أتاحت الصور التي صدرت حديثا لإحدى الجزر الخاصة برجل الأعمال الأمريكي المدان بجرائم جنسية جيفري إبستين، وتحديدا جزيرة "ليتل سانت جيمس"، فرصة نادرة لرؤية جانب من العالم المظلم الذي نسجه الرجل الذي وجهت إليه اتهامات بالاعتداء الجنسي من عشرات النساء، قبل أن يموت منتحرا داخل زنزانته في آب/أغسطس 2019 أثناء انتظار محاكمته بتهم التآمر الفيدرالي والاتجار بالجنس.



وجاء نشر هذه المواد المرئية بعد خمس سنوات من الجدل حول الوثائق المختومة المتعلقة بالتحقيق، إذ أقر الكونغرس الأمريكي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي٬ مشروع قانون يطالب بالإفراج الكامل عن ملفات الحكومة المرتبطة بالقضية. وفق ما جاء في مجلة “بيبول”.

عالم إبستين من الداخل
امتلك إبستين عقارين في جزر العذراء الأمريكية: جزيرته الشهيرة "ليتل سانت جيمس" التي اشتراها عام 1998، و"غريت سانت جيمس" التي حصل عليها عام 2016. ورغم أن "ليتل سانت جيمس" عرفت منذ سنوات بأنها المسرح الرئيسي للجرائم التي ارتكبها إبستين، فإن الجمهور لم ير ما وراء جدرانها إلا في 3 كانون الأول/ديسمبر الماضي٬ عندما نشر الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب مجموعة صور ومقاطع فيديو غير مسبوقة.

الصور أظهرت غرفة تحتوي على كرسي أسنان محاط بعشرة أقنعة صفراء تحمل وجوه رجال، إضافة إلى سبورة كتب عليها كلمات من بينها "القوة" و"الخداع". وعلق كبير الديمقراطيين في اللجنة، روبرت غارسيا، قائلا: "هذه الصور الجديدة تقدم نظرة مقلقة إلى عالم جيفري إبستين وجزيرته. ننشرها ضمانا للشفافية العامة ومساعدة في تجميع الصورة الكاملة لجرائمه المروعة. لن نتوقف عن القتال حتى تتحقق العدالة للناجين."

ماذا حدث في جزيرة إبستين؟
تصف السلطات الأمريكية جزيرة "ليتل سانت جيمس" بأنها الموقع الذي كان إبستين ينقل إليه الفتيات المراهقات لاستغلالهن جنسيا. وفي دعوى قضائية رفعتها عام 2020 المدعية العامة في جزر العذراء الأمريكية، دينيز جورج، وصف سلوك إبستين بأنه "مشروع إجرامي واسع النطاق" شمل الاتجار بالعشرات من الشابات والأطفال واغتصابهم والاعتداء عليهم واحتجازهم داخل الجزيرة.

وأكد بيان صادر عن وزارة العدل الأمريكية أن المشاركين في شبكة إبستين استدرجوا الضحايا "بالخداع والاحتيال والإكراه"، عبر وعود بالدراسة أو الرعاية الصحية أو مساعدات مالية، مستغلين هشاشة وضعهم الاجتماعي.

ورفعت هذه الدعوى بعد تسوية قيمتها 105 ملايين دولار دفعتها تركة إبستين، إضافة إلى حصول حكومة جزر العذراء على نصف عائدات بيع جزيرة ليتل سانت جيمس.


أين تقع جزيرة إبستين؟
تقع الجزيرتان في جزر العذراء الأمريكية، وكان إبستين يصف هذا الإقليم بأنه "مكانه المفضل". دفع عام 1998 مبلغ 7.95 ملايين دولار للحصول على "ليتل سانت جيمس"، ومساحتها نحو 70 فدانا، وكان يسميها بين المقربين "ليتل سانت جيف". 

وفي 2016، اشترى "غريت سانت جيمس" مقابل 17.5 مليون دولار، وأنفق لاحقا ملايين إضافية لتطويرهما، بما في ذلك بناء فيلا ضخمة تضم مكتبة، وحماما يابانيا، وقاعة سينما.

من زار جزيرة إبستين؟
كشفت وثائق عدة على مدى السنوات الماضية عن زيارات شخصيات بارزة للجزيرة، مع نفي معظمهم لأي علاقة بالجرائم.

من بين أبرز الأسماء:
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال في تموز/يوليو الماضي٬ إنه تلقى دعوة لزيارة الجزيرة لكنه رفض٬ رغم وجود عشرات الصور والمقاطع المرئية التي تثبت وجوده مع إبستين٬ بصحبة فتيات قاصرات. 

الأمير البريطاني السابق أندرو، الذي اتّهم في دعوى عام 2021 من قبل الضحية الراحلة فيرجينيا جيوفري بإجبارها على ممارسة الجنس معه في لندن ونيويورك والجزيرة الخاصة. الأمير نفى ذلك في مقابلة شهيرة مع “بي بي سي” عام 2019. وبحلول تشرين الأول/أكتوبر الماضي٬ أعلن تخليه عن ألقابه وأوسمته الملكية.

الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، الذي ورد اسمه في دعوى جيوفري أيضا، لكن سجلات الخدمة السرية لم تقدم أي دليل على زيارته للجزيرة. وأكد المتحدث باسمه في بيان عام 2019 أنه "لم يزر قط أيا من ممتلكات إبستين، ولم يتحدث إليه منذ أكثر من عقد.".

الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينغ، الذي زار الجزيرة في 2006 ضمن رحلة مؤتمر علمي، قبل توجيه الاتهام لإبستين لأول مرة. وثائق غير مختومة ذكرت محاولة من إبستين وشريكته غيسلين ماكسويل لإيجاد أدلة تكذب شهادات الضحايا، لكن لم تسجل أي اتهامات بحق هوكينغ.

جيس ستالي، الرئيس السابق لبنك باركليز، الذي اعترف في جلسة استماع عام 2025 بأنه اصطحب عائلته في "بضع زيارات" للجزيرة.

ماذا حدث للجزيرتين بعد وفاة إبستين؟
بعد أيام من وفاة إبستين، داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي الجزيرة، وصادر أكثر من 300 غيغابايت من البيانات بالإضافة إلى أدلة مادية أخرى. وتولت تركة إبستين إدارة الممتلكات منذ ذلك الحين.

بحلول 2019، قدرت قيمة "ليتل سانت جيمس" بأكثر من 63 مليون دولار، و"غريت سانت جيمس" بأكثر من 22 مليون دولار.

وفي ايار/مايو 2023، بيعت الجزيرتان بمبلغ 60 مليون دولار لمالك جديد، هو ستيفن ديكوف، الذي أعلن خطته لبناء منتجع فاخر وتحويل الموقع إلى "وجهة عالمية". لكن صحيفة "التلغراف" كشفت في اب/أغسطس الماضي٬ أن مشروع التطوير تأجل بهدوء، وأن ديكوف لم يقدم أي طلبات تخطيط رسمية حتى ذلك التاريخ.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة دولية صحافة إسرائيلية صحافة دولية ترامب قاصرات قاصرات ترامب الاعتداء الجنسي ابستين صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جزیرة إبستین جزر العذراء ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

«العظمة» هي ما يسعى إليه ترامب في حرب فنزويلا

ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

من بين كل التفسيرات التي يمكن أن تُقدَّم لفهم نهج الرئيس دونالد ترامب العدائي تجاه فنزويلا، من تصويره المواجهة على أنها حرب ضد «إرهابيي المخدرات»، أو كخطوة للسيطرة على احتياطات النفط، أو محاولة لإحكام النفوذ الأمريكي في نصف الكرة الغربي، يظل التفسير الأكثر استبعادًا، هو الهدف الذي يطمح إليه أكثر من أي شيء آخر، ألا وهو العظمة.

فبالنسبة لترامب، ليست فنزويلا مسألة جيوسياسية فحسب؛ بل فرصة لقيادة حرب، وهي السمة التي ارتبطت تاريخيًا بالرؤساء الأمريكيين الذين يُصنَّفون ضمن «الأعظم».

لا أحد يترشّح للبيت الأبيض ليكون رئيسًا عاديًا، فلكل رئيس رؤية خاصة لما يعنيه أن يكون عظيمًا؛ فبعضهم يرى العظمة في القدرة على اتخاذ القرار في لحظات التحوّل الكبرى، حين يُمزج الحُكم بالشخصية والشجاعة وسط ضباب من الشك. وآخرون يجدونها في مدى خضوع الدولة للسلطة التنفيذية، أو في إنجازات تُنجَز كما لو كانت نقاطًا على قائمة مهام. وبين هؤلاء وأولئك، يبقى السعي لأن يكون أحد «العظماء» واحدًا من أعمق هواجس ترامب.

في شهر مارس الماضي، قال ترامب أمام جلسة مشتركة للكونجرس إن الشهر الأول من ولايته الثانية كان «الأكثر نجاحًا في تاريخ البلاد»، ثم أردف قائلا: «أتدرون من يأتي في المرتبة الثانية؟ جورج واشنطن».

وفي لقاء مع صحفيين من المؤسسات الإعلامية الأمريكية السوداء، قال: «كنت أفضل رئيس للسود منذ أبراهام لينكولن». ومؤخرًا، كتب على وسائل التواصل أن سياسة الرهن العقاري لمدة 50 عامًا التي اقترحها تجعله «رئيسًا عظيمًا مثل فرانكلين روزفلت».

أما سعيه العلني لنيل «جائزة نوبل للسلام»، ووصفه كل خطوة يتخذها بأعلى الأوصاف، وحتى قرار بناء قاعة احتفالات جديدة داخل البيت الأبيض، فهي مؤشرات إضافية على هذا الهاجس المستمر بالمجد.

في الوقت نفسه، حوّلت المؤسسة العسكرية الأمريكية البحر الكاريبي إلى ما يشبه ساحة حرب. فطوال أشهر، استهدفت القوات الأمريكية سفنًا خاصة في المياه الدولية بدعوى أنها تعمل في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.

