أعاد الداعية عبدالله رشدي طرح الجدل حول قضية الحجاب ومسؤولية الأهل تجاه بناتهم في هذا الأمر، مؤكدًا أن الحجاب فريضة ربانية لا يملك الأب أو الزوج الترخيص بتركها، لأنها — بحسب قوله — من أوامر الله التي لا يحق لأحد مخالفتها أو السماح بتركها.

 

 وأضاف أن التساهل مع المعصية أو الإقرار بها يجعل الإنسان شريكًا في الإثم، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»،حيث صرح عبر صفحته الرسمية قائلاً: «هل ينفع أسمح لبنتي أو مراتي تخلع الحجاب؟ لا — مينفعش، أنت لا تملك هذا الحق أصلاً، لأن هذا أمر ربنا، وأنت ملكش الصلاحية أنك تأذن لأي شخص تحت ولايتك بأنه يخالف شرع الله».

 

وأضاف: «إن فعلت ذلك فأنت شريك في الإثم». كما وسّع معنى التحريم ليدخل كل ما يُعتبر معصية — مثل التدخين أو العلاقات المحرّمة — رافضًا تساهل الأهل أو المجتمعات معها.

وتصريحات رشدي تعبّر بواضح أن الحجاب أمر شرعي لا يجوز التهاون فيه، وأن من له ولاية على المرأة — أبًا أو زوجًا — ليس مجرد ناصح، بل له دور في حفظها عن المعصية.

لكن حين نعود إلى الفتاوى الشرعية من المؤسسات الدينية الرسمية، لا سيما من دار الإفتاء المصرية والأزهر، نجد إطارًا فقهيًّا أكثر دقة وتوازنًا في التعامل مع مثل هذه المسائل.

 

الحجاب فريضة ثابتة 

أكّدت دار الإفتاء المصرية أن الحجاب فرض على كل امرأة بلغت سن التكليف، موضحة أن الأدلة الشرعية في هذا الشأن قطعية، ومن ذلك قول الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ — الأحزاب: 59﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ — النور: 31

وأوضحت أن الخمار بنص القرآن هو غطاء الرأس، وهو دلالة لا تقبل التأويل. كما استشهدت الإفتاء بحديث النبي ﷺ:«يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا» — وأشار إلى الوجه والكفين (رواه أبو داود).

وأجمعت الأمة — سلفًا وخلفًا — على أن الحجاب من المعلوم من الدين بالضرورة، وأن ستر الجسد عدا الوجه والكفين هو الحكم الذي لم يخالف فيه أحد من العلماء.

 

الأهل.. هل يحاسبون على عدم التزام البنات بالحجاب؟

كما صرح الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الأب والأم سيُسألون عن أولادهم، وأن التربية السليمة تبدأ منذ الصغر، بحيث يعتاد الطفل على الطاعة قبل سن البلوغ، ومن ذلك الصلاة والحجاب.

وأكد شلبي أن على الوالدين الاستمرار في النصيحة والتوجيه بلا يأس، والدعاء للأبناء بالهداية، مضيفًا أنه لا يصح أن يقول الأب أو الأم: "نصحتهم ولم يسمعوا لي"، بل يجب تكرار النصح بحكمة ولين.

 

هل يحق للأب إجبار ابنته على الحجاب؟

أوضحت دار الإفتاء أن للأب ولاية شرعية على ابنته، وله أن يأمرها بالحجاب من غير قهر أو عنف، بل عبر التربية والرفق، تطبيقًا لقول النبي ﷺ:
«ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه».

وشددت الدار على أن النفقة واجبة على الأب سواء ارتدت البنت الحجاب أم لم ترتده، لأن التقصير في الفرائض لا يرفع حقها في النفقة.

 

الإقناع بالحكمة.. وليس بالإكراه

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن المجتمع المصري لديه خبرة طويلة في فهم الدين وتطبيقه، وأن فرض الحجاب بالقوة ليس من الدين، بل هو مسألة تحتاج إلى وعي وتدرّج في التربية.

وأضاف أن تأخير الفتاة للحجاب بحجة "عدم الاقتناع" قد يكون بابًا للترك، لكنه لا يبرّر استخدام العنف، مشددًا على ضرورة الحكمة واللين. وحذّر من المبالغة، مثل مطالبة الرضيعة بارتداء الحجاب، مؤكدًا أن هذا انحراف عن التربية السليمة.

وبخصوص مسؤولية الأب، أوضح جمعة أن من بذل جهده في تربية ابنته ثم لم تلتزم لا يأثم، مستدلًا بقول الله تعالى:﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، أما من قصّر في غرس قيمة الحجاب منذ الصغر، فعليه التوبة والاستغفار لأنه لم يؤدِّ واجبه التربوي.

 

 ستر الجسد فرض بإجماع المسلمين 

 أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، على أن الحجاب فرض ثابت، وأن المرأة البالغة يجب أن تستر جسدها ما عدا الوجه والكفين — وقال بعض العلماء بجواز كشف القدمين للحاجة.

