لجريدة عمان:
2025-10-29@20:46:58 GMT

قراءة في تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية

تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT

يأتي تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لعام (2024) تنفيذًا لمتطلبات القوانين واتباعًا لنهج الشفافية التي يمارسها الجهاز بتوضيح نتائج أعماله وإحكام رقابته على المال العام. كما أن إصدار التقارير التي يعدها الجهاز بشكل سنوي، يعتبر نهجًا متوافقًا مع معايير هيئات المراجعة، ومنها المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.

نسخة المجتمع من تقرير الجهاز التي صدرت حديثًا، حملت في طياتها جملة من الملاحظات والمخالفات والقيمة المالية المضافة التي استطاع الجهاز تحقيقها عن طريق متابعة استرداد أو تحصيل المستحقات المالية للدولة طرف الجهات الأخرى. بعد صدور التقرير، تفاعل جهاز الرقابة بشكل متميز مع المجتمع من خلال شرح وتوضيح ما قد يكون فيه لبس من الملاحظات والمخالفات بتنفيذ العديد من اللقاءات عبر وسائل الإعلام المختلفة التي لاقت استحسان أغلب أفراد المجتمع.

كما أن تقارير الجهاز أصبحت محط أنظار جميع الوحدات الحكومية والهيئات والشركات الحكومية والتي بمجرد ذكر اسمها والمخالفات المنسوبة إليها فهذا يعطي تقييمًا لمدى كفاءة العاملين بها بمختلف مسمياتهم ومناصبهم الحكومية.

لنأخذ أمثلة للمهام الرقابية المتعلقة بالوحدات الحكومية: هناك ملاحظات تتعلق بنظم المعلومات والتي من خلالها يتضح الضعف في آليات الاحتفاظ بالنسخ الاحتياطية للبيانات، وفي أنظمة رصد الهجمات الخارجية، مع عدم تحديد درجة الصلاحيات للشركات المنفذة للعقود التي تخص تقنية وأنظمة المعلومات.

على سبيل المثال، هناك مخالفات تقنية تتعلق بجهاز الضرائب ومنظومة إجادة التي تشرف عليها وزارة العمل؛ مثل هذه الملاحظات كان ينبغي التحوط لها منذ سنوات في ظل تسارع وتيرة التحول الرقمي. عليه، فإن الأمر يستدعي من الجهات الحكومية المشرفة على قطاع تقنية المعلومات، العمل على تحديث السياسات وأدلة العمل لتكون البرامج والتطبيقات الإلكترونية على أعلى معايير السلامة المعلوماتية للتصدي لأية اختراقات إلكترونية قد تؤثر على بيئة العمل والخدمات التي تقدم للمستفيدين بشكل منتظم ودون فقدان للمعلومات والبيانات.

الأمر الذي شدني في تقرير الجهاز، هو التغيير في بعض المهام الرقابية؛ حيث تحولت المهام من مراجعة الجوانب المتعلقة بتطبيق الأنظمة والقوانين، إلى ملاحظات تتعلق بتقييم الأداء في الوحدات الحكومية مع تغليب المصلحة العامة للمواطنين، وإن نتج من تلك الملاحظات الحاجة إلى المزيد من الموارد المالية والبشرية بالوحدات الحكومية.

من أمثلة تلك المهام الرقابية المتعلقة بتقييم كفاء إجراءات دائرة العلاج بالخارج التي تكشفت عن عدم كفاية مخصصات نفقات الإقامة اليومية للمرضى، وأيضا عدم تناسب موظفي الدائرة والحالات المستلمة. مثل تلك المهام المتعلقة برقابة الأداء من شأنها تعزيز الجودة في تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالجوانب الصحية التي لا تحتمل التأخير.

وبالتالي، من الممكن القول بشكل عام، بأن تقارير الجهاز أصبحت مرجعية محايدة لتحديد العجز أو النقص من الموارد البشرية التي تحتاجها الوحدات الحكومية لتأدية أعمالها بكفاءة عالية.

حسب المهام الرقابية التي قام بها الجهاز يظهر بأن مسألة تحصيل الأموال العامة ما زالت تمثل تحديًا لدى الوحدات الحكومية، وأيضا الهيئات والشركات الحكومية؛ حيث إن بعض الجهات أو الشركات تعاني من التأخير في تسديد القروض الحكومية لسنوات طويلة.