وقد تحولت الأوامر المزعومة بقتل بحّارة عالقين في تلك العمليات إلى قضية وطنية مستقلة بذاتها. كما أعلن ترامب إغلاق المجال الجوي فوق فنزويلا، فارضًا فعليًا منطقة حظر طيران تجارية.

ويتمركز أكبر أسطول أمريكي في الكاريبي منذ الحرب الباردة على مقربة من السواحل الفنزويلية، كجزء من قوة تُقدّر بنحو 15 ألف عنصر. وذهب ترامب أبعد من ذلك بإعلانه عن عمليات سرية جارية داخل فنزويلا، وهي خطوة غير معتادة تكشف عن رغبة في إظهار الاستعداد للمواجهة.

ويؤكد المؤرخون وعلماء السياسة منذ عقود أن الشجاعة والكفاءة في زمن الحرب هما أقوى مؤشرَين على «العظمة الرئاسية». فبعض الرؤساء اكتسب هذه الهالة من الخدمة العسكرية، والبعض الآخر من قيادة البلاد خلال الحروب.

ومع ذلك، تكشف الدراسات أن الرؤساء الذين يقودون البلاد خلال صراعات دامية يحصلون غالبًا على تقييمات أعلى، وأن الحرب، رغم ذلك، تلحق الضرر بسمعة الرئيس أكثر مما تعزّزها؛ فطريق الحرب ليس طريقًا مختصرًا نحو المجد.

والعلامة التي تفضح من يسعون لهذا النوع من المجد هي التناقضات. ففي حملته لنيل «نوبل»، تباهى ترامب بأنه أنهى ثماني حروب، لكنه يبدو اليوم مستعدًا لبدء حرب جديدة بلا ضرورة، وأجندته السياسية «أمريكا أولًا» لا تحمل أي دعوة للتوغّل في أراضٍ أجنبية.

ويقدّم تدخله في فنزويلا على أنه حرب على المخدرات، بينما منح العفو لرئيس هندوراس السابق المدان في محاكم أمريكية بإدارة شبكة تهريب مخدرات برعاية الدولة. أما «إظهار القوة»، فيتمثّل، بحسب ترامب، في حشد قوة عسكرية هائلة لمواجهة خصم محدود الإمكانيات، وتبرير استخدام أساليب سلطوية لإزاحة حاكم سلطوي آخر، تحت شعار «الديمقراطية».

حتى لو كان الهدف الفعلي هو خنق شبكات المخدرات، أو تأمين الموارد، أو منع نفوذ روسيا والصين، فإن الحرب مع فنزويلا هي أسوأ خيار لتحقيق ذلك.

وإذا كان يرى أن الحرب قد تُبعد الأنظار عن تراجع شعبيته، أو عن حملة الترحيل المثيرة للجدل، أو خسائر الجمهوريين الانتخابية، أو الجدل المحيط بقضية جيفري إبستين، فإن أي التفاف وطني مؤقت سيذوب أمام قسوة الحرب. وإن كان يعتقد أن الحرب ستمنحه مزيدًا من السلطة، فهو يغفل أن الكونجرس، بقيادته الحالية، قد منح الرئاسة كل ما يمكن أن تمنحه أصلاً من صلاحيات.

وقد يبدو الانتصار العسكري على فنزويلا أمرًا مضمونًا، لكنه «انتصار بلا قيمة».

هذا درس تعلّمه رؤساء كُثُر بالطريقة الأصعب، ويبدو أن ترامب يستعد لينضم إليهم. فبالنسبة لمن يبحثون عن المجد، يبدو العالم بأسره خشبة مسرح تنتظر «الرجل العظيم». لكن لو كان بلوغ البطولة مجرد سلسلة من الخطوات التي يمكن اجتيازها بالتدرّج، لما شحّ الأبطال، ولما كانت للبطولة أي قيمة.

فاحترام الناس لا يمكن صناعتُه. وسيتعلم ترامب هذا الدرس، إلى جانب درس آخر أشد وقعًا، وهو أنّ ثمن العظمة الحقيقي أكبر بكثير من قدرة من يتعطّشون للتاج على تحمّله.

ثيودور آر. جونسون كاتب في صحيفة «واشنطن بوست»، ومؤلف كتاب «إن كنا شجعانا».

الترجمة عن واشنطن بوست

مقالات مشابهة

  • العمل من دون عقد: الوجه الخفي لسوق العمل اللبناني
  • دراسة جديدة تكشف آلية تجعل الأورام الإيجابية للإستروجين تستجيب للعلاج المناعي
  • لص يبتلع «قلادة جيمس بوند»
  • نائبة أمريكية تفجر مفاجأة مدوية حول ما قاله لها ترامب عن ملفات إبستين
  • مأساة جديدة في المتوسط.. غرق قارب مهاجرين قرب «جزيرة كريت»
  • طالبت الرئيس بالتدخل.. والدة السبّاح يوسف تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاته |فيديو
  • «العظمة» هي ما يسعى إليه ترامب في حرب فنزويلا
  • سريلانكا تكشف عن خطة إغاثة للمتضررين من الإعصار
  • الحكومة تعلن قبول استثمارات جديدة بـ1.36 مليار دولار