في إطار جهود الهيئة العامة للرقابة المالية لدعم منظومة الابتكار وريادة الأعمال داخل الأسواق المالية غير المصرفية، طرح الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة، خلال كلمته في قمة رايز أب 2025، رؤية تستهدف بناء اقتصاد حديث يقوم على التجربة والإبداع والمعرفة على أن تكون نواته هي الشركات الناشئة.

وطرح رئيس الهيئة عدة محاور رئيسية تمثل ملامح الطريق نحو بيئة أعمال أكثر مرونة وجاذبية للاستثمار، من خلال ترسيخ مفهوم ريادة الأعمال كنواة للاقتصاد الحديث، وتطوير الدور التنظيمي للهيئة بما يواكب التحول الرقمي ويحفّز الابتكار، مع التأكيد على أن الرقابة ليست عبئًا على الشركات بل عنصر قوة يعزز ثقة المستثمرين والأسواق.

الرقابة المالية: إصدار حزمة القرارات الخاصة بآليات الشورت سيلنج قبل نهاية العامالرقابة المالية توقع مذكرة تفاهم مع لجنة مراقبة هيئات الضمان اللبنانيةالرقابة المالية: أقساط التأمين تقترب من 68 مليار جنيه خلال 7 أشهر

كما أشار الدكتور فريد إلى أن الهيئة فعّلت الترخيص الخاص بالشركات الناشئة في مجالات الأنشطة المالية غير المصرفية، بجانب تطوير أدوات جديدة وتنظيم مجالات ابتكارية، مثل منصات التمويل الجماعي (Crowdfunding Platforms) في قطاع العقارات، وكذلك أدوات تقييم الشركات (Valuation)، وغيرها من المجالات التي تتطلب تحديثًا تشريعيًا مستمرًا لاستيعابها.

وأكد أن تلك الخطوات تمثل نموذجًا عمليًا للتنظيم الذكي الذي يدعم الابتكار دون الإخلال بالضوابط الرقابية، إذ يمنح الشركات المبتكرة فرصة لتجربة أفكارها في بيئة منظمة وآمنة.

وتتضمن الرؤية كذلك ترسيخ ثقافة تقبّل التجربة والفشل كجزء من رحلة النجاح، وتسليط الضوء على دور رائد الأعمال وقدرته على تحمّل المسؤولية في بناء شركته وتوسيع نشاطها، وصولًا إلى تبنّي مفهوم التنظيم الذكي كضمانة لمستقبل أكثر استدامة للأسواق المالية غير المصرفية.

وأكد رئيس الهيئة أن تحقيق هذه الرؤية يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الجهات التنظيمية ورواد الأعمال والمستثمرين لبناء اقتصاد جديد يقوم على المرونة والإبداع، مشددًا على أن الرقابة الفعالة والإطار التنظيمي الذكي هما الأساس لتعزيز الثقة وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى السوق المصرية.

وفي تفاصيل رؤيته، شدد الدكتور فريد على أن ريادة الأعمال هي النواة الحقيقية للاقتصاد الحديث، موضحًا أن الاقتصادات القوية تُبنى بسواعد وطاقة أصحاب الأفكار القادرين على تحويلها إلى مشروعات .

وأكد أن كل شركة كبرى نراها اليوم بدأت كفكرة صغيرة، وكمشروع ناشئ في سوق يهيمن عليه الكبار، ونجحت بالعمل والإصرار في التحول إلى مؤسسة رائدة، وهو ما يثبت أن نجاح هذه النماذج هو الأساس الذي تقوم عليه الكيانات الكبرى.

وحول دور الهيئة، أوضح أن الهيئة العامة للرقابة المالية هي الجهة المنظمة والمشرفة على كافة الأنشطة المالية غير المصرفية، من أسواق المال وصناديق الاستثمار إلى كافة أشكال التمويل (العقاري، الاستهلاكي، التأجير التمويلي) وكذلك شركات التسوية والبورصات الخاصة بالسلع والأدوات المالية.

ولفت إلى أن هدف الهيئة لم يعُد يقتصر على الرقابة التقليدية، بل تطور ليشمل فهم احتياجات السوق وتبسيط الإجراءات التنظيمية، وهي عملية إصلاح استغرقت آلاف الساعات لضمان حماية المستثمرين ومنح الثقة للسوق.

وانطلاقًا من هذا الدور، أكد رئيس الهيئة أن وجود الرقابة لا يمثل عبئًا، بل هو مصدر قوة حقيقي للشركات، فالشركات الخاضعة للتنظيم تكتسب مصداقية فورية لدى المستثمرين والممولين، وتفتح أمامها آفاقًا للتوسع.

وشدد على أن غياب الإطار التنظيمي الواضح هو ما يخيف المستثمرين ويبعد رأس المال، كاشفًا أن الهيئة رصدت هذا التخوف سابقًا تجاه أنشطة مبتكرة، وهو ما دفعها للتدخل لتنظيم هذه "المناطق الرمادية" بدلًا من تركها.

