المسافات الرملية الممتدة بين الصحراء والنيل لم تُخف جمال المشهد حين رأيت الشاحنات القادمة من بعيد، تأملتُها قليلاً، لمحتُ فيها شعار “قطر الخيرية”، تسابق الريح، وليس مستغرباً، فقد عودتنا دوحة الخير على مد يد العون، دون منٍ أو أذى.
رأيتُ “مخيم قطر الخيرية” وهو في طريقه إلى الدبة، ممتلئ بالمساعدات لأكثر من 50 ألف نازح من الفاشر والمناطق المجاورة، وذلك امتداد طبيعي لروح “وثيقة سلام الدوحة”، التي رصدت نحو أربعة مليار دولار تقريباً لمشروعات التنمية، ذلك النهج الذي بدأ في دارفور قبل أعوام، ونجح في بناء القرى النموذجية، وما زال يتواصل بنفس الصدق والصفاء، إلا أن حرب المليشيا أوقفت كل شيء، ودمرت كل شيء، في وقتٍ تهدم يد دولة الشر، تجد يد قطر تبني، أو كما قال شاعرنا ”الذي يروي شجرتها بالماء المقدس والذي يكتم أنفاسها بنيران المسدس.
نفس الوجوه المشرقة التي رأيناها آنذاك وهي تبني المدارس والمستشفيات، عادت الآن لتغرس الخيام وتوزع الطعام، وتخفف عن الناس وطأة النزوح، ولم ينس السودانيون اسم لولوة الخاطر التي نافحت عنا في المحافل الدولية، وزميلتها مريم بنت علي المسند وهى تصدح بصوتها الإنساني، وتدفع دولتها الصديقة بمساعدات لأكثر من خمسين ألف نازح من الفاشر والمناطق المجاورة، تأكيداً “للالتزام الثابت بالوقوف إلى جانب الشعب السوداني، ومدّ يد العون لتخفيف معاناته وصون كرامته” وفقاً لوزيرة الدولة للتعاون الدولي مريم بنت مسند. كما أن القوافل التي تحركت إلى السودان، عبر صندوق قطر للتنمية، وقطر الخيرية، سبقت صوتها، ولم تكن كلماتها مجرد تصريح رسمي، بل وعداً صادقاً تجسّد على الأرض. الخيام نُصبت، والسلال وُزعت، والابتسامات عادت إلى الوجوه المتعبة، وذلك بعد أعلنت قطر الخيرية، ضمن جهودها للاستجابة الإنسانية العاجلة عن إنشاء وتشغيل “مخيم قطر الخير” بالولاية الشمالية، وهي عادة تعمل في المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش، ويفر إليها النازحون.
لقد شعرنا أن قطر لا تساندنا من بعيد، بل تعيش معنا الألم والرجاء في آنٍ واحد، فهى لا ترفع شعارات سياسية هنا، بل تمد يدها من منطلق الأخوة، ومن قلبٍ يعرف معنى الجار والدين والأخلاق، وتعلمنا أيضاً أن الدول تُقاس بمواقفها الإنسانية وليس بثرواتها، لذلك نعشق لوسيل ونتسوق في سوق واقف ولنا ذكريات في الحي الثقافي كتارا، ونشجع العنابي في كل المحافل الرياضية.
عزمي عبد الرازق
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قطر الخیریة
إقرأ أيضاً:
مدير عام هيئة تنظيم الأعمال الخيرية يجتمع مع وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية
اجتمع السيد إبراهيم عبدالله الدهيمي مديرعام هيئة تنظيم الأعمال الخيرية مع سعادة السيدة حنين السيد وزيرة الشؤون الاجتماعية في الجمهورية اللبنانية، بهدف تبادل التعاون بين البلدين في مجالات العمل الخيري والتنموي، واستعراض فرص التنسيق وتبادل الخبرات بين الجانبين.
وجرى خلال الاجتماع تقديم عروض تعريفية شملت منصة تنسيق المساعدات الداخلية "سندي"، والبوابة الإلكترونية للهيئة التي تعكس جهود الهيئة في التحول الرقمي وتطوير خدماتها الإلكترونية بما يواكب أحدث الممارسات التقنية لتسهيل إجراءات العمل الخيري وتعزيز الشفافية والحوكمة.
كما جرى عرض بنود استراتيجية قطاع العمل الخيري في دولة قطر 2025 - 2030، إلى جانب عرض مؤشر بيئة العمل الخيري وتقدم دولة قطر في المؤشر الذي يعكس جهود الهيئة وتطور القطاع، وأثره في دعم التنمية المستدامة.
وفي ختام الاجتماع، أكد الجانبان حرصهما على تعزيز التعاون والتنسيق في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتبادل الخبرات بين المؤسسات المعنية في البلدين، بما يسهم في ترسيخ القيم الإنسانية وتعزيز العمل الخيري والتنموي في المنطقة.