هالة الخياط (أبوظبي)

يُصادف الحادي والثلاثون من أكتوبر «اليوم العالمي للمدن» الذي أقرّته الأمم المتحدة لتسليط الضوء على أهمية التنمية الحضرية المستدامة وتبادل التجارب العالمية في بناء مدن قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. ويأتي شعار هذا العام «المدن الذكية التي ترتكّز على الإنسان» ليؤكد أن التكنولوجيا ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لخدمة الإنسان وتحقيق رفاهيته وتعزيز جودة حياته.


وفي هذا الإطار، تبرز إمارة أبوظبي واحدة من المدن الرائدة عالمياً في تحقيق هذا المفهوم، إذ جمعت بين التطور التكنولوجي المتسارع والرؤية الإنسانية الشاملة في إدارة شؤون المدينة وتحسين حياة سكانها وزوارها.

صدارة مؤشرات المدن الذكية 
وتعكس المكانة العالمية التي وصلت إليها أبوظبي نجاح رؤيتها في بناء مدينة ذكية ومستدامة تتمحور حول الإنسان. فقد تصدرت الإمارة قائمة المدن الأكثر أماناً في العالم للعام 2025 وفق مؤشر Numbeo العالمي، محافظةً على المرتبة الأولى للسنة السابعة على التوالي، بفضل مستويات الأمان المجتمعي العالية والبنية التحتية الأمنية المتكاملة التي توفّر الطمأنينة لكل من يعيش على أرضها. كما صُنفت أبوظبي ضمن أذكى 20 مدينة في العالم وفق مؤشر المدن الذكية الصادر عن معهد IMD السويسري، متقدمةً على العديد من العواصم الكبرى، بفضل أدائها المتميز في التحول الرقمي، وكفاءة الخدمات الحكومية، وفاعلية الابتكار في إدارة المرافق الحضرية.
ويؤكد هذا التصنيف أن أبوظبي لا تكتفي بالتحول التقني، بل توظف التكنولوجيا بشكل متوازن يخدم الإنسان ويعزز رفاهيته.

الذكاء الاصطناعي 
تُعد أبوظبي من أوائل المدن في المنطقة التي تبنت استخدام الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في إدارة المرافق العامة وصيانة الحدائق والمباني الحكومية.
فقد أطلقت بلدية أبوظبي روبوتات تفتيش ذكية قادرة على مراقبة الحدائق والمرافق الترفيهية بدقة عالية، مزودة بمستشعرات بيئية لتحليل جودة الهواء ورصد المخالفات، ما يعزّز كفاءة العمل الميداني وجودة الخدمات العامة.
كما تعمل الجهات المعنية على توظيف التحليلات التنبؤية لإدارة الطاقة والمياه بذكاء، وتحسين كفاءة استخدام الموارد بما ينسجم مع مبادئ الاستدامة والابتكار.

الاستدامة 
وتُعد مدينة مصدر أحد أبرز شواهد التزام أبوظبي بالاستدامة والابتكار، إذ تمثل أول مدينة متكاملة في المنطقة تُبنى على مفهوم الاقتصاد الدائري والطاقة النظيفة.
وفي موازاة ذلك، تطبّق الجهات المحلية في أبوظبي حلولاً مبتكرة في إدارة المرافق العامة، مثل استخدام الروبوتات الذكية في التفتيش على الحدائق والمرافق الترفيهية، وتحليل جودة الهواء والمياه باستخدام أجهزة استشعار متقدمة.
كما تعمل الإمارة على تمكين الابتكار المجتمعي عبر برامج مثل مختبر المدن الذكية ومسرّعات أبوظبي للابتكار، التي تجمع بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع لتطوير حلول عملية للتحديات الحضرية اليومية.
وترى أبوظبي أن الابتكار المجتمعي هو جوهر المدينة الذكية، إذ تحرص على إشراك سكانها في عملية التطوير الحضري عبر مبادرات رقمية مفتوحة مثل مختبر المدن الذكية ومسرّعات أبوظبي للابتكار، التي تجمع بين القطاعين العام والخاص لتطوير حلول ذكية تعالج التحديات اليومية.

