عربي21:
2025-06-01@17:41:51 GMT

المُغيَّبون العراقيّون بين النسيان والحلول!

تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT

هنالك العديد من القضايا الشائكة والمُتشابكة في المشاهد السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة العراقيّة، ومن أبرزها تلك القضايا المُرتبطة بالإنسان وحياته وحرّيّته وكرامته ورزقه وصحّته. ومن هنا تأتي أهمّيّة تسليط الضوء على قضيّة المُغيَّبين لأنّها تتّصل بحياة الفرد المُغيّب ومصيره وتداعياتها المرتبطة بعائلة المفقود والمجتمع!

ولا نريد أن نسير على ذات الطريق المُمِلّ الذي يقتصر على التوصيف والتباكي السنوي على المعضلات الوطنيّة والإنسانيّة المرتبطة بمواطنين أبرياء اختُطفوا، وربّما قُتلوا بدم بارد، ودون السعي للتركيز على الحلول والمقترحات المعالجة لتلك القضايا الحساسة!

ونحن ملزمون بداية بذكر بعض الحقائق المتعلّقة بإحصائيات جرائم المُغيَّبين، وآخرها ما ذكرته منظّمة العفو الدوليّة (آمنستي) في الثلاثين من شهر آب/ أغسطس 2023، بمناسبة اليوم العالميّ للمفقودين والمختفين قسراً، بأنّ العراق يُعدّ أحد البلدان التي تضمّ أكبر عدد من المفقودين فيي العالم جراء أزمات متتالية تهزّه منذ عقود، ودعت إلى ضرورة الكشف عن مصيرهم المخيف والغامض!

المرارة الأكبر في قضيّة المُغيَّبين أنّ الحكومات العراقيّة لا تمتلك أيّ قاعدة بيانات كاملة، أو تقريبيّة، بخصوص أعداد المختفين قسرياً! بينما نجد "إشارات" للمأساة وبدرجات متفاوتة على الصعيد العالميّ
والمرارة الأكبر في قضيّة المُغيَّبين أنّ الحكومات العراقيّة لا تمتلك أيّ قاعدة بيانات كاملة، أو تقريبيّة، بخصوص أعداد المختفين قسرياً! بينما نجد "إشارات" للمأساة وبدرجات متفاوتة على الصعيد العالميّ، وآخرها تقرير لجنة الأمم المتّحدة المعنيّة بالاختفاء القسريّ في العراق يوم 25 نيسان/ أبريل 2023، والذي أكّد أنّ "بين 250 ألفا ومليون شخص اختفوا في العراق منذ 1968"! وهي إحصائية مطّاطيّة وهزيلة ولا يمكن التعويل عليها!

وهذا برأيي تسفيه لأرواح المُغيَّبين وعدم احترام لهم ولعوائلهم، وإلا ينبغي لمَن يريد حسم هذا الملف أن يدعو لتشكيل لجنة عراقيّة وأممية تقف على أعداد المُغيَّبين الدقيقة خلال المراحل السابقة!

وكذلك أكّد مركز جنيف الدوليّ للعدالة أنّ "عدد المفقودين منذ العام 2003 يُقدّر بنحو مليون شخص"! فهل يُعقل أنّ مليون عائلة تلتزم الصمت وتفرّط بمعرفة مصير أبنائها المفقودين بهذا الطريق المظلم الملغم؟

والعجيب أنّ رئيس حكومة بغداد محمد شياع السوداني لم يتطرّق لهذه المناسبة، ولو بتغريدة، وكأنّها غائبة من قاموس حكومته!

ومن الغريب أنّ البرلمان العراقيّ لم ينجح حتّى الساعة في تمرير قانون مكافحة الاختفاء القسريّ لأسباب متنوّعة، لكنّها بالمحصّلة تؤكّد أنّ قيمة الإنسان لا تُعادل التوافقات المتنوّعة بين الشخصيّات والكتل المشكِّلة للمشهد السياسيّ!

وسبق لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أن كشف، نهاية العام 2022، بأنّه "لا حلّ لموضوع المُغيَّبين إلا بتعويض ذويهم وإنصافهم"، وأنّ "المُغيَّبين يُمكن تسميتهم بالمغدورين"!

فمَنْ غدر بهم؟ وهل يمكن لأموال قارون أن تُنْسي الناس جرائم تغييب أولادهم وقتلهم؟

لقد كانت المعارك في محافظتي الموصل والأنبار وغيرهما مناسبة مخيفة لتغييب مئات الأبرياء، وفقا لمنظّمة العفو الدوليّة، فيما تقول مفوّضبة حقوق الإنسان السابقة في العراق إنّ سبعة آلاف شخص اختفوا في الفترة من 2017-2019، بينما يُشير المرصد العراقيّ لحقوق الإنسان إلى أنّه تلقى 11 ألف بلاغ عن مغيّبين عراقيّين!

