لجريدة عمان:
2025-11-08@20:41:58 GMT

ماتريوشكا ترامب!

تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT

تصريحات سفير الولايات المتحدة في أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك تُقرأ في الغالب باعتبارها صدى مباشرا لصوت ترامب، وتعبيرا عن رؤيته. ومع تقلباته وخطاباته المتغطرسة لا يكاد يختلف في ملامحه السياسية عن «ربّ العمل» نفسه. والحال هذه لا تخصه وحده؛ فالأمر يكاد يكون قاعدة عامة عند أغلب المقربين الذين اختارهم ترامب لفريقه، وعند الأسماء التي عيّنها في المواقع الحسّاسة.

قد يُقال: إن من الطبيعي أن يشكّل الرئيس الأمريكي فريقا من وجوه يثق بها، وأن يكون كل واحد منهم «صوت ترامب» في موقعه، لكن الصورة تجاوزت هذا الحدّ بكثير؛ الجميع يحاول أن يتحرك مثله، يتصرف مثله، يتكلم مثله، كأن كل واحد منهم يتوهم أنه ترامب الآخر.

لنأخذ مثلا ما قاله السفير باراك في المنتدى الذي شارك فيه في البحرين:

«تركيا وإسرائيل لن تتحاربا. وقد يُوقّع بينهما في مستقبل غير بعيد اتفاق تجاري».

هل هذا من صميم عمل سفير؟ هل من مهمته أن ينصّب نفسه وصيا يتحدّث عن السياسة الخارجية للبلد الذي يمثّل بلاده على أرضه، أي تركيا؟ وهل من حقّه أن يطلق تصريحات حول إسرائيل تُستخدم وقودا للسجالات الداخلية في تركيا، وتفتح باب الجدل، وتحرك الاصطفافات، وتضغط على خطوط التماس السياسية والاجتماعية؟

صحيح أن احتمال اندلاع حرب بين تركيا وإسرائيل ضعيف، وكثيرون يقولون ذلك. لكن حتى لو وُجد يوما بند كهذا على جدول الأعمال، فليس باراك ولا رئيسه ترامب هما الجهة التي تملك الكلمة الفصل فيه. إذا فقدت إسرائيل صوابها وذهبت بعيدا في تهديد تركيا فإن تركيا دولة ذات سيادة واستقلال، وتعرف جيدا ما الذي تفعله وما الذي تقتضيه مسؤولياتها.

وبالمثل؛ ليس من حقهما أن يتحدّثا باستخفاف عن «اتفاقية تجارية» في ظرف بهذه الحساسية والتوتر. من الواضح أن لديهم نية ما ويتداولونها في ما بينهم. وحين يكون الأمر كذلك فإن الشيء الحقيقي الوحيد المطلوب منهم هو كبح جماح إسرائيل، وعدم السعي إلى تبييض صفحة المتورطين في جرائم الإبادة، أو محو ذاكرة العدوان.

وحين ننظر إلى هذا القدر من الفجاجة يتضح أكثر أن باراك لا يتصرف كدبلوماسي. نعم؛ في البداية أدلى بتشخيصات بدت «معقولة» وأقرب إلى المزاج التركي في إطار محاولات إبقاء العلاقات التركية ـ الأمريكية حيّة ومعالجة الملفات العالقة؛ قال مثلا: «ستكون هناك في سوريا بنية موحدة، دولة واحدة، جيش واحد... قوات سوريا الديمقراطية هي في جوهرها وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية الشعب فرع من حزب العمال الكردستاني. صحيح أنهم وقفوا معنا في القتال ضد تنظيم داعش، لكننا لا ندين لهم بدولة». هذه العبارات لاقت استحسانًا في حينها، ولا يزال يحاول بين الفينة والأخرى الظهور بمظهر الرجل الذي «يقول ما يريح الأذن»، أو يقدّم الخطاب المناسب وفقًا للمتلقّي.

لكن الآن بات واضحا أكثر فأكثر أنّه يتصرّف كمنحاز صريح لإسرائيل. بل كأنه تلقّى ضربة على رأسه أفقدته اتزانه السياسي؛ إذ انقلب على كلامه السابق بخصوص قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب التي وصفها بنفسه بأنها فرع من حزب العمال الكردستاني، ثم خرج يقول: احتمال قيام حكومة مركزية في سوريا ضعيف... لم تعد وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية -في رأيه- مرتبطة بحزب العمال الكردستاني. إنهما حليفانا في الحرب ضد تنظيم داعش.

ولم يكتفِ بذلك، بل ذهب دون أي خجل إلى معاقل هذه الجماعات، والتقط الصور إلى جانبهم وأعلامهم، وأمام الخريطة الفضيحة المعلّقة على الجدار والتي تُظهر لواء هاتاي داخل الحدود السورية، ثم ادّعى أنه لم ينتبه!

من الوهم انتظار الصدق من مثل هذه المواقف. والتجربة مع واشنطن حافلة بأمثلة سابقة تؤكد ذلك. لذلك؛ إذا كانوا اليوم يقولون: إنهم لا يستطيعون الوصول إلى وقف إطلاق النار في ملف بالغ الحساسية مثل غزة من دون تركيا، فهم يعرفون جيدًا ما يعنيه ذلك. لكن عليهم أن يدركوا قبل كل شيء؛ تركيا تتدخّل لأنها تفكر في المظلومين في غزة، وليس لأن ترامب أو باراك قالا هذا أو لمحا إلى ذاك. ما يقوله هؤلاء لا يغيّر في قرار أنقرة شيئًا.

