احرصوا على التآلف العائلي فإنه هيبة ودواء!!
تاريخ النشر: 3rd, November 2025 GMT
دائماً ما تلفت انتباهي العائلات المتآلفة، ومنذ كنت طفلة، وأنا أعشق لمة العائلة، وكنت أحسب أن كل الناس هكذا، خاصة أنني نشأت بين أهل أمي وأبي، وكلا العائلتين مترابطة حتى مع الجيران وليس الأقارب فقط؛ ثم كبرت وتوالت بي السنين؛ فصرت ألاحظ أن هذه ليست قاعدة كما كنت أحسبها، بل هناك عائلات متفككة، متشاحنة، متباغضة، فرقتهم أسباب تافهة أو مصالح دنيوية طغت على كل القيم حتى أبعدتهم عن إلقاء السلام على بعضهم والعياذ بالله!! ولو تأملنا الحياة وظروفها وصروفها لعرفنا أن الاختلافات واردة بشكل يومي، وأنه لا تكاد عائلة أو بيت يخلو منها، لكن امتداد هذه الاختلافات ووصولها حد الخلافات وبقاءها مدة طويلة يوسع الفجوات، ويقسي القلوب أحياناً، ويصنع التبريرات ويخلق الأسباب غير المنطقية، التي قد تستمر سنوات!! وما من أحد منا إلا ويعرف عائلة متماسكة متحابة صنعت لنفسها بين الناس قيمة وهيبة وقوة، وليس معنى ذلك أنهم متوافقون مئة بالمئة، إنما هم حريصون ألا يظهروا بالمظهر الذي لا يليق بهم أمام الله ثم الناس؛ فمن المهم أن يراهم أبناؤهم وبناتهم في صورة راقية تعكس وعيهم واحترامهم لبعضهم؛ حتى يحذوا حذوهم فليس أطيب من حياة عامرة بذكر الله، ثم بالعلاقات الطيبة مع الأهل والجيران والأصدقاء، العلاقات الطيبة الودودة بين الأهل صيدلية لجودة الحياة!! في منظوري أن علاقات الود والاحترام والإخلاص بين الأهل إنما هي جرعات طاقة ووقود؛ لمواجهة أعباء الحياة وظروفها المختلفة!! والواقع يؤكد أن الأبناء والبنات الذين ينشؤون في كنف عائلات تقدس الترابط والتآلف العائلي، وتقيم وزناً لاحترام العلاقات العائلية هم الأكثر نضجاً وأدباً واحتراماً للآخرين، وتفاعلاً إيجابياً مع أنفسهم ومجتمعهم، والعكس صحيح؛ فكلما كانت الأسرة ذات علاقات هشة مفككة لا يقوم فيها التعامل على التقدير والاحترام، كلما كان الناشئون فيها على نفس المنهج، وكأننا بذلك نربي جيلاً بعد جيل على ذات النهج!! فحبذا حفظ قيمة الأهل والترفع عن الإساءة لهم أو نقدهم أمام الصغار أو حتى الكبار؛ حفظاً لهيبة المتحدث!! فما أشده من عار أن يذكر الأب، أو الأم أخاه، أو أخته، أو أحداً مقرباً له حق عليه بالسوء أو يناقش خلافاً معهم على مسمع ومرأى من الأبناء!! ما أجمل أن يسمع الأبناء الذكريات الجميلة التي جمعت الأهل ببعضهم وهم تحت سقف واحد أخوة وأهل!! ما بالنا إذا غضبنا ننسى كل جميل، قاتل الله الغضب الذي حذر منه الرسول- عليه الصلاة والسلام- مراراً وتكراراً؛ ففي الحديث الصحيح أن رجلاً قال: يا رسول الله أوصني، قال: له لا تغضب، وكرر الرجل الطلب، وكرر الرسول الوصية (لا تغضب) لأن الغضب تدمير شامل للنفس والعلاقات وفرصة لأهل النميمة يصطادون في مياهه العكرة!! الغضب جامع للشر كله!! نعوذ بالله منه، اللهم ارزقنا الحلم والعلم وراحة البال ومتعنا بالصحة، وأسعدنا مع أهلنا وأحبابنا ودمتم.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: حرمة المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة المشرفة
أكد الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أن حرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة، مشددًا على ضرورة صيانة حقوق الناس في أموالهم وأعراضهم وأبدانهم، وعدم التهاون في ذلك مهما بلغت درجة التدين أو كثرة الطاعات.
وأوضح الدكتور جبر، خلال حلقة برنامج "اعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن من أراد أن يكون من أعبد الناس فعليه أن يتقي المحارم، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «اتقِ المحارم تكن أعبد الناس»، مبينًا أن عبادة الترك — أي ترك المحرمات والاعتداء على حقوق الناس — أعظم أجرًا عند الله من عبادة الحركة المتمثلة في كثرة الصوم والحج والصدقة دون صيانة حقوق العباد.
وأشار إلى أن التهاون في أعراض الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح ظاهرة خطيرة، إذ بات البعض يدخل إلى صفحات الآخرين ليسبّهم ويطعن في دينهم وشرفهم، معتبرًا أن ذلك اعتداء على الحقوق لا يقل جرمًا عن الاعتداء المادي، قائلاً: "صفحة الإنسان كبيته، فلا يجوز أن تقتحمها لتشتمه".
وأضاف أن كثيرًا من الناس قد يحرصون على العبادات الظاهرة، كالصيام والعمرة والصدقة، بينما يقعون في كبائر اللسان من غيبة وسبّ ولعن، فيخرجون من الدنيا وهم مفلسون يوم القيامة، لأن حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو المسامحة.
ودعا الدكتور يسري جبر إلى ردّ الحقوق إلى أهلها، سواء كانوا أحياءً أو أمواتًا، فإن لم يُعرف أصحابها وجب الإحسان إلى ورثتهم أو التصدق عنهم بنية رد المظالم، محذرًا من التهاون في هذا الباب الذي يُعدّ من أخطر أبواب الآخرة.
وقال: "لقد هانت حرمة المسلمين بين بعضهم حتى استُحلّت الدماء، وتجرأ الناس على بعضهم باسم الدين، فنحن في حاجة إلى أن نتقي المحارم حقًا، ونحفظ ألسنتنا وقلوبنا، لعل الله أن يحفظنا برحمته".