صراحة نيوز:
2025-12-01@12:43:45 GMT

وصفي التل رجل بحجم وطن .. ورمز لا يزول من الذاكرة

تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT

وصفي التل رجل بحجم وطن .. ورمز لا يزول من الذاكرة

صراحة نيوز-اللواء المتقاعد  طارق الحباشنة

«إن استذكار وصفي التل هو استحضارٌ لقيمٍ رسَّخت أساس الدولة، ولنهجٍ وطنيٍّ لا تسقط رايته بتعاقب السنين.»

في هذه الذكرى الرابعة والخمسين لاستشهاد وصفي التل، تستيقظ الذاكرة الأردنية على رجلٍ من طرازٍ نادر؛ قائدٍ لم يكن يشبه إلا نفسه، ورمزٍ ما يزال حضوره ممتدًا في الضمير الوطني رغم مرور السنين.

فما إن يُذكر اسم وصفي التل حتى تستحضر الأجيال صورة رجلٍ صلب الإرادة، شديد الانتماء، عاش للأردن بكل ما يملك، وقدم للوطن ما لا يقدمه إلا من وُلد وقلبه معقود بعشق الأرض والناس.

لقد كان وصفي التل رجل دولةٍ بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ قائدًا يرى المستقبل بعين ثابتة، ويقرأ المعادلات الوطنية والإقليمية بفكرٍ عميق ورؤيةٍ استراتيجية سبقت عصرها. وفي الطريقة التي أدار بها شؤون الدولة، تجلّى إدراكه العميق لمفهوم السيادة والكرامة الوطنية، فكان مثالًا للمسؤول الذي لا يهادن في الحق، ولا يساوم على مصالح الوطن، ولا يعرف طريقًا غير طريق الشرف.

كان يؤمن بأن الدولة تُبنى بالعمل لا بالشعارات، وبالصدق لا بالمجاملة، وبأن ثقة الشعب هي أساس القوة الحقيقية لأي حكومة. ولذلك، كانت إدارته تتسم بالوضوح والصرامة والانضباط، وبتكامل الفكر مع التنفيذ، وبقربه الدائم من الناس وهمومهم. لم يكن يرفع بينه وبين المواطن أي حواجز، ولم يرَ في المنصب مظلة للنفوذ، بل مسؤولية تُؤدّى بضميرٍ حيّ، وقد كان ضميره هو القانون الذي حكم به نفسه قبل أن يحكم الآخرين.

وعُرف وصفي التل بنزاهته المطلقة، وبانشغاله المتواصل بقضايا الإصلاح ومحاربة الفساد، وبحرصه على ترسيخ قيم الشفافية والعدل والعمل العام الشريف. كان شديد الحساسية تجاه المال العام، رافضًا لأي مظهر من مظاهر الامتياز أو الاستغلال، وكان يتعامل مع مقدرات الدولة كما يتعامل مع ممتلكاته الخاصة: بغيرةٍ وحمايةٍ ومسؤولية. وقد تركت هذه المواقف أثرًا لا يمحى في ذاكرة الأردنيين الذين وجدوا فيه نموذجًا للقائد الذي يشبههم ويشبه أحلامهم.

وكانت وطنيته حجر الأساس في شخصيته؛ عاش للأردن ولأجل كرامته وسيادته، واتخذ مواقف تاريخية تجسد إخلاصه وانحيازه الثابت لمصلحة الدولة العليا. ورغم أن بصماته في بناء مؤسسات الدولة كثيرة، فإن أثره الحقيقي يكمن في النهج الذي رسّخه، وفي الروح الوطنية التي بثها في مؤسسات الدولة وقلوب الأردنيين.

سيظل وصفي التل، في كل ذكرى، وفي كل يوم، صفحةً ناصعة في تاريخ الأردن الحديث، ورمزًا للقائد الذي عاش كبيرًا ورحل كبيرًا، وترك إرثًا من المبادئ لا يزال يبني عليه الأردنيون جيلاً بعد جيل.

رحم الله الشهيد وصفي التل، الرجل الذي أحبّ الأردن فبادله الأردنيون حبًا لا يزول.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام وصفی التل

إقرأ أيضاً:

«استراتيجيّة الهويّة الوطنية» تعزيز للثقافة الإيجابية

محمد عبدالسميع

يدلُّ إطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة لاستراتيجيّة الهوية الوطنيّة، على تفكير ثقافي حصيف واستشرافي للعديد من المتغيرات والأفكار، التي دائماً ما تكون الدول والأمم والشعوب بحاجة إليها، فقد قدّمت الدولة الهوية بمرتكزات ثقافيّة كوثيقة عليا وكبرى، تتضمّن وعي المجتمع بتوجيهات الدولة، والسير نحو تحقيق أهداف غاية في الحكمة والعدالة والموضوعية في الشأن الثقافي، وما يرتبط بالثقافة من اتصالات قويّة ووشائج متينة بكلّ قطاعات المجتمع.