في منطقة، بل في جغرافيا أوسع بات واضحًا أنهم لن يفلحوا في تحقيق شيء جوهري من دون تركيا، ومع ذلك يواصلون الإصرار على الشراكة مع التنظيمات الإرهابية، وعلى سياسات مترددة ومتناقضة تقوّض الثقة. وهذا السلوك لا ينسجم حتى مع المصالح الأمريكية نفسها.

صحيح أن باراك رجل أعمال في الأصل، لكن ما دام يحمل صفة «سفير» فعليه أن يتحرك في إطار المسؤولية التي تفرضها هذه الصفة؛ أوّلا: عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للبلد الذي يعمل فيه، وعدم التصرّف وكأنه وصيّ على سياساته الداخلية والخارجية. هذا أمر واضح وبديهي. غير أنه لا السفير باراك ولا غيره من الأسماء التي تتخذ من ترامب نموذجًا لهم لديهم هذا الهمّ أو هذا الضابط.

كلّ واحد منهم يحاول أن يتصرّف على طريقة ترامب؛ يقول ما يشاء فقط لكي يبقى في قلب المشهد. كثيرون منهم لا ينتمون أصلا إلى تقاليد الدولة، ويتحركون بعقلية «أنا أمريكي أفعل ما أشاء» في حالة نفسية مريضة. في مواقفهم وخطاباتهم يمارس كل واحد منهم «لعبة الترامبية» على طريقته. طبقات فوق طبقات، نسخ متداخلة ومتطابقة تقريبًا... أشبه ما يكونون بدُمى «ماتريوشكا ترامب» مصطفّة داخل بعضها البعض.

تونجا بنغين صحفي وكاتب عمود تركي بارز يعمل حاليا كاتب عمود للشؤون اليومية في جريدة «ملييت» (Milliyet) التركية

عن صحيفة ملييت التركية

تمت الترجمة باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حمایة الشعب واحد منهم

إقرأ أيضاً:

باراك يدعو إلى “عصيان مدني شامل” لإسقاط حكومة نتنياهو

#سواليف

اجم رئيس الوزراء ووزير الحرب الإسرائيلي الأسبق، #إيهود باراك، #حكومة بنيامين #نتنياهو، واصفًا إياها بأنها “فاسدة وعنصرية وغير قادرة على قيادة البلاد نحو الوحدة والإصلاح”، داعيًا إلى #عصيان_مدني مفتوح حتى إسقاطها.

وفي مقال نشرته صحيفة معاريف، قال باراك إن الأزمة الحالية “ليست صراعًا بين يمين ويسار، بل بين إسرائيل ديمقراطية صهيونية ملتزمة بإعلان الاستقلال، وبين دكتاتورية دينية فاسدة تقود إلى زوال الصهيونية والدولة”.
وأضاف: “نحن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما انهيار شامل ومرض، أو إصلاح وتعافٍ حقيقي، ولا وجود لحل وسط”.

ووصف باراك حكومة نتنياهو بأنها “متمردة تتحدى القانون وتعمل ضد المصالح الوطنية”، مؤكّدًا أن “العلاج الروتيني لم يعد مجديًا، وأن المطلوب إجراءات طارئة لمواجهتها”.

مقالات ذات صلة النيابة التركية تصدر أوامر توقيف بحق نتنياهو و36 مسؤولا إسرائيليا 2025/11/07

ودعا إلى حملة عصيان مدني سلمية على غرار تجارب غاندي ومارتن لوثر كينغ، حتى إسقاط “حكومة الفشل والخذلان”، محذرًا من أن استمرارها يشكّل “التهديد الأكبر لوجود إسرائيل”، بسبب ما وصفه بـ”التحريض والكراهية ونهب الخزانة وازدراء المحكمة العليا”.

كما طالب باراك قادة المعارضة بالتصرف “بشجاعة”، وتعليق جلسات الكنيست فور طرح أي مشروع قانون قضائي “انقلابي”، والتظاهر في محيط الكنيست حتى إسقاط الحكومة.

ودعا قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، من العمال والأكاديميين والعاملين في التكنولوجيا والقطاع الصحي والتربوي، إلى الانضمام لإغلاق شامل للبلاد.

وفي سياق متصل، حثّ باراك المدعية العامة على إعلان عدم أهلية نتنياهو، ودعا رئيس الشاباك إلى اتخاذ موقف مشابه، مشيرًا إلى أن “الرئيس الإسرائيلي يجب أن يعلن وقوفه مع المخلصين لإعلان الاستقلال”، مؤكّدًا أن “هذه هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ إسرائيل من نتنياهو والكهانية والأصولية

مقالات مشابهة

  • مسؤولون: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور في تركيا والسلطات تحقق
  • 6.7 مليون طالبا جامعيا في تركيا
  • إيهود باراك: هكذا نوقف تدمير إسرائيل من الداخل
  • باراك يدعو إلى “عصيان مدني شامل” لإسقاط حكومة نتنياهو
  • مسؤول أمريكي: ندعم دور تركيا ودول الخليج في إعادة إعمار سوريا
  • ترامب: الشرع رجل قوي ورفعنا العقوبات عن سوريا بطلب من تركيا وإسرائيل
  • ترامب: الشرع “رجل قوي” ورفعنا العقوبات عن سوريا بطلب من تركيا وإسرائيل
  • WP: ترامب يمنح تركيا دورا محوريا في خطة غزة.. وإسرائيل تعتبره تهديدا أمنيا
  • WP: ترامب يمنح تركيا دورا محوريا في خطة بغزة.. وإسرائيل تعتبره تهديدا أمنيا مباشرا