جريدة الوطن:
2025-06-26@18:42:33 GMT

الرقابة تعزز الإدارة الرشيدة للمال العام

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

الرقابة تعزز الإدارة الرشيدة للمال العام

تُعدُّ الرقابة الماليَّة والإداريَّة ركيزة أساسيَّة من ركائز التخطيط والتنظيم في الدوَل الحديثة، وتَعُودُ نشأة الرقابة الماليَّة إلى نشأة الدوَل وملكيَّتها للمال العامِّ وإدارته بطريقة رشيدة وأيضًا تطوُّر السُّلطات إلى قضائيَّة وتنفيذيَّة وتشريعيَّة. ومع ازدياد حجم المال العامِّ وتطوُّر مسؤوليَّات الدولة إلى إقامة العدل وحماية المال العامِّ وصون مقَدَّرات الوطن أدَّى إلى مفهوم الرقابة الماليَّة والإداريَّة الذي يُعدُّ بوصلة للاتِّجاه الفعلي لتحقيق التنمية المستدامة لمؤسَّسات الدوَلة؛ كونها المحرِّك الأساس لدعم الجهود الرقابيَّة لحماية الأموال العامَّة، وتعزيز الشفافيَّة من خلال أداء الدَّوْر الحازم لمختلف الأجهزة العُليا، ولتفعيل المحاسبة الماليَّة والتدقيق.


