جدل حول هوية القوة الدولية الغامضة التي ستحمي غزة
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
يتجه المشهد الفلسطيني نحو مرحلة حساسة مع تصاعد النقاشات حول إمكانية نشر قوة دولية متعددة الجنسيات في قطاع غزة، في وقت تتباين فيه الرؤى حول مهامها، صلاحياتها، ومدى تقيدها بالسيادة الفلسطينية.
وتتصاعد هذه التساؤلات في ظل محاولات دولية لإرساء ترتيبات أمنية مؤقتة تضمن حماية المدنيين، وتأمين المعابر، ومراقبة نزع السلاح، لكنها في الوقت نفسه تثير مخاوف فلسطينية وعربية من فرض وصاية خارجية على القطاع.
وأكد نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، أن أي قوة دولية يجب أن تكون بقرار أممي واضح، غير قتالية، ومحددة المهام، مع التنسيق الكامل مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لضمان احترام السيادة الوطنية وحماية المدنيين.
في المقابل، يرى عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، جهاد الحرازين، أن مشروع القرار الأميركي يثير تحفظات واسعة لدى الفصائل الفلسطينية والدول العربية والإسلامية، بسبب ما يراه "غياب الدور الفلسطيني في إدارة غزة"، ومنحه القوة الدولية صلاحيات قد تؤثر على وحدة الأراضي الفلسطينية وفصل القطاع عن الضفة الغربية.
وأكد الحرازين أن المشاورات مستمرة مع دول عربية مؤثرة لتعديل بنود المشروع، وضمان دور واضح للسلطة الوطنية الفلسطينية، بما يشمل إدارة القطاع عبر حكومة تكنوقراط أو لجنة إدارية، بما يحفظ وحدة القرار الوطني الفلسطيني.
وبالنسبة لحركة حماس، كشف الحرازين عن مبادرة السلطة لتسليم سلاح الحركة إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لكن الحركة رفضت، مؤكدة أن سلاحها "مقدس" ويجب أن يبقى ضمن إطار الدولة الفلسطينية المستقبلية. كما لفت إلى أن هناك ثماني نقاط عرضت على الحركة ضمن مؤتمر القادة عام 2023، إلا أن ردها لم يأتِ بعد، ما يعكس غياب مشاركتها الفاعلة في صياغة مستقبل القطاع.
ومن جهته، أشار مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون إلى استعداد حماس للخروج من الحكم في غزة، لكنها ترفض الخروج من المشهد السياسي الفلسطيني، مؤكداً أن أي ترتيبات إدارية أو سياسية لا يمكن أن تتم دون التنسيق مع الحركة، مع التمسك بمبادئ ثلاثة رئيسية: بقاء السلاح فلسطينيًا بالكامل، عدم نقاش نزعه قبل انسحاب الاحتلال، والسعي لضبط السلاح داخلياً فقط.
ويبرز هذا الجدل أن النقاش حول "القوة الدولية الغامضة" في غزة ليس مجرد مسألة أمنية، بل يمثل اختبارًا لمستوى التوازن بين الدور الفلسطيني في إدارة القطاع، وحماية المدنيين، والمبادرات الدولية لضبط الأوضاع، في وقت تبقى فيه مصالح القوى الإقليمية والدولية متشابكة مع المشروع الوطني الفلسطيني، ويظل الهدف الرئيس حماية حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم دون وصاية خارجية.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
الإمارات تستبعد انضمامها لقوة الاستقرار الدولية في غزة.. ما هي دوافع هذا القرار؟
يومًا بعد آخر، تسعى أبو ظبي لتمتين العلاقات مع الدولة العبرية، فقد شرعت مؤخراً في بناء سفارتها في مدينة "هرتسليا" بناءً على طلب من مكتب نتنياهو، لتصبح بذلك أول دولة خليجية تقيم سفارتها في تلك المدينة.
رجّحت الإمارات أنها ستمتنع عن المشاركة في قوة الاستقرار الدولية في غزة، وعزت ذلك إلى عدم وجود إطار واضح لعمل القوة، حسبما أوضح المستشار الرئاسي أنور قرقاش خلال منتدى في أبوظبي.
