مؤتمر لفلسطين يكشف مأزق الرقابة والحياد الأكاديمي بفرنسا
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
باريس- قبل أيام قليلة من تنظيم مؤتمر بعنوان "فلسطين وأوروبا: ثقل الماضي وديناميكيات العصر"، أعلن معهد "كوليج دو فرانس" في باريس تعليق الفعالية بدعوى الحفاظ على "الحياد المؤسسي"، بعد أن كان من المقرر عقدها اليوم الخميس وغدا الجمعة.
وفي محاولة لإنقاذ النقاش من مصير الصمت، وجد المنظمون مخرجا إسعافيا سريعا من خلال نقل الفعالية إلى مقر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات "كاريب"، معتبرين أن ما حدث إشارة مقلقة على تدخل الاعتبارات السياسية في فضاءات يُفترض أن تكون مستقلة ومحمية من الضغوط.
وقد أثار قرار التعليق من الجامعة الفرنسية عاصفة من ردود الفعل داخل الوسط الأكاديمي الفرنسي وخارجه. فالمؤتمر الذي من يُفترض أن يكون ملتقى بحثيا هادئا حول التاريخ والذاكرة والسياسة، تحول إلى اختبار واضح وصريح لحدود الحرية الأكاديمية في البلاد.
ألغى معهد "كوليدج دي فرانس" في العاصمة الفرنسية #باريس ندوة علمية حول #فلسطين بعنوان "فلسطين وأوروبا تبعات الماضي وآليات معاصرة"، والتي يشرف على تنظيمها المؤرخ هنري لورانس؛ بدعوى معاداة السامية.
– وقال مدير المعهد في بيان: "بصفتي المسؤول عن سلامة الممتلكات والأشخاص وكذلك هدوء… pic.twitter.com/tjCoJ4IqbG
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 10, 2025
مخرج إسعافيلم يكن قرار تغيير مكان المؤتمر اختياريا، بقدر ما كان استجابة سريعة لضمان ألا تتعطل جلسات النقاش التي استعد لها المتحدثون والجمهور، ومحاولة أيضا لتوفير مساحة أخرى تتيح للمجال الأكاديمي حرية أكبر وأضمن.
فقد شكل التعليق المفاجئ تحديا حقيقيا للمنظمين لإيجاد ملاذ بديل خارج الإطار التقليدي للمؤسسات الفرنسية، وكان اقتراح استضافة المؤتمر في المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية بمثابة طوق النجاة لهذا النقاش العلمي حول فلسطين.
إعلانوفي هذا الإطار، استنكر مدير المركز سلام الكواكبي قرار مدير "كوليج دو فرانس"، قائلا "كانوا على علم ودراية بمضمون الندوة التي تتحدث عن العلاقة بين فلسطين وأوروبا منذ نهاية القرن الـ19 حتى يومنا هذا، والعلاقات السياسية والارتباط بالاستيطان وغيرها".
وأضاف للجزيرة نت "يشارك في الفعالية أساتذة من أرقى الجامعات العالمية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وفلسطين".
وأكد أن الندوة تركز على نقاش علمي محدد، أي أنها ليست نضالية ولا تهدف لفتح أي جبهات، مشيرا إلى أن عدد المتحدثين لن يتغير، لكن المؤتمر لن يكون متاحا للعموم وسيتم الاكتفاء ببعض أهم الباحثين المهتمين بالموضوع بناء على دعوات اسمية بسبب ضيق المكان.
وسيجمع الحدث أكاديميين وشخصيات بارزة، مثل رئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان، وفرانشيسكا ألبانيزي المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية.
وتعليقا على القرار، قالت ألبانيزي "أشعر بالارتياح لإيجاد مكان بديل"، وأكدت أنها "لم تتفاجأ" بإلغاء الحدث، لأن "جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل قوية ونشطة للغاية في كل مكان تقريبا".
من جهته اعتبر الكواكبي أن قرار الإلغاء "سابقة لم تحدث من قبل في فرنسا التي تقدم نفسها كمثال للديمقراطيات وحقوق الإنسان والأنوار"، مشيرا إلى الضغط المباشر الذي تعرض له مدير "كوليج دو فرانس" من وزير التعليم العالي فيليب بابتيست.
