د. علي بن حمدان البلوشي

تُعد إدارة المخاطر من أهم الأسس التي تقوم عليها استمرارية المؤسسات ونجاحها؛ إذ تواجه المؤسسات في مختلف القطاعات أنواعًا متعددة من المخاطر التي قد تؤثر سلبًا في قدرتها على تحقيق أهدافها. وتُعرَّف المخاطر بأنها احتمال وقوع أحداث غير مرغوبة أو مواقف غير متوقعة قد تُؤدي إلى خسائر مالية أو تشغيلية أو معنوية.

وتنشأ هذه المخاطر من عوامل داخلية مثل الأخطاء البشرية وضعف التخطيط وسوء استخدام الموارد، أو من عوامل خارجية كالتقلبات الاقتصادية، والأزمات السياسية، والكوارث الطبيعية، وتطورات التكنولوجيا التي قد تحمل تهديدات جديدة للأمن المعلوماتي.

وللتصدي لهذه المخاطر، يتعين على المؤسسات أن تتبنى نهجًا شاملًا لإدارة المخاطر يبدأ بتحديدها وتحليل أسبابها وتقييم احتمالية وقوعها وتأثيرها المحتمل، ثم وضع الخطط والاستراتيجيات المناسبة للوقاية منها أو تقليل آثارها إذا حدثت. وتشمل هذه الإجراءات وضع خطط للطوارئ وتحديث السياسات التشغيلية واستخدام التقنيات الحديثة في المراقبة والتحليل، إلى جانب تدريب الموظفين وتعزيز ثقافة الوعي بالمخاطر داخل بيئة العمل.

ويؤدي كل من الموظفين والإدارة دورًا محوريا في تعزيز هذا الوعي، فالموظفون هم خط الدفاع الأول، إذ تقع على عاتقهم مسؤولية الالتزام بالتعليمات والإجراءات والإبلاغ عن أي خلل أو خطر محتمل. أما الإدارة، فهي الجهة المسؤولة عن غرس ثقافة الوعي بالمخاطر عبر تنظيم الندوات واللقاءات الدورية وورش العمل، وإصدار التعاميم الداخلية التي توضح أساليب الوقاية والإجراءات الواجب اتباعها. كما يقع على الإدارة واجب تشجيع الشفافية وخلق بيئة عمل آمنة تسمح بالإبلاغ عن المشكلات دون خوف أو تردد.

وتُعد دوائر التدقيق والمراقبة عنصرًا أساسيًا في منظومة إدارة المخاطر؛ إذ تضطلع بمهمة مراجعة الإجراءات الداخلية ورصد أي مخالفات أو نقاط ضعف قد تؤدي إلى حدوث مخاطر محتملة، إلى جانب التأكد من التزام الإدارات المختلفة بالسياسات الموضوعة. كما تقوم هذه الدوائر بإعداد تقارير دقيقة ترفع إلى الإدارة العُليا لتقديم التوصيات التي من شأنها تعزيز الرقابة وتحسين كفاءة الأداء والحد من المخاطر المستقبلية.

وتتنوع المخاطر التي تواجه المؤسسات بحسب طبيعتها وطبيعة نشاطها، فمنها المخاطر المالية التي قد تنشأ نتيجة سوء إدارة الموارد أو التقلب في أسعار العملات، والمخاطر التشغيلية التي تنتج عن الأعطال التقنية أو الأخطاء في العمليات اليومية، والمخاطر القانونية التي تظهر عند مخالفة الأنظمة أو العقود، والمخاطر التقنية التي تتعلق باختراق الأنظمة أو تسرب المعلومات. وتتم الوقاية من هذه المخاطر بتطبيق أنظمة رقابة فعالة، وتحديث برامج الحماية، وإجراء التدقيق المستمر، إلى جانب تدريب الكوادر البشرية على التعامل مع التحديات المختلفة.