ولتجسيد هذا الفكر عمليًا، سلّط الضوء على إطلاق الهيئة مبادرة غير مسبوقة تتمثل في إصدار ترخيص مؤقت خاص بالشركات الناشئة (Startup License) في مجالات التمويل غير المصرفي (NBFIs)، مثل التمويل العقاري والاستهلاكي، والتأجير التمويلي، والتخصيم، بما يمنح المبتكرين فرصة لتجربة نماذج أعمالهم في بيئة منظمة وآمنة، دون إلزامهم بكافة متطلبات الترخيص الكامل من اليوم الأول.

وقد أثبتت هذه المبادرة نجاحًا فوريًا، حيث كشف رئيس الهيئة، أن عددًا من الشركات تمكنت من جذب استثمارات جديدة بمجرد حصولها على هذا الترخيص، لأن المستثمرين أصبحوا أكثر ثقة في التعامل مع نشاط يخضع لرقابة رسمية. واعتبر أن هذه التجربة هي دليل قاطع على أن "التنظيم الذكي" لا يقيّد الابتكار، بل يفتح له الطريق.

كما دعا الدكتور فريد إلى ضرورة تغيير الثقافة المجتمعية التي تنظر للفشل كعيب، مؤكدًا أن التجربة والفشل هما جزء طبيعي ومطلوب من رحلة ريادة الأعمال. وأشار إلى أن المعدلات العالمية تشير إلى أن 8 من كل 10 شركات ناشئة تفشل، وأن النجاحات الكبرى التي تغير السوق تأتي من الشركتين المتبقيتين.

وأضاف أن الهدف ليس فقط تخريج شركات عملاقة، بل بناء "شركات متوسطة قوية". وأضاف أن المطلوب ليس أن تكون كل الشركات مثل "أمازون"، بل أن يكون لدينا شركات متوسطة قوية تمثل العمود الفقري للاقتصاد، وتربط بين الكبار والصغار في منظومة متكاملة.

وتطرق الدكتور فريد أيضًا إلى التحديات التي يواجهها رائد الأعمال، موضحًا أن ريادة الأعمال ليست رفاهية، بل هي مسؤولية مضاعفة وضغوط مستمرة لإدارة الفريق، وتأمين المصروفات، وضمان استمرارية الشركة.

قائلًا: "اللي بيبدأ شركة جديدة لازم يعرف إن الشغل مش رفاهية. هو اللي هيتابع المصروفات، وهيدير الفريق، وهيتعامل مع الأزمات، وهيدفع الإيجار، وهيتأكد إن الشركة ما تقعش. المسؤولية مضاعفة، والضغوط مستمرة، لكن ده جزء من بناء الحلم."

واختتم رئيس الهيئة حديثه بالتأكيد على مفهوم "التنظيم الذكي"، موضحًا أن دور الهيئة ليس التفكير نيابة عن المبتكرين، بل منحهم المساحة الآمنة والمنظمة اللازمة للإبداع والإبتكار.

وأكد أن الهيئة ماضية في تطوير التشريعات لتكون بيئة حاضنة للابتكار، لأن الجمع بين التنظيم المرن والجرأة في التجربة هو ما سيجعل مصر مركزًا إقليميًا لريادة الأعمال والتمويل المبتكر، مضيفًا أن الرقابة الفعالة هي الضمان الحقيقي لثقة المستثمرين المحليين والأجانب في السوق المصرية.

وأضاف أن مصر تملك شبابًا مبتكرًا، وأفكارًا طموحة، وسوقًا كبيرة،وأننا إذا جمعنا بين التنظيم المرن والجرأة في التجربة، سنكون أمام اقتصاد أكثر قوة واستدامة، ومركزًا إقليميًا لريادة الأعمال والتمويل المبتكر في المنطقة.

تجدر الإشارة إلى أن القمة والشراكة في مجال التكنولوجيا العقارية (بروبتيك) انعقدت للمرة الأولى، بالتعاون بين رايز أب ومصر إيطاليا العقارية في كايرو بيزنس بارك، مركز الابتكار والثقافة في شرق القاهرة. وجاءت هذه القمة نتاج شراكة استراتيجية بين الكيانين، وتُعد بمثابة الخطوة الأولى للشركة بالتعاون مع  رايز أب لجمع المنظومة الصناعية بأكملها، وتشمل المطورين، والوسطاء العقاريين، وشركات التكنولوجيا المالية، وشركات التكنولوجيا العقارية، والمقاولين في مكان واحد، وهو المركز الذي سيتم إنشاؤه.

تجدر الإشارة أيضًا إلى أن  رايز أب بالشراكة مع مصر إيطاليا يعملان معًا على إنشاء أول مركز للابتكار في مجال التكنولوجيا العقارية (PropTech Innovation Hub) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، داخل كايرو بيزنس بارك.