أخبار ذات صلة برعاية رئيس الدولة.. مهرجان الشيخ زايد ينطلق تحت شعار «حياكم».. غداً الإمارات.. حضور مميز في قمة «أبيك»

نقل ذكي ذاتي القيادة 
تُعد وسائل النقل الذكية وذاتية القيادة إحدى أبرز ركائز المدن المستقبلية في أبوظبي. فقد أطلقت الإمارة عدة مشاريع رائدة في هذا المجال، ضمن جهودها لتحقيق منظومة نقل متكاملة ومستدامة تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ونفّذ مركز النقل المتكامل في أبوظبي مشروعاً تجريبياً للمركبات ذاتية القيادة في جزيرة ياس وجزيرة السعديات، بهدف اختبار جاهزية التقنيات الذكية في بيئة حضرية واقعية. وتُدار هذه المركبات بأنظمة إدراك بيئي متقدمة قادرة على قراءة إشارات المرور وتفادي العوائق والتفاعل مع حركة المشاة والمركبات الأخرى، بما يعزز السلامة والكفاءة البيئية.

رؤية أبوظبي
تتبنى إمارة أبوظبي نهجاً متقدماً يقوم على الدمج بين التقنيات الذكية والرؤية الإنسانية في إدارة المدن. وتأتي استراتيجية أبوظبي للمدن الذكية 2030 لتجسّد هذا التوجّه من خلال تطوير منظومة متكاملة تُحسّن جودة الخدمات الحكومية والحياة المجتمعية، وتُسهم في تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية. وتؤمن أبوظبي بأن الذكاء الحقيقي للمدينة يكمن في قدرتها على تحسين حياة الإنسان اليومية، وليس فقط في استخدام التقنيات المتقدمة. لذلك، تركز استراتيجياتها على تمكين الأفراد، وتعزيز مشاركتهم في صياغة مستقبل المدينة، عبر منصات رقمية متاحة للجميع.

تحول رقمي شامل 
حققت أبوظبي نقلة نوعية في التحول الرقمي من خلال منصة «تم» التي تُعدّ نموذجاً عالمياً في تكامل الخدمات الحكومية الذكية.
وتوفر المنصة تجربة رقمية موحدة تمكّن الأفراد من إنجاز مئات المعاملات بسهولة، بدءاً من تراخيص المركبات والسكن والخدمات المجتمعية، وصولاً إلى الأنشطة التجارية، ما يجعل الحياة في أبوظبي أكثر سلاسة وكفاءة.
كما أسهمت المنصات الرقمية في تقليل الاعتماد على الورق بنسبة تفوق 90%، وتبسيط الإجراءات الحكومية بما يعكس الرؤية الطموحة لجعل العاصمة نموذجاً لمدينة رقمية إنسانية ومستدامة.

إدارة المرور والسلامة
طورت الإمارة النظام الآني للإدارة الذكية للسلامة المرورية الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة الطرق وتحليل البيانات الميدانية لحظياً، ما يسهم في الاستجابة السريعة للحوادث والحد من الاختناقات المرورية.
وتتكامل هذه المشاريع مع استراتيجية أبوظبي للطاقة المستدامة، حيث تُشجّع على استخدام المركبات الكهربائية والهجينة وتطوير البنية التحتية لمحطات الشحن الذكي، ما يدعم أهداف الحياد المناخي بحلول عام 2050.

