أثار اكتشاف ثغرة أمنية في تطبيق واتساب سمحت بالوصول إلى بيانات 3 مليارات ونصف المليار مستخدم تساؤلات واسعة حول مدى الوثوق بتطبيقات المراسلة الفورية في حماية الخصوصية الرقمية، وسط ردود فعل متباينة من المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي.

وجاء هذا الكشف على يد باحثين في أمن المعلومات بجامعة فيينا النمساوية، في تطور يمثل واحدة من أخطر الثغرات الأمنية التي يواجهها أشهر تطبيقات المراسلة الفورية عالميا، والذي يضم أكثر من 3 مليارات مستخدم نشط.

واستخدم الباحثون آلية اكتشاف جهات الاتصال مكنتهم من الاستعلام عن أكثر من 100 مليون رقم هاتف في الساعة الواحدة، في استغلال للثغرة الأمنية كان من المفترض أن يكتشفه النظام الأمني للتطبيق ويرفضه تلقائيا.

وشملت البيانات التي حصل عليها الباحثون رقم هاتف المستخدم، ومعلومات تعريفية عن حسابه، إضافة إلى صورة ملفه الشخصي، وهي معلومات مكنتهم من استنتاج بيانات إضافية كنظام التشغيل المستخدم وعمر الحساب وعدد الأجهزة المرتبطة به.

وأظهرت الدراسة أن 500 مليون رقم هاتف من الأرقام المكشوفة كانت ظهرت في تسريب سابق لبيانات فيسبوك عام 2021، مما يثير تساؤلات حول تكرار اختراق بيانات المستخدمين رغم الوعود بحمايتها.

في المقابل، لم يتمكن الباحثون من الوصول إلى محتوى الرسائل نفسها داخل التطبيق، لأن المحادثات محمية بتقنية التشفير من طرف إلى طرف، التي لم تتأثر بالثغرة الأمنية ولم تنكسر بأي شكل من الأشكال.

لكن الباحثين أوضحوا أن التشفير يحمي محتوى الرسائل فقط، ولا يشمل بالضرورة البيانات الوصفية المرتبطة بها، مما يعني أن معلومات المستخدمين الشخصية بقيت عرضة للكشف رغم أمان المحادثات ذاتها.

وقال الباحث الرئيسي في الدراسة غابرييل جيجينهوبر إن النظام الأمني لواتساب كان يجب أن يرفض هذا العدد الهائل من الطلبات من جهة واحدة، لكن الثغرة جعلته يقبلها وهذا ما مكنهم من ربط بيانات المستخدمين عالميا.

إعلان

وأبلغ الباحثون شركة ميتا بهذه النتائج فورا، فقامت الشركة بإغلاق الثغرة الأمنية، بينما شكر نائب رئيس الهندسة في واتساب الجامعة على ما وصفه بشراكتهم المسؤولة في برنامج كشف الأخطاء البرمجية.

وأكد الباحثون أنهم حذفوا البيانات التي جمعوها بالكامل ولم يشاركوا أي معلومات شخصية مع أي جهة، مشيرين إلى أنها لو نُشرت لكانت أكبر عملية تسريب بيانات في التاريخ على الإطلاق.

ورصد برنامج شبكات (2025/11/25) جانبا من تعليقات المستخدمين على نتائج هذه الدراسة التي كشفت ثغرة خطيرة في تطبيق واتساب الشهير، حيث كتبت وند:

ترة احنة على أعتاب سنة 2026 والتقنية تطورها صاروخي ومن غير المعقول تطبيق صار له سنوات يعمل ما ضبطوا السكيورتي مالته، بس الشغلة تسريب مقصود لأسباب أو لأشخاص يريدون معلوماتهم تسرب لغير جهات ويطلقون هيج دعايات تجنبا للملاحقات القانونية.

بدورها، شككت زمان في وجود خصوصية حقيقية على الهواتف الذكية أصلا، فغردت:

الذي يعتقد أن هناك خصوصية وأمان بالموبايل، بمجرد ربط الجهاز بالإنترنت كل شيء صار مكشوفا.

أما سراج فتهكم من طبيعة المحادثات على التطبيق، مستخفا بأهمية الكشف، فكتب:

شلون معلومات وأسرار عندنا بالواتساب، كلها غيبة ونميمة وجيب مسواك ودي مسواك.

في المقابل، حمل عبد الله في تغريدته على فكرة الأمان المطلق في عالم التكنولوجيا، موضحا أن كل شيء قابل للاختراق، فقال:

لا يوجد في عالم الإلكترونيات والبرمجيات والتطبيقات شيء لا يُخترق، لكن ليس كل أحد، فقط جهات دولية وغير دولية متخصصة تعرف ذلك وتعرف متى تكشف وتفضح، كل شيء مسيس ومقيد.

