في مثل هذا اليوم قبل 62 عاما، لقي الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد حتفه في حادث تحطم طائرة لا يزال غامضا حتى الآن. جرى ذلك في رديسيا الشمالية التي تسمى الآن زامبيا.
إقرأ المزيدفي ذلك الوقت، كان همرشولد قد شرع في تنفيذ عملية دولية لحفظ السلام في الكونغو، وكان في طريقه لحضور اجتماع مع زعيم انفصالي في هذا البلد يدعى مويز تشومبي.
الأمين العام للأمم المتحدة كان على متن طائرة تابعة للمنتظم الأممي من طراز "دوغلاس دي سي-6 بي"، أقلعت من عاصمة الكونغو ليوبولدفيل (تسمى الآن كينشاسا)، وتحطمت تماما بعد سقوطها على الأرض على بعد 15 كيلو مترا من مطار مدينة ندولا، الواقعة حاليا في زامبيا.
قتل جميع ركاب الطائرة وعددهم 16 بمن فيهم داغ همرشولد. في البداية بقي على قيد الحياة شخص واحد وهو رقيب يدعى هارولد جوليان، إلا انه توفى لاحقا متأثرا بإصابات خطيرة بعد 5 أيام.
تلك المأساة الغامضة جاءت في سياق أحداث سياسية متلاحقة وتجاذبات دولية في القارة الإفريقية حول ما عرف بالأزمة الكونغولية، والتي تواصلت بعد مقتل الأمين العام للأمم المتحدة وانتهت في عام 1965 بوصول موبوتو سيسي سيكو إلى السلطة، بعد مقتل أكثر من 100 ألف شخص.
الكونغو، المستعمرة البلجيكية السابقة، ما أن حصلت على استقلالها في 30 يونيو عام 1960 حتى دخلت في صراع داخلي عنيف، غذته أطراف بما في ذلك الاستخبارات المركزية الأمريكية،
في ذلك الوقت أعلن مويس تشومبي، زعيم القوات الانفصالية في كاتانغا استقلال المقاطعة الغنية بالكوبالت والنحاس والقصدير والراديوم واليورانيوم والألماس عن بقية البلاد، ودعا القوات المسلحة البلجيكية إلى مساعدته، وهو ما حدث بالفعل.
بالمقابل، عد رئيس الكونغو الجديدة، جوزيف كاسافوبو، وباتريس لومومبا، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء، تصرفات القوات البلجيكية تدخلا في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، وطلبا المساعدة من الأمم المتحدة.
الأحداث تسارعت ولم تكن في صالح همرشولد، حيث قتل باتريس لومومبا في يناير عام 1961 في ظروف غامضة، ووجهت أصابع الاتهام إلى أنصار المتمرد مويز تشومبي، فيما كثف الاتحاد السوفيتي ضغوطه على الأمين العام للأمم المتحدة لوقف التدخلات الأمريكية والغربية.
الأمين العام للأمم المتحدة كان مصمما على إجبار أطراف النزاع على توقيع اتفاقية سلام، وقام في هذ السياق بجهود كبيرة، وبعد أن أجرى محادثات مع رئيس وزراء الكونغو الجديد سيريل أدولا، في 17 سبتمبر، سافر بالطائرة إلى مدينة ندولا في زامبيا الحالية لإجراء محادثات مع تشومبي، إلا أنه لم يصل!
لإرباك أي محاولة ضد طائرة الأمين العام للأمم المتحدة، جرى قبل ساعة من إقلاع طائرة همرشولد، إرسال طائرة نقل أخرى من طراز "دوغلاس دي سي -4" من عاصمة الكونغو إلى مدينة ندولا. الطائرة التي استخدمت للتمويه وصلت في المساء بسلام إلى محطتها، فيما تحطمت الطائرة التي تقل الأمين العام للأمم المتحدة.
من المفارقات الأخرى، أن قائد طائرة الأمين العام للأمم المتحدة الدائم وهو صاحب خبرة ويدعى كارل غوستاف فون روزين تعرض لوعكة صحية في ذلك اليوم وحل محله طيار سويدي آخر.
في الساعة 00:10 من يوم 18 سبتمبر، أبلغ قائد الطائرة الأممية مراقب الحركة الجوية في مطار مدينة ندولا أنه يرى أضواء المطار، ثم قُطع الاتصال.
شهود أفادوا بأنهم رأوا طائرة تستعد للهبوط، ثم وميضا وربما انفجارات، وبعد مرور بعض الوقت تم العثور على حطام الطائرة على بعد 15 كيلو مترا من المطار.
لم تؤد تحقيقات متنوعة رسمية وغير رسمية إلى نتيجة، وذكر التقرير الرسمي أن حطام الطائرة عثر عليه بعد 16 ساعة من المأساة، فيما أكد سكان محليون أن قوات محلية طوقت المنطقة التي تحطمت بها الطائرة بشكل مسبق.
تعددت الروايات والشهادات وجرى الحديث عن رصد آثار أعيرة نارية في أجساد القتلى من حراس الأمين العام للأمم المتحدة، فيما تم العثور على جثة همرشولد خالية من أي أثر للرصاص في مكان أبعد، وفُسر ذلك بأن الأمين العام للأمم المتحدة لم يكن يستخدم حزام الأمان.
الرقيب هارولد جوليان، الناجي الوحيد من الكارثة أفاد قبل موته بوقوع انفجار في الطائرة قبل تحطمها، إلا أنه لم يتم العثور على ما يثبت ذلك، واعتبرت كلماته مجرد "هذيان" لشخص يحتضر.
لجنة التحقيق الرسمية ذكرت أن الطائرة تحطمت نتيجة خطأ من قبل طاقمها في قياس الارتفاع نتيجة قراءات غير صحيحة، وأنها كانت تحلق على ارتفاع منخفض جدا، وقد لمست قمم الأشجار ما أدى على تحطمها وهي تستعد للهبوط.
بقي مقتل الأمين العام للأمم المتحدة لغزا محيرا من دول حل، وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 ديسمبر 2017 ، قرارا بشأن الحاجة إلى إجراء تحقيق إضافي في ظروف الحادث الغامض على خلفية ظهور معلومات جديدة تشير إلى أن الطائرة قد تكون أسقطت.
لاحقا في عام 2019، أبلغ مظلي سابق يدعى بيير كوبينز الصحفيين أن طائرة الأمين العام للأمم المتحدة أسقطها جان فان ريسيغيم، الطيار السابق في سلاح الجو البريطاني، وكان قاتل كمرتزق إلى جانب مويز تشومبي.
هذا الشاهد أفاد بأن الطيار البريطاني السابق اعترف له في إحدى المناسبات، مشيرا إلى أنه تلقى أمرا بتدمير الطائرة من دون أن يعرف من كان بها.
مرت 62 عاما على تلك الحادثة المأساوية، وقد ازدادت القضية غموضا على مر الزمن مع موت العديد من الشهود. ولا توجد حتى الآن إجابة قاطعة عن سبب تحطم طائرة الأمين العام للأمم المتحدة ناهيك عن السؤال الآخر، من قرر قتل همرشولد؟
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أرشيف الأمم المتحدة فی ذلک
إقرأ أيضاً:
الطائرة المسيرة تشل مطار جوتنبرج وتربك الرحلات وتثير فوضى بالسويد
ارتباك واسع شهدته الأجواء السويدية بعد ظهور طائرة مسيرة فوق مطار لاندفيتر بمدينة جوتنبرج، ما أدى إلى تعليق مؤقت للرحلات وتحويل عدد منها، في واقعة جديدة تضاف إلى سلسلة من الحوادث المشابهة التي تشهدها المطارات الأوروبية مؤخرا.
الطائرة المسيرة تثير الفوضى في مطار لاندفيترالطائرة المسيرة تسببت في حالة استنفار داخل مطار لاندفيتر في مدينة جوتنبرج، بعدما رصدت الأجهزة المعنية جسما طائرا صغيرا داخل المجال الجوي للمطار، ما دفع سلطات التشغيل إلى اتخاذ قرار فوري بوقف جميع الرحلات الجوية بشكل مؤقت حفاظا على سلامة الركاب والطائرات.
وأكدت شركة تشغيل المطار أن القرار جاء التزاما بإجراءات الأمان المتعارف عليها في المطارات الأوروبية، خاصة مع تزايد البلاغات عن نشاط غير مصرح به للطائرات المسيرة خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي بيان رسمي صدر عقب احتواء الموقف، أوضحت الشركة أن الشرطة تولت مسؤولية التحقيق والتأمين حتى التأكد من انتهاء التهديد، قبل أن يتم استئناف حركة الطيران بصورة تدريجية بعد ساعات من التوقف.
تحويل الرحلات وتعطيل المغادرة بين جوتنبرج وميونخ وفرانكفورتالطائرة المسيرة لم تتسبب فقط في تعليق مؤقت للرحلات، بل أجبرت أيضا إدارة المطار على تحويل مسار رحلتين كانتا قادمتين من ميونخ وفرانكفورت، حيث تم توجيههما إلى مطار كوبنهاجن على مسافة تقدر بنحو مئتين وثلاثين كيلومترا إلى الجنوب.
كما قررت السلطات المختصة إلغاء الرحلات المغادرة من جوتنبرج إلى المدينتين الألمانيتين، في خطوة اعتبرتها الشركة المشغلة ضرورية لتجنب أي مخاطر محتملة خلال فترة التحقيق.
أكدت مصادر داخلية أن الطائرة المسيرة لم ترصد لفترة طويلة، وأنها اختفت قبل أن تتمكن الشرطة من تحديد الجهة المسؤولة عن تشغيلها أو هدفها الفعلي، ما جعل القضية تصنف كحادث أمني محدود النطاق لكنه عالي الخطورة من حيث التأثير على الملاحة الجوية.