بوابة الوفد:
2025-12-08@06:48:46 GMT

الخديعة الثقافية الكبرى بأسيوط

تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT

لا أحتاج الكثير من التفكير حتى أدرك أن زيارة وزير الثقافة الدكتور احمد فؤاد هنو الى اسيوط لم تكن سوى عرض سريع يبيع الوهم قبل ان يقدم حلا واحدا للمشهد الثقافي المختنق في المحافظة.

فالجميع سمع ضجيج التصريحات عن بحث انشاء دار اوبرا جديدة كما لو ان اسيوط على حافة نهضة فنية غير مسبوقة.

بينما الحقيقة المؤلمة ان الوزير ومحافظ اسيوط اللواء هشام ابوالنصر يمران على مشكلات قاسية تعيشها قصور الثقافة منذ سنوات ثم يغادران وكأن الامر مجرد مناسبة تليق بالكاميرات لا بالمواطن.

وهنا لا اتحدث عن فكرة الاوبرا في ذاتها بل عن طريقة طرحها وكأنها الانقاذ المنتظر رغم ان اسيوط تحتاج ما هو ابسط واشد عمقا من قاعة عروض تصل تكلفتها لمبالغ طائلة لن يلمس معظم اهل المحافظة انعكاسها في حياتهم الثقافية اليومية.

وكأن اسيوط تنتظر هذه الهدية المنقذة بينما الواقع اليومي يكشف مشكلات ثقافية متراكمة لم يلتفت لها هو ولا محافظ اسيوط اللواء هشام ابوالنصر رغم انهما المعنيان برعاية الثقافة وتطويرها.

واذا كان وزير الثقافة يتصور أنه عبر هذا الإعلان سيكسب إعجاب جمهور الصعيد فهو مخطئ لان المشهد ابسط واشد عمقا من مجرد التقاط صور اعلامية او اطلاق وعد ضخم لا يعرف احد جدواه واقعيا ولا اقتصاديا ولا اجتماعيا.

وزير الثقافة استخدم في زيارته عبارات توحي وكأنه يقدم مشروع نهضة ثقافية بينما الحقيقة من وجهة نظري ليست اكثر من استهلاك اعلامي متسرع وربما محاولة لصناعة حضور سياسي سريع في صعيد مصر خصوصا مع الحديث المتكرر عن انشاء اول دار اوبرا في المحافظة من دون توضيح الاسباب او دراسة الاحتياجات الحقيقية للثقافة في اسيوط.

وانا هنا لا أرفض فكرة الفن الراقي ولا اقلل من قيمة الاوبرا لكني اتساءل بوضوح كم من اهل اسيوط سيستفيدون فعليا من مشروع كهذا في ظل نقص الموظفين في قصور الثقافة وغياب الانشطة الجاذبة للشباب وتوقف بعض المواقع الثقافية التي تعاني الفساد الاداري والمحسوبية والتقاعس.

الثقافة في اسيوط تحتاج علاجا جذريا لا مسكنات شكلية وما قاله الوزير خلال الزيارة كان يمكن ان يبدو محترما لو انه ربط الحلم الثقافي بواقع المراكز والقرى التي ما زالت مواقعها الثقافية تقاتل من اجل البقاء.

فهناك اماكن محرومة من الثقافة ومازالت تواجه خصومات ثارية وأخري مناطق نائية قرب الظهير الصحراوي ومع ذلك لم يقدم وزير الثقافة حلولا لوصول الثقافة اليها.

وكذلك عدم تقديم محتوى يحاول احتضان البسطاء والاطفال وتثقيفهم وتوعيتهم لكنه أعلن بإنشاء دار أوبرا في أسيوط أمام تراجع العمل الثقافي بسبب نقص الكوادر وعدم تفعيل البرامج الحيوية للشباب وتراجع دعم الانشطة التي تناقش قضايا العصر بدلا من التركيز على بروتوكولات مملة.

