكتب إلّا بها.
** أستاذة الإعلام بجامعة سوهاج في مصر، وجامعتي الملك عبد العزيز وأم القرى بالسعودية سابقًا