البوابة نيوز:
2025-05-16@13:35:49 GMT

ستيفانو بيازا يكتب: إيطاليا.. الموقف والمأزق

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

لا يتوقف وصول المهاجرين وأصبح مركز لامبيدوزا الآن مكتظًا للغاية لدرجة أنه يتم النظر فى الوسائل العسكرية لتسريع عمليات النقل. يوجد حاليًا ٤١٢١ شخصًا فى منطقة لامبيدوزا نظرًا للظروف المناخية المواتية. ومن المتوقع وصول ما لا يقل عن ألفى شخص آخرين من شمال أفريقيا بين يوم وضحاها.
بعد العشرات من عمليات الإنزال فى الأيام الأخيرة، أدلى عمدة جزر بيلاجيوس، فيليبومانينو، ببعض التصريحات لـLive Sicilia: «بالنظر إلى الأرقام المسجلة لدينا خلال هذه الساعات، فيجب على الحكومة أن تفكر بصورة جدية فيما يحدث.

لم أفهم ما هى استراتيجية وزارة الداخلية التى تقوم على عدم منع هبوط المهاجرين بل على حسن إدارة الموضوع. وأتساءل ما هى استراتيجية الوزارة لمساعدة هذه الجزيرة؟ فى يناير الماضى، لقد وعدونا بسفينة تقوم بعمليات مكوكية على البر الرئيسى، واليوم تلك السفينة خارج الخدمة ولا أستطيع أن أقبل فكرة أن الدولة الإيطالية غير قادرة على العثور على سفينة لهذه الغاية. كما لا أستطيع أن أقبل عدم العثور على منطقة لجمع القوارب الصغيرة حيث غرق الكثير منها بعد عمليات إنزال المهاجرين الذين يتسبب وجودهم فى مشاكل كثيرة للصيادين. وقد أوضح السيد مانينو أن هذه السفن تُركت على غير هدى بعد عمليات الإنقاذ، مما أدى إلى تدمير المنطقة وخلق مشاكل للصيادين. «أطالب بإجابات فورية على تلك الأسئلة التى أثيرت فى إعلان حالة الطوارئ فيما يتعلق بشئون الهجرة. وقد خلص السيد مانينو إلى القول بأن الحكومة لا يمكنها إضاعة المزيد من الوقت».
لامبيدوزا لا تستطيع استقبال المزيد
«إن الرسالة المهمة التى يجب أن تفهمها المنظمات غير الحكومية هى أن عدم السماح لهذه السفن بالرسو فى لامبيدوزا لا يعنى أنك تريد إيذاءهم أو خلق المزيد من المشاكل لهم، بل يعنى فقط أن لامبيدوزا، اليوم كما فى الماضى القريب لا تستطيع استقبال المزيد من اللاجئين. وهذا يوضح أن استقبال المزيد من الأشخاص يعنى أنه لم يتم علاج المشكلة بصورة ملائمة».. كانت هذه هى كلمات محافظ أجريجنتو، فيليبو رومانو، بشأن الجدل الناجم عن تخصيص سفينة تابعة لمنظمة أوشن فايكنج غير الحكومية وعلى متنها ٤٣٨ مواطنًا من خارج الاتحاد الأوروبى ورسوها فى ميناء جنوة. بالأمس، كانت هناك ٦٥ عملية إنزال حيث وصل ١٩١٨ شخصًا واليوم هناك ٢٩ عملية إنزال لـ١١١٦ شخصا.
ثم يتذكر المحافظ أنه «فى لامبيدوزا، تضاعفت عمليات الإنزال هذا العام مقارنة بالعام الماضي»، لكن «كل شيء يعتمد على الظروف الاجتماعية والسياسية لجيراننا، ولا سيما تونس وليبيا». وقد رأينا أنه تم إنشاء صناعة للعبارات بين أفريقيا وصقلية مع عمليات الهجرة غير الشرعية. وقد أدى هذا إلى الضغط على النظام الذى بقى فى الوقت الحالى محصورًا. هناك نتائج أفضل بكثير من العام الماضى حيث إن عمليات النقل تتم فى وقت أقل. «نستخدم القوارب والرحلات الجوية الخاصة بالإضافة إلى الرحلات الجوية المنتظمة». ويوضح رومانو: «نقوم بتفعيل مسارات إضافية» ولكن، على سبيل المثال، لن يكون من الممكن تفعيل الرحلات الإضافية مع قارب لامبيدوزا لأنه مع الظروف المناخية التى من المتوقع أن تتفاقم، فلن يتمكن القارب من المغادرة من ترابانى، الأمر الذى سيخلق ٤٠٠ مكان أقل عما لدينا». «إنها مسألة إنسانية» لأن «النقطة الساخنة بنيت لـ ٣٨٩ مكانا، وقد قمنا بمضاعفتها منذ ذلك الحين، ويمكننا الوصول إلى الحد الأقصى، حتى ١٥٠٠. ولكن إذا تعدينا ذلك ووصلنا إلى ألفى مهاجر فسيصبح الأمر مشكلة، بما يتجاوز القدرة التى أظهرها الصليب الأحمر، وهناك مشاكل تتعلق بالنظام العام مع وجود المجموعات العرقية المختلفة للمهاجرين». ويضرب رومانو مثالًا على ذلك: «تنشأ التوترات عندما يكون هناك مغادرون، فيتوقعون أن يتم نقلهم إلى البر الرئيسى، وعندما لا يكون هذا هو الحال ويغادر الآخرون، فإن ذلك يخلق مشاكل». وفى هذه الأثناء، يستمر الهاتف فى الرنين، مما يشير إلى أن هناك عمليات إنزال جديدة.
تصريحات سالفينى
تحدث نائب رئيس الوزراء ووزير البنية التحتية والنقل، ماتيو سالفيني- الذى كان وزيرا سابقا للداخلية- عن الوضع الطارئ للمهاجرين وقال خلال زيارة إلى بينزولو: «أعتقد أن مرسومًا جديدًا بشأن الأمن هو أمر ضرورى فى أقرب وقت مع بداية شهر سبتمبر، لأن إيطاليا لا يمكن أن تكون نقطة الالتقاء لوصول المهاجرين القادمين من الجانب الآخر من العالم». ثم عاد ليطلب من أوروبا أن تتحمل المزيد من المسئولية: «بعد الكثير من الحديث والثرثرة، يجب على أوروبا أن تستيقظ ويجب أن تساعدنا لأن الحدود الإيطالية هى حدود أوروبا. إن لامبيدوزا أوفينتيميليا أوتريستا ليست حدودًا إيطالية بل هى حدود أوروبية. وبما أن إيطاليا ترسل مليارات من اليورو إلى بروكسل كل عام، فإن الدفاع عن الحدود الإيطالية يجب أن يكون أولوية أوروبية. وحتى الآن ولسوء الحظ، ليس هذا هو الحال، لقد كنا دائما وحدنا».
خطورة الإرهاب
ليست مسألة الخدمات اللوجستية والاستقبال هى التى تقلق السلطات الإيطالية فحسب، ولكن الأمر يتعلق بمسألة الأمن الوطنى، وبالتالى الأمن الأوروبى. لا أحد يستطيع حقًا أن يعرف من هم الأشخاص الذين يصلون بدون أوراق ثبوتية من تونس وليبيا، والذين بمجرد وصولهم إلى إيطاليا يفقدون آثارهم ليعودوا إلى الظهور كأبطال للهجمات فى مختلف أنحاء أوروبا.


قضية أنيس العامرى
نتذكر هنا المواطن التونسى أنيس بن عثمان العامرى، صاحب مجزرة أسواق عيد الميلاد فى برلين فى ١٩ ديسمبر ٢٠١٦، والتى راح ضحيتها ١٣ شخصا وجرح ٥٤ آخرين، سيحمل بعضهم ذكرى وآثار هذا الهجوم مدى الحياة. ولتنفيذ هذه المجزرة، قام العامرى بقتل سائق الشاحنة ثم استخدمها لإلقاء نفسه وسط الحشد. وفى ٢٣ ديسمبر ٢٠١٦، أثناء مطاردة فى جميع أنحاء أوروبا، قُتل العامرى بالرصاص على يد ضابطى شرطة أثناء التحقق من الهوية فى ساحة بريموماجيوفى سيستوسان جيوفانى فى شمال ميلانو. ووفقا لوزارة العدل الإيطالية، وصل العامرى إلى لامبيدوزا على متن قارب مع عشرات الآلاف من الشباب التونسيين خلال «الربيع العربى» عام ٢٠١١. وفى ٥ أبريل ٢٠١١، سجلت الشرطة دخوله غير القانونى إلى الاتحاد الأوروبى. وبعد هروبه من وسط لامبيدوزا (حيث تسبب فى الكثير من المتاعب)، سافر العامرى دون أية عوائق عبر جمهورية ألمانيا الاتحادية وتقدم بطلب للحصول على اللجوء أو المزايا الاجتماعية تحت ما لا يقل عن ١٤ اسمًا مستعارًا مختلفًا. وبعد وقت قصير من وصوله إلى شمال الراين - وستفاليا، أجرى العامرى اتصالات مع الشبكة السلفية الجهادية فى محيط الداعى إلى الكراهية العراقى المولد أحمد عبد العزيز عبد الله أبو ولاء فى هيلدسهايم والمعروف أيضًا باسم «الواعظ المجهول الهوية» لأنه كان يتم تصويره دائمًا من الخلف وليس من الأمام. كم كان يقوم بالوعظ أيضًا عبر فيسبوك ويوتيوب وتيليجرام ويعتبر شخصية مركزية فى شبكة تجنيد داعش فى ألمانيا. وحكمت محكمة سيل العليا على أبو ولاء فى ٢٤ فبراير ٢٠٢١ بالسجن لمدة ١٠ سنوات ونصف بتهمة «دعم منظمة إرهابية والانتماء إليها».
ختاما.. من الصعب للغاية أن تقوم السلطات الأمنية الإيطالية بإعطاء أسماء لآلاف الأشخاص. وقضية أنيس العامرى ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، كما اتضح فيما حدث يوم ١٢ أغسطس الماضى فى لامبيدوزا: كان رجل تونسى الجنسية قد وصل إلى لامبيدوزا فى الأسبوع السابق وتعرفت عليه الشرطة باعتباره إرهابيًا خطيرًا وتمت إعادته على الفور إلى وطنه. ولا أحد يعرف ما إذا كان فى السجن اليوم أم لا ولكن من شبه المؤكد أنه قريبا (ربما فى وقت كتابة هذه السطور) يمكنه ركوب قارب آخر لمحاولة إعادة الرحلة مرة أخرى إلى إيطاليا ثم إلى أوروبا.

معلومات عن الكاتب: 
ستيفانو بيازا، صحفى وكاتب مقالات سويسرى. وهو معاون منتظم فى مجلة بانوراما الإيطالية وصحيفة لا فيريتا اليومية الإيطالية. يدرس بيازا الظواهر الإجرامية والإرهابية خارج الحدود ذات الطابع الإسلامى منذ التسعينيات. كما يشارك فى المؤتمرات والبرامج التليفزيونية والإذاعية ويقدم البودكاست الذى يبث على قناة La Verità بعنوان «عيون على الإرهاب»، بالإضافة إلى برنامج «لقاء مع بيازا.. الخبر الذى لا يتحدث عنه أحد»، والذى يبث على موقع Panorama.it... ينضم للحوار بهذا المقال الذى يتناول فيه موقف إيطاليا من الهجرة غير الشرعية التى تتدفق إلى جزيرة لامبيدوزا.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المهاجرين شمال إفريقيا المزید من

إقرأ أيضاً:

هل ستكون ليبيا منفى العصر الحديث!

تناقلت وسائل الإعلام الدولية والمحلية اخبارا، مفادها نقل مهاجرين غير شرعيين من أمريكا لقضاء فترة محكوميتهم في افريفيا وتحديدا “دولتي رواندا وليبيا”، التقارير الصحفية اشارت بأن إدارة ترامب كانت تخطط لاستخدام طائرة شحن عسكرية من طراز C-17 لنقل مهاجرين غير شرعيين من مدينة سان أنطونيو بولاية تكساس إلى ليبيا، غير انه لم تقدم الجهات الرسمية في امريكا ، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الدفاع والقوات الجوية تأكيداً رسمياً لهذه الرحلة، لكن وسائل اعلام امريكية تفيد بأن هناك مجموعة من المهاجرين المحكومين، من جنسيات الفلبين والسلفادور والمكسيك كان قد تم ابلاغهم بالنفي الى ليبيا، وتم فعلا تحويلهم من مراكز الحجز الى مطار عسكري لنقلهم في رحلة مبرمجة على طيارة عسكرية، ثم بعد ذلك فوجئوا بترجيعهم إلى مركز احتجاز في جنوب تكساس، ما يعني عدول الأمريكان عن أمر الترحيل الى ليبيا، ولا احد يمكنه تأكيد أن ذلك سيكون نهائيا أو مؤقتا.

