سودانايل:
2025-08-01@17:14:15 GMT

محمد جلال هاشم على طريقة القذافي ام عمسيب؟

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

أحزنتني جدا مداخلة للأخ العزيز الدكتور محمد جلال هاشم على خلفية مقالتي "سقوط فرضية مناصرة الجيش حفاظا على الدولة" المنشورة بصحيفة التغيير الالكترونية الاثنين11 سبتمبر، ففي مداخلته اتهمني بالعجز عن فهم موقفه هو وموقف د. قصي همرور من الحرب، وقال انني نسبت لهما موقفا من نسج خيالي وهو "المطالبة بالاصطفاف خلف الجيش" وقال انني لم أدلل على موقفهما هذا بذكر اقتباسات من مقالاتهما تثبت ما ذهبت اليه.

وبعد قراءة المداخلة لم تعد لي حاجة باستعراض أي اقتباسات من كتابات محمد جلال للتدليل على موقفه المساند للجيش والمطالب بالاصطفاف خلفه لأن المداخلة نفسها هي أبلغ نص يدلل على ما ذهبت إليه!! كيف؟ يقول في مداخلته بالنص " ... لا يملك المرء إلا أن يتساءل عما إذا كانت هي عاجزة عن فهم موقفنا لمجرد أن فهمها لطبيعة هذه الحرب أنها تدور بين الجنجويد والجيش. وهذا يختلف تماما عن فهمنا لطبيعة هذه الحرب، إذ نرى أنها حرب شنتها مليشيات الجنجويد ضد الشعب وضد كيان دولته، وأن الجيش لأول مرة في تاريخه ينحاز لموقف الشعب. فأنت (وأي إنسان موضوعي) إذا فهمت الأمور بهذه الطريقة، فإنك لا يمكن أن تستخدم جملة "اصطفاف خلف الجيش" !!!
هنا لا يطالب محمد جلال باصطفاف عادي خلف الجيش بل يمضي فراسخ في الضلال عبر التماهي تماما مع الجيش! والتطفيف البائن في توصيف طبيعة الحرب! فالجيش الذي فشل تماما في حماية المواطنين من القتل والاغتصاب والطرد من البيوت ونهب الممتلكات، بل فشل في صد هجوم "الدعم السريع" على مواقعه العسكرية الاسترايجية من سلاح مدرعات وسلاح زخيرة وتصنيع حربي ومقار أجهزة الامن والاستخبارات والقصر الجمهوري والاذاعة والتلفزيون، وترك عاصمة البلاد ومركز ثقلها السياسي والإداري والتعليمي والثقافي والاقتصادي والصناعي تقع تحت سيطرة الجنجويد بشكل شبه كامل لدرجة فرار قائد الجيش الى بورسودان وترك بقية قيادة الجيش قابعة في بدروم ومحاصرة في القيادة العامة! هذا الجيش يخرجه محمد جلال من المسؤولية (زي الشعرة من العجين) ويمنحه براءة مجانية من هذه الهزيمة التاريخية!! فالحرب أساسا ليست ضده بل ضد الشعب بأكمله! ومسؤولية هزيمة الجنجويد في المقام الاول ليست مسؤولية الجيش استنادا الى بداهة ان الجيش هو المؤسسة المنوط بها الدفاع عن الشعب وعن ارضه وعرضه متى ما تعرض لعدوان مسلح!! ولكن المسؤول الاول هو الشعب!! أما الجيش فكما قال محمد جلال بالنص"الجيش لاول مرة في تاريخه ينحاز للشعب" !! فالجيش حسب نظرية محمد جلال هو مجرد جندي مخلص في جيش آخر كبير وعملاق اسمه الشعب!! يا صلاة النبي احسن!!
ولم يشرح لنا محمد جلال أي سبب معقول جعل الجيش ينحاز للشعب فجأة وبدون مقدمات!!
مقولة ان الحرب ليست بين الجيش والجنجويد بل هي بين الجنجويد والشعب ليست سوى التماس براءة مجانية لمؤسسات بعينها وشخصيات بشحمها ولحمها مسؤولة تاريخيا عن إشعال حرب مدمرة يدفع ثمنها هذا الشعب المفترى عليه. هذه الحرب جريمة ضد الشعب السوداني ولن يسمح أصحاب الضمائر الحية بتبرئة أي طرف ضالع فيها، فهذه الحرب أطرافها هم:
الطرف الأول: المركز الأمني العسكري للكيزان الذي يشمل عناصر الكيزان في المواقع المفصلية في الجيش والعناصر الامنية والاستخبارية الكيزانية وكتائب الظل وقيادات الدفاع الشعبي والامن الشعبي، وهو مركز اخطبوطي متشابك مع مصالح اقتصادية ضخمة في الداخل والخارج.
الطرف الثاني هو "الدعم السريع" صنيعة الطرف الاول، وقد انقلب عليه انقلابا كاملا، واستقل بأطماعه السياسية والاقتصادية الخاصة في الدولة السودانية والعابرة للحدود الأمر الذي جعله عقبة من العيار الثقيل أمام أطماع الطرف الأول .
الطرف الثالث هو البرهان الذي ما زال يلعب لعبة البشير ويطمع في حكم السودان بدكتاتورية عسكرية تقليدية في منطقة توازن الرعب بين الطرفين الاول والثاني، وطبعا الحرب قلبت حسابات البرهان وجعلته في حالة التخبط التي هو فيها الان بين مطرقة الدعم السريع وسندان الكيزان.
الحرب فعل منظم تخوضه كيانات منظمة معلومة، على رأسها قيادات معلومة، وبالفعل انا عاجزة تماما عن استيعاب عبارة فارغة المضمون مثل عبارة ان هذه حرب بين الجنجويد والشعب السوداني! فهي تشبه تماما عبارة الرئيس الليبي المرحوم معمر القذافي عندما طالبه الثوار بالتنحي ونصحه بعض المقربين منه بالاستقالة رد القذافي بسخرية واثقة: "استقيل من ماذا؟ أنا لست رئيسا ! انا قائد ثورة! والذي يحكم ليبيا هو الشعب الليبي!"
مثل هذه العبارات الشعبوية الهدف منها في الغالب تمييع الحقائق وتعويم المسؤوليات المباشرة وتضليل الشعوب !
ومن المؤسف جدا ان يتورط الدكتور محمد جلال في ان يبهت الشعب السوداني بأكثر مما بهت به القذافي الشعب الليبي!
المعلوم بالضرورة من كارثة هذه الحرب هو ان الجيش يخوضها مدفوعا من الكيزان المسيطرين على مفاصل قيادته لأسباب لا علاقة لها بالشعب ولا بموقف مبدئي ضد المليشيا انتصارا للدولة الوطنية، بل الهدف هو دحر المليشيا من طريق عودة الكيزان الى السلطة بالقوة العسكرية ممثلة في الجيش وكتائب الظل التي بدأت هذه الحرب.
فشلت الخطة أ للكيزان وتحديدا مركزهم الأمني والعسكري، ممثلة في سحق "الدعم السريع" في سويعات، فانتقلوا الان الى الخطة ب وهي تغيير طبيعة الحرب نفسها من صراع سياسي على السلطة والثروة الى حرب أهلية يحمل فيها أكبر عدد من المواطنين السلاح انطلاقا من الافكار الشعبوية التهييجية ، وانتشار السلاح في دولة تعاني من هشاشة المؤسسات العسكرية والامنية وتعاني من الاستقطابات الاثنية والقبلية والجهوية مع حرب شرسة مشتعلة حتما سيقود الى تمزيق البلاد.
وللمفارقة العجيبة يتردد كثيرا في عبارات دعاة دولة النهر والبحر أمثال عمسيب مقولات ان الحرب ليست حرب الجيش بل حرب الشعب! وكلما زادت هزائم الجيش كلما تعالت أصوات رؤس الفتنة والتقسيم بضرورة تجاوز الجيش والاعتماد على المقاومة الشعبية!
وفي سبيل التحريض على حمل السلاح عشوائيا يتم تكثيف الخطاب الغوغائي عن قضية الانتهاكات التي تمارسها قوات الدعم السريع، وبالفعل هناك انتهاكات فظيعة حدثت ضد المواطنين وهي مدانة ومستنكرة ويجب ان يحاسب مرتكبوها ، ولكن السبب الاساسي الذي جعل المواطنين عرضة لها هو واقع الحرب التي ادت الى انهيار المنظومة الأمنية، وبالتالي فإن أفضل وسيلة لحماية المواطنين من الانتهاكات هي استئصال الحرب وليس التوسع فيها حتى يتم شنق آخر قحاتي بأمعاء آخر جنجويدي!
قوات الدعم السريع كانت موجودة في الخرطوم منذ أن ادخلها إليها البشير قبل عشرة أعوام، وطيلة هذه المدة لم تحتل منازل المواطنين او تنهبهم او تقتلهم عشوائيا، فكانت ممارساتها مثل ممارسات القوات النظامية الاخرى ، نعم لها انتهاكات ولها مشاكل عويصة في الولايات ولكن من الممكن جدا التصدي لكل ذلك عبر مشاريع الاصلاح الامني والعسكري في اتجاه إصحاح العلاقة بين المواطن وكل الأجهزة الامنية والعسكرية.
أما الحرب فهي أنجع وسيلة لتحويل الوطن مرتعا لأبشع انواع الانتهاكات حتى عندما تدور في دول متحضرة. فما بالك بدول متخلفة ومؤسساتها العسكرية مصممة على حماية الحاكم المستبد وقمع الشعب.
أما بالنسبة للدكتور قصي همرور الذي يعترض هو الاخر على اتهامه بالدعوة الى الاصطفاف خلف الجيش، الم يكتب مقالة طويلة عريضة تحت عنوان " مشروعية المرافعة عن مؤسسات الدولة، ومشروعية مساءلتها معا: هذه الحرب نموذجا" ، ما هي المؤسسة التي يشرعن قصي المرافعة عنها عنها ؟ أليست الجيش؟ هل هناك أي احتمال ان تكون المؤسسة المقصودة في العنوان هي كلية الفنون الجميلة او نادي الأسرة مثلا!
وعندما يقول بالنص "ينبغي أن نفهم إذن، ونوافق، أن مشكلة الجيش (القوات المسلحة) مشكلة هيكلية، بينما مشكلة ميليشيا الجنجويد (الدعم السريع) مشكلة وجودية. الجيش بحاجة لإعادة هيكلة (تحدثنا عنها منذ ما قبل انتصار الثورة) بينما الجنجويد بحاجة لأن يزول من الوجود (بحيث لا يصبح هناك شيء اسمه الدعم السريع، أو مسميات ومنظمات وارثة للدعم السريع أو مشابهة له، لا في مؤسسات الدولة ولا في قوى المجتمع المدني أو البزنس). هذه النقطة يعرفها الثوار منذ صدحوا:
“السلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات، والجنجويد ينحل”"
ماذا يعني هذا الكلام والحرب مشتعلة سوى الاصطفاف خلف الجيش؟ فازالة الجنجويد من الوجود نهائيا لن تتم بهتاف الثوار او بمجرد تمني ذلك، وفي حدود علمي لا يوجد جيش ثوري قادر عمليا على هذه المهمة ، فالنهاية المنطقية للفكرة اعلاه هي الاصطفاف خلف الجيش حتى ينجح في ازالة الجنجويد ومن ثم التفرغ لمعركة صعبة مع الجيش بعد انتصاره الذي حتما ستعقبه دكتاتورية، صحيح المقالة أسهبت في الحديث عن عيوب الجيش وحذرت من التأييد غير المشروط له ولكنها اعتبرت انتصاره هو اخف الضررين ، وكاتب المقالة لديه بعض العشم في ان تكون نتيجة الحرب التخلص من الجنجويد للأبد ولكنه يدرك ان هذه النتيجة وان تحققت ستعقبها تعقيدات وتحديات.
واختلف مع قصي هنا في افتراض امكانية القضاء على الجنجويد للأبد عبر الحرب الحالية ، إذ تقول الوقائع على الأرض ان هذه الحرب لو استمرت طويلا فلا أفق لها سوى تقسيم البلاد الى دويلات متحاربة وفاشلة.
/////////////////////

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع محمد جلال هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة ورامي إمام أبرز الحضور بعزاء شقيق المخرج خالد جلال |صور

حرص الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة على تقديم واجب العزاء في شقيق المخرج خالد جلال، المقام حاليًا في مسجد الحامدية الشاذلية بمنطقة المهندسين.

وشهد عزاء شقيق المخرج خالد جلال حضور عدد من نجوم الوسط الفني أبرزهم: صلاح عبد الله، شريف منير، رامي إمام، صبري فواز، فتوح أحمد، محمد هنيدي ومحمد رياض، وزوجته الفنانة رانيا محمود ياسين، إدوارد، محمد الكيلاني، محمد ممدوح، منير مكرم، وليلى عز العرب، وأحمد بدير، محمد محمود.

وزير الثقافة بعزاء شقيق المخرج خالد جلال عزاء شقيق المخرج خالد جلال

عزاء شقيق المخرج خالد جلال وفاة شقيق المخرج خالد جلال

من ناحية أخرى، فجع الموت المخرج المسرحي خالد جلال، في شقيقه حسن جلال، أول أمس الاثنين، الأمر الذي أثار حالة من الحزن لدى الكثير من محبيه.

وفي هذا السياق، أعلن الفنان محمد سراج، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قائلا: «البقاء والدوام لله في وفاة الأستاذ حسن شقيق المخرج خالد جلال».

عزاء شقيق المخرج خالد جلال

آخر أعمال المخرج خالد جلال

الجدير بالذكر، أن آخر أعمال المخرج خالد جلال المسرحية، مسرحية «المجانين» بالتعاون مع الفنان محمد هنيدي، التي عرضت ضمن أعمال موسم الرياض في المملكة العربية السعودية.

ودارت أحداثها في إطار تشويقي، حول الطبيب النفسي (شريف أبو عقل) الذي يعين في مستشفى اﻷمراض النفسية، ويرحب به الجميع، لكن سرعان ما تتبدد هذه الفرحة عندما يهدد مالك المستشفى بهدمه لبناء مجمع تجاري، فيجد (شريف) نفسه في مواجهة غير متوقعة، حيث يتحالف مع فريق من المرضى (المجانين) لإنقاذ المستشفى.

اقرأ أيضاًنجوم الفن يتوافدون على عزاء شقيق المخرج خالد جلال

وزير الثقافة ينعى شقيق المخرج خالد جلال

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • محافظ الإسماعيلية: نزرع 36% من إنتاج مصر من المانجو
  • شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع “حميدتي” داخل منزله بالخرطوم
  • التحية للأستاذ عبد الرحمن عمسيب ولكل المدافعين عن السودان وشعبه
  • وزير الثقافة ورامي إمام أبرز الحضور بعزاء شقيق المخرج خالد جلال |صور
  • نجوم الفن يتوافدون على عزاء شقيق المخرج خالد جلال
  • محمد ممدوح من عزاء شقيق خالد جلال للعرض الخاص لفيلم روكي الغلابة
  • المخرج خالد جلال يستقبل اليوم عزاء شقيقه
  • السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
  • مخرج فيلم «بيج رامي» يضع اللمسات الأخيرة استعدادًا لعرضه قريبًا