وزير الثقافة بدا وكانه يعيد انتاج القديم بطريقة متكررة فالتقليد لا يصنع ثقافة جديدة والتجربة داخل اسيوط تثبت ان صعيد مصر ليس بحاجة لعنوان مثل دار اوبرا بقدر حاجته لثورة حقيقية داخل قصور الثقافة القائمة ثورة تكسر فكرة ان الثقافة منتج لفئة واحدة من المثقفين فقط بل مشروع مجتمعي يقوم على بناء وعي واسع في التعليم الفن الابداع والانتماء.

وهنا اذكر أن الصعيد عرف رفاعة الطهطاوي التي سرقت مخطوطاته ومازال يئن في قبره لعدم الكشف عن السارق وكذلك عرف الصعيد الدكتور طه حسين والشيخ عمر مكرم مفجر اول ثورة ثقافية وكلهم صنعوا حضورا استثنائيا من قلب الجنوب ولم يحتاجوا لصروح اسمنتية بقدر ما احتاجوا فكرا يؤمن بالمجتمع وينهض به.

محافظ اسيوط اللواء هشام ابوالنصر يبدو هو الاخر بعيدا عن نبض المحافظة فهو تحدث خلال المجلس التنفيذي عن دراسة انشاء دار اوبرا اولى في صعيد مصر وكأنه لا يرى ان الثقافة هناك تختنق بالفساد الاداري ونقص الموظفين وتهديدات اغلاق مواقع ثقافية مهمة.

وزيارة وزير الثقافة كانت فرصة ذهبية لإطلاق حلول فورية لكنها تحولت الى احتفال بتصريحات لا تسمن ولا تغني عن شيء ثم يغادر سيادته من دون ان يلمس الجوهر الحقيقي لهذه الازمة او يواجه ما يعانيه المواطن الاسيوطي في الواقع.

من موقعي كمواطن وكمهتم بالشأن الثقافي اقول ان الثقافة مسؤولية لا تحتمل الاستعراض وان احتفال وزير الثقافة بفكرة دار اوبرا في اسيوط هو مشروع فاشل اذا لم يسبقه اصلاح حقيقي لمشاكل قصور الثقافة تعزيز الكوادر مواجهة الفساد تطوير الانشطة التي تجذب الشباب التركيز على قضاياهم دعم الخريجين تدريبهم .

واعادة توجيه الثقافة نحو التنمية لا نحو ترف نخبوي قد لا يجني ثماره سوى عدد محدود جدا من الاشخاص بينما الغالبية ستظل بعيدة عن هذا الصرح الذي سيكلف الدولة اموالا ضخمة قد تذهب هباء ولذلك يبدو الامر اهدارا محتملا للمال العام اذا لم يتم ترتيب الاولويات بعقلانية.

انا لا اطالب بمنع المشاريع الفنية الراقية بل اطالب وزير الثقافة بوعي حقيقي يدرك ان اسيوط تحتاج خططا تستعيد المكانة الثقافية التي عرفتها منذ قرون وان رجل الدولة لا يجوز ان يكرر الخطأ ذاته في كل زيارة وان الفخر الحقيقي هو اصلاح البنية الثقافية من جذورها وليس التقاط صور مع وعد بقاعة موسيقية قد لا تعني شيئا للجمهور.

وأرجو من وزير الثقافة ان يعيد التفكير قبل اتخاذ خطوات تنفيذية وان يراجع كل ما قيل في هذه الجولة لان الثقافة ابعد بكثير من مساحة اعلامية عابرة.

اخيرا هذه دعوة صادقة لوزير الثقافة الدكتور احمد فؤاد هنو ومحافظ اسيوط اللواء هشام ابوالنصر لاعادة تقييم ما قدموه خلال هذه الزيارة واعتبارها انذارا مبكرا لا ينبغي تجاهله فصعيد مصر يستحق رؤية ثقافية حقيقية تقوم على اصلاح جذري وتطوير شامل ومواجهة الفساد وتفعيل قصور الثقافة واحتضان الشباب وابتكار انشطة واقعية.