أثار ذلك الأمر اعتراضات قانونية داخل امريكا نفسها، حيث أصدر قاضٍ فيدرالي أمرًا قضائيًا مؤقتًا ضد هذه الترحيلات، مؤكدًا أنها ستنتهك أوامر قضائية سابقة تحظر إرسال مهاجرين إلى دول قد يتعرضون فيها للتعذيب أو الاضطهاد، اما عن الموقف الرسمي في ليبيا فقد اعلنت الحكومتان المتوازيتان في كل من طرابلس وبنغازي رفضهما استقبال المهاجرين، واكدتا عدم وجود أي اتفاق مع الولايات المتحدة بهذا الشأن، لكن شكوكا تدور حول امكانية مناقشة ذلك الأمر مسبقا، عبر وفود ليبية رسمية كانت في واشنطن خلال الأيام الماضية، وهو ما يثير قلقا معتبرا لدى غالبية الشعب الليبي الذي يفتقد الثقة في حكوماته المتعاقبة، بل ويتهمها بالتفريط في السيادة الليبية والى ابعد من ذلك وصفها بالخيانة والعمالة للأجنبي مقابل بقائها في سدة الحكم.

من المؤسف جدا ان يبلغ مدى الإستهتار بسيادة الشعوب الى هذا الحد، لكن اللوم ليس على الأمريكان إنما على من تفاوض معهم، أو أنه قد عرض ذلك عليهم تقربا وتزلفا طمعا في دعم امريكي لبقائهم في السلطة، وبهذا يثبت هؤلاء الهواديق أنهم لا إنتماء لهم للوطن ولا ولاء الا لمصالحهم وبقائهم في كراسي الحكم، إن هذه التصرفات تعتبر خرقا فاضحا لكل نواميس الحكم وهي قبل ذلك استهتارا مقيتا بالشعب الليبي وخذلانا  لا مثيل له لروح المسؤلية الوطنية والأمانة التي حُمّلوها.

كم هو مؤسف ومؤلم حينما نشهد مثل هذه الخروقات والتجاوزات الخطيرة يقوم بها من نعتبرهم ابناء الوطن وحراسه ممن يتولون الحكم في ليبيا اليوم، خاصة أن ليبيا لا تملك اتفاقيات رسمية مع الولايات المتحدة بشأن استقبال المهاجرين المطرودين، مما يجعل هذه الخطط مثيرة للقلق من الناحية القانونية والإنسانية، وكم هو مخزٍ ومذل أن يكون تراجع الإدارة الأمريكية على تنفيذ المهمة ليس بسبب الموقف الليبي الرسمي الهزلي أو حتى الموقف الشعبي السلبي الهزيل، إنما جاء لإعتبارات قانونية لا يسمح بها القانون الأمريكي.

غير أن الأكثر وجعا من زاوية أخرى أن العالم صار يصنف ليبيا وجهة غير آمنة للمهاجرين، حيث وثقت منظمات حقوق الإنسان مثل “أطباء بلا حدود” و”منظمة العفو الدولية” حالات تعذيب وعبودية في مراكز الاحتجاز الليبية المختلفة، وهو ما يعني أن ليبيا تعيش حالة فوضى أمنية لا تسمح بالتعامل معها كدولة تحترم حقوق الإنسان، وأن حكوماتها عاجزة على ضبط الأمن وتوفير السلامة اللازمة لمواطنيها والوافدين عليها، وهو ما يعد إدانة دولية مباشرة للحكومات المتعاقبة التي يبدو انها لا تجيد الا صرف ونهب المال العام!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • كيف يؤثر تتويج بولونيا بكأس إيطاليا في صراع المقاعد الأوروبية؟
  • د.حماد عبدالله يكتب: السيرة الحسنة الباقية !!
  • رسائل مهمة ولقاءات ثنائية لوزير الزراعة خلال اجتماعات باري الإيطالية
  • غاز ورشاوى وصمت مدو.. حين فتحت الكونغو أبواب أفريقيا أمام إيني الإيطالية
  • د.حماد عبدالله يكتب: الأغنية الوطنية!!
  • أول مفاجآت أوروبا.. بولونيا يُسقط ميلان ويتوج بكأس إيطاليا
  • هل ستكون ليبيا منفى العصر الحديث!
  • إلغاء رحلة الخطوط الجوية الإيطالية AZ86 بسبب الأوضاع الأمنية في طرابلس
  • تخطوا 60 مليونًا.. زوار المتاحف الإيطالية يتجاوزون عدد السكان
  • كريم وزيري يكتب: حرب البرق.. حين أطفأت المدافع أضواء أوروبا في غمضة عين