ومن الأمثلة الواقعية على ذلك ما حدث في بعض المؤسسات المالية حين تم اكتشاف محاولة لاختراق النظام الإلكتروني بهدف تحويل أموال بطرق غير مشروعة. وقد تم اكتشاف الخلل بفضل نظام المراقبة الذكي الذي نبه الإدارة إلى نشاط غير معتاد، فتم اتخاذ إجراءات فورية لتحديث النظام الأمني، وتطبيق آليات تحقق متعددة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا.

إنَّ أهمية إدارة المخاطر لا تقتصر على حماية المؤسسة من الخسائر فحسب؛ بل تمتد إلى ضمان استدامتها وتعزيز قدرتها على التكيف مع التغيرات. فالمؤسسة التي تمتلك خطة واضحة لإدارة المخاطر وتحرص على تطبيقها بفعالية، هي مؤسسة قادرة على بناء الثقة لدى موظفيها وعملائها وشركائها. وتكمن قوة الرقابة في شكلين مُتكاملين: الرقابة الإدارية التي تتابع تنفيذ السياسات وتقييم الأداء، والرقابة الذاتية التي تُعزز الشعور بالمسؤولية الفردية لدى كل موظف تجاه عمله.

وفي الختام.. فإنَّ إدارة المخاطر ليست مُهمة ظرفية تُمارس عند حدوث الأزمات، بل هي عملية مُستمرة يجب أن تكون جزءًا من الثقافة المؤسسية. وينبغي أن تمتلك كل مؤسسة خطة متكاملة تُحدد فيها الأدوار والمسؤوليات بوضوح، ليعمل الجميع، من الإدارة إلى أصغر موظف، ضمن منظومة واحدة هدفها الأساسي هو حماية المؤسسة وتحقيق استدامتها في عالم تتزايد فيه التحديات والمخاطر.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هشام نصر يعلن موقف الزمالك من قداح والشكوى ضد زيزو ويشيد بجون إدوارد

أوضح هشام نصر، نائب رئيس نادي الزمالك، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “ستاد المحور” الذي يقدمه الإعلامي خالد الغندور، آخر المستجدات بشأن قيد اللاعبين وعلاقة الإدارة باللاعبين.

وأكد نصر أن إدارة الزمالك تعمل حالياً على قيد اللاعب قداح، مشيراً إلى أن اللاعب ابن النادي، وفي حال فشل القيد سيتم تسجيله في يناير المقبل.

كما نفى نائب الرئيس تقديم النادي أي شكوى ضد زيزو بسبب مخالفة بروتوكول تسليم الميداليات، لكنه شدد على رغبة الإدارة في تطبيق اللوائح على جميع اللاعبين دون استثناء.

وفي سياق آخر، أشاد هشام نصر بعلاقة مجلس إدارة الزمالك باللاعب جون إدوارد، واصفًا إياها بأنها “أكثر من رائعة”، مشيراً إلى أن اللاعب يمتلك رؤية وفكرًا كبيرًا، وأضاف: “تربيت في نادي الزمالك وهو من صنع اسمي”.

طباعة شارك هشام نصر نادي الزمالك الزمالك إدارة الزمالك قداح زيزو

مقالات مشابهة

  • الكنز الخفي والثروة الأغلى التي لا تعوَّض
  • ورشة فب وزارة الإدارة والتنمية المحلية حول إدارة المشاريع الاحترافية
  • هشام نصر يعلن موقف الزمالك من قداح والشكوى ضد زيزو ويشيد بجون إدوارد
  • تكريم المؤسسات والأفراد الفائزين في جائزة التميز في إدارة الموارد البشرية
  • جدل حول هوية القوة الدولية الغامضة التي ستحمي غزة
  • انتخاب مجلس إدارة جديد لجمعية وكلاء السياحة والسفر الأردنية
  • «أشغال»: إنشاء أصول خضراء وبنية تحتية مستدامة للأجيال القادمة
  • بنك ظفار يواصل جهوده في إدارة البصمة الكربونية دعما للتنمية المستدامة
  • دورة توعوية بمفاهيم إدارة المعرفة وتطبيقها بين الموظفين