رسالة إنسانية تتصدر المشهد الختامي.. ختام مؤثر للدورة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
تاريخ النشر: 22nd, November 2025 GMT
القاهرة – مدرين المكتومية
اختُتمت مساء أمس الجمعة فعاليات الدورة السادسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في حفل ختامي احتضنته العاصمة المصرية القاهرة، وسط حضور لافت من أبرز نجوم وصنّاع السينما العرب والعالميين، إلى جانب شخصيات ثقافية وإعلامية مرموقة.
وجاء الحفل ليضع نقطة مضيئة في ختام دورة تميّزت بالتنوّع الفني والرسائل الإنسانية، مؤكداً مكانة المهرجان كأحد أعرق المهرجانات السينمائية في المنطقة والعالم.
وشهد الحفل حضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والفنان الكبير حسين فهمي رئيس المهرجان، والناقد محمد طارق المدير الفني، إلى جانب نخبة من نجوم السينما، من بينهم: نيللي، خالد النبوي، محمود حميدة، ليلى علوي، إلهام شاهين، خالد الصاوي، أشرف زكي، خالد سليم، محمد رياض، سلوى محمد علي، صبري فواز، هنا شيحة، داليا مصطفى، محمد رضوان، لقاء الخميسي، منال سلامة، أحمد مجدي، رانيا يوسف، هنادي مهنا، عمرو عابد، وعدد من المخرجين والكتّاب والمنتجين المصريين والعرب، فضلاً عن الحضور الأجنبي الواسع الذي يجسّد مكانة المهرجان الدولية.
لحظة إنسانية في قلب الاحتفال
وفي مشهد استثنائي توقف الحفل عند قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب التي قُتلت في غزة بعد ساعات من مناشدتها الجهات الطبية والإنسانية لإنقاذها. وارتفعت صورتها على الشاشة الرئيسية مصحوبة بتسجيل صوتي لمناشدتها المؤثرة، قبل أن يصعد الفنان الكبير حسين فهمي إلى خشبة المسرح لإلقاء كلمة حملت معاني عميقة حول قوة السينما ودورها في حفظ الذاكرة الإنسانية.
وقال فهمي إن المكالمة التي سمعها الحضور قد تبدو كمشهد سينمائي، لكنها في الحقيقة تسجيل لطفلة لم تتجاوز السادسة من عمرها، ظلّت تصرخ ثلاث ساعات بعد أن شاهدت أفراد أسرتها يُقتلون أمام عينيها.
وأضاف أن قوة السينما تكمن في قدرتها على التوثيق وحفظ القصص الحقيقية من النسيان، مؤكداً أن هند رجب ستبقى رمزاً للقصص التي لا يجب أن تُنسى، وأن الأطفال الذين يشبهونها ليسوا مجرد أرقام.
وأعلن أن فيلم ختام الدورة هو “صوت هند رجب”، مشيراً إلى أن المهرجان شهد هذا العام عروضاً جماهيرية مميزة وفعاليات فنية ومهنية متعددة، من بينها عروض مرمّمة وورش عمل وماستر كلاس شارك فيها أبرز المتخصصين.
كما توجّه بالشكر إلى وزارة الثقافة والوزارات الداعمة: الخارجية، الداخلية، السياحة والآثار، الشباب والرياضة، وهيئة تنشيط السياحة ومحافظة القاهرة، بالإضافة إلى دار الأوبرا المصرية، مشيداً بدور جميع مؤسسات الدولة في دعم هذه الدورة. ووجه الشكر كذلك إلى رعاة المهرجان وشركائه، وإلى فريق العمل الذي بذل جهداً كبيراً في التنظيم، بقيادة الناقد محمد طارق وإدارة أيام القاهرة لصناعة السينما وفِرق حفلي الافتتاح والختام والسجادة الحمراء والجهات المسؤولة عن تشغيل القاعات والموسيقى الحية.
وهنّأ فهمي الشعب القطري على انطلاق النسخة الجديدة من مهرجان الدوحة السينمائي، معلناً توقيع اتفاقية تعاون بين مهرجان القاهرة السينمائي ولجنة الأفلام بالمدينة الإعلامية في قطر، مؤكداً أن هذه الخطوة تمثل دعماً مهماً لصناعة السينما العربية وتفتح آفاقاً جديدة أمام صنّاع الأفلام.