على سبيل المثال: ما نتج من مراجعة مجموعة أوكيو والقرض المستحق الذي لم يتم تسديده لمدة تصل إلى 9 سنوات، وأيضا مستحقات للحكومة عبارة عن ضرائب لبعض الخاضعين للضريبة تعود لسنوات لم يتم تحصيلها.

هذه الملاحظات تظهر الحاجة لأنظمة متابعة ذات كفاءة تعمل على تتبع تحصيل الأموال العامة في الأوقات المحددة لها. وبالتالي من الممكن تصنيف التأخير في تحصيل الأموال لمدد طويلة دون مانع قانوني بأنه نوع من الإهمال في تنفيذ الأعمال المسندة للموظفين أو التقسيمات الإدارية، مع التطلع بأن يُسهم قانون تحصيل المستحقات الحكومية الذي صدر هذا العام في تسريع تحصيل تلك الأموال العامة بكفاءة أفضل.

من خلال قراءة وتحليل مجمل ملاحظات الجهاز الرقابية فإن بعضها كان من الممكن تداركها ومنع حدوثها ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، عدم توريد الإيرادات نظير تأجير الجمعيات التعاونية بالمدارس لوزارة المالية بمبلغ يصل إلى (665) ألف ريال، عدم وجود مؤيدات الصرف المالية، ونقل الأدوية من المخازن الفرعية ببعض المحافظات إلى المؤسسات الصحية بوسائل غير متوافقة مع المعايير المطلوبة، وإسناد عقود بمبلغ (200) مليون دولار لمقاولين محليين باستخدام عملة غير الريال عماني، الواردة ضمن ملاحظات شركة تنمية نفط عمان، وما نتج من تقييم الأداء لدائرة الاعتراف ومعادلة المؤهلات للشهادات الصادرة من الخارج، من طول الفترة الزمنية للمصادقة والمعادلة؛ تلك الأمثلة وغيرها، قد توحي بقلة التطوير والتحسين في بيئة العمل.

فضلًا عن ذلك، هناك حاجة إلى تقييم مدى فاعلية الأنظمة والاختصاصات التي تقوم بها دوائر التدقيق الداخلي في الوحدات الحكومية. تلك الدوائر تقوم بأدوار جديرة بالاهتمام من حيث التأكد من تطبيق اللوائح والقوانين النافذة. ولكن في الجانب الآخر فإن تلك الدوائر، ومنها أصبحت مديريات عامة، ظلت لسنوات طويلة تعاني من التبعية المباشرة لرئيس الوحدة.

تلك التبعية أضعفت أعمال رقابتها الفاعلة على سير العمل في الوحدات التي تختص بمراجعتها. ولعل هناك تطويرًا في هذا الجانب وهو ما قامت به المدينة الطبية الجامعية من إحداث تغيير هيكلي بدائرة التدقيق الداخلي وإلحاق تبعيتها المباشرة بمجلس إدارة المدينة الطبية.

وبالتالي، نعتقد بأنه قد حان الوقت في ظل استمرار وتيرة المخالفات والملاحظات بالوحدات الحكومية من إحداث نقلة نوعية في اختصاصات دوائر التدقيق الداخلي بشكل يمنحها الصلاحيات ويقلل من تبعيتها لرؤساء الوحدات، مع ضرورة تأهيل العاملين بتلك الدوائر تأهيلا مهنيا.

ونظر لجسامة بعض المخالفات المتعلقة بأنظمة التعاقد والمشتريات قام الجهاز بإحالة بعض العاملين بالشركات الحكومية للادعاء العام للتحقيق معهم في المخالفات التي شابت الوحدات التي يعملون بها.

على سبيل المثال، المخالفات الجسيمة عند فحص عقد إدارة المرافق المتكاملة في شركة تنمية نفط عمان، وأيضا المخالفات الناتجة عن فحص الشركة الوطنية للصناعة الدوائية؛ تلك المخالفات تمثلت في الأخطاء الجسيمة ومنها تجاوزات من قبل الإدارة التنفيذية واستغلال الوظيفة لتحقيق منافع شخصية، والتزوير في المستندات.

