عثمان الخميس: الاختلاط طبيعي في الحياة وهذه ليست مشكلتنا
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
ما تزال قضية "منع الاختلاط في جامعة الكويت" تثير سجالًا واسعًا لدى الكويتيين عمومًا والطلبة خصوصًا، مع انقسامٍ حادٍ في آراء الطلبة والإعلاميين والكُتاب وعددٍ من شيوخ الدين من بينهم الشيخ عثمان الخميس الذي قال كلمته في هذا الشأن.
اقرأ ايضاًوتزامنًا الوقفة الاحتجاجية الأخيرة التي نفذها طلبة جامعة الكويت ورفع لافتة كُتب عليها: “إذا أطهر وأقدس بقاع الأرض مكة مختلط.
فيديو / الشيخ عثمان الخميس: مشكلتنا مع التبرج وليس الاختلاط ، اما الاختلاط في الحياة طبيعي جداً. pic.twitter.com/3VHB6cPbeV
— المجلس (@Almajlliss) September 20, 2023وتابع: "الحياة الطبعية مختلطة، فعندما تخرج المرأة مع زوجها إلى السوق أو إلى المطعم أو إلى البحر، فهم يختلطون مع الناس، لكن في مكة الناس يختلطون بهدف العبادة مع الاتزام بالستر وعدم الضحك والمغازلة أو المعاكسة، فلا يمكن أن نقارن هذا النوع من الاختلاط مع الاختلاط الذي نراه في الأسواق وما يرافقه من لابس فاحش وتعدي من الشباب على الفتيات والنظر بشهوانية نحوهن، فهذا لا يجوز قطعًا".
منع الاختلاط يثير جدلًا في الكويتنفذ طلاب وطالبات جامعة الكويت قبل أيام وقفة احتجاجية للتعبير عن رفضهم للقرار الإداري الصادر قبل 3 أيام من بدء العام الدراسي الجامعي والقاضي بـ"منع الاختلاط بين الجنسين" في الفصول الدراسية، الأمر الذي أربك حركة التسجيل في الشعب الدراسية.
واستنكرت قائمة "المتحدون" في كلية الحقوق بجامعة الكويت الآلية والتوقيت الذي تم خلالها اتخاذ القرار الصادر من مدير الجامعة بالإنابة د. فايز الظفيري بإلغاء الشُّعب المختلطة، وعبروا عن رفضهم التدخل في قرارات عمادة الكلية، والتي هي على دراية تامة بالظروف الاستثنائية التي تمرّ بها الكلبة مقابل قلّة عدد أعضاء هيئة التدريس والقاعات المتوافرة بالكلية.
كما استنكرت القوى الطلابية في الجامعة القرار الأخير وقالوا بأنه يؤخر تخرج الآلاف من الطلبة من الجامعة، وأكدوا ضرورة استقلالية الجامعة بعيدًا عن التدخلات التي لا تنتمي إلى الصرح الأكاديمي، مع طرح حلول سلمية وإيجابية تساعد الطالب على الطالب على التخرج بعيدًا عن المساس بمسيرته الأكاديمية.
انحطاط الاخوان والسلف في الكويت يحاولون منع اختلاط الطلاب في #جامعه_الكويت والحرم المكي اختلاط متذ ١٤٤٤ سنة من انتم يا اعداء النجاح واعداء المراة واعداء العلم ومرض الشك في بنات #الكويت متى يصحوا اهلنا بالكويت ضد الدواعش pic.twitter.com/Hyj35mfmwA
— عقل متمرد (@6JZoZhaTVApGcAV) September 18, 2023أساتذة وطلبة اعتصموا في الجامعة احتجاجاً على قرار منع الاختلاط
د. فاطمة دشتي:
30 سنة أدرس في كلية الحقوق ولم أر أي اختلاط#الكويت pic.twitter.com/CXEMoFaJTo
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: التشابه الوصف التاريخ الكويت جامعة الكويت عثمان الخميس منع الاختلاط
إقرأ أيضاً:
جيل بلا وصايا.. فمن يُعلِّمهم الحياة؟
د. إبراهيم بن سالم السيابي
في إحدى القرى، جلس طفلٌ صغير بجانب جدّه تحت ظل نخلة، بينما كان الجدّ يُصلح مقبض الفأس بيده الخشنة.
قال الجدّ وهو ينظر إلى حفيده: "يا ولدي... الفأس ما ينفعه الحديد إذا انكسر الخشب، والولد ما ينفعه العلم إذا ما تربّى على الأصل".
نظر الطفل إليه بتساؤل، فقال الجدّ مُبتسمًا: "الأصل يا بُني، هو الوصايا... هي الكلام اللي يبقى في قلبك لما تكبر، حتى لو نسيت كل شيء".
مرَّت السنوات، وكبر الطفل، وصار رجلا في المدينة، وعاش حياته بين أوراق العمل والشاشات. لكنه لم ينسَ تلك الجلسة... ولا تلك الكلمة.
ففي كل بيتٍ من بيوت الأمس، كان هناك من يهمس في أذن الطفل، فوصايا الحياة لم تكن هذه الوصايا تُلقَى في محاضرات رسمية، بل كانت تمرّ ببساطة، في دعاء الأم عند الباب، في تعبيرات وجه الأب حين يشتد النقاش، في حكمة الجدّ وهو يحكي سيرة الأوائل. "ارضَ بما قسمه الله"، "من تواضع لله رفعه"، "افعل الخير ولو لم يرك أحد"، فتلك الكلمات، كانت تُغرس كما تُغرس النخلة في أرض عُمان، ثابتة، طيبة، أصلها في القيم وفرعها في سلوك الناس.