جوائز الإبداع
بعد الكلمة الإنسانية المؤثرة، انطلقت مراسم إعلان الجوائز وسط أجواء حماسية وترقّب كبير. وقد عكست قائمة الجوائز تنوّع الإنتاج السينمائي العالمي وقدرته على إبراز مواهب جديدة أثبتت حضورها في هذه الدورة.
جائزة أفضل فيلم وثائقي: الفيلم الطويل “ثريا حبي”.
جائزة شادي عبد السلام لأفضل فيلم في أسبوع النقاد الدولية: “حبيبي حسين”.
جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم قصير: “شوارع القاهرة”.
جائزة الاتحاد الدولي للنقاد (فيبريسي): “الأشياء التي نقتلها”.
جائزة نيتباك لأفضل فيلم آسيوي طويل: “عالم النبات”، الذي قدم رؤية شاعرية للعلاقة بين الإنسان والطبيعة.
وتواصلت الجوائز مع فوز فيلم “كلب ساكن” بجائزة أفضل فيلم عربي ضمن آفاق السينما العربية، فيما نالت الممثلة ليلى أكرم جائزة أفضل ممثلة، وتقاسم بطلا فيلم “بينما نتنفس” جائزة أفضل أداء تمثيلي.
أما جائزة أفضل سيناريو فكانت لفيلم “على رأس الشارع” بفضل معالجته الدرامية المتماسكة.
وفي الجوائز الكبرى للمسابقة الدولية:
الهرم الذهبي: “اليعسوب” للمخرج بول أندرو ويليامز.
الهرم الفضي: فيلم “كان يا ما كان في غزة” للمخرجين طرزان وعرب ناصر، إلى جانب جائزة أفضل ممثل لمجد عيد.
الهرم البرونزي: فيلم “بينما نتنفس”.
ختام برؤية إنسانية ومستقبلية
اختتم المهرجان دورته الـ46 مؤكداً دوره كمحطة رئيسية لصناعة السينما العربية، وفضاء للحوار بين الثقافات، جامعاً بين الفن والرسالة الإنسانية، ومذكّراً بقدرة السينما على أن تكون مرآة للواقع ووعاءً للذاكرة ونافذة تطل على مستقبل أكثر وعياً وإبداعاً.
إطلاق مبادرة "سينماد"
وفي سياق الاحتفاء بالفن العربي، شهد الحفل الإعلان عن مبادرة “سينماد” في أول ظهور رسمي لها، قبل عرض فيلم الختام مباشرة، بحضور رئيس المهرجان وعدد من الشركاء والداعمين.
وتنطلق المبادرة في ديسمبر المقبل كأول تجربة من نوعها لعرض أفلام المهرجانات العربية في دور السينما بأنحاء العالم العربي لمدة ثلاثة أشهر، حيث سيتم عرض 20 فيلماً عربياً شارك كثير منها في مهرجانات كبرى وفاز بجوائز مرموقة.
وتضم القائمة أفلاماً بارزة، منها:
“صوت هند رجب” (ممثّل تونس في جوائز الأوسكار)، “فلسطين 36”، “كلب ساكن”، “ملكة القطن”، “بابا والقذافي”، إضافة إلى مجموعة أفلام مصرية مثل “اختيار مريم”، “50 متر”، “سموكي آيز”، “المستعمرة”، و*“60 جنيه مصري”*.
كما تشمل أعمالاً من الجزائر والمغرب والصومال وسوريا وتونس وفلسطين، ما يجعل المبادرة خطوة نوعية لتعزيز انتشار السينما العربية عبر منصة عرض جماهيرية غير مسبوقة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: السینما العربیة جائزة أفضل أفضل فیلم هند رجب
إقرأ أيضاً:
فلسطين تتصدر المشهد في مهرجان الدوحة السينمائي 2025.. 97 فيلماً من 62 دولة
انطلقت في الدوحة اليوم الخميس فعاليات النسخة الـ13 من مهرجان الدوحة الدولي للأفلام، بمشاركة واسعة من 97 فيلماً يمثلون 62 دولة، وبرنامج سينمائي ضخم يرسّخ مكانة العاصمة القطرية كأحد أبرز مراكز صناعة السينما في الشرق الأوسط.