وقال قرقاش إن بلاده "لا ترى حتى الآن إطار عمل واضح لقوة حفظ الاستقرار، وفي ظل هذه الظروف، لن تشارك على الأرجح في مثل هذه القوة"، ثم استدرك قائلًا: "لكنها ستدعم جميع الجهود السياسية الرامية إلى السلام، وستظل في طليعة الدول التي تقدّم المساعدات الإنسانية"، مشيرًا إلى أن الإمارات قدمت حتى الآن مساعدات تجاوزت 2.57 مليار دولار لدعم غزة.
ويأتي هذا التحوّل معاكسًا لمسار الخطة الأمريكية التي اقترحت أن تضم القوة كلًا من مصر وقطر وتركيا، إلى جانب الإمارات، الدولة التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بموجب اتفاقيات أبراهام عام 2020.
ومن المقرر أن تتولى هذه القوة إدارة شؤون غزة، وينتظر أن يمنحها مجلس الأمن تفويضًا لمدة عامين قابلين للتجديد، يمهد لانتشارها على الأرض في يناير المقبل.
موقف يستحق التوقف عندهمع ذلك، فإن امتناع الإمارات في اللحظة الأخيرة عن المشاركة في القوة يمثل موقفًا يستدعي التوقف والتأمل، لا سيما وأنها الدولة الخليجية التي يعوّل عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لقيادة هذه المرحلة.
وتأتي أهمية هذا الموقف في ضوء العلاقة المتينة التي نسجتها أبوظبي مع إسرائيل منذ توقيع اتفاقية التطبيع، حيث توسّع التعاون الثنائي ليشمل مجالات متنوعة، بما في ذلك توقيع اتفاقية تجارة حرة تُخفّض أو تلغي الرسوم الجمركية على 96% من السلع المتبادلة.
ولم يتوقف هذا الدعم عند حد الاقتصاد، بل تجاوزه إلى المجال العسكري، حيث شاركت طائرات إماراتية مقاتلة في تدريبات متعددة الجنسيات إلى جانب القوات الأمريكية والإسرائيلية، حتى أثناء الحرب على غزة.
وكانت تقارير قد أشارت إلى أن الإمارات قدمت دعماً لإسرائيل، عبر دعمها لمليشيا "أبو الشباب"، المتمردة على حماس في قطاع غزة، والتي تسيطر على منطقة رفح بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي.
وذكرت التقارير أن سيطرة "أبو الشباب" على معبر رفح ترتبط بالدور الذي منحته إسرائيل لأبوظبي سابقًا، بما في ذلك امتيازات خاصة لإدخال المساعدات إلى القطاع، فهي كانت من بين الجهات الدولية القليلة المسموح لها بإدخال شحنات نقدية مباشرة إلى المؤسسات المحلية.
ويومًا بعد آخر، تسعى أبو ظبي لتمتين العلاقات مع الدولة العبرية، فقد شرعت مؤخراً في بناء سفارتها في مدينة "هرتسليا" بناءً على طلب من مكتب نتنياهو، لتصبح بذلك أول دولة خليجية تقيم سفارتها في تلك المدينة.
ويمكن القول إن كل ما ذكر، يجعل السؤال أكثر إلحاحًا: لماذا تمتنع أبو ظبي عن المشاركة في القوة الآن؟
Related كوشنر يصل تل أبيب لمتابعة خطة ترامب.. الإمارات تستبعد المشاركة في القوة الدولية في غزةاستثمار ضخم في الإمارات.. مايكروسوفت تُنفّذ خطة بـ15.2 مليار دولار لتطوير الذكاء الاصطناعيصفقات بملايين الدولارات.. كيف أصبحت الإمارات بوابة ترامب الجديدة لتوسيع نفوذه؟ الأسباب المرجحة1- تعرض القوات الإماراتية للأذى: عزا معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تراجع أبوظبي عن موافقتها السابقة إلى خوف من تعرض قواتها للأذى، أو من أن يعتبر البعض أنها تخوض حرب إسرائيل بالنيابة عنها.