وأمام هذه الإحصائيات المذهلة والمؤكِّدة بأنّ العراقيّين يتصدّرون دول العالم في أعداد المُغيَّبين نتساءل:

- لماذا هذا الصمت القاتل لغالبيّة عوائل المُغيَّبين؟

- ولماذا لم نرَ لعوائل المُغيَّبين تجمّعات أسبوعيّة أمام مكتب الأمم المتّحدة ببغداد، والوزارات ذات العلاقة، ومجلس النوّاب؟

- ألا يفترض أن نجد تفسيرا للصمت الشعبيّ، ونحن نتحدّث عن مئات آلاف المُغيَّبين؟

- وكيف نفسّر هذا الصمت والتجاهل لضياع الإنسان بينما نرى الناس في دول أخرى ينشرون الإعلانات في الصحف والشوارع لفقدان قططهم أو كلابهم؟

- فهل صَمَتوا خوفا من تهديدات وملاحقات قانونيّة قد تُضيعهم هُم أيضا؟

- وهل هنالك أمْر ما خلف الستار دفعهم للصمت والاستسلام وتجاهل مصير المُغيَّبين؟

أسئلة كثيرة بلا إجابات شافية، ولا ندري مَنْ المُفترض أن يجيب عليها؟

وكانت وزارة العدل العراقيّة قد ذكرت بداية آذار/ مارس 2022 أنّها عقدت اجتماعا "لتفعيل الخطّة الوطنيّة الاستراتيجيّة للحقّ بمعرفة الحقيقة عن مصير المفقودين"!

فكيف سيُحسم ملفّ المُغيَّبين، والوزارة لم تُعلن حتّى الآن أيّ نتائج لخطّتها الوطنيّة؟

يُفترض تشكيل لجنة وطنيّة ودوليّة محايدة تسعى لحسم هذا الموضوع الدقيق بعيدا عن الاتّهامات المُسبّقة، ومعرفة مصير المُغيَّبين، وإنصاف ذويهم، وتقديم جميع الجناة للعدالة، وإلا فإنّ هذا الملفّ بركان قاتل سينفجر في أيّ لحظة
والغريب أن مَن يتناول موضوع المُغيَّبين في الصقلاوية وجرف الصخر وبزيبز وغيرها يُتّهم بالإرهاب، أو بدعمه، وهذه معادلة ظالمة يفترض الكفّ عنها والقبول بالأمر الواقع والمتمثّل بحصول عمليّات انتقام مُمَنهجة من بعض الأشخاص والقوى المالكة للسلاح، وبالتالي محاولة التهرّب من هذه المسؤولية القانونيّة والأخلاقيّة والشرعيّة سيزيد من تعقيد هذا الملفّ المعقّد أصلا!

ومِن أخطر نتائج قضيّة المُغيَّبين فضلا عن مصيرهم المجهول هو أنّ بعض عوائلهم تَدور، ومنذ سنوات، في دوّامات قاتلة، وهم يبحثون عن ذويهم وسط دهاليز السجون العلنيّة والسرّيّة المظلمة!

يُفترض تشكيل لجنة وطنيّة ودوليّة محايدة تسعى لحسم هذا الموضوع الدقيق بعيدا عن الاتّهامات المُسبّقة، ومعرفة مصير المُغيَّبين، وإنصاف ذويهم، وتقديم جميع الجناة للعدالة، وإلا فإنّ هذا الملفّ بركان قاتل سينفجر في أيّ لحظة، وحينها لا ينفع الندم!

سياسات تغييب الناس وتضييع أثرهم لا تساهم في نشر السلم المجتمعيّ وبناء الوطن، وهي من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم!

twitter.

com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق المفقودين العراق اختطاف الإرهاب مفقودين معتقلين مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة صحة مقالات رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا الملف أعداد الم العراقی ة مصیر الم

إقرأ أيضاً:

غزة في مفترق طرق صعب: الأنظار تتجه نحو القيادة في قطر… ما مصير الناس؟

مايو 30, 2025آخر تحديث: مايو 30, 2025

المستقلة/- أسامة الأطلسي/..”نريد أن نعيش بكرامة”. بهذه العبارة يختصر سكان قطاع غزة رسالتهم إلى العالم وإلى القيادة السياسية التي تتابع من بعيد. سنوات من الدماء والدمار والوعود المؤجلة دفعت الناس إلى حافة الإنهاك الكامل، وسط تساؤلات يومية: ما الذي يُفعل من أجل الناس؟ من أجل وقف الحرب؟ من أجل إعادة بناء ما دمره الاحتلال؟

في ظل هذا الواقع المعقد، تتجه الأنظار إلى القيادات السياسية المقيمة في الخارج، وتحديدًا إلى خليل الحية، أحد أبرز قادة حركة حماس.