أيضا فإن بعضًا من المخالفات تحتمل عدم وضوح الصلاحيات لكبار المسؤولين التنفيذيين وآليات التعاقد والشراء والتفويضات المالية. وقد تكون المخالفات المالية والإدارية لشركة خط أسياد المتمثلة في شراء سفينة مستعملة وصرف مبالغ لصيانتها في غير التوقيت الزمني في مفاوضات الشراء، دليلا على ذلك.

من الجوانب المهمة التي تكشفت في تقرير الجهاز ضعف تطبيق مبادئ الحوكمة والرقابة الداخلية وأيضا العمل دون وجود خطط استراتيجية وعدم متابعة تلك الخطط عن طريق مؤشرات الأداء السنوية، حسب ما تم ضبطه في فحص ومراجعة مؤسسة خدمة الأمن والسلامة حيث لم تقم المؤسسة بعمل أية مؤشرات لقياس الأداء لمدة تزيد على (34) عاما.

أعتقد بأننا لسنا بحاجة إلى تعيين مسؤول حكومي يعمل بالذكاء الاصطناعي كما حدث في ألبانيا ليكون له دور أساسي في إحكام قوانين المناقصات، والعقود، والعمل، والحد من حالات التجاوزات المالية واستغلال المنافع الخاصة؛ لأن اتباع نهجنا وقيمنا الإسلامية هو الروبوت الذي يتوقد في ضمير كل موظف أو مسؤول حكومي بأن يؤدي دوره بأمانة ونزاهة متجنبًا استغلال الأموال العامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الوحدات الحکومیة على سبیل المثال الأموال العامة

إقرأ أيضاً:

اتحاد السلة يعلن عن تشكيل جهاز منتخب الناشئين تحت 18 عامًا

أعلن الاتحاد المصري لكرة السلة عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب مصر للناشئين والناشئات تحت 18 عامًا والذي سيقود الفراعنة الصغار خلال الفترة القادمة.

وضم تشكيل الجهاز الفني للناشئين تحت 18 عامًا كل من رفيق يوسف مديرًا فنيًا، ويعاونه كل من إسلام الكيلاني ومحمد مجدي أبوفريخة كمدربين مساعدين له.

أما عن تشكيل الجهاز الفني للناشئات تحت 18 عامًا، فيقود الجهاز طارق خيري كمدير فني بالإضافة لتواجد كل من مصطفى فكري وريم موسى كمدربين مساعدين.

ويأتي ذلك في ظل سعي الاتحاد المصري لكرة السلة للاهتمام بقاعدة الناشئين والناشئات من أجل تجهيز أجيال مختلفة لدعم المنتخب الأول في المستقبل على صعيدي الرجال والسيدات.

يذكر أن منتخب مصر للناشئات تحت 16 عامًا قد نجح مؤخرًا في حصد بطولة الأفروباسكت للمرة الأولى في تاريخ اللعبة، والتي استضافتها رواندا خلال الفترة من 2 وحتى 14 من شهر سبتمبر الماضي.

طباعة شارك الاتحاد المصري لكرة السلة تشكيل الجهاز الفني لمنتخب مصر للناشئين والناشئات رفيق يوسف إسلام الكيلاني تشكيل الجهاز الفني للناشئات

مقالات مشابهة

  • عمّان… المدينة التي تحوّلت إلى متحف للمخالفات المرورية!
  • وزير التموين يجتمع مع رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد
  • مدبولي: الذكاء الاصطناعي يرفع كفاءة الإدارة الحكومية وملتزمون بالحوكمة الدولية
  • رئيس الوزراء يؤكد استقلال الجهاز المركزي للمحاسبات ويدعو لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الرقابة المالية
  • أمازون تقدم خصما استثنائيا على جهاز Galaxy Tab S10 FE Plus من سامسونج
  • اتحاد السلة يعلن تشكيل جهاز منتخب الناشئين والناشئات تحت 18 عامًا
  • اتحاد السلة يعلن عن تشكيل جهاز منتخب الناشئين تحت 18 عامًا
  • الإهمال والرقابة
  • "جهاز الرقابة".. سيف على رقاب الفساد