قال المستشار محمد الفيصل يوسف رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رئيس منظمة "الإنتوساي"، إن الرقابة الحديثة لم تعد تقتصر على فحص الأرقام والبيانات، بل تجاوز ذلك إلى تقييم الأثر باستخدام أدوات التحليل الاقتصادي الكلي والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، بما يتيح تقديم صورة دقيقة لصانع القرار تساعده على اتخاذ سياسات مالية ونقدية أكثر كفاءة.

وأكد الفيصل، أن التجربة المصرية في هذا الصدد تمثل نموذجا متقدما، حيث يتولى الجهاز مراجعة البنك المركزي المصري والأنشطة الحكومية ذات الصلة في إطار من التوازن بين احترام استقلالية البنك المركزي وممارسة الرقابة الموضوعية على إدارة الموارد العامة.

جاء ذلك في كلمته خلال جلسة نقاش عقدت بعنوان "دور الأجهزة العليا للرقابة في مراجعة البنوك المركزية والأنشطة الحكومية خلال الأزمات المالية والاقتصادية"، بمشاركة رؤساء الأجهزة العليا للرقابة والخبراء الدوليين والعديد من ممثلي المنظمات الإقليمية، والتي عقدت ضمن فعاليات المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الإنتوساي"، المنعقد بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقال المستشار محمد الفيصل يوسف، إن الأزمات المالية والاقتصادية تمثل اختبارا حقيقيا لقدرة الدول على إدارة مواردها العامة بكفاءة وشفافية.

وشدد على أن الأجهزة العليا للرقابة باتت مطالبة اليوم بأدوار أوسع من مجرد مراجعة الإجراءات المالية، إذ أصبحت مسؤولة عن تقييم فعالية التدخلات الحكومية ومدى إسهامها في تحقيق النمو والاستقرار وحماية الفئات الأكثر احتياجا.

وتابع: "السؤال الجوهري الذي ينبغي أن توجهه الأجهزة العليا للرقابة في هذا السياق هو، هل تم توجيه الإعانات والأموال الحكومية الطائلة التي تتكبدها الحكومات في أوقات الأزمات المالية في مساراتها الصحيحة؟، أم كان في جزء منها يتسرب إلى غير الفئات المستهدفة بالحماية؟، وهل التدخلات المالية تحقق النتيجة المرجوة وتسهم بالفعل في تعزيز النمو والاستقرار؟.

وأضاف: "هنا تبرز رؤية شاملة ومتعمقة ينبغي أن تكون مطروحة على أجندة عمل الأجهزة العليا للرقابة حول العالم، بهدف منع تفاقم الأزمات، والتخفيف من حدة آثارها، وبهدف أيضا تعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الدول.

وأكد رئيس جهاز المحاسبات، أن هذا التوازن يضمن حماية المال العام دون المساس باستقلال القرار النقدي، مشيرا إلى أن هذا المفهوم هو ما يجب أن يتعزز داخل منظمة "الإنتوساي" حول العالم من خلال تبادل الخبرات وتطوير المنهجيات الرقابية.

من جانبه.. استعرض محمد عبد الغني نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أوجه التكامل بين السياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي والسياسة المالية التي تتولاها الحكومة، مشيرا إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التي أرست هذا التكامل من خلال المادة (48) من قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020، والتي نصت على إنشاء مجلس تنسيقي بين الجانبين لتحقيق الانسجام في القرارات الاقتصادية.

وخلال الجلسة تم استعراض التجربة المصرية الناجحة خلال السنوات الأخيرة، والتي عكست هذا التنسيق في تطبيق حزم مالية واجتماعية شاملة، إضافة إلى حزمة التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها الدولة خلال جائحة كوفيد لدعم القطاعات المتضررة، إلى جانب دعم السلع التموينية والخبز.

كما تناولت الجلسة التجربة المصرية في مبادرات البنك المركزي المصري للتخفيف من آثار الأزمات، ومنها مبادرات تمويل الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والقطاعات المتضررة من الجائحة، ومبادرات دعم الأنشطة الصناعية والزراعية والطاقة الجديدة والمتجددة، فضلًا عن مبادرات إعادة هيكلة التسهيلات الائتمانية لدعم العملاء المتعثرين والحفاظ على استقرار أوضاعهم المالية.