وزارة الثقافة كانت شريكاً أساسياً في هذا الإطلاق الوطني للاستراتيجيّة، حيث إن الثقافة الإماراتيّة، كحامل للأفكار الاستراتيجيّة مع غيرها من القطاعات المجتمعية والاقتصادية والسياسيّة والحكوميّة، تعد عاملاً فاعلاً في ترسيخ الهوية الوطنية، كما أن الثقافة مثالٌ حيّ على احترام عقل الدولة لأفكار مجتمعها المتنوع والمتكامل لصالح العمل الكلي الخلاق والابتكاري، الذي ينعكس بالخير على الجميع.
ومن الضروري للدول والأمم والشعوب أن تكون على قناعة بأفكار ثقافية تحقق لها النموذج المتوخى، ليس فقط في الحياة الثقافية، وإنما في كلّ أوجه الحياة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والتربوية، وبما ينعكس على حالة نموذجيّة من الوئام المجتمعي والتعبير الثقافي الرائع في الآداب والفنون والمؤلفات، وفي الإعلام الناقل لروح الدولة الثقافي ومرتكزاتها الوطنيّة.
وحين أطلقت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية الهوية الوطنية، بالشراكة ما بين وزارة الثقافة ومكتب المشاريع الوطنية في ديوان الرئاسة، فإننا نجد في هذا التفكير الواعي مرتكزات دائرة جامعة تضمّ نقاطاً أو محاور مهمّة يحترمها عقل الدولة الجمعي ويثق بها كركائز متينة، هي: الاتحاد والوطن، والأسرة الإماراتية، واللغة العربية واللهجة الإماراتية، والتاريخ والجغرافيا، والذاكرة المشتركة، والقيم ومكارم الأخلاق الإسلامية، والتراث والعادات والتقاليد.

منطلقات الإبداع
والحقيقة أنّ الركائز السّت السابقة، تشكّل منطلقات للإبداع، كما تؤكّد أنّ الوطن مقدّس من المنظور الثقافي في تفكير الأفراد واتحاد الدولة، حيث يعمل الجميع على هدي من فلسفة الاتحاد، ليكون المجتمع والأسرة الإماراتية بمثابة الأسرة الواحدة، مهما تنوّعت، كأسرة متحابة ومثقفة وواعية تؤمن بهوية الدولة، وأنّ الجميع يعمل ضمن هذه الهوية، كما أنّ اللغة العربية واللهجة الإماراتية يدخلان في ثوابت العمل الثقافي الإماراتي، حيث اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية التي تعبّر بها وتحترمها وتقيم لها المؤتمرات والمنتديات، ولها أكثر من احتفالية، خاصةً في يومها العالمي، إضافةً إلى أنّ اللهجة الإماراتية هي منبثقة عن اللغة العربية بالتأكيد، فالإمارات ذات لهجة أصيلة يحترمها الجميع، وهي جديرة بأن يُحتفى بها وتقدّر لما تشتمل عليه من مفردات أصيلة ذات ارتداد لغوي ضارب في العمق، ولا ننسى أنّ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، قد رسّخَ أهمية وضرورة حفظ الأرشيف الوطني والتراث وقراءته وجمعه، نظراً لأهميّته، لما تتضمنه هذه اللهجة من كنوز وأمثال وحكايات وقصص وأهازيج وممارسات ثقافيّة اعترفت بها منظمة اليونيسكو العالمية، وأدرجت عدداً منها على قائمتها كتراث عالمي، كما أنّ التاريخ والجغرافيا والذاكرة المشتركة كلّها منطلقات حاضرة في الفكر الإماراتي، حيث نصاعة التاريخ وحضور الجغرافيا، فالجميع يعمل في هذه البيئة المتحابة ذات الذاكرة التي تحتفي بالموروث وتنطلق إلى المستقبل بعزم وثقة وثبات.