تُعدُّ الرقابة الماليَّة والإداريَّة من أُسُس النظام الديموقراطي الحديث، وهي منهج علمي متكامل يقوم على الإشراف والمراجعة والمتابعة من قِبل جهة مستقلَّة بطُرقٍ شفَّافة لمعرفة سَير العمل داخل الوحدة، والتأكُّد من حُسن إدارة الأموال العامَّة وفق الأغراض المخصَّصة له، وأنَّ جميع الموارد المتاحة تصرف وتحصل حسب ما تقرُّه القوانين والنُّظم وإجراء فحوصات موضوعيَّة مستقلَّة قائمة على أساس اقتفاء أثَر المعطيات والمعلومات في دَوْرة سَير العمليَّات الماليَّة بالجهات المشمولة بالرقابة، كما أنَّ الرقابة الإداريَّة من الممارسات المتَّبعة للتأكُّد من احترام القانون وتسهيل وتيسير الأعمال والخدمات للمستفيدين مِنْها لمختلف شرائح المُجتمع.
ينظر المتابع إلى دَوْر جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة في الفترة الأخيرة بأنَّ دَوْره أصبح يتجاوز رقابة الأعمال القائمة على كشف التجاوزات والأخطاء، بل امتدَّت إلى تحسين مستوى العمل والقضاء على الفجوات، وتصحيح ومعالجة الانحرافات التي تؤثِّر على الأداء؛ بطريقة فعَّالة في إطار مؤسَّسي مبنيٍّ على القوانين والشراكة مع الجهات الخاضعة لرقابته، وكذلك الشراكة مع المُجتمع من خلال نشر مُلخَّص المُجتمع بنتائج ما تضمنته التقارير السنويَّة للجهاز، وأيضًا من خلال تأطير المسير وتوجيهه، كما أنَّ عمل جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة يعتمد على مدى الصلاحيَّات الممنوحة له كجهة مستقلَّة للقيام بدَوْره على أكمل وجْهٍ، لِيكُونَ صمام الأمان الذي ينبِّه القيادة العُليا من وجود هدر أو إسراف أو تلاعب بأيِّ شكلٍ من الأشكال الماليَّة أو الإداريَّة.
وقَدْ شهد جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة تطوُّرًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، ويُعتقَد أنَّ ذلك يَعُودُ للقيادة الجديدة والتغييرات التي أُجريت في منهجيَّة عمله في العديد من الجوانب ذات الصِّلة بالعمل الرقابي، والتركيز على الوعي المُجتمعي من خلال الندوات والبرامج المختلفة والشراكة مع جميع الأطراف، والعمل على التعريف بالجهاز وأعماله، بالإضافة إلى التزامه بالتعاون والتنسيق مع المنظَّمات العالَميَّة ذات الصِّلة وأهمُّها (الأنتوساي، والأسوساي، والأرابوساي) وكذلك التعاون مع الأجهزة النظيرة الشَّقيقة والصَّديقة تماشيًا مع التوجُّه العالَمي من قِبل الكثير من الدوَل التي تضع حفظ وحماية المال العامِّ ركيزة أساسيَّة للتنمية المستدامة ولضمان سلامة النشاط المالي والإداري. إلَّا أنَّ دَوْر جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدوَلة يُعدُّ مرآة عاكسة لكفاءة الجهاز الإداري للدَّولة، والتأكُّد من أنَّ الأموال تصرف وفقًا لخطَّة الدَّولة السنويَّة والموازنة العامَّة، وفي الحدود المرسومة لها. كما أنَّه الضمان الوحيد لسلامة الأنشطة من أيِّ فساد أو اختراقات ماليَّة والحدِّ من الإسراف الذي لا مبرِّر له، والكشف عن مَواطن الإهمال أو التقصير في أداء واجبات الوظيفة العامَّة لمحاولة النهوض بها وإصلاحها وترشيدها إلى ما يخدم المصلحة العامَّة، ويضْمَن أنَّ الاعتمادات الماليَّة صُرفت في الأغراض المخصَّصة من أجْلِها، وأنَّ الإيرادات قَدْ تمَّ تحصيلها وفقًا للقوانين والأنظمة السَّارية. كما يهدف إلى تخفيض تكاليف الأداء في الأعمال الحكوميَّة، وضمان الاستغلال الأمثل للاعتمادات الماليَّة للجهات المشمولة برقابته.
وإيمانًا ويقينًا من المقام السَّامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ بأهمِّية دعم الجهود نَحْوَ التنمية المستدامة، والمحافظة على المال العامِّ، أوْلَى عنايته الحكيمة بالأجهزة الرقابيَّة، ولا سِيَّما أنَّ تبعيَّتها تَعُودُ مباشرةً لجلالته، كما أنَّ الرقابة الماليَّة والإداريَّة حظِيَتْ باهتمام المشرِّع العُماني حيث صدر المرسوم السُّلطاني رقم (111/2011) بإصدار قانون الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدوَلة، كما صدر المرسوم السُّلطاني رقم (112/2011) بإصدار قانون حماية المال العامِّ وتجنُّب تضارب المصالح، وذلك من أجْلِ تبنِّي مسارات تنمويَّة في الإدارة الماليَّة الفاعلة والتي بدأت بالتخطيط الاستراتيجي لتحقيق قِطاع حكومي فعَّال لأداء خدمات حكوميَّة بجودة عالية في التخطيط والتنظيم والمتابعة والتقويم، وأيضًا للموازنة بَيْنَ المسؤوليَّات التنمويَّة والتشغيليَّة لاستغلال موارد الدَّولة، وذلك فق أساليب رقابيَّة ومعايير تُسهم في تحقيق التنمية المنشودة من توظيف الميزانيَّات الحكوميَّة، هذا بالإضافة إلى عمليَّات الرقابة على الأداء من أجْلِ بيئة ملائمة من المؤسَّسات الشفَّافة والفعَّالة والتي تخضع للمساءلة، ولا سِيَّما في توجُّه سلطنة عُمان لتحقيق رؤية عُمان 2040 بتطبيق الحوكمة لتعزيز دَوْر الإدارة الرشيدة ودعم الإصلاح الإداري والمالي والارتقاء بالوطن إلى مصاف الدوَل الكبرى، والمحافظة على الشفافيَّة والنزاهة والحياديَّة.
إلى جانب تبنِّي خطَّة وطنيَّة لتعزيز النزاهة والتي تُعدُّ بمثابة الأداة المرجعيَّة للعمل الوطني والتكامل المؤسَّسي في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ويأتي إعداد الخطَّة في إطار حرص سلطنة عُمان على تبنِّي أفضل الممارسات الدوَليَّة إلى جانب التزامها بالمتطلبات الواردة في اتفاقيَّة الأُمم المُتَّحدة لمكافحة الفساد، وذلك بهدف تعزيز التدابير الرامية لمكافحة الفساد، وتعزيز الكفاءة في استخدام الموارد، وتجسيد قِيَم العمل المؤسَّسي لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.