غير أن الحضور الفلسطيني اللافت هذا العام بدا العنوان الأوضح للمهرجان، إذ اختارت إدارته افتتاح الحدث بالفيلم المؤثر "صوت هند رجب"، الذي يوثّق اللحظات الأخيرة للطفلة الفلسطينية هند رجب ويعيد طرح مأساة الأطفال تحت نيران الاحتلال أمام جمهور دولي واسع.
فلسطين في قلب الافتتاح
فيلم الافتتاح "صوت هند رجب" لم يكن مجرد اختيار فني، بل رسالة سياسية وأخلاقية واضحة، فالمهرجان ـ الذي يستمر حتى 28 نوفمبر ـ يفتتح فعالياته بقصة طفلة هزّ صوتها العالم، قبل أن تتحول شهادتها الأخيرة إلى رمز جديد لمعاناة الفلسطينيين، بعد نيل الفيلم جائزة لجنة التحكيم الكبرى "الأسد الفضي" في مهرجان فينيسيا الأخير.
ويؤكد هذا الاختيار، بحسب مراقبين، أن الدوحة تستخدم منصتها السينمائية الأكبر لقول إن فلسطين ليست حضوراً عابراً في سينما المنطقة، بل قضية مركزية تتصدر الشاشة الكبرى كلما سنحت الفرصة.
97 فيلماً.. وصعود مكانة قطر السينمائية
وتشهد نسخة 2025 مشاركة لافتة من السينمائيين حول العالم، حيث تقدم الأفلام التسعة والتسعون باقة متنوعة من القصص الإنسانية والإبداعية. ويقول المسلم إن المهرجان يهدف إلى تعزيز موقع قطر كمنصة عالمية لصناعة السينما، خاصة بعد إطلاق المسابقة الدولية ولجنة تحكيم دولية لأول مرة، ما يعدّ خطوة نوعية تضع الدوحة في موقع أكثر تأثيراً في خريطة المهرجانات الدولية.
وتبلغ قيمة جوائز المهرجان 300 ألف دولار موزعة على أربع مسابقات رئيسية: الأفلام الطويلة، الأفلام القصيرة، "صُنع في قطر"، وبرنامج "أجيال" المخصص للشباب.
المهرجان.. منصة فكرية وجمالية
ويمتد برنامج المهرجان لثمانية أيام، تتوزع فعالياته في مواقع ثقافية بارزة مثل كتارا، ومشيرب قلب الدوحة، ومتحف الفن الإسلامي، حيث تشمل الفعاليات عروضاً مجتمعية، وندوات حوارية، وبرامج شبابية، وورشاً تفاعلية، تجمع بين السينمائيين والباحثين والفنانين.
كما يمنح المهرجان مساحة واسعة للإبداع المحلي عبر قسم "صُنع في قطر" الذي يقدم عشر تجارب جديدة لصناع أفلام قطريين، تعكس تنوعاً لافتاً في الموضوعات والرؤى الفنية.
سينما فلسطين.. صوت يعلو من الدوحة
ويتوقع أن يكون الحضور الفلسطيني الأبرز هذا العام محطّ اهتمام نقاد وصحفيين دوليين، إذ يقدّم المهرجان فسحة نادرة لتعزيز حضور القصص الفلسطينية في مهرجانات كبرى، في وقت يتصاعد فيه الطلب على الأفلام الوثائقية التي تكشف حقائق الميدان بعيداً عن التسييس والتعتيم الإعلامي.
وإذ تنطلق فعاليات المهرجان اليوم، فإن فيلم "صوت هند رجب" يبدو مرشحاً ليكون الحدث الأبرز، ليس فقط لأنه يفتتح الدورة، بل لأنه يحمِل وجهاً فلسطينياً صغيراً استطاع أن يهزّ الضمير العالمي ويحوّل مهرجان الدوحة إلى منصة جديدة لصوت لا يزال يتردد.. صوت هند.