قيم ومكارم
إنّ استراتيجية الهوية الوطنية هي قيم ومكارم وأخلاق مستمدّة من ديننا السمح، نعتدّ بها ونحترمها ونعمل بها، ذلك لأنّ المعتقدات، وعلاوةً على كونها تدخل ضمن التاريخ الثقافي غير المادي، هي نبراس للدولة، كما أنّ الأخلاق الإسلامية هي أخلاق تتميّز بالوسطية والاعتدال، وبالتالي تقوم عليها الدولة في تعاملها مع رعاياها وعلاقاتها بجيرانها ومع العالم كلّه أيضاً، والتراث والعادات والتقاليد كلّها أمور متضمنة في أصالة السلوك الوطني، كما عملت عليها الدولة في إشباع هذه الركيزة، من حيث جمع التراث، وتخصيص أيام للتراث والاحتفاء بمؤلفات مقارنة، وكذلك العناية بالرواة والحفظة والمعمرين وتوثيق عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم وأفكارهم، فلا تزال الإمارات تعتمدها كمصدر اعتزاز، خاصةً حضور هذه العادات والتقاليد والممارسات والتراث لدى منظمة كبرى مثل منظمة اليونيسكو، حيث اعتبرت هذه العادات والممارسات والأشعار والأهازيج والقصص والحكايات من التراث الثقافي غير المادي، وأدرجت ضمن قائمة اليونيسكو.
لقد كانت الرؤية الاستراتيجية للهوية الوطنية، وبكلّ الركائز والأبعاد السابقة، تؤكّد أنّ الدولة لها هوية وطنية إماراتية راسخة، وأنها معنية بتجسيد طموحات قيادتها الرشيدة، وأنّ المجتمع الإماراتي يعتزّ بهذه الهوية، ويسعى إلى تأكيدها، وتحقيق الاستقرار والرفاه بها، وبالتالي فهذا ينعكس على التلاحم والاستقرار الأسري والمجتمعي، خصوصاً حين تكون الهوية الوطنية الإماراتية حاضرة في مجالات التعاون والتواجد الدولي، كهوية تنتقل ويتم توارثها بين فئات المجتمع، في اللغة والثقافة والأسرة والمجتمع والإعلام والتعليم والدين الوسطي والتعايش والاقتصاد والسياسة والحكومة.

القطاع الثقافي

أخبار ذات صلة فنانون تشكيليون: «عيد الاتحاد» لوحة تضيء القلوب شما بنت محمد بن خالد: الشيخ زايد ترك لنا الوعي والتفكير المنتج

كلّ هذه المحاور لم تترك شاردة ولا واردة إلا وأقرّتها وأكدتها، لما يخدم الانتماء ويشيع حالة من الإبداع الإنساني في كل القطاعات، وبالطبع فإنّ القطاع الثقافي سيزدهر، بما أنّه قطاع لا يمثّل فقط الآداب والفنون بشكل منعزل أو مجرّد، بل هو تفكير جمعي لتعزيز الأفكار النيّرة والموروث الأصيل والانفتاح الواعي، ومن الرائع أنّ استراتيجية الهوية الوطنية يتم تطويرها بالشراكة ما بين وزارة الثقافة ومكتب المشاريع الوطنية في ديوان الرئاسة، كدليل على أهميتها، خصوصاً وأنها أطلقت خلال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات العربية 2025 في العاصمة أبوظبي بحضور أكثر من 500 من القيادات الحكومية على المستوى الوطني، مما يعكس الحرص على أن يتمّ تطوير نموذج الحوكمة ومؤشر الهوية الوطنية لضمان تكامل الجهود واستدامه الأثر، بالتنسيق مع أكثر من أربعين جهة اتحادية ومحلية من مختلف القطاعات، لتعريف موحّد للهوية الوطنية، كمجموعة من الخصائص الفريدة، التي تميّز المجتمع الإماراتي وثقافته وتسامحه واحترامه لكينونة الدولة وهويتها الوطنية.

تفكير عميق

كلّ هذه التقسيمات والأبعاد السابق ذكرها، تؤكد التفكير العميق لما هو قادم، ومحاولة تنظيم هذا التفكير، بحيث يندرج ضمن هذه الركائز على إطلاقها، فلو أخذنا على سبيل المثال الإعلام فهو ناقل قوي للهوية الوطنية والبث الواعي لها، وكذلك التعليم والمناهج والأفكار الوسطية  والتعايش، وتضرب دولة الإمارات العربية المتحدة المثال الواضح والأصيل في هذا الشأن، فهي تحترم التعدد والتعايش انطلاقاً من أنّ ديننا الوسطي والحنيف إنما يدعو إلى التعامل بالحسنى والتعددية والوسطية ويحترم الآخرين.

مقالات مشابهة

  • معالي أبو الحسن… الإنسان الذي جعل منه قرب الهاشميين أخلاقًا تمشي على الأرض
  • بالفيديو… مجلس النواب يقرأ الفاتحة على روح الشهيد وصفي التل
  • من هو أبو خالد السوري الذي التقى الشرع بنجليه في حلب؟ (شاهد)
  • بالفيديو: حصان بحجم كلب.. ما الذي نعرفه عن "بوموكل"؟
  • «استراتيجيّة الهويّة الوطنية» تعزيز للثقافة الإيجابية
  • وصفي التل… ذاكرة رجلٍ لا يغيب في ذكرى رحيله
  • وصفيُّ التَّلِّ…أيقونة الاردنيين..!
  • السيسي.. الديكتاتور الذي يعترف أخيرا: مصر تحتاج مئة عام للنهوض!
  • جموع الأردنيين تحيي ذكرى الشهيد وصفي التل في دارّته / صور