المتحف المصرى الكبير يفتح أبوابه والعالم يصفق
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
عند أقدام الأهرامات، حيث تصغى الرمال لوشوشات الزمن منذ آلاف السنين، اشتعل ليلُ الجيزة نوراً، وأشرقت مصر من جديد على وجه التاريخ. فها هو المتحف المصرى الكبير، أضخم صرح ثقافى فى العالم، يبدو كأنّه بوّابةٌ من المجد تُفضى إلى الخلود، يُعلن أن الحضارة المصرية لا تُروى فى كتب الماضى، بل تنبض اليوم بالحياة، وتتجدّد فى أبهى تجلّياتها أمام أنظار العالم.
لقد كان المشهد مهيباً بكل المقاييس: أعلام عشرات الدول ترفرف إلى جانب العلم المصرى، وملوك ورؤساء وأمراء يشاركون شعبنا فرحته، بينما ألقى الرئيس عبد الفتّاح السيسى خطابا رحّب سيادته فيه بالملوك والرؤساء وضيوف مصر الكرام، مؤكداً أن مصر هى أقدم دولة عرفها التاريخ، ومن أرضها انطلقت شرارة الحضارة الإنسانية، حيث وُلد الفن والفكر والكتابة والعقيدة. وأشار إلى أن المتحف المصرى الكبير لا يُعدّ مجرد صرح لحفظ الكنوز الأثرية، بل شهادةٌ حية على عبقرية الإنسان المصرى الذى شيّد الأهرام وخلّد اسمه فى ذاكرة البشرية.
وليس غريباً أن تُعلن الحكومة هذا اليوم عطلةً وطنية، فالمناسبة ليست حدثاً ثقافياً فحسب، بل احتفالٌ بالذات المصرية، بما تختزنه من عمق حضارى لا يضاهيه عمق. المصريون فى كل مكان تزيّنوا بصور فرعونية، بعضهم ارتدى التونيك الذهبى وبعضهم رسم على وجهه عين حورس، وكأنهم جميعاً أرادوا أن يقولوا للعالم: نحن أبناء هذه الأرض التى أنارت أول حضارة عرفتها البشرية.
ولم يكن هذا الفخر وليد اليوم؛ فمنذ عام ١٩٢٢، يوم أزاح العالم البريطانى هوارد كارتر الستار عن كنوز الملك توت عنخ آمون فى وادى الملوك، اشتعلت فى قلوب المصريين شعلة الكبرياء الوطنى. كان ذلك بعد ثلاث سنوات فقط من ثورة ١٩١٩، فامتزجت لحظة الاكتشاف بروح التحرّر، وولد من رحمها وعى جديد بأن ماضى مصر جزءٌ من حاضرها، وأن استرداد آثارها لا يقلّ قداسةً عن استرداد استقلالها.
ليلة أمس، انطلقت الطائرات المسيّرة فى سماء الجيزة، تُحلّق فى تشكيلات بديعة، تحمل لافتات تضيء بكلمة واحدة عظيمة: السلام. كانت السماء تكتب رسائل مصر إلى العالم، لا بالنار والحديد، بل بالنور والجمال. لقد أدهشنى المشهد فقد ظهرت لى المفارقة المؤلمة بين ما رأيته الليلة وما نراه من حولنا فى أماكن قريبة منّا، حيث تُستخدم المسيرات للقتل والدمار، ولزرع الخوف فى قلوب الأبرياء.
ليلةَ أمس، كنّا نحتفى بمعنى الحياة ذاتها: بالعلمِ نوراً، وبالبناءِ رسالةً، وبالإنجازِ الثقافى تاجاً على جبين الوطن. كانت المفارقة دامغةً بين من يصنع آلاتِ الدمار ويُفاخرُ بالابادة، ومن يُشيّد صروحَ الأمل ويُغنّى للحياة. عندها اجتاحنى إحساس عارم بالفخر، إذ أدركتُ أننى أنتمى إلى وطن يزرعُ فى الأرض حبّاً لا حقداً، ويُرسلُ إلى العالم سلاماً لا رُعباً، ويُقيمُ جسورَ المودّة بدلاً من أن يحفرَ خنادقَ العداء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر آلاف السنين عشرات الدول
إقرأ أيضاً:
ساعات تفصل مصر عن لحظة تاريخية.. المتحف المصري الكبير يفتح أبوابه للعالم
تستعد مصر خلال ساعات لحدث عالمي طال انتظاره، مع افتتاح المتحف المصري الكبير الذي يمثل نقطة تحول في تاريخ المتاحف والحضارة الإنسانية.
وأكد خبير الآثار المصرية الدكتور علي أبو دشيش أن هذا الافتتاح يعد لحظة تاريخية تعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة، مشيراً إلى أن المصريين انتظروا هذا اليوم سنوات طويلة حتى يتحول الحلم إلى واقع ملموس.
وأوضح أبو دشيش، خلال حواره ببرنامج "صباح البلد" على قناة صدى البلد، أن الافتتاح سيكون استثنائياً بكل المقاييس، حيث تشهد المنطقة المحيطة بالمتحف استعدادات مكثفة تشمل تطوير الطرق والإضاءة وتنظيم عروض تفاعلية مبهرة.
وأشار إلى أن المتحف لا يقتصر على كونه صرحاً لعرض القطع الأثرية فقط، بل يمثل مركزاً ثقافياً متكاملاً يضم متاحف تعليمية للأطفال، ومراكز بحثية، وأحد أكبر معامل الترميم في العالم.