كيف تحوّل ملفوف بسيط إلى أحد أكثر الكنوز شهرة في المدينة المحرمة؟
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- غالبًا ما تمتلك المتاحف الكبرى قطعة واحدة ضروريّ مشاهدتها، وتجذب الزوّار من جميع أنحاء العالم، مثل لوحة "الموناليزا" في متحف اللوفر، وحجر رشيد في المتحف البريطاني، و"الليلة المرصّعة بالنجوم" في متحف مودرن آرت. أما متحف القصر الوطني في العاصمة التايوانية، تايبيه، فقطعته الشهيرة أبسط قليلًا: الملفوف اليشمّي.
تبدو التحفة المنحوتة من اليشم الأبيض والأخضر حقيقية جدًا، كأنها قُطفت للتو من الحقل وما تزال مبلّلة بندى الصباح. تتوارى في أوراقها الخضراء حشرات الجراد والكاتيديد، واستخدم النحات "المجهول" العيوب الطبيعية للمادة لخلق وهم القواعد التي تمتد على طول الساق.
تستقر التحفة على قاعدة خشبية، ويبلغ ارتفاعها نحو 19 سنتمترًا فقط، وتتمتّع بشهرة كبيرة لدرجة أنها تحتل قاعة عرض خاصة بها. وحتى أنّ المتحف يُعلن عن الأيام التي ستكون فيها القطعة في "رحلات عمل"، أي عند استعارتها أو عرضها في مكان آخر، حتى لا يشعر الزوار بخيبة أمل.
يشير الصف الطويل من الناس المنتظرين لالتقاط الصور، إلى أنّ كثرًا يأتون لمشاهدة هذه التحفة تحديدًا. ويقول بعض الزوار أنّ التحفة لا تبدو بهذه الحيوية في الصور، لكنها تصبح أكثر جاذبية عند رؤيتها تحت الضوء الطبيعي.
غالبًا ما يُلقّب الملفوف بـ"الكنز الوطني" لتايوان، رغم أنه لم يُعترف به رسميًا ككنز وطني. تظهر صورته على البضائع، وتحوّل إلى ألعاب محشوة ونماذج مقلّدة، سواء في متجر المتحف أو خارجه.
ويُعد الملفوف، إسوة بمعظم مقتنيات المتحف، تحفة إمبراطورية كانت تُعرض في المدينة المحرمة ببكين، قبل أن تُنقل إلى تايوان خلال الحرب الأهلية الصينية. ورغم أن المتحف التايواني ليس الوحيد الذي يملك هذه التحفة، فمتحف القصر في بكين، ومتحف تيانجين لديهما أيضًا ملفوفات منحوتة من اليشم، ويملك المتحف التايواني ذاته نموذجين آخرين.
لماذا نالت هذه الملفوفة شهرة عالمية؟أوضحت هسو يا-هوي، أستاذة تاريخ الفن في جامعة تايوان الوطنية، أن ألوان اليشم المتلألئة وتقنية النحات العالية، تميّز هذه القطعة. وقد تُعزى شعبية الملفوف أيضًا إلى الرمزية التي يُنسب إليها. إذ يحتمل أن يكون جزءًا من مهر قُدم إلى الإمبراطور جوانغشو من قِبل إحدى الملكات في ثمانينيات القرن التاسع عشر، ويرمز للنقاء الأنثوي والخصوبة والوفرة.
لكن شكّك بعض المؤرخين في الاعتقاد السائد بأنّ الجراد يرمز إلى الأطفال، أو حتى في كون التحفة كانت مهرًا، إلا أن الفكرة جذبت خيال الناس. وقالت هسو يا-هوي: "الأماني الطيبة المضمّنة في التحفة مهمة جدًا".
بعض الأدلة التاريخيةبعد سقوط سلالة تشينغ في العام 1912، اكتُشف الملفوف اليشمّي في وعاء ملون داخل المدينة المحرمة، وعُرض لاحقًا في متحف القصر ببكين، وحقّق نجاحًا كبيرًا لا سيّما بعدما قرّر المسؤولون عرضه من دون الوعاء لجعله أكثر جاذبية.
في ثلاثينيات القرن الماضي، وخوفًا من مصادرة الكنوز من قبل الجيش الياباني، نُقلت العديد من التحف إلى مدن أخرى، وأحيانًا خبأت في معابد وكهوف. وبعد انتصار الشيوعيين، أُرسلت آلاف القطع إلى تايوان، ضمنًا الملفوف، لتصبح جزءًا من متحف القصر الوطني في تايبيه عند افتتاحه في العام 1965. وفي العام 1968، أصدرت تايوان طابعًا بصورته طُبع 3.5 مليون مرة، ما زاد شهرته.
يُعد الملفوف أحد "الكنوز الثلاثة" للمتحف، إلى جانب حجر على شكل لحم ووعاء ماو كونغ تينغ، ويطلق المرشدون على الثلاثي أحيانًا اسم "قدر الملفوف واللحم" لجذب الزوار.
ويرى بعض الخبراء أن التحفة ليست فريدة جدًا من حيث الحرفية، كما أن غياب السجلات عن صانعها أو مالكها يجعل تاريخها غير واضح، ما أدى إلى تصنيفها أثرًا ذات قيمة كبيرة وليس كنزًا وطنيًا رسميًا بحسب وزارة الثقافة التايوانية.