خليل الحية: بين الدور السياسي وآلام الناس

يُعرف خليل الحية، القيادي البارز في حركة حماس، بدوره المحوري في المحادثات السياسية والوساطات الإقليمية، لا سيما تلك التي تُعقد في الدوحة، حيث يقيم منذ بداية الحرب الأخيرة. يشارك في مفاوضات رفيعة المستوى، ويتحدث باسم المقاومة، لكن في شوارع غزة، حيث تتراكم الأنقاض وتختلط رائحة الغبار بالدم، يتنامى شعور عميق بالفجوة بين القيادة والناس.

يقول أحد المواطنين من مدينة غزة: “نحترم كل من يعمل من أجل القضية، لكننا نريد من يسمع أنيننا قبل أن يفاوض باسمنا. نريد من يعيش بيننا، لا من يتحدث من خلف الزجاج العازل في الفنادق.”

في خان يونس، تقول أم لخمسة أطفال: “ليأتِ ويعيش يومًا هنا بين الأنقاض، ليرى كيف ننام، كيف نأكل، كيف نخاف على أولادنا كل لحظة. المقاومة لا تكون فقط بالشعارات، بل بحماية الحياة.”

معاناة يومية وصمت سياسي

الوضع الإنساني في القطاع يتدهور بشكل غير مسبوق. الجوع يطرق أبواب كل بيت، المساعدات لا تكفي، المشافي تئن، والمدارس لم تعد سوى ملاجئ. وفي مقابل هذه الصورة القاتمة، يتساءل السكان: أين القرارات الحاسمة؟ أين صوت القيادة الحقيقي الذي يتحدث بلسان الناس لا باسم تنظيم أو حسابات سياسية؟

العديد من الأصوات، حتى داخل صفوف مؤيدي حماس، بدأت تطالب بتغيير النهج السياسي، أو على الأقل بمراجعة الأولويات. “نريد وقفًا حقيقيًا لإطلاق النار، نريد حلاً سياسيًا لا يُؤجل، نريد أن نعيش كباقي البشر”، هكذا عبّر شاب عشريني من مخيم النصيرات.

قيادة بعيدة وشعب يدفع الثمن

يرى مراقبون أن المسافة الجغرافية بين القيادة في قطر والواقع الميداني في غزة باتت تمثل عائقًا حقيقيًا أمام فهم عمق المأساة. ويؤكد محللون سياسيون أن الاستمرار في إدارة الأزمة من الخارج، دون وجود فعلي داخل القطاع، يُفقد القيادة جزءًا من شرعيتها الأخلاقية والسياسية.

ففي الوقت الذي تتنقل فيه الوفود بين العواصم، يدفن الغزيون أبناءهم بأيديهم، ويقفون في طوابير طويلة من أجل ربطة خبز أو علبة دواء. وبينما تُدار الحسابات على طاولة المفاوضات، تُدار حياة الناس على حافة اليأس.

الحاجة إلى قرار شجاع

مع كل هذه الضغوط، تبقى الكرة في ملعب من بيده القرار. وتبقى غزة تنتظر من يسمع صرختها بصدق. فهل يُقدم خليل الحية والقيادة السياسية على اتخاذ خطوة حاسمة تُعيد الأولوية للناس؟ هل يكون هناك تحرك يُنهي النزيف، ويضع مستقبل غزة وسكانها فوق كل الاعتبارات الأخرى؟

التاريخ لا يرحم. والشعب لا ينسى من وقف معه، ومن أدار له ظهره في لحظة الخطر.

مقالات مشابهة

  • ديمبلي يدفع مبابي إلى «دائرة النسيان»!
  • تكريم أبطال مسلسل ظلم المصطبة في توزيع جوائز الإنتاج الدرامي لحقوق الإنسان
  • تكريم أبطال مسلسل قلبي ومفتاحه في توزيع جوائز الإنتاج الدرامى لحقوق الإنسان
  • الشرطة الفرنسية تقف متفرجة بينما يتجه زورق مهاجرين إلى بريطانيا
  • قبيل عيد الأضحى.. طرابلس تراجع محاضر المفقودين وتُطلق خطة تأمين موسّعة
  • المرعاش: الأزمة الليبية أمنية بالدرجة الأولى.. والحلول السياسية لن تنجح وحدها
  • وول ستريت جورنال: أميركا تخسر تفوقها الصناعي العسكري بينما تتقدم الصين بثبات
  • ما مصير رفع الحد الأدنى للأجور؟
  • غزة في مفترق طرق صعب: الأنظار تتجه نحو القيادة في قطر… ما مصير الناس؟
  • النائب العام يصدر قرارين بتشكيل لجنتين للتحقيق بـ«انتهاكات حقوق الإنسان» وأحداث طرابلس الأخيرة