أما اليوم، فها نحن أمام جيلٍ يركض نحو المستقبل، لكنه لا يحمل حقيبة وصايا من الماضين، جيلٌ يعرف كيف يُفعّل التطبيقات، لكنه لا يعرف من أين تُستمد المبادئ.
جيلٌ يحاور الشاشات أكثر مما يحاور والديه، ويستقي نظرته للحياة من "المؤثرين"، لا من أهل الأثر.
فأين ذهبنا نحن؟ أين غاب صوت الحكمة؟ ومن يعلّمهم الحياة؟
إن المسألة لا تتعلق فقط بالتقنية أو بالزمن، ولا شك لكل زمان له تحدياته، لكن الخطورة اليوم تكمن في تراكم الانشغال وتراجع دور الإنسان المُربِّي. الأب مُنهك، الأم مشغولة، المعلم تحت الضغط، والجدّ غائب أو غُيِّب، ففي وسط هذا الفراغ، دخلت الشاشات لتؤدي الدور التربوي، لا لأننا اخترناها، بل لأننا تراجعنا خطوة... ثم خطوتين وربما أكثر.
في السابق، كان الطفل يتعلّم من التجربة، من حكايات الكبار، من المجالس، من القرى، من الفلج، من البحر، من النخيل، من صرامة الحياة نفسها. أما اليوم، فتجربته رقمية، وعلاقته بالحياة غير ناضجة، لأننا لم نمهّده لها؛ بل إننا- في كثير من الأحيان- نُحمِّله مسؤوليات لا يفهمها، ونطالبه بنضج لم نمنحه مقدماته، فنقول له: "كن قويًّا"، دون أن نعلّمه كيف يتعامل مع الخوف، ونقول له: "احترم الكبار"، دون أن يرانا نحترم كبارنا، ونقول له: "احذر رفاق السوء"، دون أن نشرح له كيف يختار أصدقاءه.
الوصايا ليست تعليمات عابرة، وإنما هي خلاصة الحياة تُسلَّم من جيل إلى جيل، هي جُمل صغيرة، لكن أثرها يتغلغل في شخصية الإنسان حتى تشكّله، وما لم نعد نفعله – للأسف – هو نقل هذه الخلاصة؛ بل إن بعض الآباء والأمهات باتوا يعتقدون أن أبناءهم "سيتعلّمونها لوحدهم"، أو أن "المدرسة كفيلة بذلك"، أو أن "كل جيل يتدبّر أمره"! لكن الحقيقة التي لا نحب مواجهتها هي: أن أبناءنا بلا وصايا يصبحون أهدافًا سهلة لوصايا الآخرين.
نحن لا نخاف على أبنائنا من الضياع فقط، بل من أن يجدوا أنفسهم في طريق لا يشبههم، لا يشبهنا، ولا يشبه هذا الوطن الذي لم نُحسن إيصال قيمه إليهم.
فأين مجالس الأمس؟ أين الجلسة بعد العشاء، حين كان الجدّ يروي كيف عاش على القليل، وكان كثيرًا؟ أين أمّ الأمس التي كانت تحفظ في قلبها ديوانًا من النصائح، وتقولها في وقتها دون تنظير؟ أين الأب الذي لا يكتفي بالصرف والإنفاق، بل يزرع في ولده الرجولة، والصبر، والعفة؟
ما نحتاجه اليوم ليس اختراع طرق تربية جديدة، بل استعادة تلك اللحظات الإنسانية الحقيقية التي كانت تعلّمنا أكثر مما نتصوّر، أن نمسك بأيدي أبنائنا، لا لنقيّدهم، بل لنرشدهم، فلا عيب أن نحكي لهم حتى عن أخطائنا، عن فشلنا، عن الأشياء التي تعلمناها بالطريقة الصعبة، حتى لا يعيدوا الطريق ذاتها.. نحن لسنا بحاجة إلى أن نكون مثاليين، بل صادقين، لسنا بحاجة إلى أن نكون متفرغين دائمًا، بل حاضرين حين يُحتاج إلينا.
الجيل الجديد لا يبحث عن معلومات- فالمعلومة موجودة بضغطة زر- بل يبحث عن معنى، عن من يفهمه، عن من يرشده إن أخطأ، لا من يحاسبه فقط.
في الختام.. أقول لكل والد ووالدة، ولكل معلم ومربٍّ: إن لم توصِ أبناءك بشيء، فسيوصيهم غيرك بشيءٍ آخر. وما أكثر من ينتظر أن يملأ هذا الفراغ؛ فدعونا نُعيد إلى أبنائنا جلسة الوصايا، ولو في الطريق إلى المدرسة، أو في لحظة صمتٍ قبل النوم. دعونا نحكي لهم عن عمان التي نحبها، عن ناسها، عن شهامتها، عن الطيبين فيها، عن الأمانة، عن الوفاء، عن الجد في العمل، وعن البركة التي تسكن في القناعة. دعونا نعلّمهم الحياة، قبل أن يُفاجئهم الواقع بلا دليل ولا درع. فإن لم نكن نحن "صوت الحياة" في آذانهم، فلن نلومهم حين يسمعون غيره.
رابط مختصر