«الشؤون الإسلامية والأوقاف» توحّد إجراءات تراخيص بناء المساجد على مستوى الدولة
تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT
أعلنت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، عن أبرز المنجزات والخطوات التي تم إجراؤها بشأن تحقيق مستهدفات مبادرة «تيسير بناء المساجد»، التي تم إطلاقها بالتعاون مع مركز المسرعات الحكومية في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء هذا العام، بهدف تصفير البيروقراطية وتوحيد الإجراءات والمعايير ذات الصلة ببناء المساجد وتبسيط رحلة المتعامل وسهولة الإجراءات في استقبال مساهمته ووقفه.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الشؤون الإسلامية الإمارات بناء المساجد
إقرأ أيضاً:
العالم العربي وتحدي الهوية الوطنية
يحتاج موضوع بناء الهوية الوطنية، في أي دولة من الدول، إلى جهود كبيرة تتجاوز البعد الثقافي الثانوي الذي يَقرأ الهوية من زاوية رمزية وبعد تاريخي.. وهذه رؤية سطحية جدا لموضوع الهوية في وقت تحول فيه تحدي الهوية إلى ساحة صراع مركزية، وإلى مورد استراتيجي لا يقلّ حساسية عن الممرّات البحرية أو احتياطيات الطاقة. الدولة التي تستطيع أن تتحكم في بناء هوية مجتمعها وتعريفها، وفي مسار السردية التي يستطيع المجتمع أن يروي فيها تاريخه وموقعه، تستطيع أن تملك قدرة حقيقية على التأثير في خيارات ذلك المجتمع السياسية والثقافية وفي بناء تحالفاته، وحتى في استعداد أبنائه للدفاع عنه أو الخروج عليه.. الهوية هي بمثابة عقيدة المجتمع وسجلات روابطه الممتدة من التاريخ نحو المستقبل.
وقد شغل موضوع الهُوية العالم كثيرا منذ نهاية الحرب الباردة، حيث بدا للوهلة الأولى أن العالم ذاهب نحو «السلطة الواحدة» في بناء القيم وكتابة السرديات، وهي سلطة سياسية واقتصادية وثقافية تقدم للعالم باعتبارها الأفق الوحيد للتقدم.
لم تستطع «العولمة الثقافية» كما اتضح لاحقا أن تبني أو تنتج تنميطا كاملا بقدر ما أطلقت سباقا جديدا حول تعريف الذات؛ بين دول تريد أن تحافظ على خصوصيتها، وقوى عابرة للحدود تتعامل مع الهويات الوطنية باعتبارها عائقا أمام مشروعها أو ورقة يمكن إعادة تشكيلها لخدمة مصالحها.
ومن أجل إزاحة تلك العوائق من أمام تيار العولمة الثقافية جرى توسيع مفهوم الصراع ليشمل إعادة كتابة تاريخ الأمم، وتشويه رموزها، وإعادة تعريف خطوط الانتماء داخلها. وتحولت أساليب الدعاية وفق مفهومها القديم إلى منظومة معقدة جدا تتمثل في المنصات الرقمية، وشبكات المصالح، وصناعة المحتوى، وتعمل على تفكيك الروابط التي تجمع الفرد بالوطن، لصالح انتماءات بديلة؛ طائفية، وقبلية، وأيديولوجية، أو حتى «كونية» مُفرغة من أيّ جذور واقعية.
وساد ظن في العالم العربي أن «العولمة الثقافية» قد وصلت إلى ذروتها وصمد فيها من صمد وتآكل من تآكل؛ لكن الحقيقة أن المرحلة القادمة هي الأكثر خطورة. ويتجه العالم بشكل معلن الآن إلى ما سمته «خطة ترامب للسلام» بمرحلة تغيير الذهنيات وربطها بموضوع حوار الأديان وبقيم التسامح والتعايش السلمي. وليت هذا الطرح مبني على المبادئ الإنسانية لقيم الحوار وليست ضمن لعبة تسييس الأديان وقيم التسامح كما جرت العادة خلال العقود الماضية حيث كان جوهر هذا التغيير يتعلق بالهويات العربية والإسلامية، وبتغيير السرديات وبناء سردية جديدة تعيد رسم علاقة العرب/ المسلمين بإسرائيل.. وحين تستهدف أي سردية وطنية لا يكون المقصود الماضي وحده، بل شرعية الحاضر وإمكانيات المستقبل.
وأي تدخل في سردية الهوية الوطنية لا يعني تصحيح أخطاء التاريخ، فهذا دور الداخل وليس الخارج، ولكن العبث بقضاياه الأساسية وبقيمه، كما يتعلق أيضا بنقل مركز الثقل في وعي المجتمع؛ من كون الدولة إطارا جامعا، إلى كونها كيانا موضع شك دائم أو خصومة كامنة. وعندما يترسّخ هذا التحوّل في الوعي، تصبح أي أزمة اقتصادية أو سياسية قابلة لأن تُقرأ بوصفها دليلا على تهافت الهوية ذاتها، لا خللا في السياسات أو القرارات.
من هنا تأتي أهمية العمل الجماعي في حماية الهوية عبر مشروع طويل المدى يعي طبيعة المرحلة المقبلة وتحدياتها. وهذا يتطلب تكريس فكرة أن الهوية الوطنية هي خلاصة تجربة تاريخية طويلة، تشكّلت فيها علاقة الناس بأرضهم، وبالدولة، وبالمحيط الأوسع الذي ينتمون إليه حضاريّا، وأي عبث بهذه الخلاصة من شأنه أن يعيد ترتيب الولاءات داخل المجتمع.
ويتطلب الأمر إعادة بناء علاقة المواطن بتاريخ بلده بوصفه تجربة إنسانية وسياسية مركّبة، فيها النجاحات والإخفاقات، وفيها لحظات تفوّق ولحظات تراجع.
هذا الجهد لا بد أن يمتد إلى مؤسسات الإعلام والمؤسسات الثقافية والاجتماعية وإلى الأسرة نفسها التي عليها أن تعي تماما ما يعني تحدي الهوية ومخاطره على المدى البعيد، وتعلم أن المرحلة المقبلة لن تكون حيادية تجاه الهويات الوطنية؛ فثمة قوة تعمل على تمييعها لصالح نموذج إنساني بلا جذور، وثمة قوة أخرى تعمل على تفجيرها إلى شظايا متناحرة، طوائف، وأعراق، وقبائل، وأيديولوجيات مغلقة.
تحدي الهوية لا بد أن يأتي في مقدمة التحديات التي على جميع الدول العربية أن تديرها بحكمة ووعي حساس خلال المرحلة القادمة ومن يستهين بهذا الموضوع من الممكن أن يدفع ثمنا باهظا خلال المرحلة القادمة التي يتغير فيها العالم ويعاد تشكيله بناء على هوية كونية لا تنتمي لنا ولا ننتمي لها بأي شكل من الأشكال.