2- التنافس بين الدول الخليجية وعدم الرضا عن الدور الممنوح لقطر: في وقت سابق، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية مقالًا للباحث الدكتور يوئيل غوزنسكي من معهد دراسات الأمن القومي، أشار فيه إلى وجود منافسة بين الدول الخليجية بشأن مستقبل غزة.
وأوضح المقال أن الدولة العبرية تتوقع أن تكون السعودية والإمارات هما القوتان الرئيستان في قيادة عملية إعادة إعمار غزة، لكن الدولتان تضعان شروطًا مسبقة للمشاركة تشمل: تفكيك القدرات العسكرية لحركة حماس، وإنشاء نظام حكم جديد لا تكون فيه الحركة الفلسطينية في السلطة، مما يعني دورًا أقل لقطر وتركيا.
وأضافت الصحيفة أن البلدين يعتبران إعادة إعمار غزة جزءًا من منظومة أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني، وأن غياب زعماء السعودية والإمارات، عن قمة شرم الشيخ، او إرسال نواب عنهم في حالة الأخيرة، يُعد إشارة إلى عدم رضاهم عن الخطة الأمريكية وعن المكانة الممنوحة للدوحة وأنقرة.
لذلك، يأتي تصريح أبوظبي في هذا التوقيت ليكون بمثابة ورقة ضغط لتحديد موقعها في الترتيبات الإقليمية المستقبلية، ويمكن تفسيره بالعوامل التالية:
أ. تثبيت النفوذ وسط تغير المشهد الإقليمي: يشكل التقارب الأمريكي-القطري، الذي ازداد بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت حماس في الدوحة، تحديًا للنفوذ الإماراتي، كما أن التصريح تزامن مع مفاوضات يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع إدارة ترامب قبل زيارته للبيت الأبيض.
ب. مرونة في التصريح: إبقاء خيار المشاركة مفتوحًا دون نفي قاطع يمنح أبوظبي مساحة للمناورة، ويهدف إلى زيادة قيمة مساهمتها المحتملة في أي ترتيب أمني مستقبلي والتفاوض من موقع قوة.
3- عدم وضوح إطار عمل خطة الاستقرار: رغم حديث ترامب بإيجابية عن قوة الاستقرار الدولية، فإن مسار عملها لا يزال غير واضح، وهو ما أثار تخوفات مصرية من إمكانية حدوث صدامات على الأرض بين الدول المشاركة، التي يبدو أن تفويضها سيكون كبيرًا إلى الحد الذي يمكن فيه أن تساهم في نزع سلاح حركة حماس، ما يرفع من خطر حدوث تصادم معها.
فبحسب مسودة البنود الأمريكية التي حددت مهام القوة، ووفق موقع "أكسيوس" الذي اطلع عليها سابقًا: ستعمل هذه القوى على "استقرار الأوضاع الأمنية عبر ضمان نزع سلاح الفصائل المسلحة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية العسكرية لحركة حماس ومنع إعادة بنائها، وإنهاء امتلاك الأسلحة من قبل الجماعات غير الحكومية بشكل دائم".
ويشير ذلك إلى أن التفويض يمنح القوة صلاحية نزع سلاح حماس بالقوة إذا رفضت القيام بذلك طوعًا، مع إمكانية توسيع مهامها عند الحاجة لدعم "اتفاق غزة".
ويرى مراقبون أن الترتيبات بشأن ذلك قد تكون معقدة، خاصة في ظل رفض إسرائيلي للعرض على مجلس الأمن، ومشاركة تركيا بالقوات، واحتمال ظهور "فيتو" روسي–صيني حال وجود تحفظات فلسطينية.
4- عدم قيام دولة فلسطينية: وهو يمكن أن يكون السبب الأقل ترجيحًا، لكن وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان كتب في وقت سابق على منصة "إكس" إن "دولة الإمارات غير مستعدة لدعم اليوم التالي للحرب في غزة دون إقامة دولة فلسطينية".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة اتفاق التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي حركة حماس الإمارات العربية المتحدة حروب غزة إسرائيل
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم