القمم الأوروبية الإفريقية.. شراكة تبحث عن التوازن وسط سباق دولي على إفريقيا
تاريخ النشر: 26th, November 2025 GMT
تنعقد القمة الأوروبية الإفريقية السابعة في لواندا الأنغولية في لحظة فارقة تشهد خلالها القارة الإفريقية تحولات سياسية واقتصادية وأمنية عميقة، بينما تواجه أوروبا تحديات غير مسبوقة نتيجة الحرب الروسية–الأوكرانية والتنافس الدولي المتسارع. وبعد ست قمم سابقة لم تحقق أغلب وعودها، تأتي قمة لواندا كاختبار حقيقي لإعادة ضبط العلاقة بين القارتين وبناء شراكة أكثر واقعية ومتكافئة.
على مدى 25 عامًا، ظل الخطاب الأوروبي يتحدث عن “شراكة بين الندّين”، لكن الواقع بقي يميل لصالح أوروبا التي حافظت على نفوذ تاريخي في إفريقيا. غير أن المتغير الأبرز اليوم يتمثل في أن القارة لم تعد تعتمد على أوروبا فقط؛ فالصين توسع حضورها الاقتصادي الضخم من خلال البنية التحتية والمشاريع الكبرى، وروسيا تفرض نفسها لاعبًا سياسيًا وأمنيًا مؤثرًا، بينما تحاول الولايات المتحدة إعادة تموضعها في إطار منافستها مع الصين. هذه التحولات جعلت الدول الإفريقية أكثر قدرة على تنويع شركائها والتفاوض وفق مصالحها، وهو ما يُربك الحسابات الأوروبية.
وتأتي القمة الحالية بينما تواجه أوروبا ضغوطًا كبيرة نتيجة الحرب في أوكرانيا التي استنزفت قدراتها المالية والعسكرية، وأضعفت حضورها في إفريقيا أمام تمدد موسكو وبكين. ويظهر ذلك بوضوح في مواقف عدد من الدول الإفريقية التي باتت تنظر إلى روسيا والصين كشركاء أقل تعقيدًا وأقل تدخلًا في شؤونها الداخلية. وبينما تُصر أوروبا على دعم أوكرانيا، تجد نفسها مضطرة لإعادة ترتيب دورها في القارة خشية خسارة مساحة نفوذ تاريخية.
كما تكشف القمة اختلافًا واضحًا بين أوروبا والولايات المتحدة، خصوصًا بعد عودة إدارة ترامب التي لا تتبنى المقاربة الأوروبية في مواجهة روسيا بالحدة نفسها، وتركز أكثر على مواجهة الصين. هذا التباين يضعف الموقف الغربي داخل إفريقيا ويجعل أوروبا تتحرك منفردة في كثير من الملفات، مما يحدّ من تأثيرها.
وعلى جدول أعمال القمة ملفات ضاغطة، أولها ملف الهجرة الذي تعتبره إفريقيا نتيجة مباشرة لفشل التنمية وغياب العدالة الاقتصادية في علاقاتها مع أوروبا، إضافة إلى إرث قديم من استغلال الموارد دون مردود حقيقي للشعوب. أما في ملف المناخ، فتؤكد الدول الإفريقية أن محاربة الفقر أولوية تتقدم على خفض الانبعاثات، وأن أي التزامات بيئية تحتاج إلى تمويل جاد وليس وعودًا متكررة. وفي الوقت نفسه، تحضر قضايا الأمن والصراعات والتحول الرقمي والتنمية الاقتصادية، لكنها تظل بالنسبة لكثير من الدول الإفريقية أقل إلحاحًا أمام أزمات الفقر والبطالة وتراجع الخدمات الأساسية.
ورغم ما تعلنه أوروبا من نوايا لتقوية الشراكة، تبدو القمة — في جوهرها — محاولة واضحة لاستمالة القارة ومنع توسع النفوذ الصيني والروسي. فإفريقيا تتحول تدريجيًا إلى ساحة تنافس عالمي مفتوح، حيث تسعى كل دولة كبرى لتعزيز موقعها في الأسواق والموارد والممرات الاستراتيجية. أوروبا تدرك أن خسارة إفريقيا تعني خسارة مستقبلها الاقتصادي، ولذلك تحاول العودة بقوة قبل أن تُقصى من المشهد لصالح الآخرين.
في النهاية، قمة لواندا ليست مجرد اجتماع سياسي، بل محطة جديدة في سباق دولي يتصاعد يومًا بعد يوم. إفريقيا اليوم أكثر وعيًا بمصالحها، ولديها خيارات متعددة، وأوروبا أكثر حاجة للحفاظ على دورها. وبين هذا وذاك، يبقى نجاح القمة مرهونًا بقدرة الطرفين على الانتقال من لغة الوعود إلى مشاريع ملموسة، وإلا ستنضم القمة السابعة إلى قائمة اللقاءات التي انتهت دون أثر حقيقي على مستقبل القارتين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الدول الإفریقیة
إقرأ أيضاً:
ترحيب فلسطيني ببيان الدول الأوروبية بشأن الضفة الغربية
رحب نائب رئيس دولة فلسطين حسين الشيخ ، مساء الخميس 27 نوفمبر 2025 ، ببيان الدول الأوروبية الأربع (فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة- E4) الذي أدان بوضوح التصاعد الخطير في عنف المستوطنين ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية، وسياسات التوسع الاستيطاني غير الشرعية.
وأكد الشيخ في بيان صدر عنه، أهمية هذا الموقف في حماية المدنيين ووقف الاعتداءات، داعيا إلى وقف الإجراءات الأحادية، كما ثمن دعوتهم لوقف الاستيطان والإفراج عن أموال المقاصة.
وشدد الشيخ، على ضرورة دعم حل الدولتين والتحرك الدولي لضمان الاستقرار والسلام.
كما رحّبت وزارة الخارجية والمغتربين بالبيان المشترك الصادر، عن وزراء خارجية فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا، بشأن التطورات الأخيرة في الضفة الغربية المحتلة، وتثمن موقفهم الصريح في إدانة الاستيطان غير الشرعي وغير المعترف به في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس ، وإدانة جرائم المستوطنين وإرهابهم المتصاعد ضد المدنيين الفلسطينيين، وكذلك احتجاز أموال المقاصة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتأكيد على أن حل الدولتين هو السبيل لتحقيق السلام العادل والدائم.
وترى الوزارة أن دعوة هذه الدول إلى إلغاء المشروع الاستيطاني الاستعماري المسمى "E1"، الذي يسعى إلى تقسيم الضفة الغربية المحتلة والاستيلاء على أراضيها، وكذلك الإفراج عن الإيرادات الضريبية الفلسطينية المحتجزة، تمثل خطوات إيجابية لتعزيز قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على القيام بمسؤولياتها، وتنفيذ خطط الإصلاح الوطنية، والحفاظ على الاستقرار المالي والسياسي للشعب الفلسطيني، بما ينسجم مع التزامات المجتمع الدولي تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.
وقالت الخارجية، إن البيان يعكس موقف هذه الدول الرافض لأي شكل من أشكال الاستيطان، سواء كان جزئيا أو كليا أو بحكم الواقع، باعتباره انتهاكا صارخا للقانون الدولي وتهديدا للسلام العادل والدائم، ويدعوها لاتخاذ خطوات عقابية تجاه مرتكبي الانتهاكات والجرائم.
وأكدت الخارجية أن هذه المواقف تمثل دعما راسخا للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وتعزز الجهود الرامية إلى تحقيق السلام القائم على حل الدولتين وتجسيد دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة، مشددة على أن احترام القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني ووقف جميع السياسات الاستيطانية هو الأساس لضمان استقرار المنطقة وتعزيز فرص السلام، وأن أي خطوات عملية تصب في هذا الاتجاه تحظى بترحيب كامل من دولة فلسطين، وتعد خطوة جوهرية نحو تحقيق العدالة والاستقرار وإحلال الأمن والسلام الدائمين.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين ترحيب فلسطيني بالبيان الأوروبي المشترك بشأن التطورات في الضفة مباحثات مستمرة لإنهاء أزمة حصار مقاتلي حماس العالقين في أنفاق رفح الرئيس عباس: قضيتنا تمر بمنعطف خطير ولهذه الأسباب وافقنا على خطة ترامب الأكثر قراءة إسرائيل تقر بعملية خطف الدكتور مروان الهمص جنوب قطاع غزة مصرع مواطن ونجله وإصابة آخر بحادث سير شمال سلفيت استطلاع: تقدّم لليكود برئاسة نتنياهو وتفوقه في ملاءمة رئاسة الحكومة سعر صرف الدولار مقابل الشيكل اليوم الجمعة 21 نوفمبر عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025