وأشار إلى أن هذا الحكم منصوص عليه بوضوح في القرآن والسنة، ومن الأدلة الحديث الذي رواه أبو داود عن السيدة فاطمة رضي الله عنها، عندما ضاق ثوبها فلم يكن يكفي لستر رأسها وقدميها معًا، مما يدل على وجوب ستر الموضعين معًا.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحجاب سلطة الأب عبدالله رشدي الإفتاء رشدي أن الحجاب

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي: التربية على الحياء والستر وقاية من الضياع وغضب الرحمن

تحدث عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ خالد الجندي عن أهمية القصص القرآني وقيمته التربوية، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف يضم بين جنباته العديد من رسائل الدكتوراه والماجستير التي تناولت هذا المجال بالدراسة، حيث قدّم علماء كلية اللغة العربية وقسم التفسير أبحاثًا نفيسة وبديعة في هذا الإطار.

وأوضح الجندي خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون" على قناة "dmc"، أن اهتمامه الشخصي بالقصص القرآني يمتد منذ فترة، مع العمل على تقريب هذا العلم للناس بطريقة مبسطة. ولاحظ أن بعض الآباء يتركون أبناءهم يعيشون في "جو من التفاهة"، داعيًا إلى ضرورة تعليم الأبناء قيمًا حقيقية، مع إمكانية "تحلية القيم بالسكر" لجعلها مقبولة ومحببة لهم، على غرار تحلية الدواء لتيسير تناوله.

وأشار إلى أن تقديم القصص القرآني للناس يجب أن يكون بعد تنقيته من الإسرائيليات والشعوذات والروايات عديمة القيمة، مع الاهتمام بصحة اللفظ ووضوح العبارة، وصياغتها بما يتناسب مع احتياجات العصر.

ووضح الجندي أن تبسيط القيم للأبناء يشبه تمامًا تقديم الدواء للطفل بشكل محبب، مؤكدًا أن القرآن الكريم ركز في مستهل قصة آدم عليه السلام على قضية ستر العورات، وأنها كانت "معركة عورات"، تكون نتيجتها إما الستر وإما الانكشاف الذي يؤدي إلى الضلال، مستشهدًا بقوله تعالى: "فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما".

كلام فارغ.. خالد الجندي: تعليق البعض "خرزة زرقاء" يعد بقايا وثنيةلماذا وصف الله أهل الجنة بـ متكئين؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح الحكمةخالد الجندي يؤكد: الصلاة فريضة لا تسقط مهما بلغت شدة الظروفخالد الجندي يفسر أنواع الحسد.. ويكشف سر النوع الذي يصيب الأغنياء

وحذّر من أن انكشاف العورات يمثل دليلاً على غضب الله وزوال نعمة الستر وفقدان الحياء، موضحًا أن الحياء فطرة ربانية طبيعية خُلق عليها الإنسان الأول كما ظهر في قصة آدم وزوجه، وأن ستر العورة كان نعمة ومنّة إلهية مُنحت للإنسان منذ اللحظة الأولى.

وشدد الجندي على خطورة تربية الأبناء على التكشف وعدم الاكتراث بمسألة العورات، معتبرًا أن من يربي ابنته على كشف العورة يربيها على ما يغضب الله، وأن التساهل في هذا الأمر من بعض الرجال والنساء يدل على فقدان نعمة "التقويم الحسن" التي امتنّ الله بها على الإنسان في قوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم".

ولفت إلى أن انعدام الحياء إلى درجة تشبه السلوك الحيواني هو علامة واضحة على نكوس الفطرة وانحرافها، مستنكرًا دهشة واستغراب بعض الناس عندما يُطلب منهم ستر عوراتهم أو عورات أبنائهم، رغم أن هذا المبدأ هو أصيل في الفطرة الإنسانية قبل أن يكون تشريعًا دينيًا.

وختم الشيخ خالد الجندي بذكر الآباء والأمهات بآية القرآن الكريم: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا"، مؤكدًا أن الستر في ذاته عبادة، وأن الحياء نعمة عظيمة، داعيًا الجميع إلى المحافظة على هذه النعمة والعمل باستقامة لقبول الرحمة من الله تعالى.

طباعة شارك خالد الجندي الحياء ستر العورة التربية القصص القرآني الفطرة لعلهم يفقهون

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: القرآن الكريم نور الحياة وهدى الوجود يبني الإنسان على الحق
  • نساء الجنة.. مشاركة المؤمنات في نعيم أزواجهن في الآخرة
  • البشعة.. جمعة: لا أصل لها وتحمل مخاطر جسدية وأخلاقية وقانونية
  • حكم الجلوس أمام زوج بنتي بدون الحجاب.. الإفتاء: لا حرج فهو من المحارم الدائمين
  • الفرق بين الحق والحقيقة.. الدكتور علي جمعة يوضح
  • لماذا اتسم الله بالحق وليس الحقيقة؟.. علي جمعة يوضح الفرق
  • د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!
  • حلا شيحة تدعو لقراءة القرآن وتحكي رحلتها مع الحجاب
  • خالد الجندي: التربية على الحياء والستر وقاية من الضياع وغضب الرحمن