أما الأوبرا فلن تكون سوى بناية صامتة اذا لم نجد الثقافة الحية التي تعيد للناس ثقتهم في ان الدولة تعرف فعلا ماذا يعني ان تنهض الثقافة في صعيد مصر حيث الحضارة التاريخ والمستقبل معا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: يوسف عبداللطيف وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو أسيوط اسیوط اللواء هشام ابوالنصر وزیر الثقافة قصور الثقافة ان الثقافة دار اوبرا صعید مصر

إقرأ أيضاً:

مكتبة شومان معان منارة ثقافية ومعرفية جنوبية

صراحة نيوز- تشكّل مكتبة عبد الحميد شومان فرع محافظة معان منارة معرفية وثقافية في المحافظة، باعتبارها أول فرع للمكتبة في إقليم الجنوب والسادس على مستوى المملكة، مقدّمة خدمات متكاملة في مجالات ثقافية متنوعة لأبناء المحافظة والمناطق المجاورة.

وأكدت مديرة الاتصال والعلاقات العامة بالمؤسسة فرح أبو عيشة، أن المكتبة التابعة لمؤسسة عبد الحميد شومان/ ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، تضم نحو 5 آلاف كتاب في مختلف الحقول، إضافة إلى ركن للقراءة، وأجهزة حاسوب مزودة بخدمة الإنترنت وخدمة “واي فاي” مجانية، مع إمكانية الوصول إلى قواعد بيانات تحوي آلاف الكتب والمقالات والأبحاث.

وأوضحت أبو عيشة أن المكتبة تقدم خدمة استعارة الكتب عبر اشتراكات متنوعة تشمل الطالب والعادي والذهبي، إلى جانب مكتبة إلكترونية تتيح استعارة الكتب الرقمية، مؤكدة أن دور المكتبة لا يقتصر على الإعارة والقراءة، بل تُعد مركزاً حيوياً لتنفيذ برامج وأنشطة ثقافية دورية تشمل جلسات حوارية، وأندية قراءة، ومناقشات، وورش عمل، إضافة إلى المنتدى الثقافي الذي يناقش قضايا تسهم في تعزيز المشهد الثقافي المحلي.

وأضافت أن المكتبة تتميز بموقع استراتيجي في قلب مدينة معان داخل مبنى بلدية معان الكبرى، ما يسهل وصول الطلبة والباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي، مشيرة إلى أن المكتبة تستقبل زوارها يومياً باستثناء يوم الجمعة من التاسعة صباحاً حتى الثامنة مساءً، وتتسع لـ45 مستفيداً في الوقت ذاته، مع خدمة الإعارة بين الفروع.

وأوضحت أن المكتبة تقدم برنامجاً يمنح نقاطاً كمكافأة لروادها المواظبين على المشاركة في الفعاليات وزيارة الفروع، مما يؤهلهم للحصول على امتيازات تشمل أجهزة لوحية، وترقية الاشتراك من العادي إلى الذهبي مجاناً، فضلاً عن الحصول على مجموعة كتب يختارها المستفيد.

وأشارت إلى أن افتتاح مكتبة “شومان” في معان عام 2024 جاء بالشراكة مع بلدية معان الكبرى، في إطار جهود المؤسسة لنشر المعرفة وتوسيع دائرة الثقافة، وتطوير أنشطة مبتكرة تتجاوز الإطار التقليدي للمكتبات نحو بناء مجتمع قارئ ومثقف في جنوب المملكة

مقالات مشابهة

  • اللواء خالد اللبان: هيئة قصور الثقافة تمتلك تاريخا طويلا ومكانة ثقافية راسخة
  • وزير الإسكان: 3 جامعات تعمل في مدينة العلمين الجديدة وبها طلاب وأعضاء هيئة تدريس
  • وزير الخارجية السوري: قلقون من سياسات إسرائيل التي تتعارض مع استقرارنا
  • وزير الثقافة يصل إلى أذربيجان للمشاركة في أسبوع باكو للإبداع
  • فعالية ثقافية في حجة بميلاد فاطمة الزهراء
  • "بين مصر وروما كليوباترا السابعة في عيون الآخر".. ندوة ثقافية بمكتبة القاهرة الكبرى (غدًا)
  • احدى اطفال أسرة اسيوط......العثور على جثة طفل بالترعة الإبراهيمية فى مطاي بالمنيا
  • مكتبة شومان معان منارة ثقافية ومعرفية جنوبية
  • قصور الثقافة بأسيوط تحتفل باليوم العالمي لذوي الهمم