وفي ختام الجلسة، أجمع المتحدثون على أن تصاعد مخاطر المراجعة خلال الأزمات المالية والاقتصادية حول العالم يستلزم من الأجهزة العليا للرقابة تطوير أدوات عملها ومناهجها الميدانية، مع تعزيز التعاون بين الأجهزة الأعضاء في "الإنتوساي" لتبادل المعرفة وتحديث الآليات الرقابية، بما يضمن جودة التقارير وموثوقية النتائج ويعزز مبادئ الشفافية والمساءلة وثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.

شارك في الجلسة ستيفن سانفورد المدير العام بمكتب المساءلة الحكومي الأمريكي، ولاما بنت عبد العزيز الحمادي النائب التنفيذي للمراجعة المالية والالتزام بالديوان العام للمحاسبة السعودي، وميهاليز كوزلوفز عضو محكمة المحاسبين الأوروبية، وعلي عبد العال رئيس قطاع بالجهاز المركزي للمحاسبات.

اقرأ أيضاً«بنسبة 4.8%».. البنك المركزي يتوقع نمو الناتج المحلي في 2025 - 2026

رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة: المتحف المصري الكبير مدرسة مفتوحة يتعلم منها الزائر إدارة الدولة

البنك المركزي ووزارة الخارجية يطلقان مبادرة «افتح حسابك في مصر» للعاملين بالخارج

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مصر الرقابة الحديثة الأموال الحكومية الأجهزة العلیا للرقابة الأزمات المالیة الجهاز المرکزی البنک المرکزی

إقرأ أيضاً:

مدبولي: مصر ملتزمة بدعم قدرات الأجهزة العليا للرقابة وتعزيز التعاون الدولي

قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر وهي تستعد لرئاسة منظمة الإنتوساي، تعلن التزامها الكامل بالعمل المشترك مع جميع الأعضاء لتعزيز القدرات ودعم التعاون البناء عبر شراكات مؤسسية تهدف إلى تبني أدوات ومنهجيات الرقابة الحديثة.

وأضاف مدبولي، خلال فعاليات افتتاح المؤتمر الدولي الـ25 للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، أن الأزمات الاقتصادية العالمية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة أظهرت الحاجة الملحة لأنظمة رقابية قوية وفعالة، قادرة على التعامل مع الظروف الاستثنائية بأعلى درجات المرونة والشفافية.

وأشار إلى أن التطورات التقنية المتسارعة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي المسؤول، تفرض واقعًا جديدًا يتطلب توظيف هذه التقنيات لخدمة أهداف المراجعة العامة، بما يضمن دقة مخرجات الرقابة ويعزز كفاءتها.

وأوضح رئيس الوزراء أن الهدف المشترك لجميع الأجهزة العليا للرقابة هو ضمان الاستخدام الأمثل للموارد العامة وتعزيز الشفافية والمساءلة، مشددًا على أن المستقبل الأفضل يقوم على التعاون والشراكة وليس التنافس أو الانعزال.

ورحب بأعضاء المؤتمر في مصر، متمنيًا لهم التوفيق في أعمال جمعياتهم العامة، مؤكدًا استمرار مصر في دعم منظومة الإنتوساي وتعزيز دورها الريادي.

مقالات مشابهة

  • الأجهزة العليا للرقابة تستعرض دورها في مراجعة البنوك المركزية والأنشطة الحكومية
  • الأجهزة العليا للرقابة تستعرض دورها في مراجعة البنوك المركزية والأنشطة الحكومية خلال الأزمات المالية والاقتصادية
  • قراءة في تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية
  • رئيس البورصة :مؤتمر الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية تعزيز لمبادئ الشفافية والإفصاح
  • قطر تشارك في المؤتمر الـ 25 للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بمصر
  • مدبولي: مصر ملتزمة بدعم قدرات الأجهزة العليا للرقابة وتعزيز التعاون الدولي
  • رئيس الوزراء يؤكد استقلال الجهاز المركزي للمحاسبات ويدعو لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الرقابة المالية
  • رئيس الوزراء يشارك في افتتاح المؤتمر الدولي للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة
  • رئيس الوزراء يشارك في افتتاح المؤتمر الدولي الـ 25 للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة