أثارت زيارة الوفد الحوثي إلى العاصمة السعودية الرياض، مساء أمس، الكثير من التساؤلات بين اليمنيين، على منصات التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية.

ووفقا لمتابعة ورصد "المشهد اليمني" فقد بارك غالبية اليمنيين مفاوضات الرياض الجارية، مؤملين أن تصل إلى حلول نهائية وجادة، تنهي الحرب والانقلاب الحوثي، وتعيد الأمن والاستقرار ومؤسسات الدولة إلى كافة محافظات البلاد.

في حين أن ردود مؤيدي جماعة الحوثي، اعتبرت مفاوضات الرياض، تخليًا عن من الأخيرة عن الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي، وانتصار لجماعتهم، أما ناشطو المجلس الانتقالي الجنوبي، فقد ادعى معظمهم أن المفاوضات تستهدف "القضية الجنوبية".

وحول ذلك وغيره، كتب الدكتور تركي القبلان، وهو محلل سياسي سعودي، بارز، مقالًا رصده "المشهد اليمني"، أوضح فيه 11 نقطة حول مفاوضات الرياض، ورد على جميع ما أثير حولها.

اقرأ أيضاً تحرك مفاجئ لولي العهد السعودي يُربك الحوثيين والأمم المتحدة ويقلب الطاولة على خصوم المملكة أول رد حوثي على بيان الخارجية السعودية بشأن مفاوضات الرياض وتأكيد المملكة على دورها ”الوسيط” سياسي سعودي يكشف الهدف الحقيقي ”بدون رتوش” من مفاوضات الرياض وزيارة الوفد الحوثي للعاصمة السعودية أسطورة الكرة السعودية ونجم النصر يحرج لاعب الهلال بـ”اتهام خطير” الكشف عن أسماء الوفد الحوثي في مفاوضات الرياض.. جناح صعدة يطيح بالمؤتمر و”هواشم صنعاء” ويحتكر التمثيل جماعة الحوثي تعترف بـ”الوساطة السعودية” وخبير عسكري يعلق: اطمأنوا فقد جاءوا للرياض راكعين الكشف عن تحرك مفاجئ قام به محمد علي الحوثي مع قيادات مؤتمرية عقب خطاب الشيخ صادق أبوراس عاجل: أول إعلان سعودي رسمي بشأن زيارة الوفد الحوثي للرياض أبو بكر القربي يفجر مفاجأة مدوية بشأن مفاوضات الرياض والاتفاقية بين السعودية والحوثيين ”وثيقة” فرصة تاريخية للحوثيين.. صحفي سعودي عن المفاوضات بعد اتجاه وفد الحوثي للرياض ومصير القضية الجنوبية أول تعليق لمؤتمر صنعاء على زيارة الوفد الحوثي للعاصمة السعودية الرياض.. ماذا قال عن المرتبات؟ أين تكمن المشكلة التي تسعى السعودية لحلها وتجتهد عُمان لفكفكتها؟

تحقيق السلام للمنطقة

وعلى ضوء الدعوة التي وجهتها المملكة لوفد من صنعاء لزيارة المملكة قدم الدكتور القبلان، إضاءة ضمن السياق الزمني للجهد المبذول للحل، قال فيها إن قيادة السعودية تسعى إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، والانتقال بها من مرحلة النزاعات والاقتتال الداخلي، الى مرحلة يسودها الاستقرار والأمن والتركيز على تحقيق تطلعات شعوب المنطقة نحو مستقبل أفضل من الرخاء والازدهار والتكامل الاقتصادي.

وأكد الأكاديمي السعودي أن اليمن يحتل "مكانة رئيسية في اهتمام المملكة وقيادتها أيدها الله للانتقال به نحو المستقبل بشكل يحقق تطلعات شعبه الكريم".

استكمال مباحثات الحل السياسي

وفي إطار دعم المملكة للجهود الرامية لإيجاد حل سياسي شامل في اليمن، فقد زار وفد سعودي صنعاء في إبريل من العام الحالي - يشير الأكاديمي السعودي - ، للتباحث حول سبل حل القضايا الخلافية والتوصل إلى إيقاف إطلاق نار دائم.

وأضاف: "واستمراراً لجهود المملكة التاريخية في تشجيع الحوار مع جميع المكونات اليمنية فستستضيف وفداً يمثل المكون اليمني الحوثي بهدف استكمال المباحثات الرامية لإيجاد حل سياسي شامل والانتقال باليمن من مرحلة النزاعات، الى مرحلة يسودها الاستقرار والتنمية والإعمار" .

انتصار للشرعية وتمسك بالرئاسي

ولفت إلى أن "الحل للأزمة في اليمن حل سياسي ولا يمكن تحقيقه إلا بتوافق المكونات اليمنية وإن النجاح في ذلك يعد انتصاراً للحكومة الشرعية والتحالف ويعكس تنفيذ إرادتهم السياسية على كل من يسعى إلى إدامة النزاع والأزمة في اليمن في ظل التطورات الإيجابية الأخيرة في المنطقة، حيث أصبحت الفرصة مهيئة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق السلام بين الأطراف والمكونات اليمنية كافة.

وأكد الدكتور القبلان، أن المملكة لا يمكن أن تتخلى "عن دعم المجلس القيادي وجميع مكوناته في ضوء ما تحقق من منجزات بعد تشكيله.

وفي هذا الصدد، أشار القبلان إلى "تأكيد صاحب السمو الملكي وزير الدفاع استمرار المملكة في دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني في اتصاله برئيس مجلس القيادة اليمني هذا الأسبوع"، قائلًا إن ذلك يعكس "حرص المملكة الدائم على دعم كافة الجهود للتوصل إلى حلٍّ سياسي شامل للأزمة اليمنية، يُحقق الأمن والاستقرار لليمن وشعبه الشقيق".

جهود سعودية سابقة للسلام

وقال القبلان إن سعي قيادة المملكة الى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ، يُحتم على المكونات اليمنية الاستفادة من هذه الفرصة، لتحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني في السلام والتنمية والازدهار وتقديم الأولويات الاقتصادية على الخلافات والنزاعات العسكرية، عبر الحوار للتوصل إلى حل سياسي شامل.

وتابع: "تحقيق السلام في اليمن هو ما سعت له المملكة تاريخياً، فقد قادت جهود دول المنطقة لحل الأزمة اليمنية في اليمن منذ 2011م، عندما اقنعت الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بالتنازل عن السلطة وتوقيع المبادرة الخليجية بين الأطراف اليمنية في الرياض، كما قامت في عام 2016 بالتواصل مع الحوثيين وإقناعهم والحكومة اليمنية بوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المشاورات اليمنية اليمنية في الكويت تحت إشراف الأمم المتحدة" .

ولفت القبلان وهو رئيس مركز ديمومة للدراسات والبحوث، إلى المبادرة السعودية التي أطلقها وزير خارجية المملكة، الأمير فيصل بن فرحان، في مارس 2021 لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول لحل سياسي شامل.

وتضمنت تلك المبادرة، أربع محاور هي وقف إطلاق النار وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق ستوكهولم، وفتح مطار صنعاء وبدء مشاورات الحل السياسي بين الأطراف اليمنية.

دعم اليمن ومراعاة قضية الجنوب

واردف القبلان: "أطلقت المملكة في عام 2018 برنامجاً فريداً لإعادة إعمار اليمن ودعم المشاريع التنموية فيه إيماناً منها بأهمية التنمية والازدهار ولم تكن العمليات العسكرية منذ ذلك الحين عائقاً أمام دعم هذا البرنامج لمشاريع تنموية كبرى شاهدة في اليمن، مما يعكس نظرة المملكة الجادة والصادقة لدعم اليمن وتنميته بشكل أكبر عند التوصل لحل سياسي شامل في اليمن" .

وأكد على أن المملكة "تحرص على مراعاة قضية الجنوب في أي حل مستقبلي في اليمن وتولي اهتماما بإدراج قضية شعب الجنوب في أجندة المفاوضات ضمن مراحل التسوية السياسية الشاملة في اليمن ووضع إطار تفاوضي خاص لها في عملية السلام الشامل، وفق مخرجات المشاورات اليمنية اليمنية التي عُقدت في الرياض في 2021" .

اتفاق اليمنيين برعاية السعودية

كما أكد الدكتور تركي القبلان، أن "اتفاق اليمنيين برعاية المملكة، على خارطة طريق سياسية تنهي الاقتتال السياسي وتعالج المسائل الخلافية عبر الحوار الداخلي دون تدخلات خارجية، هو تأكيد على ما نادت به المملكة دائماً، و هو أن السبيل الوحيد لحل الأزمة اليمنية هو أهمية أن تراعي كافة القوى اليمنية مصلحة اليمن وشعبه الكريم على أي اعتبارات أخرى" .

مشيرًا إلى أن "الاتفاق من شأنه أن يسهم في تحقيق السلام والاستقرار في اليمن، في ظل حكومته الشرعية، والمملكة مستمرة في تقديم كافة أوجه الدعم لحكومة اليمن والشعب اليمني الكريم وصولاً لتحقيق تطلعاته نحو دولة مستقرة ذات سيادة بعيداً عن أي تدخلات خارجية" .

وكانت جماعة الحوثي أعلنت مساء أمس، مغادرة وفدها إلى العاصمة السعودية الرياض، لاستكمال المشاورات، والتفاوض حول عدد من الملفات في طليعتها "الإنسانية والاقتصادية العالقة" .

ولاحقًا، أعلنت الخارجية السعودية أنها وجهت دعوة للوفد الحوثي، لزيارة الرياض، امتدادًا للمبادرة التي أطلقتها في العام 2021 واستمرارا للجهود السابقة والحالية التي يبذلها السفير، محمد آل جابر، مع الجانب العماني، للدفع بعملية السلام اليمنية إلى الأمام والوصول إلى وقف دائم ومستمر لإطلاق النار، والتوصل إلى حل سياسي مستدام ومقبول من جميع الأطراف اليمنية.

المصدر: المشهد اليمني

كلمات دلالية: مفاوضات الریاض حل سیاسی تحقیق السلام الوفد الحوثی قضیة الجنوب فی الیمن إلى حل

إقرأ أيضاً:

الجبانة طريق الموت.. شهادات مروعة من الحدود اليمنية السعودية (تقرير)

في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، تتزايد أعداد اليمنيين الذين يخاطرون بحياتهم لعبور الحدود إلى السعودية عبر مسارات تهريب وعرة في محافظة صعدة (شمال اليمن)، بحثًا عن فرص حياة جديدة لكن تلك الرحلة كثيرًا ما تنتهي برصاص حرس الحدود السعودي على أعتاب أمتار من الحلم المنشود.

 

على امتداد الشريط الحدودي بين محافظة صعدة والمملكة العربية السعودية، يتكرر مشهد الجثث الملقاة في الجبال والوديان، والتي تعود لشبان يمنيين دفعتهم الحاجة والفقر لعبور الحدود بحثًا عن فرصة عمل تغير حياتهم للأفضل، لكنهم وُوجهوا بوابل من الرصاص وقذائف المدفعية.

 

وتتزايد محاولات التسلل من اليمن إلى السعودية، في ظلّ تدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات الفقر، في بلد يمر بأزمة صنفها الأمم المتحدة بواحدة من أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم.

 

مسارات التهريب

 

تتعدد مسارات التهريب بين اليمن والسعودية، خصوصًا في محافظة صعدة الحدودية ذات التضاريس الجبلية الوعرة، حيث تنشط شبكات التهريب عبر سلاسل جبال شدا ومنبّه وقطابر، مستغلة الممرات الوعرة والمسالك الخفية التي يصعب رصدها أمنياً.

 

ويعد "طريق الجبانة" بمديرية شدا غربي محافظة صعدة أبرز خطوط العبور غير النظامي وأقصرها مسافة ويشهد حركة نشطة ويومية لعمليات التهريب التي تشمل البشر والقات وحتى السجائر أحيانًا، ويواجه اليمنيون عبر هذه الطريق مخاطر جسيمة، تتراوح بين وعورة الطريق، وانعدام الماء والغذاء، وصولاً إلى مخاطر الاشتباك مع دوريات حرس الحدود السعودي.

 

وتُعتبر منطقة "الرقو" ثاني ممرات التهريب وتقع في مديرية منبة أقصى غرب محافظة صعدة على الحدود مع السعودية تحديداً على حدود محافظة الداير بني مالك الواقعة شرقي جازان جنوب المملكة، حيث لا يفصل بين هذا الرقو اليمنية والداير السعودية إلا السياج الحدودي ومجرى سيل وادي ضمد، ويوجد بها سوق شهير يعتبر نقطة تجمع وانطلاق المهربين صوب الحدود السعودية.

 

ويقع ممر آخر للتهريب بين اليمن والسعودية شمال غرب محافظة صعدة وتحديدًا في منطقة "آل مقنع" التابعة لمديرية منبة وهذا الممر معروف بوجود الكثير من حقول الألغام فيه والتي تسببت في مقتل عدد من اليمنيين والأفارقة أثناء محاولتهم التسلل إلى السعودية، وفق ما قال مصدر أمني لـ«الموقع بوست» فضل عدم ذكر اسمه.

 

وكانت منطقة "آل ثابت" بمديرية قطابر شمال محافظة صعدة، تمثّل سابقًا ممرًا رئيسيًا لتهريب البشر والقات إلى السعودية إلا أن وصول المعارك أليها أدى إلى توقف نشاط التهريب فيها منذ العام 2020 ونتيجة لذلك لجأ المهربون إلى فتح مسارات تهريب بديلة من أبرزها الجبانة، الرقو، وآل مقنع.

 

خرج ولم يعد

 

عبدالله سعد، شاب في الرابعة والعشرين من عمره من محافظة المحويت، لم يكمل تعليمه وكان يحلم بفرصة عمل في السعودية يعين بها أسرته الفقيرة. في مارس الماضي، انطلق برفقة مجموعة من أقرانه عبر طرق جبلية وعرة نحو الحدود، لكنه لم يعد أبدًا.

 

بعد أيام، تسلّمت أسرته جثمانه عبر أحد المهربين، وكان مصابًا بطلق ناري في الرأس. ووفقًا لشهادة أحد الناجين أدلى بها لـ"الموقع بوست"، فإن حرس الحدود السعودي أطلق النار عليهم دون سابق إنذار.

 

حوادث قتل متكررة

 

شهادات حصرية لـ"الموقع بوست" من أبناء المناطق الحدودية في محافظتي حجة وصعدة (شمال البلاد)، تؤكد أن حوادث القتل تتكرر بشكل شبه يومي ولا تميز بين الشبان الباحثين عن لقمة العيش، أو من يعملون في مجال التهريب.

 

"كل يوم نسمع عن شاب قُتل برصاص حرس الحدود السعودي"، يقول عبده العامري وهو ناشط حقوقي من مديرية أسلم بمحافظة حجة، مضيفًا: "الضحايا ليسوا مسلحين بل شبان يافعين كانوا يبحثون عن فرصة للعيش الكريم".

 

وأشار في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن آخر الضحايا كان الشاب أحمد سنيدار الشافعي (18 عاماً) من أبناء مديرية أسلم بمحافظة حجة، والذي قُتل في 12 من شهر يونيو الجاري برصاص حرس الحدود السعودي في منطقة الجبانة بمحافظة صعدة الحدودية مع السعودية.

 

ولفت العامري إلى مقتل أكثر من 200 شخصاً من مديرية أسلم وحدها على يد قوات حرس الحدود السعودي في منطقة الجبانة الحدودية أو كما يسميها "طريق الموت" خلال الفترة بين عامي 2022 و 2025، بعضهم يعمل في تهريب القات.

 

وكان ناشطون قد أطلقوا هاشتاقًا بعنوان #الجبانة_طريق_الموت، لتوثيق مآسي اليمنيين الذين يسلكون طريق التهريب عبر منطقة "الجبانة" الحدودية بهدف رصد الانتهاكات والضحايا الذين يسقطون بنيران حرس الحدود السعودي أو يفقدون حياتهم بسبب الظروف القاسية في الجبال والوديان.

 

شهادات مروعة للناجين

 

محمد مشطا، شاب يبلغ من العمر 25 عامًا من مديرية عبس بمحافظة حجة، نجا بأعجوبة من كمين نصبته قوات حرس الحدود السعودي في يناير 2025، وقُتل البعض من رفاقه كما يروي لـ"الموقع بوست".

 

ويضيف: "كنا 13 شخصًا نعبر ليلًا عبر جبال رازح وما إن اقتربنا من السياج الحدودي حتى تساقط الرصاص علينا كالمطر. رأيت اثنين من رفاقي يسقطان وفر الباقون بينما اختبأت انا خلف صخرة كبيرة وبقيت هناك أكثر من 5 ساعات بدون ماء أو طعام".

 

وفي شهادة مماثلة، يقول محمد جابر (30 عامًا)، من أبناء مديرية القناوص بمحافظة الحديدة: "دفعنا للمهرب 2000 ريال سعودي عن كل شخص وقال لنا إن الطريق آمن لكن عند اقترابنا من الحدود السعودية أُطلقت علينا قذيفة وتوفي شاب من محافظة ريمة وأصيب 4 آخرون بشظايا بينما نجوت أنا وابن عمي بأعجوبة".

 

طرق الموت

 

تمتلك قوات حرس الحدود السعودي تقنيات مراقبة متطورة، إلى جانب أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، وتعمل هذه القوات على مدار الساعة لحماية الشريط الحدودي من المتسللين، مع تلقيهم أوامر مباشرة بالتعامل الفوري، بما في ذلك استخدام القوة المميتة.

 

وبحسب شهادات عاملين في التهريب بمحافظة صعدة، لا يكاد يمر يوم من دون ضحايا، بينهم فتيان لم يتجاوزوا الخامسة عشرة من العمر حيث دفعت ظروف الحياة القاسية الصغار والكبار على حد سواء إلى سلوك دروب محفوفة بالموت.

 

"ف.م"، أحد المهربين في منطقة الجبانة التابعة لمديرية شدا بمحافظة صعدة يقول إن الحدود اليمنية السعودية أصبحت "مصيدة موت يومية" مؤكدًا أنه رأى بأم عينه جنودًا سعوديين يطلقون النار على مجموعة من الفتيان العزل الذين رفعوا أيديهم في محاولة يائسة لتسليم أنفسهم للقوات السعودية.

 

ويضيف في تصريح خاص لـ"الموقع بوست" أن البعض يصابون ولا يُسمح لأحد بإسعافهم ويُتركون ينزفون حتى الموت دون أدنى شفقة أو رحمة، مؤكدًا أن ما يجري على الحدود "ليس فقط استهدافًا مباشرًا بل نوع من القتل البطيء المتعمد".

 

ويشير إلى أن بعض الجثث تظل لأيام دون أن يتمكن أحد من الاقتراب منها خشية الاستهداف، فيما يضطر البعض أحيانًا لدفنها دون معرفة هوية أصحابها في ظل غياب كامل للسلطات المحلية أو المنظمات الحقوقية عن توثيق تلك الانتهاكات.

 

انتهاكات جنسية

 

كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في تقرير نُشر في مارس 2019، عن تعرض عشرات الأطفال اليمنيين الذين يعملون في مجال تهريب القات، لانتهاكات جسيمة من بينها الاعتداء الجنسي من قبل عناصر تابعة لحرس الحدود السعودي.

 

ونقل التقرير عن عدد من الأطفال الناجين أنهم تعرضوا للاغتصاب والضرب والإهانة أثناء احتجازهم عقب محاولات تهريب فاشلة. وأكدوا أن تلك الاعتداءات وقعت داخل نقاط عسكرية تابعة لحرس الحدود السعودي، قريبة من الشريط الحدودي وجرى إطلاق سراحهم بعد أيام من الاحتجاز، وسط ظروف قاسية ومهينة.

 

وأشار التقرير إلى أن الأطفال العاملين في التهريب غالبًا ما يتم استغلالهم من قبل شبكات تهريب محترفة، تستغل صغر سنهم للتمويه وتفادي القبض عليهم، ما يجعلهم عرضة لمخاطر جسيمة، ليس فقط من جانب الجهات الأمنية، بل أيضًا من طبيعة الطرق والجبال الخطيرة التي يسلكونها.

 

ودعت منظمات حقوقية دولية لتوفير الحماية للأطفال اليمنيين من الاستغلال والانتهاك، ووقف استخدامهم في عمليات التهريب، وضمان خضوع المسؤولين عن هذه الجرائم للمساءلة القانونية وفق المعايير الدولية.

 

ووفقًا لتقارير صادرة عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فقد قُتل المئات من المهاجرين على الحدود السعودية منذ العام 2022، إثر تعرضهم لإطلاق نار مباشر من قبل قوات حرس الحدود السعودي، في ما تصفه المنظمة الحقوقية بـ"القتل الجماعي خارج القانون".

 

وتداولت منظمات حقوقية، منها هيومن رايتس ووتش، تقارير تفيد بأن السلطات السعودية متورطة في انتهاكات جسيمة، منها استخدام مفرط للقوة ضد مهاجرين يمنيين وأفارقة على حد سواء، حيث تحدثت تقارير في 2023 و2024 عن "عمليات تعذيب ممنهجة" في مراكز احتجاز على الجانب السعودي من الحدود.

 

وفيما نفت السلطات السعودية الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها"، أكدت الأمم المتحدة عبر المفوضية السامية لحقوق الإنسان أنها تلقت تقارير موثوقة تفيد بمقتل ما يصل إلى 430 مهاجرًا على الحدود في سنة 2022 وحدها.

 

عنف مفرط

 

رغم صدور تقارير حقوقية دولية تدين استخدام العنف المفرط ضد المهاجرين، إلا أن حرس الحدود السعودي لا يزال يستخدم الذخيرة الحية والأسلحة الثقيلة ضد يمنيين وإثيوبيين يحاولون عبور الحدود بطريقة غير نظامية، بحسب ما أكده مركز الهجرة المختلطة (MMC) في تقرير بعنوان "اللامبالاة والإفلات من العقاب".

 

ووفقًا للتقرير، تشير الشهادات الميدانية والأدلة التي جمعها المركز إلى أن المئات من المهاجرين أغلبهم يمنين لقوا حتفهم أو أصيبوا خلال الأشهر الماضية، فيما وثق المركز مقتل ما لا يقل عن 430 شخصًا وإصابة 650 آخرين خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من عام 2022، في حوادث إطلاق نار عشوائي من قبل القوات السعودية.

 

واتهم التقرير الصادر عن المركز بتاريخ 5 يونيو/ حزيران 2024، حرس الحدود السعودي باستخدام الرصاص الحي وقذائف المدفعية ضد مجموعات من المهاجرين اليمنيين والأفارقة غير المسلحين، ما أسفر عن مئات القتلى والمصابين.

 

واستند التقرير إلى شهادات محلية من مناطق حدودية في محافظة صعدة، تشير إلى العثور على مقابر جماعية يُعتقد أنها تضم جثث مهاجرين يمنيين وأفارقة قُتلوا أثناء محاولاتهم اجتياز الحدود السعودية.

 

ونبه مركز الهجرة المختلطة (MMC) – وهو مركز بحثي تابع لـ"المجلس النرويجي للاجئين" NRC، يركز على تحليلات الهجرة غير النظامية في أفريقيا والشرق الأوسط إلى استمرار الانتهاكات، في ظل غياب المساءلة وتجاهل الدعوات الدولية لوقف العنف عند الحدود السعودية.

 

وطالبت منظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي مستقل وشفاف في هذه الانتهاكات، وسط اتهامات للمجتمع الدولي بالتغاضي عن جرائم تحدث على مرأى ومسمع، بدافع المصالح السياسية والاقتصادية مع السعودية.


مقالات مشابهة

  • جماعة الحوثي تتوعد إسرائيل بـ "رد مزلزل" إذا استهدفت اليمن
  • «الغرياني»: على «الرئاسي» مراجعة قراره بإعادة جهاز دعم الاستقرار سيئ السمعة
  • الجبانة طريق الموت.. شهادات مروعة من الحدود اليمنية السعودية (تقرير)
  • منظمة دولية تفتح سجل التعذيب في اليمن ومليشيا الحوثي تتصدر المشهد بتوحش وتدعو الأمم المتحدة الى زيارة سجون الحوثيين
  • بإشراف محمد الحوثي.. جهود قبلية تنهي قضية قتل بين آل الشغدري وآل القاضي وآل سلام في إب
  • حميد الأحمر ينتزع وزارة الاتصالات في حكومة عدن وسط صراع محتدم داخل الرئاسي
  • إصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بسبب الجيرة بدار السلام فى سوهاج
  • نيويورك تايمز: ازدهار المقاهي اليمنية في أمريكا لكن الحرب في اليمن أثرت على عملها؟ (ترجمة خاصة)
  • إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بالأسلحة النارية بدار السلام.. والأمن يسيطر
  • بن صالح: المجلس الرئاسي مكون من معاقين سياسياً ويقف في وجه إصلاحات الدبيبة الأمنية