طباعة شارك الأسواق المالية غير المصرفية الدكتور محمد فريد رئيس الهبئة العامة للرقابة المالية اخبار مصر ريادة الأعمال التحول الرقمي الشركات الناشئة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأسواق المالية غير المصرفية الدكتور محمد فريد اخبار مصر ريادة الأعمال التحول الرقمي الشركات الناشئة المالیة غیر المصرفیة الشرکات الناشئة الرقابة المالیة ریادة الأعمال الدکتور فرید رئیس الهیئة أن الهیئة رایز أب إلى أن على أن

إقرأ أيضاً:

فتح باب التقدم لجوائز التعليم العالي لتميز الشركات الناشئة

أعلن الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن جوائز الوزارة لتميز الشركات الناشئة التي تستند إلى مخرجات البحث العلمي، وتأسست بواسطة أعضاء هيئات التدريس والباحثين، أو الطلاب والخريجين في غضون ثلاث سنوات بعد التخرج، في إطار تفعيل السياسة الوطنية للابتكار المستدام 2030.

حصول وزارة التعليم العالي على أعلى تصنيف دولي في الابتكار المؤسسي وزير التعليم العالي: نخطط لبناء منظومة ابتكار مستدامة داخل الجامعات

وأوضح وزير التعليم العالي أن هذه الجوائز تأتي لتحفيز بيئة الابتكار داخل الجامعات والمعاهد المصرية، وغرس ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب، وربط مخرجات البحث العلمي بالاقتصاد الوطني من خلال تشجيع إنشاء الشركات الناشئة القائمة على المعرفة، بما يسهم في تحويل الأفكار البحثية إلى منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة.

وأكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن جوائز التعليم العالي والبحث العلمي لتميز الشركات الناشئة ترجمة عملية لرؤية الدولة في دعم الابتكار كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، وبناء اقتصاد معرفي قادر على المنافسة. 

ونوه وزير التعليم العالي بأن الشباب هم المحرك الرئيسي للإبداع، وأن الجامعات المصرية قادرة على أن تكون حاضنات فكرية لمشروعات ريادية تقود مستقبل التنمية في مصر.

وتُمنح الجوائز للشركات المتميزة التي تأسست خلال الفترة من 1 يناير 2021 حتى 31 مارس 2025، بالإضافة إلى فرق الابتكار وريادة الأعمال بالجامعات والمعاهد ذات العلاقة.

وتشمل الجوائز ثلاثة مسارات رئيسية، المسار الأول للشركات الناشئة في مرحلة التأسيس (حتى 18 شهرًا)، المسار الثاني للشركات في مرحلة النمو المبكر (من 18 إلى 36 شهرًا)، المسار الثالث للشركات في مرحلة النمو (أكثر من 36 شهرًا).

وتخصص جائزة لأفضل شركة ناشئة مؤسسة من قبل رائدة أعمال، دعمًا لتمكين المرأة في مجال الابتكار وريادة الأعمال.

وأكد الدكتور حسام عثمان، نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي لشئون الابتكار والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال، أن الإعلان عن الشركات الفائزة سيتم خلال فعاليات منتدى التعليم العالي والبحث العلمي لريادة الأعمال المزمع عقده قبل نهاية العام الجاري، والذي يُعد منصة وطنية لتعزيز التكامل بين البحث العلمي والاقتصاد المعرفي، وتشجيع الشباب على تبني الفكر الريادي وتحويل المعرفة إلى مشروعات إنتاجية تسهم في دعم جهود الدولة نحو بناء اقتصاد قائم على الابتكار والمعرفة.

وأوضح نائب الوزير، أن موعد تلقي ترشيحات الشركات الناشئة من قبل فرق ريادة الأعمال بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية سيكون بحد أقصي حتى يوم الأحد 23 نوفمبر 2025، حيث ستُقيّم الشركات وفق معايير تشمل حجم الملكية الفكرية، وحجم الاستثمار، وعدد العاملين، والدخل، وعدد الشركاء الصناعيين، والقيمة المضافة للمنتج أو الخدمة، إضافة إلى نموذج العمل ومعدلات النمو وخطة التوسع المستقبلية.

وسيتم خلال المنتدى تكريم جميع الشركات الناشئة التي تحصل على أكثر من 50% من درجة التقييم إلى جانب الفائزين بجوائز التميز.

مقالات مشابهة

  • وزارة التضامن تشارك في "التسويق المبتكر لمشروعات ريادة الأعمال" بالدوحة
  • وزارة الصناعة تبرم اتفاقيات نوعية لتمكين ريادة الأعمال والمنظمات غير الربحية في الصناعة والتعدين
  • الهيئة السعودية للبحر الأحمر وأمانة جدة تدشّنان الوسائط البحرية الجديدة على سواحل المحافظة
  • شروط جوائز التعليم العالي لتميز الشركات الناشئة
  • فتح باب التقدم لجوائز التعليم العالي لتميز الشركات الناشئة
  • أسبوع ريادة الأعمال بصحم يختتم بمجموعة من الفعاليات المتنوعة
  • بالقانون ..حوافز لجذب المستثمرين لإقامة مجمعات صناعية ومشروعات صغيرة
  • وزير المالية: الشراكة الاستثمارية مع قطر في علم الروم إضافة قوية للاقتصاد
  • الأسهم الأوروبية تتراجع هامشيًا قبيل قرار بنك إنجلترا بشأن الفائدة مع تركيز المستثمرين على نتائج الشركات