وتُعد شهرة الملفوف سيفًا ذو حدين، إذ يركز الجمهور كثيرًا عليه، ما يصعّب الترويج للمعروضات الأخرى.
الاحتفال بالذكرى المئويةيحرص متحف القصر الوطني على حماية تحفه الثمينة، ومن بينها الملفوف اليشمّي، الذي يُعرض في خزانة زجاجية محصّنة ومثبت بحبال لتجنب أي حركة مفاجئة، خصوصًا أنّ تايوان معرّضة للزلازل. وعند نقله، يوضع في صندوق خشبي مع مواد حماية، ويرافقه الشرطة وموظفو المتحف.
نادراً ما يُعير المتحف التحفة إلى الخارج، وتعود آخر مرة أقدم فيها على ذلك إلى العام 2014، في اليابان.
تُستخدم أحيانًا الإعارات لتعزيز العلاقات الدبلوماسية، كما حصل مع جمهورية التشيك في أغسطس/آب، حيث أُرسلت التحفة مع أكثر من 130 قطعة أخرى، احتفالًا بـ مرور 100 عام على تأسيس المتحف، لكن نتيجة ذلك تلقت الحكومة تهديدات مجهولة، إلا أنها عملت مع السلطات التشيكية على تعزيز الأمن، ولا يزال المعرض مفتوحًا أمام الزوّار.
الصينتايوانفنونمتاحفنشر الخميس، 13 نوفمبر / تشرين الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: تايوان فنون متاحف فی متحف
إقرأ أيضاً:
سوريا تفتح تحقيقًا في سرقة قطع أثرية ثمينة من المتحف الوطني بدمشق
بدأت السلطات في سوريا تحقيقًا بعد سرقة قطع أثرية ثمينة من المتحف الوطني في دمشق، الذي سيُبقي أبوابه مغلقة أمام الزوار حتى الانتهاء من جمع الأدلة، وفق ما أفاد مسؤول متابع للقضية.
وتعرض الجناح الكلاسيكي، الذي يُعد من بين أهم الأقسام في المتحف الرئيسي في سوريا، لسرقة ليل الأحد الاثنين، وفق ما أفاد مصدران لفرانس برس الثلاثاء.
أخبار متعلقة البرلمان العربي: قانون إعدام الأسرى يؤكد العقلية المتطرفة في إسرائيلوفاة 900 أثناء الانتظار.. مطالبات أممية لفتح معابر غزة لإجلاء المرضىوقال مسؤول سوري: "بدأت التحقيقات الرسمية، والمتحف سيبقى مغلقًا بشكل مؤقت حتى الانتهاء من جمع الأدلة".
وأضاف: "تجري حاليًا عمليات جرد لجميع الموجودات الأثرية داخل أقسام المتحف، للتأكد من عدم فقدان أي قطع أخرى".
سرقة 6 تماثيل صغيرةوكانت المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا قالت الثلاثاء إنها باشرت "بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة فتح تحقيق رسمي للوقوف على ملابسات حادث فقدان بعض المعروضات".
وأفادت باتخاذ "جملة من الإجراءات الفورية لضمان سلامة المقتنيات وتدعيم منظومة الحماية والمراقبة داخل المتحف"، من دون أن تحدد نوعية القطع المسروقة أو عددها.
لكن مسؤولًا في إدارة المتاحف، قال لفرانس برس إن "السرقات انحصرت في 6 تماثيل صغيرة الحجم لفينوس تعود إلى العصر الروماني".
وكان مسؤول آخر قال لفرانس برس يوم الثلاثاء إن بين المسروقات "مسبوكات ذهبية".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } سوريا تفتح تحقيقًا بعد سرقة قطع أثرية ثمينة من المتحف الوطني - Shafaq News
وقضت سنوات النزاع السوري منذ عام 2011 على معالم أثرية وتراث قيم، وتعرضت عشرات آلاف القطع للنهب، لكن متحف العاصمة بقي في منأى عن تداعياته، ونُقلت إليه قطع أثرية نادرة من مناطق أخرى لحفظها.
وتأسس متحف دمشق بداية عام 1920 ونُقل إلى مبناه الحالي عام 1936.
وهو يتألف من أقسام عدة تضم عصور ما قبل التاريخ والآثار السورية القديمة والآثار الكلاسيكية والآثار الإسلامية والفن الحديث، كما يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية.
ويعد الجناح الكلاسيكي من أهم الأجنحة في المتحف، وفيه قطع نادرة من حقبات عدة بينها الهلنستية والرومانية والبيزنطية، جمعت من مواقع أثرية رئيسية في سوريا.
الحرب تغلق المتحفوكانت المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا أعادت فتح أبواب المتحف في الثامن من يناير 2025، بعدما أوصدتها عشية الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، خشية حدوث عمليات سرقة ونهب، وأكدت إدارة المتحف حينها أنه "لم تحصل أي تعديات على المتحف".
وخلال سنوات اندلاع النزاع، أقفل المتحف أبوابه أمام الزوار من عام 2012 حتى 2018.
ولم تنج المواقع الأثرية والمتاحف من تداعيات الحرب، وتعرضت المواقع الثابتة لأضرار كبيرة، خصوصًا المدينة القديمة في حلب وتدمر.