مدن الإمارات
إلى جانب أبوظبي، تواصل إمارة دبي ترسيخ مكانتها العالمية مدينة ذكية متكاملة، من خلال مبادرات مثل دبي الذكية ومدينة بلا ورق، واستراتيجية النقل الذاتي 2030 التي تستهدف تحويل 25% من رحلات النقل إلى أنظمة ذاتية القيادة.
وتشكّل المدينتان معاً نموذجاً إماراتياً رائداً في توظيف التكنولوجيا لخدمة الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة، ما جعل الدولة في طليعة الدول، التي تبني مدن المستقبل وفق معايير إنسانية وتكنولوجية متقدمة.
ويجسّد شعار هذا العام «المدن الذكية التي ترتكز على الإنسان» جوهر التجربة الإماراتية في بناء مدن ذكية متوازنة تجمع بين الابتكار والاستدامة في قلب التنمية.
وفي ظل تصدّرها مؤشرات الأمان والذكاء عالمياً، تمضي أبوظبي بثقة نحو مستقبل حضري أكثر إشراقاً، تؤكد من خلاله أن الذكاء الحقيقي للمدينة لا يُقاس بعدد التقنيات المستخدمة، بل بقدرتها على تحسين حياة الإنسان وضمان رفاهيته وسعادته.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مدينة أبوظبي أبوظبي الإمارات دبي المدن الذكية التنمية الحضرية التنمية الحضرية المستدامة الذکاء الاصطناعی المدن الذکیة فی أبوظبی فی إدارة التی ت

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يكتشف الطفرات الوراثية بدقة مذهلة تصل إلى 98%

تمكن نموذج صيني للذكاء الاصطناعي من تطوير بحوث جينية لاستكشاف المزيد من الطفرات المسببة للأمراض في البيئات السريرية.

وأطلقت شركة "بي جي آي للبحوث"، وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية، ومختبر تشجيانغ المتخصص في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، نموذج "جينوس" للذكاء الاصطناعي مؤخرًا، ليكون أول نموذج جينومي أساسي قابل للنشر في العالم متضمنًا 10 مليارات باراميتر.

وصمم النموذج لتحليل تسلسلات تصل إلى مليون زوج قاعدي، ويحقق تحليلًا دقيقًا على نطاق القواعد الفردية، ما يوفر تسريعًا للفهم الوظيفي للجينوم البشري.

ولا يزال تفسير وظائف محددة لتلك القواعد الفردية يمثل تحديًا هائلًا، بالرغم من أنه قد تم رسم تسلسل ما مجموعه 3 مليارات زوج قاعدي للجينوم البشري، كما تم تدريب معظم نماذج الذكاء الاصطناعي الموجودة على جينوم مرجعي واحد أو اثنين فقط، ما لم يمكنها من استيعاب التنوع الواسع للوراثة البشرية.

وتمكن نموذج جينوس من معالجة هذا التحدي الأساسي بشكل مباشر، حيث يتلقى تدريبات حول مجموعة شاملة مكونة من 636 من الجينومات البشرية العالية الجودة من "تيلومير إلى تيلومير" التي تدمج جينومات من مختلف المجموعات السكانية في العالم.

وفي اختبار لتفسير الطفرات المسببة للأمراض، حقق "جينوس" دقة قدرها 92%، وارتفعت دقته إلى 98.3% عند ربطه مع نموذج أساس علمي، وأظهرت نتائج اختبارات متعددة وشاملة، أن جينوس اجتاز نظراءه الحاليين من المستوى الأعلى.

أخبار ذات صلة ماسك يتنبأ بعصرٍ جديد للعمل البشري.. والذكاء الاصطناعي يكتب الفصل! بيل جيتس يدعو إلى استراتيجية جديدة بشأن تغير المناخ المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • ماجيك ليب تكشف عن نموذج أولي لنظارة ذكية تعمل بنظام أندرويد XR
  • رئيس جهاز العلمين: المدينة الذكية هي ترجمة لـ "رؤية مصر 2030" في التنمية العمرانية الشاملة
  • المركز الوطني للإحصاء والمعلومات يطلق نظام «مرحبابك» للإدارة الذكية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي
  • للأفكار حياة
  • مدبولي: الذكاء الاصطناعي يرفع كفاءة الإدارة الحكومية وملتزمون بالحوكمة الدولية
  • الذكاء الاصطناعي يكتشف مسببات الأمراض
  • الذكاء الاصطناعي يرسم طريقًا للرياضة بلا مخاطر
  • بيلدا تطبق نموذج الإدارة الذكية لرقمنة الخدمات السكنية
  • الذكاء الاصطناعي يكتشف الطفرات الوراثية بدقة مذهلة تصل إلى 98%