قيادة السلطة القضائية في تعز تقيم فعالية بذكرى المولد النبوي الشريف
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
الثورة نت|
نظمّت قيادة السلطة القضائية، بمحافظة تعز اليوم فعالية خطابية بذكرى المولد النبوي الشريف للعام1445ھ.
وفي الفعالية أكد عضو المجلس السياسي الأعلى سلطان السامعي أن الاحتفال بمولد أعظم إنسان في البشرية محمد صلوات الله عليه وعلى آله، احتفال بالقيم والأخلاق والمبادئ والصدق وكل الصفات التي أرساها المصطفى لأمته.
وندد بإطلاق أدوات العدوان للقذائف باتجاه مدينة الحوبان مساء أمس، لا لشيء إلا لأن الحوبان تكتسي اللون الأخضر، الأنوار المحمدية .. وقال “أليس نبينا محمد عليه الصلاة والسلام للبشرية جمعاء وهم أخوة لنا فلماذا ينددون باللون الأخضر”.
وأشار السامعي إلى أن العالم الإسلامي يحتفل بذكرى المولد النبوي، حتى السعودية وشعبها في الشرقية والجنوب وجيزان والحجاز يحتفلون بهذه المناسبة الدينية رغم منع السلطات.
وتساءل “لماذا إخواننا على بعد أمتار يستفزون من اللون الأخضر واحتفالنا بهذه الذكرى، عليهم مراجعة أنفسهم، كفى استفزازات، لقد مضت تسع سنوات والشعب اليمني يعاني من عدوان وحصار وحرب، ماذا جنيتم ممن دفع بكم لقتل إخوانكم، ستندمون في الأخير وسبق وندم الكثير منكم ممن يريدون العودة إلى صنعاء المفتوحة للجميع”.
ودعا عضو السياسي الأعلى، أبناء اليمن إلى الخروج المشرف والمشاركة الفاعلة يوم 12 ربيع الأول في الاحتفاء بهذه المناسبة الدينية وإرسال رسالة للعدو بوحدة الشعب اليمني بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي استطاع خلال السنوات الماضية أن يقود البلاد حتى وصلنا إلى ما نحن عليه من عزة وكرامة وأمن واستقرار.
من جانبه أكد رئيس المحكمة العليا، القاضي عصام السماوي، أن الشعب اليمني مرتبط برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. وقال “إننا نحب نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وحبنا له عقيدة راسخة وسنة مؤكدة لا يمكن أن تتزحزح ولا يخالجنا فيها شك”.
وأضاف “لنا في رسول الله عبر ومحطات، فهو الذي أشاد الله به بقوله ” وإنك لعلى خلق عظيم وهو الذي بذكره تطمئن النفوس وبطاعته يكتمل الإيمان وشفاعته لأمته حق ويقين وهو الرحمة المهداة للعالمين أجمع”.
وأوضح القاضي السماوي، أن الاحتفال بذكرى ميلاده عليه الصلاة والسلام، ليس ترفيهياً وإنما لاستذكار سيرته العطرة والاستفادة من الدروس والعبر في جهاده وأخلاقه ومبادئه والاستفادة منها على واقع الحياة.
وتطرق إلى أهمية تكاتف جهود الجميع وتكامل الأدوار لمواجهة العدو حتى جنوحه للسلام، معبراً عن الأمل في تجاوز اليمن للتحديات والمخاطر والمؤامرات التي تُحاك ضده والعمل على الحفاظ على الهوية الإيمانية والإحسان والتكافل المجتمعي.
وأشاد رئيس المحكمة العليا بالحشود المجتمعة للتعبير عن حبهم للرسول الأعظم .. حاثاً منتسبي السلطة القضائية العمل على تحقيق العدل وتقريب العدالة وتلافي أسباب التطويل وإنصاف المظلوم والاستماع إلى شكاوى المواطنين وكف يد المتلاعبين والفاسدين والوقوف بحزم تجاه أي تدخلات أو تأثيرات على القضاء.
وفي الفعالية التي حضرها عدد من أعضاء مجلس الشورى، عبر القائم بأعمال محافظ تعز أحمد أمين المساوى عن الاعتزاز والفخر بإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وقال “نحن في اليمن نعتز بهذه المناسبة الدينية، دفاعاً عن نبينا وهويتنا وعقيدتنا في ظل محاولة الأعداء الإساءة للنبي الكريم وسعي اليهود لقياس مدى ارتباط الأمة بنبيها في وقت تمتنع بعض الأنظمة وبعض الدول مجرد الاستنكار للإساءات لما يتعرض له النبي والقرآن من إساءات”.
وأوضح المساوى أن اليمنيين بإحيائهم لهذه المناسبة الدينية، يجسدون حقيقة أن الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان .. مشيراً إلى تخلي معظم الشعوب والدول والأنظمة عن الرموز العظيمة والمقدسات الدينية.
وأضاف “ما يجمع الأمة هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتمسكنا بالإسلام، مؤشر على أننا نسير في الطريق الصحيح ومسارنا إلى خير”.
ولفت القائم بأعمال المحافظ إلى أن العدو بغطرسته وصلفه لن يستطيع طمس هوية اليمنيين، ولا إبعادهم عن رسول الله ومنهجه وسيرته العطرة.
من جهته ألقى رئيس محكمة استئناف محافظة تعز القاضي عبدالعزيز الصوفي كلمة اعتبر فيها مناسبة المولد النبوي، أعظم مناسبة يُحتفى بها في أنحاء المعمورة.
وتطرق إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة الدينية الجليلة، يجسد ارتباط وحب اليمنيين لسيد البشرية وخاتم الأنبياء والمرسلين واستلهام الدروس والعبر من هذه الذكرى العطرة للاقتداء بسيرة النبي الخاتم والتحلي بأخلاقه وصفاته العظيمة.
وذكر القاضي الصوفي أن أعداء الأمة يحاولون إبعاد اليمنيين عن الرسول الكريم، ما يجب على كل مسلم التمسك بخاتم المرسلين وسيرته النيرة .. داعياً إلى الحشد الكبير والمشاركة الواسعة في الفعالية المركزية في 12 ربيع الأول.
وفي الفعالية التي حضرها رئيس النيابة العامة بالمحافظة القاضي عبدالرقيب المجيدي وعدد من وكلاء المحافظة ورؤساء المحاكم والنيابات والقضاة ومسؤولو الضبط القضائي، أُلقيت كلمتان من مدير إدارة التوثيق بمحكمة الاستئناف محمد العفيف والمنطقة العسكرية الرابعة ألقاها خالد غالب البحري، استعرضتا سيرة نبينا محمد صلوات الله عليه وآله وسلم.
واعتبرتا ميلاد النبي الخاتم مرحلة تحول للبشرية من عبادة الوثنية إلى عبادة الواحد الأحد والانتقال من عصر الظلمات إلى عصر النور والهداية.
تخللت الفعالية قصيدتان للشاعرين أحمد محمد السناوى وأحمد عزام في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: ذكرى المولد النبوي الشريف بهذه المناسبة الدینیة الله علیه وآله وسلم المولد النبوی فی الفعالیة
إقرأ أيضاً:
هل تصلح السلطة الدينية لحكم الدولة الحديثة؟
بدر بن خميس الظفري
@waladjameel
تُثار مسألة صلاحية الدين في حكم الدول الحديثة كلما طُرحت مسألة علاقة الدين بالسياسة، وكلما ظهرت توترات بين القوانين المدنية وأحكام الشريعة، أو بين مبادئ حقوق الإنسان وبعض التفسيرات الدينية. هذه القضية العميقة ترتبط بتساؤلات أعمق: من يملك حق الحكم؟ وما مصدر شرعيته؟ وهل يمكن الجمع بين ثوابت الدين ومتغيرات السياسة في دولة عصرية تحترم التعددية والحرية؟
تظهر التجارب التاريخية أن السُلطة الدينية حين تتحول إلى سلطة حاكمة، تتغير وظيفتها من التوجيه إلى السيطرة، ومن الوعظ إلى التشريع والإكراه؛ ففي الخلافة الراشدة مثلًا، ساد مبدأ الشورى والعدل والالتزام بالشريعة، لكنها ما لبثت أن انهارت تحت وطأة الصراع على السلطة، وتحول الحكم إلى وراثة في الدولة الأموية. هذا ما أشارت إليه دراسة الباحث السوداني الدكتور صبري محمد خليل بعنوان: "مفهوم السلطة الدينية في الفكر السياسي المقارن"، التي تتبعت مسار تحول الاستخلاف في الإسلام وعند العرب من مشروع جماعي إلى سلطة فردية.
أما في التجربة الأوروبية، فقد حكمت الكنيسة طويلًا باسم "الحق الإلهي"، حتى جاء عصر التنوير ليقلب المعادلة، ويفصل الدين عن الدولة فصلًا حاسمًا. وقد أسهمت تطورات كثيرة في هذا التحول، منها صعود الحركات الإصلاحية، والرفض الشعبي لهيمنة الكهنوت.
وفي سياقٍ معاصر، قدم اللاهوتيّ السويسريّ هانس كونغ مشروعًا مهمًا تحت عنوان "مشروع أخلاق عالمية"، دعا فيه إلى بناء توافق أخلاقي عالمي بين الأديان على أسس مشتركة مثل العدالة، والصدق، واحترام الإنسان. في هذا المشروع لا ينتقد كونغ مباشرة السلطة الدينية، ولكنه يركز على إمكانات التلاقي الأخلاقي بين الأديان من أجل السلام العالمي، وهو ما يعكس تصورًا مختلفًا لوظيفة الدين في المجال العام، وهو أن يكون مصدرًا للقيم لا سلطة للحكم.
وفي العصر الحديث، عادت النماذج الدينية إلى الواجهة، لا سيما مع نموذج ولاية الفقيه في إيران؛ حيث يحتكر الفقيه الأعلى القرارين السياسي والديني نيابة عن "الإمام الغائب". الباحث الإيراني محسن كديفر، في كتابه "نظريات الدولة في الفقه الشيعي"، يرى أن هذه السلطة تستند إلى شرعية فوق شعبية، مما يجعلها صلبة في مواجهة الخارج، لكنها تواجه تحديات داخليًا عند الحديث عن الحريات والمواطنة والتعدد.
المملكة العربية السعودية من جهة أخرى، بنت شرعيتها على تطبيق الشريعة، لكنها اليوم تواجه تحدياً للتوفيق بين التراث الديني ومتطلبات الرؤية الاقتصادية والانفتاح الاجتماعي.
والمفكر المصري نصر حامد أبو زيد، في كتابه "نقد الخطاب الديني"، يؤكد أن الأزمة ليست في النصوص بحد ذاتها؛ بل في "تسييس التأويل"، أي حين يستعمل الدين لإدامة بُنى تقليدية تحت غطاء الشرعية الإلهية.
وهنا لا يمكن تجاهل تجربة دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث الدولة يهودية دينية وتزعم في الوقت نفسه أنها ديمقراطية. وفي كتابه "اختراع أرض إسرائيل"، يرى شلومو ساند أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، أن الجمع بين الطابع الديني للدولة والطابع المدني للمواطنة يُوجِد توترات دائمة، ويُهدد التماسك الوطني على المدى الطويل، لا سيما في ظل وجود أقلية عربية كبيرة تعامَل كمواطنة منقوصة الحقوق.
نستخلص مما سبق أن السُلطة الدينية لا يُمكن أن تنجح في حكم الدول الحديثة إلّا إذا استوفت شروطًا واضحة. أولها المرونة في تفسير النصوص. وهذا ما دعا إليه المفكر المصري محمد سليم العوا في كتابه "في النظام السياسي للدولة الإسلامية"؛ إذ شدد على أن "الاجتهاد المستمر هو صمام الأمان لحيوية الشريعة". وثانيها التوازن بين السلطات، وهو ما نبه إليه المفكر الإيراني عبد الكريم سروش في كتاب "القبض والبسط في الشريعة" حين حذَّر من أن "تركُّز السلطتين الدينية والسياسية في يدٍ واحدة هو أصل الاستبداد باسم الدين". وثالثها الانفتاح على الآخر، كما دعا إلى ذلك راشد الغنوشي في كتابه "من تجربة الحركة الإسلامية في تونس"، حيث أكد أن "الحوار مع المختلف لا ينقض الثوابت؛ بل يختبرها ويقويها".
أما حين تغيب هذه الشروط، فإن السلطة الدينية تتحول إلى عبء على الدولة والمجتمع معًا. وتظهر الإخفاقات في صور عدة منها: قمع الأقليات، وتقييد الحريات، وعزل الشعوب عن العالم وتجميد حركة الفكر والاجتهاد. وهذا ما أشار إليه المفكر السوري محمد شحرور، في كتابه "نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي"؛ إذ رأى أن الجمود الفكري هو العائق الأكبر أمام التقدم، لأنه يحول الدين إلى أداة مقاومة للتجديد بدل أن يكون دافعًا إليه.
ورغم التحديات التي تحيط بعلاقة الدين بالدولة، تظل هناك فرصة لبناء نموذج يوفق بين مرجعية دينية قائمة على الفهم المقاصدي، ومؤسسات سياسية مدنية تتسم بالحداثة والمرونة. وهذا النموذج يمنح القيم الدينية دورًا في توجيه السياسات العامة من خلال منظور أخلاقي وإنساني، مع الحفاظ على استقلال القرار السياسي وتوازن السلطات.
وهذا ما أكد عليه الفقيه المغربي أحمد الريسوني، في كتابه "فقه الثورة"؛ حيث دعا إلى العودة إلى مقاصد الشريعة كمرتكز لفهم النصوص وتنزيلها في الواقع؛ فمقاصد مثل: العدل، وحفظ الكرامة، وصيانة الحقوق، تمنح الشريعة مرونة في التفاعل مع تحديات العصر. وعبر هذا المنهج، يتحول الاجتهاد إلى أداة لتطوير الحياة السياسية والحقوقية، انطلاقًا من منطق المصلحة العامة لا منطق الجمود على النصوص الظاهرة.
وفي المحصلة، يرتبط نجاح السُلطة الدينية في إدارة الدول الحديثة بقدرتها على فهم الواقع، والتفاعل مع متغيراته، والانفتاح على التنوع الإنساني والفكري. وحين تُستعمل المرجعية الدينية كوسيلة للهيمنة السياسية، تبتعد عن جوهر رسالتها وتفقد تأثيرها الأخلاقي. أما إذا تجلَّت في صورة منظومة قِيَم عُليا تُسهم في توجيه السياسات وصون العدالة وتعزيز الكرامة، فإنها تحتل موقعها الطبيعي في وجدان المجتمع، كمصدر إلهام وضمير حي، لا كأداة قسر وسُلطة مُطلقة.
رابط مختصر