ويأتي هذا الكشف في وقت تتزايد فيه المخاوف العالمية حول خصوصية البيانات الشخصية، حيث تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى ضغوطا متصاعدة لتعزيز أنظمة الحماية وسد الثغرات الأمنية في تطبيقاتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

كيف تُدار حروب العقول على منصات التواصل؟

أصبحت الساحة الرقمية اليوم ميدانا ً مفتوحا لحروب من نوع جديد، لا نسمع فيها دوي المدافع، لكن نشعر بأثرها في طريقتنا في التفكير ومشاعرنا تجاه بعضنا البعض.
ما يلفت النظر ليس انتشار الأخبار المزيفة بحد ذاته، بل سرعة تصديق الناس لها حين تُقدم في شكل صادم ومثير، وكيف يتحول المجتمع إلى مستقبل سلبي للدعاية الرقمية دون وعي منه، وكثير من الروايات التي تظهر على المنصات تبدو منطقية في ظاهرها، لكنها مبنية على شغف جماعي بالدهشة والمؤامرة والتفسير السريع للواقع، لا على الدليل والتحقق والتفكير النقدي.
إن المنصات الكبرى اليوم لا تعكس الواقع كما هو ؛ بل تصنعه بطريقة ما عبر خوارزميات تدفع المحتوى الذي يثير عاطفتك قبل محتوى قد يفيد عقلك، وحسابات وهمية قد تكتب بلهجات مألوفة، وتُظهر أسماءً قريبة منا، لكنها تُدار لأغراض ليست بريئة قد تكون تجارية، أو سياسية، أو أيديولوجية. والمستهدف ليس دولة بعينها، بل النسيج الاجتماعي ذاته من حيث قيم الثقة وشعور الوحدة والتضامن بين الشعوب، والإيمان المشترك بالمصير العربي الواحد.
وهنا تكمن الخطورة الحقيقية؛ ليس في وجود من يريد التأثير علينا، فهذا شيء طبيعي في صراعات الدول والمصالح، بل في ضعف المناعة الذهنية لدى المستخدمين، وفي غياب ثقافة التحقق والتمحيص، وفي قابلية الناس لأن يكونوا أدوات في نشر الدعاية دون قصد. 
إن الأسوأ من الكذب هو أن يتحول الجمهور إلى وسيط عاطفي لنشر الكذب، وبدلا ً من  أن تكون المنصات الرقمية أدوات للتواصل والتقارب تصبح ساحات لإثارة الغضب وسوء الظن وفقدان الثقة.
المواجهة هنا لا تحتاج غضبا؛ بل تحتاج وعياً وإدراكاً بأن ما نقرأه ليس بالضرورة ما حدث، وأن ما نراه ليس بالضرورة الحقيقة، وأن ما يصل إلينا على شاشاتنا هو مزيج من وقائع وآراء وتوجيهات خفية، ومن واجبنا أن نحسن التمييز بينها. لا بد أن نتعلم قبل أن نشارك، وأن نسأل قبل أن نصدق، وأن نفكر قبل أن نغضب، فالعقل هو الجدار الأخير الذي يتم التعويل عليه حين تنهار أسوار المنطق أمام سطوة العاطفة.
وفي الختام؛ فإن دور المواطن في هذه المعركة لا يقل أهمية عن دور الدولة، وعلى الناس أن يتبنوا ثقافة التأكد وعدم الانسياق وراء الموجات الغاضبة، وأن يدركوا أنهم ليسوا مجرد مستقبلين للمحتوى، بل صُنّاع له ومسؤولين عنه. 
وعلى أجهزة الدولة المختلفة خاصة المعنية بالإعلام والتعليم أن تعمل على بناء الوعي الرقمي، وتعزيز مهارات التفكير النقدي في المدارس والجامعات، وتحويل الإعلام من منصة رد فعل إلى منصة تثقيف، بحيث لا يترك المواطن وحيدا ً أمام بحر من المعلومة المضللة، وإذا تعاون العقل الفردي مع المنظومة الثقافية العامة ، يصبح المجتمع أقل قابلية للانقسام، وأكثر قدرة على مقاومة محاولات الاختراق الفكري والنفسي، لأن الأمن الحقيقي يبدأ من الوعي، ولا تحمي الدولةَ فقط حدودٌ تراقبها الجيوش، بل عقولٌ يقظـة لا تنخدع بسهولة.

مقالات مشابهة

  • كيف تُدار حروب العقول على منصات التواصل؟
  • محكمة مدريد تغرم ميتا 479 مليون يورو بسبب انتهاكات بيانات المستخدمين
  • جوجل تشدد قيود Gemini 3 Pro على المستخدمين المجانيين وتدفعهم نحو خطط الذكاء الاصطناعي المدفوعة​
  • دراسة باستخدام إضافة للمتصفح تكشف أن خوارزميات التواصل الاجتماعي تغيّر الآراء السياسية
  • التهامي يستعرض مع الإيسيسكو التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية بالسودان في هذه الفترة
  • إسرائيل تكشف أساليب إيرانية جديدة للتجسس على كبار مسؤوليها
  • سيتروين تكشف عن السيارة الأحادية التي ستحمل ألوانها ببطولة فورمولا إي
  • تيك توك يمنح المستخدمين خيار "رؤية محتوى أقل" من الذكاء الاصطناعي قريبًا
  • الدفاع العراقية تكشف طبيعة أصوات الطيران التي سمعت في بعض المحافظات
  • بالصور والفيديو.. المريخ يفتتح مشواره في الدوري الرواندي بعرض راقي وأداء ملفت.. شاهد إبداعات ومهارات محترفه الجديد التي لفتت الأنظار وملخص المباراة كاملة