ووصف تدخل الوزير بـ"الأمر المخجل، خاصة بعد تأثره بضغط المنظمات القريبة جدا من اليمين المتطرف الإسرائيلي، وعلى رأسها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (كريف) والرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية (ليكرا)، فضلا عن تغريدات وردت من صحفيين يعملون في الصحافة المتطرفة والعنصرية في البلاد".
وتابع مدير مركز "كاريب" قائلا: لم يطلع الوزير على مواضيع المؤتمر المشروحة بوضوح باللغة الفرنسية، ولا على أسماء المتدخلين والحضور، وإنما اكتفى فقط بالخضوع لضغوط المجموعات المقربة من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
بين الحياد والرقابةوقد تعددت التصريحات التي انتقدت ما حدث لتتخطى جدران "كوليج دو فرانس" إلى مؤسسات أخرى. إذ وصفت "هيئة جامعات فرنسا" ـوهي جمعية تضم قادة الجماعات- القرار بأنه "سابقة مقلقة" و"تقويض للحرية الأكاديمية".
وأعلنت الهيئة في بيان لها أنها اكتشفت "بدهشة" إلغاء المؤتمر العلمي حول فلسطين وأوروبا، مؤكدة على أهمية امتلاك الجامعات القدرة الكاملة على مواصلة تعزيز النقاشات القائمة على البحث العلمي، بعيدا عن أشكال الضغوط الخارجية.
ففي مقال رأي نُشر في صحيفة لوموند، وقعت مجموعة مكونة من أكثر من 300 أكاديمي، من بينهم جان فرانسوا بايار وجوديث بتلر وبيير سيريل أوتكور، على رسالة مفتوحة للتنديد بإلغاء الفعالية، معتبرين ما حدث "هجوما غير مسبوق على الحرية الأكاديمية".
فضيحة في فرنسا الحريات المزعومة
تحت ضغط الحكومة وربما الرئيس ماكرون نفسه تم إلغاء ندوة تجمع رئيس الحكومة الفرنسية السابق فيليبان (@Villepin) وجوسيب بوريل (@JosepBorrellF) رئيس السياسة الخارجية السابق للاتحاد الأوروبي والمقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانسيسكا ألبانيزي…
— أحمد القاري (@ahmed_badda) November 11, 2025
وجاء في البيان "يشكل هذا القرار، الذي اتُخذ إثر مقال مثير للجدل وضغوط مباشرة من وزارة التعليم العالي والبحث، اعتداء غير مسبوق على الحرية الأكاديمية في فرنسا. وبحجة ضمان النزاهة العلمية، شرّعت الوزارة التدخل السياسي في مجال البحث، وهو ما يتناقض مع مهمتها الأساسية وهي حماية استقلال الأكاديميين وتعدد المناهج العلمية".
إعلانكما وقع نحو 2200 باحث وأستاذ وطالب على عريضة تطالب باستقالة وزير التعليم بابتيست من منصبه، معتقدين أن قرار إلغاء الحدث "يشكل هجوما خطيرا على الحريات الأكاديمية والعلمية".
وبعد كل هذا الجدل الذي أثير حول موضوع الفعالية، سلطت هذه الخطوة الضوء على معضلة أعمق يحوم حولها سؤال: هل بات الباحثون والمفكرون مضطرين للبحث عن مساحات آمنة لضمان استمرار الحوار داخل بلد يتغنى بحرية التعبير؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات فلسطین وأوروبا فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
“مركز فلسطين”: قانون إعدام الأسرى يكشف عن فاشية الكيان وعقليته العنصرية
الثورة نت /..
اعتبر مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن طرح قانون إعدام الأسرى على كنيست الكيان الإسرائيلي، الذي من المتوقع أن يُصادَق عليه بالقراءة الأولى، يكشف عن العقلية العنصرية والإجرامية المتطرفة لحكومة العدو الصهيوني الفاشية التي لا تُقيم وزنًا للقيم والأعراف الإنسانية والقانونية.