د. رقية بنت إسماعيل الظاهرية
طبيبة وكاتبة عمانية

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: المال العام ة والإداری من خلال الدو ل کما أن

إقرأ أيضاً:

مديرية أمن طرابلس تواصل جهودها الأمنية لضبط الجريمة وتأمين الفعاليات بالعاصمة

كثفت مديرية أمن طرابلس من نشاطها الأمني خلال الأسبوع الممتد من 15 إلى 22 يونيو، حيث نفذ مركز شرطة أبوسليم سلسلة من الإجراءات الأمنية شملت فتح 81 محضر جمع استدلالات، وضبط 91 متهمًا في قضايا جنائية مختلفة، من بينها جرائم سرقة ووقائع أخرى، في حين تم إحالة 100 قضية إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.

وأكّدت المديرية أن هذه الإجراءات تعكس التزام مراكز الشرطة المستمر بالتصدي للجريمة وفرض النظام العام، بما يحقق الأمن ويحفظ سلامة المواطنين والمجتمع.

وفي سياق متصل، واصلت الأجهزة الأمنية التابعة لمديرية الأمن، وبالتنسيق مع قوة المهام الخاصة والأمن الرياضي، تنفيذ مهامها لتأمين عدد من الفعاليات الرياضية البارزة ضمن خطة الترتيبات الأمنية للعام 2025.

وشملت هذه الفعاليات تأمين مباريات نصف نهائي الدوري الليبي لكرة السلة ونهائيات كأس ليبيا لكرة القدم داخل الصالات، التي أُقيمت في قاعتي 17 فبراير وطرابلس الكبرى، حيث اتُّخذت جميع التدابير الأمنية لضمان سير المنافسات في أجواء منظمة وآمنة.

كما وثّقت عدسة الإعلام الأمني جهود رجال الأمن في تأمين مباريات الدوري الليبي الممتاز لكرة القدم لفئة الأواسط، إلى جانب تأمين طريق الشط الحيوي، ضمن خطة شاملة لتعزيز الاستقرار والحفاظ على النظام العام في العاصمة.

وأكدت المديرية استمرارها في العمل الميداني المكثف وفق الخطط المعتمدة، مشيدة بجهود العناصر الأمنية في أداء مهامهم الوطنية، ومجددة التزامها بحماية أمن ليبيا وسلامة شعبها.

الإدارة العامة للدعم المركزي تعزز الأمن في طرابلس ضمن الخطة الأمنية المشتركة

تواصل الإدارة العامة للدعم المركزي جهودها المكثفة في إطار تنفيذ الخطة الأمنية المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في العاصمة طرابلس. وتعتمد الإدارة على توزيع الدوريات الأمنية بشكل منتظم، وتفعيل نقاط التمركز الاستراتيجية، بالإضافة إلى التنسيق المستمر مع مختلف الوحدات التابعة لوزارة الداخلية.

وتهدف هذه الإجراءات إلى حماية الممتلكات العامة والخاصة، والحفاظ على النظام العام، بما يسهم في خلق بيئة آمنة ومستقرة للمواطنين في العاصمة.

وتأتي هذه الخطوات ضمن استراتيجية وزارة الداخلية الرامية إلى تعزيز الأمن الداخلي، وضمان استقرار المجتمع في مختلف المناطق.

آخر تحديث: 24 يونيو 2025 - 07:45

مقالات مشابهة

  • كامل أبو علي: الاستقرار المالي أولوية وتوأمة مع المريخ قريبًا
  • محافظ بني سويف يناقش نتائج 33 زيارة للتفتيش المالي والإداري لمتابعة منظومةالعمل بالوحدات المحلية
  • محافظ بني سويف يؤكد استمرار الرقابة: 33 زيارة تفتيشية مفاجئة لضبط الأداء وتحسين الخدمات
  • الدكتورة خلود ترد على طلب ابنتها للمال: خذوا من أبوكم! .. فيديو
  • تدريب موظفي "جهاز الرقابة" على المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية
  • دبي تعزز موقعها العالمي كوجهة أولى للسفر.. والأرقام تتحدث
  • عاجل- الرئيس الإيراني يشيد بمواقف مصر الرشيدة وجهودها في استعادة استقرار الشرق الأوسط
  • عدن تطلق رسمياً بوابة التأشيرة الإلكترونية: نقلة تقنية تعزز الرقابة وتسهّل دخول الزائرين
  • تفاصيل مشاركة المملكة في اجتماع الرقابة المالية في مجموعة العشرين
  • مديرية أمن طرابلس تواصل جهودها الأمنية لضبط الجريمة وتأمين الفعاليات بالعاصمة