وأوضح المركز، في بيان اليوم الاثنين، أن الكيان يسعى بكل قوة وبشكل متسارع للمصادقة على القانون العنصري الذي يُتيح إعدام الأسرى الفلسطينيين، ويلقى دعمًا غير محدود من وزير أمن العدو المجرم المتطرف بن غفير، الذي يسعى منذ أكثر من 8 سنوات لإقرار القانون، ويحضّ بشكل علني وواضح على المصادقة عليه، ويدعو أعضاء الكنيست للموافقة عليه دون تردد، بل اعتبر عدم المصادقة على القانون تهديدًا لمستقبل الكيان.
واعتبر ، قانون إعدام الأسرى، بمثابة جريمة حرب تُرتكب بحق الأسرى الفلسطينيين، وانفصالٌ تام عن منظومة القيم الإنسانية والقانون الدولي، وسيجعل من أرواح الأسرى رهينة بيد المتطرفين المجرمين الذين لا يُقيمون وزنًا للإنسانية أو المواثيق الدولية.
وأكد أن الكيان الإسرائيلي، وبدون سنّ قانون لإعدام الأسرى، يقتل الأسرى بعدة وسائل، سواء بإطلاق النار المباشر على الأسير بعد الاعتقال والتمكن منه، أو خلال التعذيب المميت أثناء التحقيق كما يجري في معتقل “سيديه تيمان”، ولاحقًا بالإهمال الطبي والتجويع والاغتصاب وغيرها من الوسائل التي تؤدي في النهاية إلى قتل الأسرى، حيث قتل العدو الإسرائيلي 81 أسيرًا من المعلومة هوياتهم خلال عامين فقط.
وقال المركز: “إن صادق العدو على قانون إعدام الأسرى بشكل نهائي وأصبح قابلًا للتنفيذ كما يرغب المتطرف بن غفير وزمرته، فإن عمليات قتل الأسرى ستصبح يومية، ولكن هذه المرة بشكل “قانوني” وإقرار رسمي من أعلى سلطة تشريعية في الكيان وهي الكنيست، بحجة أنهم نفذوا عمليات تسببت بقتل يهود”.
وذكر أن هذا القانون العنصري لا يسري على المعتقل الإسرائيلي، بل يستهدف الأسرى الفلسطينيين فقط، حيث تمت إضافة بند خاص يمكن وصم الأسير الفلسطيني به، بينما لا ينطبق على المعتقل الإسرائيلي الذي يُدان بارتكاب عملية قتل لفلسطيني، وهو بند: “أن يكون هذا العمل ضد نهضة الشعب اليهودي على أرض إسرائيل”، مشيراً إلة أن هذا لا ينطبق على المعتقل الإسرائيلي الذي يرتكب عملية قتل لفلسطيني أو حتى لإسرائيلي.
وكشف مركز فلسطين لدراسات الأسرى، أن العدو الإسرائيلي أعدم بدم بارد المئات من أسرى غزة بعد اعتقالهم لساعات أو أيام أو أسابيع، سواء من خلال التحقيق المميت بأساليب محرّمة دوليًا، بما فيها الاغتصاب، أو إطلاق النار عليهم بشكل متعمد وقتلهم بدم بارد وهم مقيّدون من أيديهم وأقدامهم.
وأضاف: “لقد كشفت عمليات تسليم جثث الشهداء ضمن الصفقة عن عمليات إعدام واضحة لأسرى غزة، ولم يكشف الكيان الإسرائيلي عن هوياتهم، حيث لم يتم التعرف سوى على 25% من الشهداء، بينما الباقون لا زالوا مجهولين ولم يكشف الكيان عن أسمائهم أو هوياتهم”.
وطالب المركز، المؤسسات الحقوقية الدولية بالتدخل لوقف الجريمة الجديدة بحق الأسرى، والتي تُعطي الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي لقتل الأسرى تحت قانون إعدام الأسرى، الذي لا يستند إلى أي شرعية أخلاقية أو قانونية.